طباعة
sada-elarab.com/549505
شعور بالتهديد في كل مكان، فبينما لا تزال تعاني فرنسا من قطع رأس « صمويل باتي » مدرس المدرسه الإعداديه الفرنسيه في باريس، منذ أيام قليله خلال هذا الشهر، علي يد متطرف من أصل شيشاني، والذي ذكر بأنه أراد معاقبة صمويل على عرض رسوم كاريكاتوريه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، علي التلاميذ في درس التربيه المدنيه، حتي إستيقظنا بالأمس علي مجزرة " نيس " التي صدمت فرنسا والعالم مجدداً وأساءت لنا جميعاً، والتي راح ضحيتها ثلاث قتلي، أحدهم نحراً وعدة جرحي، وهو نفس المكان الذي شهد صيف 2016 عمليه إرهابيه كبيره، حيث أدت عملية دهس إلي قتل 80 شخصاً.
أين هي المتعه في عمل إنتحاري، أو عملية طعن تؤدي إلى القضاء على حياة إنسان برئ ؟! فيقول الحق سبحانه وتعالى في مُحكم تنزيله ( من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) والظاهر من معني الآيه الكريمه أن الحُكم يشمل قتل المسلم وغير المسلم، ومع ذلك نشاهد اليوم من يدعون أنهم ينتمون إلى الأمه الإسلاميه وهم يقتلون الأبرياء من خلق الله، تحت مظله دينيه، ويحسبون أنهم علي حق رغم بشاعة أعمالهم وبعدها عن أخلاق المسلم وسلوكه، بل الأدهي من ذلك أنهم يتقربون بتلك الأفعال الشنيعه الي الله سبحانه وتعالى، لقد شوه هؤلاء القتله سمعة الإسلام والمسلمين، ووضعونا في موقف حرج ومُخجل لا يمكن تبريره ولا نستطيع حتي الدفاع عنه، هل نحن كمسلمون سيئون إلي هذه الدرجه ؟ وهل نحن مُتعطشون إلي إراقة دماء الأبرياء من غير المسلمين ؟ فالحقيقه لم يذكر تاريخنا علي مدار الأزمان الماضيه بأن العمليات الإنتحاريه والقتل الجماعي وحوادث الطعن أو أي وسيله أخري كانت مهنه أو حرفه يمارسها الشباب المسلم أو كانت جزءاً من العباره يتقربون بها إلي الله لدخول الجنه والفوز بالحور العين، كما يصور لهم من يحرضهم ويقفون ورائهم.
حقيقة الأمه الإسلاميه تعيش اليوم في حيره من أمرها، فمبادئ دينها وتعاليم نبيها عليه الصلاة والسلام تدعوهم إلي رفض كافة أشكال العنف وصوره، والإبتعاد عما يغضب الله وعن سفك الدماء المُحرمه، بينما للأسف الشديد واقعنا يخالف ذلك، حتي أصبحت سمعتنا كمسلمين مرتبطه دائماً بالإرهاب، والشيء المخجل والمحزن والمخيب أن كل ما نشاهده من أعمال القتل وسفك الدماء وحتي التخريب والتي يكون أبطالها الشباب المسلم، تحدث في وسط غياب تام وكامل لدور العلماء والمفكرين الذين كان من المفترض أن يكون لهم دور بارز وتأثير إيجابي لإيقاف هذا العبث وتلك الممارسات غير الآدميه وغير الإنسانيه والتي تتبرأ منها جميع الأديان والمعتقدات السماوية.
« ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم »، الذين يتشدقون بالإسلام ويذبحون بإسمه للأسف الشديد يوجهون السهام للإسلام وأهله، من خلال نتائج أفعالهم الدنيئه، وتصرفاتهم المُشينه الشاذه، وما يقومون به، فهي أمور أشد إستنكاراً، فالذبح أو القتل ليس وسيله للتعبير عن الموقف الديني من إساءه للآخرين مهما كانت درجة الإساءه، وللأسف الشديد نري تبريراً للجريمه من قبل المتشددين وتهليل لفعل الشاب الذي قام بعملية الذبح، وبحث في كتب التراث لما يسند قولهم وتبريرهم للجريمه، الحقيقه الإسلام ليس بحاجه للدفاع عنه بسبب هؤلاء الفاشيين ممن يذبحون ويقتلون بإسم الدين، فالممارسات التي تقوم بها تلك الفئه الضاله والمنحرفه فكرياً ليست حجه على الإسلام بأي شكل من الأشكال، فمن الضروره ومن العقلانيه أن نفرق بين الممارسات الشخصيه والأفعال الهوجاء لأناس يدعون تطبيق الإسلام ظلماً وبهتاناً وبين الإسلام، فالإسلام دين الرحمه ودين إنساني بإمتياز، ولم يخلق الله عز وجل شعوب العالم لتقتل بعضها أو الإقتصاص من بعضها البعض، ولكن خلقها للتعارف والعيش سوياً بكل سلام وأمان ( يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) والحق سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمه والموعظة الحسنه، وليس بالقتل وسفك الدماء، فتلك الأعمال ليس لها ما يبررها، فالإسلام دعا إلى حفظ الأنفس وليس قتلها وذبحها بدم بارد، فهدم الكعبه حجر حجر أهون عند الله من أن يراق دم امرئ بغير حق.
المؤكد والواضح أن الدافع وراء هجوم " نيس " ليس الرسوم الكرتونيه التي يعتبرها المسلمون للأسف تجديفاً، فما تتعرض له فرنسا ليس بسبب رسم كاريكاتوري، وبغض النظر عن حرية التعبير أو حتي معاداة المسلمين، فلولا ذبح الإرهابي لمدرس التاريخ " صمويل "، ثم جاء تحريض ( العثمانلي ) إردوغان وعناصر الإخوان الإرهابيه وما تبعهم من موجه من قبل الجميع في العالمين العربي والإسلامي لتشيطن الفرنسيين وكأنهم أبالسه وكأنهم كفار قريش، وتحرض من قاموا بذبح المصلين في الكنيسه أو من يستهدف الشرطه الفرنسيه بالسكين.
بات واضحاً للجميع بأن الطاغيه إردوغان والإخوان أفاقين لا يهمهم من الدين سوي تغطيه إنتهازيه لأهداف تخريبيه نلمس نتائجها كل يوم بل كل ساعه، في إحتلال وإرهاب وقتلي من بين المسلمين أكثر من غيرهم، إذاً فلماذا الآن نلوم فرنسا أو يلوم البعض فرنسا ورئيسها ماكرون، الأمر لا علاقه له بدين الإسلام ولا بالمسلمين، إنما هو صراع على نفوذ ومصالح يمتد من سوريا والعراق وشرق المتوسط مروراً بليبيا وساحل العاج ومالي وحتي بوركينا فاسو، وحتي في دفاعنا عن الدين الإسلامي المعتدل المتسامح ودفاعنا عن رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم، يجب أن نكون موقفنا مع فرنسا في مجابهتها وتصديها للإرهاب ومموليه وداعميه، فرنسا الآن تعتبر في خط الدفاع الأول عن الإسلام بمحاربتها الإرهابيين وخفافيش الظلام الذين يعتنقون فكر الجماعه الأم ( جماعة الإخوان الإرهابيه ) فجميع التنظيمات المتطرفه ولدت من رحم تلك الجماعه المارقه، وتمولهم قطر ويرعاهم ويحتضنهم العثمانلي " إردوغان "
لا شك أن حادث نيس سوف يؤثر سلباً علي وضع المسلمين في فرنسا لأنهم أصبحوا بعد هذا الحادث في موقف لا يحسدون عليه، لأنهم يحاولون قدر المستطاع إثبات عكس ما يرتكبه هؤلاء المتشددون وذلك لأن السيئه تعم والحسنه تخص، ولا شك أن الفرنسيين يعون خطورة الموقف، لذلك من الصعب الخلط بين هؤلاء بالرغم من بشاعة الحادث، فجميعنا متأثرون بتلك الحوادث البشعه التي ننبذها، ومن المؤكد علي المستوي السياسي أن اليمين المتطرف سيتخذ كل هذه الأفعال كذريعه وكإثبات لوجهة نظره تجاه المهاجرين المسلمين، وأيضاً كذريعه للتضييق علي المراكز الإسلاميه وعلي العمل الإسلامي في أوروبا برمتها.