إنها ثقافة وطن، قيادة وشعب تلك سمة من سمات مملكة البحرين التي عرفت بها منذ القدم، بلاد تحتضن التاريخ تشربت بالحضارة على تعاقب حقبها وأزمانها كانت ولازالت ميناء العالم كله، لم تغلق فكرها على كل ما يفيد وينفع، انفتحت على الدنيا تأخذ وتضيف، الإنسان فيها يعرف ما هو الواجب، ويعرف جيدا قيمة الوطن وما معنى أن تكون مواطنًا صالحًا، نهل من العلم المتاح ولم يقف طموحه عند حد ما وجد في بلاده، بل جاب الآفاق بحثا عن العلم والمعرفة استعان بمن سبقه في التحصيل العلمي والمعرفي لكنه لم يقف عند حد معين تواصلت الأجيال في طلب العلا، كان الهدف رفع راية الوطن خفاقة، لتظل سماء البحرين صافية، بصفاء البحر الذي هو مصدر الرزق أيام اللؤلؤ والغوص عليه إلى أن أصبح ذلك الميناء الذي يستقبل ناقلات النفط ومختلف البضائع لتكون تجارة الإنترانزيت منطلقًا للانفتاح على بقية البلدان، إنها التجارة والاقتصاد وما تجلبه من ثقافة وبناء، ورغبة في التواصل العالمي الحضاري والتجاري والاجتماعي لتكون البحرين بفضل السياسة الحكيمة مركزًا عالميًا مهمًا تقع على عاتق مواطنيه تطوير بلادهم والمنطقة المحيطة بهم.
إنها رسالة البحرين لمحيطها الإقليمي والعربي والأممي تضطلع بها في تاريخها الحديث والمعاصر، كما كانت في تاريخها القديم.
رسالة رمضان هذا العام وغيره من الأعوام كانت واضحة في تواصل قيادة هذه البلاد مع مواطنيها ومع من يعيش على أرضها، فكان التلاحم والالتفاف هو الأبرز في هذه المناسبة التي يلتئم فيها الشمل الأسري على نطاقه البسيط إلى الأسري بمفهومه الشامل، بحيث يضم الوطن كله.
إنه المشهد الحضاري الراقي والمؤثر والذي يرسل أكثر من رسالة.
حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه يستقبل المهنئين بحلول شهر رمضان المبارك، ويتبادل معهم حديث القلب إلى القلب، وحديث الفكر إلى الفكر لتظل البحرين وأبناؤها هما الهدف الأسمى، وتظل ثقته بأبناء شعبه ثقة أصيلة ومتأصلة بنيت على قيم ثابتة الأركان، راسخة البنيان بناها الأجداد والآباء لتظل راسخة في ثقافة هذا الشعب وقيادته.
وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه ومجلسه الأسبوعي المفتوح الذي يؤمه كل من كان قلبه مفتوحًا للافضاء بما يدور في خاطره، ليسمع من سموه الصراحة والوضوح والحرص على البناء والنماء والتطوير.
وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى لقوة دفاع البحرين النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه وزياراته لمجالس أهل البحرين طوال شهر رمضان في المدن والقرى حيث يلتقي سموه بالمواطنين على مختلف أعمارهم وتخصصاتهم وأطيافهم، وتبادل الشأن المحلي والإقليمي بكل تفاؤل وأمل والتأكيد على أن البحرين الوطن هي أرض الطيبة والوسطية والاعتدال، وفي نفس الوقت هي أرض الحزم والعزم والإرادة التي لا تلين، والعصية على كل من يريد شرًا بها وبأهلها.
علينا أن نتأمل كمواطنين، فلدينا الثقافة والحضارة والعلم ونحن أصحاب رسالة وطنية وقومية والأوطان، بل بالأحرى الوطن الذي نعيش فيه ويعيش فينا يحتم علينا أن نصونه ونحافظ عليه وننميه ونبذل الغالي والنفيس من أجل عزته ومنعته وصون ترابه والمحافظة على شعبه والالتفاف حول قيادته.
اتسم أهل البحرين بالصراحة والمكاشفة وهي ثقافة مجتمعية متأصلة فيهم وهم بالإضافة إلى ذلك على اطلاع بمجريات الأمور من حولهم، فلا غرابة أن تواجه مواطنًا عاديًا بسيطًا يتحدث معكم في امور سياسية غاية في التعقيد ولا يأخذك العجب أكثر إن هو وضع بين يديك الحلول والرؤيا المستنيرة، ووافقت أم لم توافق فعليك أن تأخذه بحسن النية فشعوره ليس فقط مواطنا بحرينيا ولكنه يحمل في قلبه حبا لأمته، مشاعرها، تطلعاتها، آمالها وأمنياتها.
يظل الوطن هو الهدف والغاية وأدوار هذا الوطن محليًا وإقليميًا وعربيًا ودوليًا ليست بغائبة عن قيادته ومواطنيه. كلما التقيت بمواطن في الشارع أو في السوق أو في الجامع أجد عنده روح الأمل والابتسامة والرغبة في الحديث عن كل شأن، قد ينسى جراحه الشخصية لكنه لا يمكن أن يتهاون في حب الوطن والمحافظة على كينونته وقيمة ومبادئه.
يسمى البعض هذه القيم «بالقوى الناعمة» في المجتمع ومعهم الحق في ذلك، وأزيد بأن هذه القيم هي التي حفظت البحرين على مدى تاريخها ومواجهتها للتحديات والصعاب والمؤامرات فوقفت مع شعبها بكل صلابة وإصرار وتحدي، وتجاوزت الكثير، والوطن وقيادته وشعبه قادرون بإذن الله على السير قدما وبخطى ثابتة نحو مراقي التقدم والنماء والبناء، وهي دعوة مخلصة يلهج بها جميع أبناء البحرين ومحبيها خصوصًا في الأيام الأخيرة من رمضان الخير والعزة والنصر والمنعة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي