اقتصاد
أزمة الرقائق الأليكترونية وتأثيرها على قطاع السيارات.. إلى أين؟
الأربعاء 13/أكتوبر/2021 - 08:42 م
طباعة
sada-elarab.com/608139
أدى النقص العالمي في تصنيع الرقائق الإلكترونية إلى حالة من الفوضى بصناعة السيارات في جميع أنحاء العالم. واضطرت شركات صناعة السيارات العالمية الكبرى إلى خفض الإنتاج أو تعطيل بعض خطوط إنتاجها، بما في ذلك تويوتا وفولكس فاجن، اللتان خفضتا إنتاجهما العالمي بنسبة 40%. وارتفعت التكلفة المصاحبة لنقص أشباه الموصلات بنسبة تزيد عن 90% بالنسبة لشركات صناعة السيارات في العالم، مما أدى إلى خسائر متوقعة بنحو 210 مليار دولار في إيرادات عام 2021 ، وفقا لبلومبرج.
إذاً ، كيف أثرت هذه الأزمة على مصر؟
أشار عدد من الموزعين ومسؤولين من شركات تجميع السيارات في محاولة لفهم تأثيرات الأزمة على السوق المحلية. وأوضحوا أن الطلب على السيارات يرتفع بشكل كبير، لكن الرقائق والمكونات الأخرى تصل ببطء، مما يؤدي إلى انخفاض المعروض وارتفاع الأسعار. وفي حين أن شركات تجميع السيارات ليست قلقة في الوقت الحالي لأن معظمها لا يزال يستهلك مخزونها من السيارات التي تراكمت لديها بسبب الجائحة في العام الماضي، لكن الأسوأ لم يأتي بعد في حال استمر نقص الرقائق في العام المقبل.
وقد كان لأزمة نقص الرقائق الإلكترونية تأثيرات على محورين: السيارات المجمعة بالكامل التي تستوردها من الخارج، وكذلك المكونات التي تعطل استيرادها من الخارج بالكامل وتدخل في السيارات المجمعة محليا، وفقا لما أوضحه منصور قباني - عضو مجلس إدارة جي بي أوتو مشيراً إلى تأثر المكونات المستوردة بشكل أكبر بسبب عدم قدرة شركات تجميع السيارات على الوصول إلى عدد كاف من وحدات التحكم الإلكترونية. كما قال تامر قطب - المدير التجاري لمجموعة أبو غالي موتورز إن شركته شعرت بالتأثير منذ فبراير من العام الجاري. وانخفضت وارداتهم من السيارات بنسبة 50% في عام 2021 بسبب نقص المعروض في السوق.
وبالتبعية قالت شركة جي بي أوتو إنها اضطرت إلى خفض الإنتاج في مايو الماضي بسبب النقص العالمي في الرقائق الإلكترونية. واستوردت الشركة في النهاية وحدات التحكم الإلكترونية عن طريق الشحن جوا لتعويض النقص، ومع ذلك، لا تزال خطوط التجميع الخاصة بها تعمل بنسبة 70-80% من طاقتها الإنتاجية، كما أثرت أيضا على مستهدفات المبيعات... حيث قال قطب إن أبو غالي موتورز كانت تستهدف بيع 6 آلاف سيارة هذا العام، ومن المتوقع الآن أن تخفض توقعاتها إلى 3-4 آلاف سيارة فقط.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع الطلب فمن المتوقع أن يصل الطلب إلى 220 ألف سيارة في مصر خلال العام الجاري، مقارنة بـ 175 ألفا في عام 2020 و160 ألفا في عام 2019، وفقا لقطب. ونمت مبيعات سيارات الركاب بنسبة 15% على أساس سنوي في أغسطس و 43% على أساس سنوي في يوليو، مع بيع نحو 18.3 ألف سيارة في أغسطس و17.8 ألف في يوليو وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن مجلس معلومات السيارات (أميك).
على الجانب الآخر ، أثرت مشكلات سلاسل التوريد العالمية فى إزياد الأمر سوءا، فقد ارتفعت تكاليف الشحن للرقائق وجميع مكونات السيارات الأخرى بنحو 400% منذ بداية العام بالنسبة للشركات المحلية حيث أدى النقص في الحاويات إلى ارتفاع أسعار الشحن، مما تسبب في حدوث أزمة متزامنة للقطاع المحلي، وفقا لما قاله عمرو سليمان - رئيس مجلس إدارة مجموعة الأمل الوكيل المحلي لسيارات لادا وبي واي دي. وقال سليمان إن مجموعة الأمل تستخدم حاليا مخزونها من الرقائق.
يعني هذا زيادة أوقات الانتظار للسيارات المستوردة قد أدى ارتفاع الطلب إلى أن يصل معدل نفاذ مخزون السيارات المستوردة لدى شركة جي بي أوتو إلى ما يقرب من 100%. وبالتالي زادت أوقات الانتظار بشكل ملحوظ. كما قال قباني:"عادة، يطلب الناس سيارة ونوجههم إلى أقرب وكيل حيث تكون متاحة. وفي الغالب، ينتظرون من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حتى تصل سياراتهم". ومع ذلك ، فقد زادت فترات الانتظار إلى ثلاثة أشهر في كثير من الحالات حيث أدى تراجع المعروض وتأخر الشحن إلى عدم توافر السيارات. وقال قطب إنه توجد الآن لدى مجموعة أبو غالي قائمة انتظار لحجز طراز السيارة - مما يعني أنه بمجرد الحجز، لا يزال عليك الانتظار ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر حتى تصل السيارة.
وبطبيعة الحال، إنعكس كل هذا على الأسعار .. فبينما شهدت جي بي أوتو ارتفاعا في الأسعار بنسبة 2-3% فقط خلال هذا العام في مجموعة سياراتها، وفي حين لم تشهد مجموعة أبو غالى أي تغيير في الأسعار، فقد ارتفعت الأسعار في السوق الثانوية ما بين 30 ألف إلى 200 ألف جنيه، حيث يشتري التجار من الموزعين المحليين ويبيعون بسعر مرتفع، وهو ما إنتشر بالسوق تحت مسمى (Over Price)... حيث يقوم الموزعين الرسميين برفع أسعارهم حيث ستشهد أسعار السيارات زيادات أخرى بنسب تتراوح ما بين 10-15% في الفترة المقبلة، وفقا لما قاله سليمان. وأضاف أن هذه ظاهرة عالمية، حيث حذر الموزعون الدوليين للسيارات من تراجع مخزونات السيارات للتصدير للخارج.
وبسياق آخر أوضح قباني أن جي بي أوتو نوعت عروض منتجاتها من خلال شرائها من أماكن مختلفة تكون السيارات فيها متاحة بشكل أكبر. وأضاف أن النقص في الرقائق موجود بشكل أكبر في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن بدرجة أقل في الصين ودول آسيوية أخرى. وفي الوقت نفسه، كثفت مجموعة أبو غالي من خدمات ما بعد البيع لديها لضمان استمرار احتفاظها بالعملاء المحتملين. وأضاف قطب أنهم بدأوا أيضا في توطيد العلاقات مع شركاء الشحن لإنشاء سلسلة لوجستية ذكية وسريعة.
لكن سيكون السوق في مأزق إذا استمر ذلك النقص
قال خالد سعد – أمين الرابطة المصرية لمصنعي السيارات والعضو المنتدب لشركة بريليانس البافارية ، "إذا استمر النقص في الرقائق حتى نوفمبر، فسنبدأ بالتأكيد في الشعور بالضغط". واتفق معه قطب الذي قال إنه إذا لم يتغير شيء بحلول ديسمبر، فإن مجموعة أبو غالي ستدرس خفض الإنتاج في مصنع التجميع التابع لها للحفاظ على الإمدادات لأطول فترة ممكنة.
كما عاد قباني ليقول إنه من المتوقع أن يستمر النقص "حتى عام 2022". فيما يتوقع سعد وسليمان أن يتضاءل التأثير بحلول النصف الثاني من عام 2022، ويتوقع قطب حدوث انفراجة بحلول الربع الثاني من عام 2022. إلا أن الأمر قد يستغرق وقتا أطول مما يعتقده المسؤولون في القطاع، حيث يقول خبراء الصناعة العالميون إن حل مشكلة نقص أشباه الموصلات قد يستغرق سنوات. وحتى الآن، لا يملك خبراء الصناعة تصورا واضحا لما سيحدث إذا امتدت أزمة الرقائق إلى ما بعد عام 2022.