طباعة
sada-elarab.com/571102
هل يتغير القانون ليكون اكثر ردعا ؟ متي تنتهي الظاهرة ويحترم المتحرش انسانيته ؟ لماذا لا نستطيع تغليب القيمة علي الغريزة.
كل هذة الاسئلة وغيرها دارت في راسي بعد حادث التحرش الذي وقع في حي المعادي الذي كان يطلق عليه في الماضي الحي الهادئ والذي تحول خلال الايام القليلة الماضية الي حديث منصات التواصل الاجتماعي.
بعد حادثة تحرش تعرضت لها طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات و6 أشهر، في الصف الأول الابتدائي، ابنة لأبوين بسطاء للغاية، فالأم ربة منزل والأب حارس عقار، والغريب في الأمر أن الأسرة لم تعلم بالواقعة إلا من خلال وسائل الإعلام والتلفزيون".
بدأت الحكاية في إحدى مداخل العقارات ، بعد أن استدرج شاب ثلاثيني الطفلة ، غير أن إحدى السيدات خرجت مسرعة من مكان عملها في الغقار لتصب جام غضبها عليه، وتُعلمه بأن هناك كاميرات مراقبة قد صورته وهو يتحرش بالطفلة .
وبعد ساعات قليلة نشر الفيديو على إحدى الصفحات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تصدر هاشتاغ "متحرش الأطفال" مواقع التواصل، حيث طالب كثيرون بالقبض على الجاني.
وقد تم القبض علي الجاني واصدرت النيابة العامة بيانا جاء فيه:
بأن "وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام قد رصدت تداول مقطع لتعدي شخص على طفلة في مدخل أحد العقارات بحي المعادي بالقاهرة، صورته إحدى آلات المراقبة المثبتة به، وبعرض الأمر على السيد المستشار النائب العام أمر بالتحقيق العاجل في الواقعة".
وأضاف البيان أن النيابة العامة "تواصلت مع صاحبة المنشور المتداول واستدعتها لسؤالها، فشهدت برؤيتها عبر شاشات المراقبة المثبتة بالمعمل الطبي محل عملها بالعقار محل الواقعة تعدي المتهم على الطفلة باستطالته إلى مواضع عفة من جسدها، فخرجت لمنعه من مواصلة تعديه عليها، فلما رآها ترك الطفلة التي هربت منه، وواجهته بما فعل وبرصد آلات المراقبة الواقعة، فبادر بالانصراف، وقد أدلت مرافقة للشاهدة بذات مضمون أقوالها".
وأوضحت النيابة العامة أنها كلفت "خط نجدة الطفل" باتخاذ اللازم قانونا حيال الواقعة، وطلبت تحريات الشرطة حولها، وتحديد شخصي المتهم والمجني عليها، فتمكنت من تحديدهما، وعلى ذلك أذنت النيابة العامة بضبط المتهم لاستجوابه، فتم ضبطه وجارٍ استكمال التحقيقات. ومن المنتظر ان تكون عقوبة المتحرش ما بين 7 الي 15 سنة.
بموجب المادتين 268 و267 من قانون العقوبات المصري، لأن المجني عليه قام بلمس "مناطق العفة" لدى الطفلة، بجانب وجود اتهام بالشروع في خطف الطفلة.
والحقيقة ان المجتمع عرف ظاهرة التحرش منذ ما يزيد عن نصف قرن ولكن تفاقمت الظاهرة بشكل كبيرفي شهر اكتوبر عام 2006. حيث شهدت منطقة وسط البلد حالة من التحرش الجماعي وهو ما عرف باسم حادث السعار الجنسي بعدما قررت الراقصة دينا وابطال فيلم (عليا الطلاق بالثلاثة ) حضور حفل افتتاح الفيلم بسينما مترو مما جعل الامر يتحول الي حفل تحرش جماعي . وتعد هذه الحادثة بداية انتقال قضاي لتحرش والعنف الجنسي من حيز المسكوت عنه أو من نطاق "المعاكسة" التي لا يتوقف عندها الكثيرون، إلى حيز الرصد والإعلام والحديث المفتوح ، وبالتالي بدء التعامل مع هذه الجرائم لأول مرة كمُشكلة اجتماعية حقيقية في مصر. ويعود ذلك بشكل كبير إلى مجموعة المدونين الذين عملوا على تسجيل شهاداتهم ورصد جرائم التحرش الجنسي من خلال مدوناتهم الشخصية، ووصف العديد منهم الحادثة "بالسعار الجنسي".
ليعرف المجتمع ولاول مرة بشكل معلن ظاهرة التحرش .وان كانت موجودة قبل ذلك . لكن بشكل خفي خوفا من الفضيحة .والحقيقة التي لا تغيب عن الذهن ولا يريد احد ذكرها ان عدد كبير من الفتيات في سن مبكرة تعرضن لحالات من التحرش والعبث باجسادهن .من قبل اقاربهم ومدرسيهم وبعضهم من المحيطين بهم في دائرة المعارف والاصدقاء او ما يطلق عليهم في المجتمع اهل الثقة. وهو ما يصعب دور الضحية في اخبار الاب او الام بما يحدث لثقة الاهل في هؤلاء الاشخاص .وعدم تصديق اطفال صغار وهناك ألاف القصص بل عشرات ألالاف من هذة القصة شهدها المجتمع ما بين تحرش وهتك عرض اطفال وسط صمت مجتمعي واسري خوف من الفضيحة , فلم ينجوا احد فقد تعرضت فتيات كثر للتحرش من كل فئات المجتمع وهو ما ظهر من خلال دراسة اممية في عام 2018 ان نسبة من يتعرض للتحرش الجسمي واللفظي في مصر من السيدات اثناء التواجد في الشارع بلغ 99 % وهو ما جعل الحكومة تبحث عن حل قانوني لهذة المشكلة من خلال تعديل للقانون في ضوء فلسفة المشرع في تعديل التشريعات في ضوء مواكبة المستجدات التى تطرأ على المجتمع، ورصد المتغيرات التى أفرزها الواقع العملى والحالات التى تحول دون الكشف عن الجرائم والوصول إلى مرتكبيها، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، بما ينص على أن يكون لقاضى التحقيق لظرف يُقدره، عدم إثبات بيانات المجنى عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، أو فى المادتين 306 مكررا أ و 306 مكررا ب، من ذات القانون، أو فى المادة 96 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، وينشأ فى الحالة المشار إليها، ملف فرعى يضمن سرية بيانات المجنى عليه كاملة، يعرض على المحكمة والمتهم والدفاع كلما طُلب ذلك. ويهدف التعديل إلى حماية سمعة المجني عليهن، من خلال عدم الكشف عن شخصيتهن في الجرائم التى تتصل بهتك العرض، وفساد الخلق، والتعرض للغير، والتحرش، الواردة فى قانون العقوبات وقانون الطفل، خشية إحجام المجني عليهم عن الإبلاغ عن تلك الجرائم. وقد رحبت هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بما تشهده مصر من زخم اجتماعي كبير لدعم الناجيات من العنف ضد المرأة، بما في ذلك الاعتداء والتحرش الجنسي، مشيدة بشجاعة العديد من النساء اللاتي تعرضن للعنف وتحدثن عن تجاربهن، مثمنة الاستجابة الوطنية القوية تحت قيادة المجلس القومي للمرأة لدعم الناجيات من العنف ضد المرأة وضمان مساءلة الجناة. وأشارت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر - إلى الجهود الوطنية المبذولة لإنهاء جميع أشكال العنف ضد المرأة وأثنت عليها، لا سيما من خلال الإصلاحات التشريعية الأخيرة، والمبادرات لتبّني سياسات لدعم وحماية حقوق الناجيات من العنف المنصوص عليها في الدستور المصري، وإتاحة إمكانية الوصول على نحو أكبر للناجيات اللاتي يعانين من العنف للحصول على خدمات أساسية عالية الجودة من قبل قطاعات متعددة، وتنفيذ برامج وطنية تهدف إلى منع العنف ضد النساء والتصدي له. واعتبرت الهيئة، أن هذه التطورات تشكل خطوات مهمة نحو تحقيق الأجندة العالمية لأهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، ولا سيما هدف التنمية المستدامة الخامس ومقصده الثاني بشأن "القضاء على جميع أشكال العنف ضد جميع النساء والفتيات في المجالين العام والخاص، بما في ذلك الإتجار بالبشر والاستغلال الجنسي وغير ذلك من أنواع الاستغلال" والاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، التي تسعى بشكل واضح إلى إنهاء جميع أشكال العنف ضد المرأة. خاصة إن العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية ما زالت تواجهها النساء والفتيات بشكل خاص في جميع أنحاء العالم، ولا يتطلب القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة تشريعًا قويًا وخدمات دعم يمكن الوصول إليها بقيادة وطنية فحسب، بل يتطلب أيضًا المجتمعات والأسر والأقران وأصحاب العمل، جميعًا، لدعم صوت الناجيات وإنهاء الوصمة المرتبطة بخروجهن عن المألوف والتحدث علنًا دون خوف، إن حصول الناجيات من الاعتداء والتحرش الجنسي في مصر على المساحة والاحترام الآن أمر غير مسبوق ، ومنارة إلى دول أخرى في المنطقة لتدوين وتقييم كيفية معاملة الناجيات".