طباعة
sada-elarab.com/546627
47 عاما مضت على أعظم ملحمة عسكرية فى التاريخ الحديث، والتى حقق فيها أبطال القوات المسلحة أروع البطولات والتضحيات فى الدفاع عن الوطن وتحرير أراضيه، بقيادة سياسية تمثلت فى الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى حمل مسؤولية تحرير تراب الوطن منذ توليه إدارة الحكم، لتبقى حرب أكتوبر معركة بارزة أبهرت العالم بما حققه المصريون من انتصار عظيم.
عقب تولى الرئيس السادات، الحكم، بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر عام 1970، اتخذ عدد من القرارات التى مهدت لنجاح حرب أكتوبر 1973، كان أبرزها الاستغناء عن 17 ألف خبير روسى عرف عنهم ضعف الأداء، خاصة بعد اكتشاف عدد منهم يتجسس لصالح إسرائيل، بجانب اشتراط الاتحاد السوفيتى لتزويد مصر بالأسلحة هو عدم استعمالها إلا بأوامره، الأمر الذى رفضه السادات قائلا لا أقبل فرض قرار على مصر إلا قرارى وقرار الشعب المصرى.
واجه الرئيس السادات ضغوطا داخلية وخارجية قبل قرار الحرب المصيرى، الذى كان سيتحمل مسؤوليته بالكامل أمام التاريخ حال فشل خطة هزيمة العدو، لكنه نجح بكل براعة فى تحقيق النصر على العدو الذى تفوق فى كل شىء، وانهارت أسطورة الجيش الذى لا يقهر فى 6 ساعات فقط تحت أقدام المصريين، بعد نجاحه فى خداع العدو بخطة محكمة على عدة جبهات.
بدأت خطة الحرب للرئيس السادات، عندما تولى مسؤولية البلاد، بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، بالإعداد لهذه الملحمة، فى وقت لم تزل فيه آثار عام 1967، بخصوص الوضع العسكرى الذى تسلمه من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر خطة دفاعية 100% ولا وجود لخطة هجومية، حسب ما جاء فى مذكرات الرئيس السادات "البحث عن الذات" بشأن الخطة الدفاعية 200 بعد استدعائه من قبل "عبدالناصر" برفقة قيادات القوات المسلحة.
واجه الرئيس السادات، عقبات كثيرة على مختلف الأصعدة، قبل تحقيق النصر، فقد خاض حربا على أكثر من جبهة من تشكيك فى قدرته على قيادة قواته لتحقيق الانتصار، ومواجهة جبهة داخلية تكتلت فيها قوى اليسار، وجبهة عربية بأزمات مع ليبيا والسودان، وجبهة خارجية قادت حربا نفسية للتأثير على بعض النفوس والتشكيك بأن مصر لن تحارب، وإثارة تساؤلات هل نستطيع أن نضمن الانتصار والدخول فى معركة كسبانة 100%، وكيف نقاوم التفوق التكنولوجى لإسرائيل؟ كل هذه الحروب خاضها السادات بنفسه، حسب ما جاء فى كتاب "وثائق حرب أكتوبر" للكاتب الصحفى موسى صبرى.
ومع كل هذه الضغوط، أكد الرئيس الراحل السادات، حسب ما جاء فى الكتاب، أن إرادة الله هى التى اتخذت قرار الحرب، قائلا إنه لم يصبح أمامنا إلا أن نحمل السلاح لنحرر الأرض ونرفض الاستسلام بعد رفض الشعب الهزيمة ونتحمل كل العقبات والتضحيات أو نختصر الطريق ونسلم ونقبل شروط العدو، ونعيش إلى الأبد أذلاء وربما لاجئين.
تمتع الرئيس السادات بالذكاء ودهاء العقل فى وضع الخطط الاستراتيجية المحكمة التى ساهمت بشكل كبير فى هزيمة العدو وانتهاجه الدائم لمقولة "الحرب خدعة"، بعد إخفاء أى علامات للاستعداد للحرب حتى لا يقوم العدو بتوجيه ضربة استباقية على الجبهة، واشتملت الخطة على 6 محاور رئيسية تضمنت إجراءات تتعلق بالجبهة الداخلية، ونقل المعدات للجبهة، وإجراءات خداع ميدانية، وخداع سيادية، تأمين تحركات واستعدادات القوات المسلحة، توفير المعلومات السرية عن قوات العدو، ثم اختيار موعد الحرب 6 أكتوبر وبعد دراسة العطلات الرسمية فى إسرائيل، وجد أن هذا الميعاد الأنسب كونه اليوم الوحيد فى السنة الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث، ما سيتطلب وقتا أطول لاستدعاء الاحتياطى الذى يمثل القاعدة العريضة فى إسرائيل.
وفى 6 أكتوبر 1973، نفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية بالضفة الشرقية للقناة، استهدفت الطائرات المطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية وبطاريات الدفاع الجوى وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف، ليلحقها قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية بالمدفعية، تحضيرا لعبور المشاة قناة السويس، وتحقيق النصر الكبير.
وتبقى فى النهاية، قيادة الرئيس الراحل أنور السادات، لحرب أكتوبر، واحدة من العلامات التى حفرت فى سجلات التاريخ، بعدما تحقق النصر الكبير، فى ظل تحمله لضغوطات من مختلف النواحى الداخلية والخارجية، لتبقى قراراته وثقته فى نفسه، العامل الرئيسى فى إتمام المهمة بنجاح واقتدار.