في حله وترحاله ملتزم بكرمه، ومجلسه مع من يفد إليه، وترحابه بالناس، وتعلقه بهم لم يتغير، رغم الظروف وتبدل الأحوال.
في البحرين أو في القاهرة أو في أي مكان
فالشيخ عيسى بن راشد آل خليفة هرم الرياضة والشباب في البحرين، والشاعر الغنائي الرقيق،
والقاضي الإنسان، والإعلامي بامتياز وخفيف الظل، وصاحب الابتسامة الرائعة والضحكة النابعة
من القلب الصافي لا تملك حين مجالسته إلا أن تشعر بالزهو والفخر وبأنك المحظوظ الذي
نلت شرف المجالسة مع إنسان بكل معنى الكلمة، فهو الشيخ في خصاله وشمائله وطيب معدنه،
والأصيل في تعامله مع الصغير والكبير، وهو الشاعر الذي تغنى بكلماته أشهر مغني البحرين
والخليج العربي، وهو الرياضي على المستوى المحلي، والخليجي والعربي والإقليمي والقاري
والدولي، أينما يحل كان ولا يزال يملأ مكانه ويحفظ الرياضيون أجمل الذكريات معه، ولا
يملون، بل يطلبون سماع نوادر الرياضة والمواقف التي لا يمكن تناسيها، وهي مواقف رياضية
وإن اتخذت أحيانًا مواقف سياسية تتطلب التعامل معها بحذر شديد.
تقلد بو عبدالله مناصب رياضية وشبابية في
مملكة البحرين، فكان الصديق والناصح الأمين لمن عمل معه، كانت الأندية الرياضية تجد
فيه ملاذها، وإن كان حبه وعشقه الأول لنادي البحرين العريق، لكنه وللحق لم يفرق في
تعامله الرسمي مع كل الأندية في المدن والقرى ما هي مصنفة على الدرجة الممتازة أو الأولى
أو الثانية وما هي تلك الأندية التي لا تدخل في التصنيف الكروي، لأنها أندية تمارس
أنشطة شبابية أو ثقافية أو اجتماعية، فمسؤولية المؤسسة العامة للشباب والرياضة في ذلك
الوقت كانت مظلتها الأشمل إلى أن توزعت مسؤوليات بعض الأندية، وأصبحت تنتمي إلى الثقافة
أو وزارة الشؤون الاجتماعية.
عرفت مملكة البحرين بأنديتها المتعددة الوطنية،
وتلك الأندية التي تتبع الجاليات الأجنبية، ورغم ذلك فإن الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة
كان مهتمًا بأنشطة هذه الأندية على مختلف تخصصاتها وانتماءاتها.
أجيال أتت تحملت مسؤولية الرياضة والشباب
في بلادنا فما زال العطاء والبذل مستمرًا والثقة كبيرة في شبابنا المتحملين لهذه المسؤولية
الجسيمة، فالبحرين تستحق كل هذا الجهد، وشبابنا يستحقون كل هذا الاهتمام والرعاية والاحتضان،
فالشباب عطاء الحاضر وأمل المستقبل. أعان الله شبابنا المتحملين هذه المسؤولية الوطنية،
والوقوف معهم ومؤزارتهم والتعاون في تحقيق الأهداف المبتغاة واجب وطني على الجميع.
عندما تولى الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة
منصبه وكيلًا لوزارة الإعلام عندما كان المرحوم طارق عبدالرحمن المؤيد طيب الله ثراه
وزيرًا للإعلام سعى أبوعبدالله إلى الاهتمام أولًا بالفنانين الشعبيين الرواد، ومن
بينهم طبعًا النهامان سالم العلان، وأحمد بوطبنيه والدور الشعبية في مختلف مناطق البحرين،
وأجرت وقتها وزارة الإعلام مساعدات مالية بسيطة عرفانًا بعطائهم وتقديرًا لجهودهم في
وقت كانت الموازنات على بساطتها تسمح بأن يكون هناك قدر من الاهتمام، وإن طرحت فكرة
إقامة صندوق يتم تمويله من خلال أنشطة ثقافية وفنية ويتم الصرف على الفرق لمساعدتها
في أداء أدوارها ولكن لم يحالف هذه الفكرة النصيب وظلت فكرة تراود الوزارة وقتها ولم
تر النور لعدة أسباب.
سعى الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة لتسجيل
الفنون إذاعيًا وتليفزيونيًا مواصلة لما كانت تقوم به إذاعة البحرين اللاسلكية منذ
تأسيسها وبواكيرها الأولى، وبالفعل تم تجهيز مسرح الجفير وقتها لتسجيل الفرق الشعبية
الرجالية والنسائية تليفزيونيًا وكان نشاطًا متميزًا ومبهرًا وأصبح التليفزيون يملك
ذخيرة وكنزًا فنيًا ثمينًا لا يقاس ولا يقدر بقيمة، فالتراث إن لم نحافظ عليه في أوانه
يتعرض للنسيان وربما الإندثار، وكان على قمة الاهتمام ذلك التسجيل النادر لحفل تكريم
الفنان الرائد الكبير محمد زويد والذي تم تسجيله بحضور كوكبة من المطربين البحرينيين
من أجيال مختلفة في أحد استويوهات تليفزيون البحرين وأصبح مطلوبًا من قبل تليفزيونات
دول الخليج العربي قاطبة.
كما سعى الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة إلى
تسجيل «فنون من البحرين والخليج العربي» وهي حلقات متميزة من إعداده وتقديمه ونال تليفزيون
البحرين وقتها فرصة تسجيل أخير لأغاني المطرب الكويتي الراحل عوض الدوخي بحضوره شخصيًا.
بحسه الفني وإيمانه بذاكرة الوطن الغنائية
والفنية، وثقته الرائعة لم يكن بوعبد الله إداريًا يؤدي واجبه الإداري كما ينبغي فقط،
وإنما كان وما يزال يشعر وهو المواطن البحريني بأن تراث هذا الوطن وذخيرته وذاكرته
الفنية لا بد من تسجيلها والمحافظة عليها والعناية بها.
في كل محفل تولى الشيخ عيسى بن راشد آل
خليفة المسؤولية فيه كان يشعرنا بقيمة أن تكون مواطنًا تفكر في مصلحة بلادك قبل أن
تفكر في مصلحتك الشخصية وأن تسعى لأن تكون قريبًا من الناس تشعرهم بقيمتهم وبعطائهم
وتأخذ بيدهم خدمة للوطن وأهله، فهو، ولله الحمد، القدوة والمثال للمواطن المسؤول والذي
نذر نفسه خدمة وطنية لا مثيل لها. عندما نريد أن نوجز إنجازات الشيخ عيسى بن راشد آل
خليفة نقف أمامه حائرين، ومقصرين، فكل واحد منا له مع أبي عبدالله قصة تروى كلها فخر
وعزة وإباء، فهو كالكتاب المفتوح ينهل من فيض علمه ومعرفته وخبرته وتجربته وإنسانيته
كل من أراد أن يقتفي أثره ويأخذه القدوة الحسنة والمثال.
حفظ الله أبا عبدالله وأدام عليه الصحة
والعافية ومنحه طول العمر، فمحبة الناس له هي من فضل الله سبحانه وتعالي.
وعلى الخير والمحبة نلتقي