حوارات
أرفيداس داونورافيتشوس سفير ليتوانيا لـ«صدى العرب»: الإصلاح الاقتصادى الطريق الوحيد لرفاهية المصريين
أرفيداس داونورافيتشوس سفير ليتوانيا فى حوار المكاشفة لـ«صدى العرب»:
مصر محور مهم لمنطقة الشرق الأوسط ونعترف بمكافحتها للإرهاب.. والإصلاح الاقتصادى الطريق الوحيد لرفاهية الشعب المصرى.. حل الأزمة القطرية يخرج من العائلة العربية
العلاقات المصرية- الليتوانية ترتفع أسهمها يوما تلو الآخر بمزيد من حراك التجارة والسياحة والاستثمارات بين الجانبين ليكلل بإقامة الفنادق والمطاعم المصرية على الأراضى الليتوانية والتوجه نحو إقامة مجلس أعمال مشترك، لتؤكد أن مصر ليست شريكا فقط ولكن مركز ومحور مهم لمنطقة الشرق الأوسط، ومن منطلق ذلك هناك توجه ليتوانى لزيادة حجم التبادل التجارى بين مصر وليتوانيا والذى وصل العام الماضى إلى 160 مليون يورو وفى اطار ذلك أجرت السوق العربية حوارها مع أرفيداس داونورافيتشوس، سفير ليتوانيا بالقاهرة ودول الخليج والى نص الحوار..
قال أرفيداس داونورافيتشوس، سفير ليتوانيا بالقاهرة، قبل التطرق لحجم التعاون بين مصر وبلاده، أنه لسوء الحظ لا يعود هذا التعاون لزمن طويل وليس على امتداد مئات السنين، كما هو الوضع مع الدول الأخرى التى لها سفارات بالقاهرة والتى تعود لمائة وربما مائة وخمسين عاما.
وأرجع داونورافيتشوس هذه الحقيقة إلى أن بلاده حديثة عهد بالاستقلال، حيث إن تاريخ ليتوانيا كان مليئا بالتوترات والصفحات المظلمة، وكانت بلاده فى معظم الفترات محتلة من قبل دول أخرى خاصة الروس وعلى الرغم من أن ليتوانيا يعود تاريخها لأكثر من ألف سنة، إلا أن الاحتلال ثم الاستقلال تكرر على فترات التاريخ بسبب الموقع الجغرافى.
وأوضح السفير أن آخر المرات التى احتلت فيها بلاده كانت قبل الحرب العالمية الثانية، واستمر هذا الاحتلال لنصف قرن ثم حصلت بلاده على الاستقلال فى عام 1990.
وقال إنه إذا كانت البلاد محتلة فلا يمكن إقامة علاقات مع العالم الخارجى بشكل لائق مثلما حدث فى بلاده عام 1795 ولمدة 123 سنة وخلال هذه المدد كان الاحتلال الروسى هو المسيطر.
قريبا مجلس أعمال مصرى ليتوانى.. والإصلاحات الاقتصادية فى مصر غاية الذكاء.. وهى الطريق الوحيدة لرفاهية الشعب المصرى فى فترة لاحقة
ترتيبات داخلية
ومنذ حصولنا على الاستقلال منذ 27 عاما كان علينا العمل على الترتيبات الداخلية مثل الاقتصاد وحماية الحدود وبعد ان تم ترتيب البيت من الداخل بدأنا فى الاهتمام بالبعثات الدبلوماسية، وفى الحقيقة لم نبدأ من الصفر ولكن بين الحربين عندما كانت ليتوانيا مستقلة أصبحت جمهورية ليتوانيا عام 1918 بعد أن كنا مملكة، ولذلك العام القادم سنحتفل بمرور مائة عام على جمهورية ليتوانيا، وعلى بعث الدولة من جديد، ولذلك فالعيد القومى يوم 6 يوليو من كل عام. وأردف السفير أنه عند الحديث عن التعاون لابد دائما من تذكر أن التعاون لم يبدأ منذ فترات طويلة بسبب ما مر به التاريخ الليتوانى والذى كان مليئا بالتوتر.
مصر مركز مهم بمنطقة الشرق الأوسط
وأوضح أن التعاون لم يبدأ بشكل قوى منذ عدة سنوات ولكن دائما مصر كانت بالنسبة لهم ليست شريكا فقط ولكن مركز ومحور لمنطقة الشرق الأوسط، ومن هنا نغطى معظم سفارات المنطقة ودول الخليج من مصر، وربما فى المستقبل يكون لدينا مندوبون دائمون ونتوسع فى هذه الدول ولكن مصر ستظل بالنسبة لنا محورا وبلدا مهما للغاية وسفارتنا توجد فى مصر من عام 2000 أى منذ 17 عاما.
رحلة النبيل عن مصر
ولفت إلى أنهم فى العصور الوسطى كان هناك تعاون حيث بدأ منذ فترة وكان أحد نبلائنا قد زار مصر وقام برحلة إلى الاسكندرية وتجول عبر ضفاف النيل وكتب كتابا عن ذلك تحت عنوان «رحلة النبيل عن مصر»، وعلى الرغم أنها ليست علامة للتعاون لكنها تدل على أنه كان هناك نوع من التواصل. وشدد أنه على الرغم من أن بداية التعاون جاءت بمستوى منخفض ولكن تظل السياحة هى محور التعاون وعنصر أساسى للتواصل فى البلدين وبالنسبة لنا فإن مصر وجهة شعبية للغاية وتتميز بشمسها طول العام بالإضافة إلى بحر دافئ والمياه الدافئة فى مصر تصل درجة حرارتها إلى 18 درجة مئوية.
عودة الطيران إلى شرم الشيخ العام القادم
وهنا فى مصر الآثار والمواقع التاريخية ونقضى بعض الوقت للذهاب لأسوان والأقصر والغردقة وأتمنى أن يكون لدينا رحلات طيران مباشرة لمختلف المقاصد السياحية المصرية، ولدينا الآن فى الغردقة وأوقفنا الرحلات لشرم الشيخ الجوية فقط، وربما العام القادم سوف نستعيدها إن بقيت الأوضاع مستقرة فى مصر وهو ما سيدعم سوق السياحة المصرية.
160 مليون يورو حجم التجارة
وحول حجم النجارة أوضح داونورافيتشوس أن حجم التبادل التجارى بين مصر وليتوانيا وصل العام الماضى إلى 160 مليون يورو، لافتا إلى إنه وإن كان الميزان التجارى يميل بشدة نحو ليتوانيا حيث نبيع أكثر مما نشترى لكنها قاعدة جيدة للتعاون ونتمنى البداية فى التعاون على مختلف المستويات سواء سياسيا أو اقتصاديا، لكن الفترة التى مرت بها مصر خلال ثورة يناير ثم الفترات التى أعقبت ذلك عطلت الكثير من هذه الفرص على الجانبين المصرى واللتوانى.
استعدادات سياسية لتوثيق التعاون
والآن الوضع بدأ فى الاستقرار وبدأنا فى تجهيز الاستعدادات السياسية من أجل توثيق التعاون بين مصر وليتوانيا من خلال لقاء وفد دبلوماسى ليتوانى فى مصر مع المسئولين بوزارة الخارجية المصرية فى يناير 2017، وتم التطرق إلى مختلف المناطق ومحاور الاهتمام المشترك بين الجانبين، وهذه الخطوة الأولى والخطوة الثانية ستكون توقيع مذكرة تفاهم حول السياحة والمفاوضات بدأت وجاهزة على التوقيع، والوقت الصحيح والموعد أصبحنا فى انتظارهما سواء التوقيع سيتم فى مصر أو فى ليتوانيا وربما يضاف أشياء للقائمة فى مذكرة التفاهم.
وتابع السفير: لدينا اتفاقية قديمة لكن هناك الكثير من الحقائق والأشياء التى يجب تحديثها وربما هناك متغيرات وهو ما تطلب توقيع مذكرة جديدة، معبرا عن سعادته ببداية المحادثات بين الجانبين فى أكثر مناسبة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة وفى مناسبات دولية أخرى أو فى جنيف أو بروكسل.
تنسق المواقف الدولية
وهناك الكثير من الاتفاقيات التى بدأنا فى التحدث حولها لكى ننسق المواقف الدولية معا بسبب الفجوات فى التنسيق بسبب ما مرت به مصر فى أعقاب ثورة 2011.
ولفت إلى أن مصر اعترفت بليتوانيا فى عام 1992 منذ 15 عاما وكانت أول بلد يعترف أيسلندا ومصر كانت أول دولة فى المنطقة. وأوضح أن النظام الأساسى لديهم رئاسى برلمانى والانتخاب لمدة فترتين كل فترة 5 سنوات، وأعضاء البرلمان 141، والرئيسة الحالية فى الفترة الثانية.
60 ألف سائح ليتوانى يزورون مصر
وعن حجم التعاون السياحى بين مصر وليتوانيا فى عام 2016 والذى وصل إلى 21 الف سائح، مؤكدا أن العدد وصل ذات مرة إلى 60 الف سائح وهذا يعنى انه عندما لا يوجد أى قلق فالشعب الليتوانى لزيارة مصر مما يؤكد عدم وجود أى تهديدات، والأمور تسيير طبيعية ويتدفق السائحون من بلاده على مصر بشكل جيد.
وتوقع السفير أن الرحلات المباشرة لشرم الشيخ سيتم إعادتها لو استمرت الأوضاع مستقرة، موضحا أن هناك رحلات مباشرة إلى الغردقة الآن ووصل عدد الرحلات فى موسم الذروة إلى 6 رحلات أسبوعيا، والآن رحلتان فقط، وعبر عن اعتقاده أن هذا لن يحدث هذا العام بسبب انتهاء الموسم لكن العام الجديد سيكون هناك جديد بخصوص شرم الشيخ واستئناف الرحلات إليها.
واعترف بزيارته للغردقة والإسكندرية والفيوم ولم تتح له الفرصة بعد لزيارة شرم الشيخ وإن كان يريد الذهاب فى الموسم الجديد.
رحلات سياحة طبية
وحول إن كان رجال الأعمال فى مصر عقدوا لقاءات مع نظرائهم من الجانب الليتوانى للتبادل والتنسيق حول الرحلات، أكد السفير أن كبرى الشركات الليتوانية لديها شراكات مع الشركات المصرية وهناك شركة مصرية تقوم بتنظيم رحلات سياحة طبية من مصر لليتوانيا والمصريون يكتشفون ليتوانيا كوجهة سياحية علاجية وجراحات التجميل.
وبين السفير أن هناك فى ليتوانيا الكثير من البحيرات التى تبلغ مساحتها 2800 هكتار وأكثر من 4000 هكتار من البحيرات العذبة والطبيعة الخضراء والحياة المختلفة ودرجات الحرارة المعتدلة وهو ما يمثل اختلافا عن سوق السياحة المصرية.
رفع حظر السفر عن شرم الشيخ
وأكد أنه لا يوجد حظر على الرحلات لشرم الشيخ وتم رفعه منذ شهر، والشركات هى التى ستقرر الوضع فى سيناء ولكن نصحنا بعدم الذهاب بالطيران ويمكن حل هذه المشكلة، وأتوقع ألا يحدث شىء ان شاء الله يؤثر على مستقبل السياحة ولا يوجد تحذيرات على شرم الشيخ، وتم رفع التحذيرات لصالح السياحة المصرية والتحذير الوحيد هو عدم الذهاب بالطائرات لكن يمكن الذهاب بحرا وبرا لحين استقرار الأوضاع. ونحن شعب حر يقرر فيه الناس أين يذهبون ونبحث عن الأمن والجودة والسعر لكن يمكن الترويج لمصر على الرغم من أن الشعب يعرف مصر جيدا ويقرأون كتبا عن الفراعنة الا ان بعض الفترات حدث فى مصر عدم استقرار وأدت إلى تراجع السياحة، مشيرا إلى أن مصر سوق كبير لليتوانيين ونتمنى لها التقدم ونبحث عن العيش بحياة طبيعية كما نبحث عن الأمن ونحب هذا البلد وأنا شخصيا محب جدا لمصر وأشجع القدوم إليها وشعبنا بسيط للغاية وكبرى شركات السياحة الليتوانية تشجع الذهاب لمصر ولدينا الكثيرون يذهبون للفنادق الخمس نجوم وينفقون كثيرا فى مصر بعد أن كانت فنادق الثلاث نجوم هى المفضلة لدينا.
مجلس أعمال مصري- ليتوانى قريبا
وقال السفير لسوء الحظ لا يوجد مجلس أعمال مصرى- ليتوانى وأتوقع أن يحدث ذلك فى القريب العاجل خاصة فى ظل وجود رجال الأعمال المصريين المتحمسين لذلك والكثير من الليتوانيين يعشقون مصر كثيرا وتاريخها وهذه فرصة جيدة للتعاون، المهمة أمامنا كدبلوماسيين لإدراك ثمار هذه التوقعات بحيث يشعر الشعب بهذا التعاون وثمار هذا التعاون الثنائى ليس من أجل الصحافة ولكن أن يشعر الجميع بنتائج هذا التعاون. وهناك الكثير من المناقشات والخطط لإقامة فنادق ومطاعم مصرية فى ليتوانيا والافتتاح الرسمى سيتم قريبا
الإصلاحات الاقتصادية فى مصر
نحن أيضا فى ليتوانيا عانينا اقتصاديا قبل أن نتخذ إجراءات مماثلة لما قمتم به فى مصر بل وصل حجم التضخم لدينا إلى 700% منذ 25 عاما واعتقد أن القرارات التى اتخذتها حكومتنا فى هذا التوقيت كانت غاية فى الذكاء ومنذ سنوات مررنا بوقت صعب واحتجنا إلى أن نمر عبر بوابة هذه الإصلاحات الاقتصادية والقرارات الذكية لابد أن نخبر بها الشعب فهى إصلاحات ليست للحكومة أو الوزراء إنها للشعب، واصفا أن الشعور العام إنها فترة صعبة ولكنها هامة للغاية وهى الطريق الوحيدة لرفاهية الشعب المصرى فى فترة لاحقة وعليكم إخبار الشعب أنه من يرغب فى حياة طبيعية عليه لافتا أن الإصلاحات التى تتم فى مصر الآن مهمة للاقتصاد على الرغم من انها الفترة الأصعب ولكنها سوف تمر معربا عن سعادته بأن هناك تفهما داخل مصر وداخل المجتمع المصرى لهذه الإصلاحات وانهم كمصريين لابد أن يقوموا بهذا. ويوجد اختلافات بين ليتوانيا ومصر لتطبيق نظرية الإصلاح الاقتصادى عمليا مثل عدد السكان ولكن يجب على الحكومة المصرية أن تعى الفوارق بين الأغنياء والفقراء وتدعم الطبقات الفقيرة وتزيد الدعم لهذه الطبقات وهذه الإصلاحات هى الطريق الوحيدة لرفاهية البلد وليس أنا من يحق له القول أن يقول ذلك ولكن المصريين هم من يحق لهم قول ذلك خاصة إذا تم جنى ثمار هذه الإصلاحات وأنا سعيد بوجود فهم لها وإنها لم تفرض من الخارج ولكن مصر هى من فرضتها وهى ضرورية لإصلاح الاقتصاد والاستمتاع بالنتائج ومصر لديها الكثير من الفرص ولابد من ذلك لتحقيق الرفاهية.
نعترف بمكافحة مصر للإرهاب
نحن ندرك دور مصر فى المنطقة كلها بالإضافة إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ونتفهم دور مصر والجهود التى تبذلها فى مكافحة الإرهاب ودعم استقرار دول الجوار وندعم مصر فى مكافحتها للإرهاب ونعترف بذلك ونؤمن أن كل ما ذكر فى دستور مصر حقيقى وأن مصر دولة يمكن الاعتماد عليها وان القرارات الصعبة تتخذ من أجل الإصلاح الاقتصادى وليس لدينا شكوك فى ذلك، وليس لدينا شك فى الخطوات التى تتخذها مصر ونقول الحقيقة وليس لدينا أجندات سرية تجاه مصر ونريد للمصريين أن يحيوا حياة طبيعية مثلما نريد لشعبنا أن يحيا نفس الحياة ولدينا تفس القيم والأهداف وابحث عن الدستور وهو يشبه إلى حد كبير ما كتبناه فى دستورنا وهو ما أراده من سبقونا وليس علينا أن التسرع والعجلة.
أزمة قطر
حول أزمة قطر أكد أنه سؤال صعب للغاية لكنه كسفير لبلاده يتابع عن قرب ما يحدث ويستمع إلى ما تقوله مصر بحرص شديد، وكذلك ما تقوله قطر، ونحن نؤمن بأن الحكمة سوف تكون هى سبيل الحل وأن دول الخليج سوف تجد حلا لهذه المشكلة والقرار سوف يكون من داخل العائلة العربية والحل الأسوأ أن يأتى من خارج المنطقة لافتا نحن نطلع يوميا على بيانات وزارة الخارجية المصرية حول الأزمة مع قطر ولم نتلق أى وثائق حول تورط قطر فى عمليات إرهابية.
لقاءات دبلوماسية
ما نطمع فيه ليتوانيا هو لقاء بين وزيرى الخارجية المصرى والليتوانى على هامش الفعاليات الدولية ولكن فى العاصمة الليتوانية وسيكون دعما كبيرا للتعاون الثنائى وسيدعم بقية مجالات التعاون.
الحكومات تمهد طريق الاستثمار
لا يوجد استثمارات ليتوانية فى مصر ولكن هناك شركات مصرية فى ليتوانيا حيث لدينا منتجات الحبوب والبترول وعلى الحكومات أن تمهد الطريق أمام هذا التعاون ولابد من التجارة كى تكون هناك بداية قوية فى الاستثمار بين البلدين وعلى رجال الأعمال التحرك نحو هذا الاتجاه وعندما نبدأ التحرك سيكون هناك مجلس أعمال مشترك وهناك أفكار لإقرار هذا المجلس ولابد أن نستعد لإنشاء المجلس وهذه هى الخطوة التالية وعلينا البحث عن توسيع حجم التجارة حيث أبرز ما نستورده الربتقال المصرى واليوسفى وهى أنواع مختلفة وجيدة قائلا أن كل المجالات متاحة للاستثمار فى ليتوانيا ومتقدمين فى مختلف المجالات ولدينا فرص خاصة فى الاستثمارات العلمية وعلى وجه الخصوص تحويل الغاز لسائل، كما لدينا حوافز استثمارية تقدم منها إعفاء الضرائب ومنح إقامات مؤقتة لمدة سنة وأخرى لخمس سنوات.