منوعات
مصطفى قمر و«مفردات النرجسية» التى قادته إلى "مقابر الذكريات"
الثلاثاء 06/أكتوبر/2020 - 04:41 م
طباعة
sada-elarab.com/546119
لا أعتبر مصطفى قمر، من رموز الإسكندرية، ولا يقارن بعظمائها، ولكنه "رمز النرجسية" فى أوج صورتها، التى تجعل الإنسان يغرق فى "بحور الأنا"، ويرسم صورة لنفسه أكبر من حجمه، متناسياً الأخطاء الفادحة التى يرتكبها فى حق نفسه والآخرين، معتقداً أنه يسمو فوق كل البشر، وأنه كائن من "عالم آخر".. وهذا الذى حوله من منافس لـ"عمرو دياب" فى يوم ما، إلى مطرب "فرز ثالث" فى عالم الحفلات والغناء المصرى.
عندما نجح ألبوم مصطفى قمر "افتكرنى"، فى صيف عام 95، وأثار ضجيجاً ونجاحاً، ربما يفوق ألبوم عمرو دياب "راجعين"، وبدلاً من أن يفكر "قمر" وقتها، فى استغلال هذا النجاح، وينتابه "قلق الناجحين" فى الحفاظ على نجاحهم، ذهب إلى منطقة أخرى "قاتلة" تدعى "النرجسية" وانتابه شعور أنه أصبح "ملك غناء الشرق"، وارتكب "حماقة" لم تفعلها "ثومة" أو "العندليب" رغم "عبقرية الحنجرة"، حيث أصدر ألبوماً فى "موسم 96" بعنوان "لمن يهمه الأمر" مرفق بكتيب يحكى قصة حياته، وكان وقتها متوسط سعر الألبوم "7 جنيهات"، لكن مصطفى قمر، أصدر الألبوم وقتها بـ"10 جنيهات" وهذا الرقم لا يستهان به وقتها، ولكن "نرجسية قمر" صورت له وقتها أن "الجماهير العريضة" ستبيع أبناءها لمعرفة قصة حياته، ولا أدرى عن أى قصة حياة يتحدث، وهو لم يصدر سوى قرابة "5 ألبومات" حينها، ما أصعب أن يطاوع الإنسان خياله الذى يصور له أن نجوميته "الهشة" أسطورة لم يسبقه إليها أحد!
وبالطبع قوبل ألبوم "لمن يهمه الأمر" بحالة من "الاستهجان" و"السخرية" وقتها، ولو كان هناك "سوشيال ميديا" فى هذا الزمن لتعرض لـ"تحرش" من "نشطاء السخرية".
ومنذ هذا "الألبوم المشؤوم"، ابتعد "قمر" عن المنافسة على القمة نهائياً، وأصبحت تحقق ألبوماته نجاحاً متوسطاً، وهبط الإقبال على حفلاته، حتى تلاشى من سوق الغناء تدريجياً، عندما "تفتن بنفسك" فى أى مجال، فكأنك قمت بـ"تكفين ذاتك" وحملتها على "نعش النهاية".
ولم يتعلم "قمر" الدرس القاسى، من ألبوم "لمن يهمه الأمر"، فكرر نفس "الخطيئة الفنية" فى مجال التمثيل، فرغم أن الزمن منحه فرصة نادرة، بالتمثيل مع صاحب "الموهبة الفاحشة" أحمد زكى، فى فيلم "البطل" إنتاج عام 1997، وتحقيق عدة أفلام ناجحة بعدها مثل "حريم كريم" و"أصحاب ولا بيزنس"، لم يطور "قمر" نفسه فى مجال التمثيل، بل اعتمد على "لون عينيه" و"بشرته البيضاء"، واستخدام أحدث "التقنيات" لتصفيف شعره المجعد فى الأصل، ودور الفتى الذى تعشقه الحريم؟! فكان الانهيار مصيره، لدرجة أن فيلمه الأخير "فين قلبى" لم يجد شركة تنتجه، فأنتجه لنفسه، وفشل الفيلم "فشلاً ذريعاً"، وعندما انتقده الناقد الفنى المعروف طارق الشناوى، بسبب فشل الفيلم، رد عليه فى برنامج "عائشة" واصفاً فيلمه بأنه أحد أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، واتهم "الشناوى" بأنه محرض للكتابة ضد فيلمه (الذى لم يستمر فى دور السينما)، وقال قمر فى البرنامج: "الجميع يعرف قيمة مصطفى قمر، وكيف أثرى الحياة الفنية المصرية"، كلمات لم ينطق بها عباقرة الفن المصرى على مدار تاريخه، ولا حتى عمرو دياب المتربع على عرش الغناء المصرى منذ قرابة "30 عامًا".
عندما سألوا "قمر" فى أحد البرامج، عن سر تفوق عمرو دياب عن أبناء جيله، أكد أن السبب قدرته على "تسويق أغانيه"؟! ولم يذكر ذكاء عمرو دياب واجتهاده وقدرته على مواكبة الموسيقى العصرية لكل جيل، وتفرغه لفنه.
ولكن إذا كان يرى أن "التسويق" وراء جلوس "الهضبة" على عرش الغناء، فهل يرى "قمر" أن "التسويق" أيضاً هو الذى حوّل محمد حماقى من "كورال" يقف وراءه إلى "سوبر ستار"؟!
هذه هى الشخصية النرجسية تأبى الاعتراف بـ"الخطيئة" أو "الفشل".