نعم هم رموز للفن التشكيلي البحريني عشقوا الفن منذ نعومة أظفارهم، مواهبهم استثمروها في عشقهم للأرض، الوطن، الناس، البيئة والتراث والتاريخ، معالم ومنارات، البحر، والبر، وعيون الماء، آثروا أن يكونوا بفنهم شواهد عصرهم، شاركوا في معارض داخلية سنوية و موسمية، جماعية و فردية رحلوا بفنهم إلى خليجهم العربي ووطنهم الكبير على اتساع الوطن العربي، نشروا فنهم في بعض العواصم العالمية، ثقفوا ذاتهم، اطلعوا على بعض تجارب المدارس الفنية الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة وما بعد الحداثة، سخروا إمكانياتهم لتطوير فنهم ما استطاعوا، فرضوا أنفسهم على الساحة الثقافية البحرينية متمسكين بفنهم الذي عشقوه وتفانوا في إبرازه وأنشأوا الجمعيات الأهلية "أسرة هواة الفن" و"جمعية البحرين للفن المعاصر" و"جمعية البحرين للفنون التشكيلية"
و"جمعية
خزافي البحرين" كانت لهم أنشطة فنية في الأندية الوطنية و الفنادق والصالات الخاصة،
كان حضورهم في معارض الكويت السنوية بالمدرسة المباركية وكان حضورهم في الشارقة والرياض
وأبو ظبي والدوحة ومسقط ضمن المعارض التشكيلية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
شاركوا في البينالي في عواصم عربية ومدن أخرى؛ القاهرة،
ودمشق، وبيروت، وأصيلة، وبغداد وكانوا متواجدين في أوروبا، وأمريكا، وبنغلاديش، والصين
ضمن مواسم ومشاركات خارجية قامت بها إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام.
ورحل عن دنيانا الفنان المبدع المتألق الأستاذ راشد بن حسين العريفي يوم السبت 18 مارس 2017 م لتبقى المدرسة الديلمونة الأثيرة إلى نفسه ولما لا، والحضارة الديلمونية هي العنوان والرمز الكبير لحضارة البحرين القديمة بتقسيماتها المتعددة المبكرة.
والوسطى، والمتأخرة، كان عشقه لديلمون كعشقه للتراث البحريني الأصيل لم يتخل عنهما وفي عام
1990 افتتح بمدينة المحرق العريقة متحف العريفي ليكون بيته القديم الرمز لعشقه الأبدي
للفن التشكيلي، وكان طموحه وقد تحقق أن يكون هذا المتحف هدية منه لمدينة المحرق التاريخ
والحضارة والفن وكان يقصد تعريف أبناء المدارس الزائرين بالفن الديلموني الذي تبنى
حمل لوائه.
الفنان
راشد بن حسين العريفي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته لم يتأخر يوماً عن المشاركة في المعارض
الجماعية والفردية افتتح له "جاليري" خاص به في قلب المنامة العاصمة ليتاح
للسواح والزائرين الإطلاع على فنه عن قرب بمجمع الشيراتون التجاري، كان راغباً في نشر
فنه التشكيلي، شارك في عرض لوحاته في حفل العيد الوطني المجيد لمملكة البحرين الذي
أقيم بالقاهرة في الربع الأول من العام 2000 ميلادي وكان دائم الحديث عن الفن التشكيلي
البحريني ورموز هذا الفن من أبناء البحرين.
الفنان
راشد بن حسين العريفي هو من الرعيل الأول الذين استهواهم الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي،
كتب في التراث عمل لفترة في متحف البحرين الوطني القديم بالمحرق واهتم بالتراث في جوانب
المتحف تفرغ للعمل الإبداعي، أخذ بيد الجيل الجديد، احترم زملاءه الفنانين دافع عن
إقامتهم لمعارضهم الفردية أو الثنائية، كان حريصاً على متابعة الساحة الفنية الإبداعية
...
عندما
نتذكر الفنان راشد بن حسين العريفي نتذكر الفنانين الراحلين الذين غابوا عن دنيانا
بعد عطاء للفن الأصيل وإخلاصه للفن التشكيلي على وجه الخصوص؛ يوسف قاسم، عبد الكريم
البوسطة، أحمد باقر حسن، عباس المحروس، أحمد قاسم السني، حسين قاسم السني، يعقوب يوسف
قاسم، ناصر اليوسف، عبد العزيز زباري، راشد سوار، إسحاق خنجي كل واحد من هؤلاء مدرسة
خاصة و تاريخ من العطاء في الفن لا ينضب ملأوا سماءنا إشراقاً و بهجة رسموا بأدواتهم
الوطن بكل ثقافته وحضارته وتراثه و قيَمه ..
أجيال
أتت بعدهم وعاصرتهم ولازالوا يعطون الوطن فناً وإبداعاً ويرفعون اسم الوطن عالياً،
فنانون وفنانات نحترم فنهم وعطاءهم ونقدر مشاركاتهم داخل وخارج الوطن، ويظل معرض البحرين
للفنون التشكيلية السنوي الذي تقيمه هيئة البحرين للثقافة
والآثار
برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر
حفظه الله ورعاه رمزاً كبيراً لرعاية المملكة للفن التشكيلي والمبدعين التشكيليين والحرص
على أن يكون الفن ضمن مكونات ثقافة هذا الوطن العزيز وأن يكون مناسبة غالية يلتقي فيها
الفنانون بمن يقدر فنهم وعطاءهم ويتبادل معهم أطراف الحديث الأبوي الذي يحثهم على الإبداع
والنبوغ والتميز ..
آن الأوان
أن نقيم معرضاً دائماً لرواد الفن التشكيلي في بلادنا وأن يكون في مكان مميز يقصده
أبناء البلاد وزوارها؛ فهو سيكون بمثابة الجامعة المفتوحة في عالم الفن الإبداعي التشكيلي
بما فيه من لوحات وخزفيات ونحت وخطوط يستفيد منه المقبلون بشغف على هذا الفن الأصيل
إبداعاً وتألقاً.
ونحن
نودعك يا فناننا الكبير راشد بن حسين العريفي لا نملك إلا الدعاء لك بالمغفرة والرضوان
وجنة النعيم ونثق بان فنك وفن الراحلين من أبناء وطنك، وبفن من هم يواصلون هذا العطاء
سيظل هذا الفن المميز مع بقية الفنون التي أبدع فيها وبرز فيها أبناء مملكة البحرين
ليضيفوا إلى هذا الوطن من حبهم وعشقهم الشيء الكثير وفاءً وإخلاصاً للوطن وأهله.
وعلى
الخير والمحبة نلتقي