طباعة
sada-elarab.com/604167
فقدت مصر الأسبوع الماضى رجلاً من أخلص أبناء الوطن، وأحد الرموز العسكرية، الذى وهب حياته لخدمة الوطن لأكثر من نصف قرن.. إنه الراحل عنا والخالد فى قلوبنا المشير محمد حسين طنطاوى، البطل والمعلم وفارس الإنسانية ورمز الشجاعة والصمود وأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، والذى ساهم خلالها فى صناعة أعظم الأمجاد والبطولات التى سجلت بحروف من نور فى تاريخ مصر الحديث.
المشير طنطاوى، رحمه الله، قائد بمعنى الكلمة، ورجل دولة تولى مسئولية إدارة دفة البلاد فى فترة غاية فى الصعوبة، إذ تصدى خلالها بحكمة واقتدار للمخاطر الجسيمة التى أحاطت بمصر وشعبها، وهى الشهادة التى أطلقها الجميع عليه بسبب وطنيته ودفاعه بإخلاص عن الوطن الذى ولد وتربى وعاش فيه.
لم يكن قائدًا عسكريًا فقط.. بل كان "أبًا ومعلمًا وإنسانًا غيورًا على وطنه"، بهذه الكلمات الطيبة نعى الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، المشير محمد حسين طنطاوى، مؤكدًا أنه كثيرًا ما تعلم منه القدوة والتفانى فى خدمة الوطن، وهى شهادة للتاريخ قال فيها: "عرفت المشير طنطاوى محبًا ومخلصًا لمصر وشعبها".
رحل المشير طنطاوى بعد أن اطمأن على استقرار أركان الدولة المصرية، والتى وهبها عمره بإخلاص وطاقته بتفان.. إذ كان يحمل همها وهمّ شعبها، مؤمنًا بأن الله عز وجل كتب عليه أن يكون فى موقع المسئولية، وتجاه ذلك لن يتركها تختطف، ليصنع بطولة فريدة فى معركة القضاء على التطرف.
ولرحيل القائد العام وزير الدفاع الأسبق فى ذات يوم وفاة الزعيم أحمد عرابى عبرة.. فقبل 110 أعوام، وتحديدًا فى 21 سبتمبر 1911، رحل الزعيم الوطنى المخلص أحمد عرابى، وفى ذات اليوم من العام 2021 غابت شمس المشير طنطاوى، وكأنها مصادفة تحكى للجميع أن هناك صفات مشتركة بين الزعيمين، ولعل أهمها أنهما ولدا وتربا فى بيت مصرى أصيل وفى كنف أسرة عشقت تراب هذا البلد.. لذلك كانت تصرفاتهما تشمل نفس المضمون وبنفس الطريقة فى الدفاع عن مصر ومؤسساتها.
مسيرة طويلة خاضها المشير طنطاوى طول أكثر من نصف قرن خدم خلالها الوطن مدافعًا عن ترابه.. إذ شارك فى 5 حروب: "العداون الثلاثى عام 1956، والنكسة 1967، والاستنزاف التى استمر بين عامى 1967 - 1970، وأكتوبر 1973، وحرب تحرير الكويت عام 1991"، وهى المعارك التى كتب خلالها بحروف من نور ببطولات فارقة فى تاريخ العسكرية المصرية.
ولعل من أهم المعارك التى قادها المشير محمد حسين طنطاوى، تلك التى خاض غمارها أثناء مشاركته فى حرب أكتوبر، والتى أطلق عليها "معركة المزرعة الصينية".. إذ وصفت بأنها أكبر معركة دبابات خاضها المصريون أمام العدوان الإسرائيلى، ونتج عنها استعادة المنطقة بعد مواجهة عنيفة، والتى هاجم الجيش الإسرائيلى فيها الكتيبة 16 التى كانت تحت قيادة المشير حسين طنطاوى، والذى كان برتبة مقدم، وكبدت كتيبته الجيش الإسرائيلى خسارة نحو 70 دبابة وأكثر من 300 قتيل.
وشغل المشير طنطاوى مناصب قيادية عديدة فى القوات المسلحة المصرية.. إذ تخرج فى الكلية الحربية المصرية سنة 1956م، ثم كلية القادة والأركان، وبعد مشاركته فى حروب النكسة والاستنزاف، تولى قيادة وحدة مقاتلة بسلاح المشاة، وبعد الحرب حصل على نوط الشجاعة العسكرى، ثم وسام التحرير، ثم عمل فى عام 1975 ملحقًا عسكريًا لمصر فى باكستان ثم فى أفغانستان، ورئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة، وتدرج فى المناصب حتى أصبح وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة فى عام 1991م، وحصل على رتبة المشير فى 1993م.
وفى 2011، تولى المشير طنطاوى رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتحديدًا عقب تنحى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، عن حكم البلاد، بعد الأحداث التى شهدتها مصر فى 25 يناير.. قاد البلاد غير طامعًا فى منصب أو جاه، واصفًا المسئولية الكبيرة التى مُنى بها خلال فترة رئاسته للمجلس العسكرى: "ماسك جمرة نار فى إيدى بتولع إيديا، ومش قادر أسيبها.. لو سبتها هتولع الدنيا".
غفر الله لك أيها المشير.. شهد الجميع على إخلاصك ووطنيتك، ونشهد أنك ما تركت تلك الجمرة تشعل الوطن، وأنك حافظت على الدولة المصرية حتى تم تثبيت أركانها، أخلد فى سلام واطمئن فلدينا ابنك المخلص الرئيس عبدالفتاح السيسى يقود سفينة الوطن، سائرًا على نهجك الوطنى.