طباعة
sada-elarab.com/399294
تطرقت في المقال السابق المعنون بـ«قصة ضياع شركة» إلى دور الرئيس التنفيذي في أحد الشركات الكبيرة، وجاءتني ردود أفعال كثيرة من القراء الأعزاء حول هذه الشركة وهذا الرئيس التنفيذي او ذاك، لكن وقبل الرد على ما وردني، فإني أشكر كل من قرأ المقال واهتم بالبحث والسؤال عن تفاصيل ما جاء فيه.
ولعل في تلك الردود، ما يؤكد الحسّ الوطني الكبير لدى القارئ ووعيه بأهمية الحوار الحضاري المنتج، والذي يهدف لإعلاء المصلحة الوطنية، ويؤكد أننا شعب مثقف وحاضر الذهن ويتمتع بقدرات ثقافية عالية ويساهم في قضايا التنوير.
فبعد كثير من تخمينات القراء لاسم الشركة فلن أذكره، لكن جاءني رد من أحد القراء يريد أن يضع نقاطًا على الحروف حول دور رئيس وأعضاء مجلس الإدارة في أي مؤسسة او شركة، وسألني قائلاً: «كيف يفعل الرئيس التتفيذي كل تلك المخالفات دون أن يلاحظها أحد من أعضاء مجلس إدارة الشركة؟ وأين كان رئيس وأعضاء مجلس الإدارة من أعمال وأفعال الرئيس التنفيذي؟»، وقال «إن وضع اللوم على الرئيس التنفيذي وحده يعتبر ظلمًا وغير صحيح؛ لأن الرئيس التنفيذي ينفذ ويتابع الرؤية والخطط الاستراتيجية للشركة، ويعرض النتائج أولاً بأول على مجلس الإدارة في الاجتماعات الدورية».
ويتابع القارئ موضحًا أن الرئيس التنفيذي يأتي في المرتبة التالية لرئيس مجلس الادارة من حيث المسؤولية، فهو يتولى متابعة العمليات اليومية للشركة، ويعرض نتائجها على مجلس الإدارة، وهو أيضا الذي يكون في مواجهة موظفي الشركة وإدارتهم، وإدارة العمليات اليومية مع اتخاذ بعض القرارات الصغيرة طبقًا لاستراتيجية الشركة التي وضعها مجلس الإدارة.
وتكون مسؤولية رئيس مجلس الإدارة التوجيه العام للشركة واتخاذ القرارات التي يجب أن ينفذها الرئيس التنفيذي، وعاد ليتساءل: «أين كان رئيس وأعضاء مجلس الإدارة من الرؤساء التنفيذيين الذين تعاقبوا على هذه الشركة؟».
وهنا يجب أن أكشف مزيدًا من التفاصيل حول الشركة التي تحدثت عنها الأسبوع الماضي، لأن المشكلة الكبيرة هي أن يتولى رئيس مجلس الإدارة أكثر من منصب آخر، فربما تجده يحمل حقيبة وزارية، ورئيسًا لمجلس إدارة هيئة، ورئيس مجلس إدارة شركة وطنية، ورئيس مجلس إدارة شركته الخاصة بالباطن، وعضو في حزمة جمعيات واتحادات ولجان وصناديق.
والسؤال الذي أرده على القارئ العزيز: كيف تتوقع من رئيس مجلس إدارة مثل هذا الإنسان أن يتابع أمور كل هذه الكيانات، وحتى لو كان عبقريًا ومن نوعية سوبرمان فلا يمكن لبشر أن يركز وينتج ويراقب ويبدع في أكثر من قطاع، والمثل يقول «صاحب بالين كذَّاب وصاحب ثلاثة منافق».
وهذه هي إجابة سؤال القارئ العزيز عن سبب تدهور بعض الشركات رغم وجود مجالس إدارات، فحتى لو أتيت برئيس مجلس إدارة وأعضاء من أذكى البشر، ولديهم مسؤوليات أخرى في مجالات متعددة، فكأنما وضعت فوق المقاعد وسائد، وللأسف هذا هو حال المسؤولية عند العرب.
فعندما يأتي مسؤول جيد لمنصب كبير لابد وأن تلتصق به عدة مناصب فرعية أخرى، فيحدث التشتت الذي يتبعه التفتت وتبدأ الخسارة في الظهور بكافة القطاعات أو على أفضل تقدير في قطاع واحد، وعندها لا نلوم الرئيس التنفيذي الأجنبي او غيره الذي بعد تعيينه أسس شركات أخرى بأسماء وإدارات وهمية بل نلوم أنفسنا؛ فنحن من اختاره وترك له الأمر دون مراقبة او محاسبة حقيقية.
رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون الإنجليزية