طباعة
sada-elarab.com/227849
يبدو أن تأثير الصفعة التي تلقاها أردوغان من القاهرة العام الماضي وتحديدا في يناير 2019، ما زالت آثارها موجودة على وجهه حتى اليوم، حينما أعلنت مصر عن إنشاء "منتدى غاز شرق المتوسط"، الذي يضم 7 دول هي مصر وإيطاليا وقبرص واليونان والأردن وفلسطين وإسرائيل، واختيار القاهرة مقرًا له، ويهدف إلى العمل على إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية.
لا شك أن تأسيس هذا الكيان أربك أردوغان وأفقده عقله بعدما خرج من الحسابات وقضى على حلمه الذي سعى إليه جاهدًا بأن تكون تركيا "سيدة المتوسط" في المنطقة وأوروبا، خاصة وأن الدراسات والأبحاث التي أجريت مؤخرًا كشفت عن وجود احتياطي ضخم من الغاز بالمنطقة يقدر بأكثر من 100 تريليون قدم مكعب.
وكعادة أردوغان على العبث بأمن الدول تحت حجج واهية كما حدث في سوريا والعراق ومنح الحق لنفسه بالتدخل في شؤون البلدين بذريعة محاربة الأكراد حتى وصل إلى مراده باحتلال أجزاء من البلدين وإقامة قواعد عسكرية هناك لتحقيق "كابوس الخلافة"، كانت محطته هذه المرة في ليبيا بعدما وقع مؤخرًا اتفاقيتين مشبوهتين مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق حاضنة الميليشيات المسلحة وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية التي تلقى دعمًا مباشرًا من تركيا بالمال والسلاح، إحداهما تهدف للسيطرة التركية على ثروات ومقدرات الشعب الليبي من ثروات شرق المتوسط، والثانية تسعى لإدخال قوات تركية إلى ليبيا، وهو ما رفضه الشارع والبرلمان الليبي.
إعلان هذه الاتفاقيات كشف أطماع وأهداف أردوغان في ليبيا وتمثلت في حماية الجماعات الإرهابية ودعمها عسكريًا في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يخوض معركة تحرير طرابلس ضد الميليشيات الإرهابية والتي حقق فيها الجيش انتصارات كبيرة، وأيضًا السيطرة على الغاز بعد الصفعة التي تلقاها بعد حرمانه من المشاركة في منتدى غاز المتوسط مستخدمًا ورقة ليبيا، ومحاولة إحياء مشروعه الإخواني في ليبيا من خلال دعم جماعة الإخوان الإرهابية هناك، فضلًا عن محاولته الفاشلة لاستهداف مصر من البوابة الغربية "ليبيا" التي تمتد حدودنا معها 1200 كيلو متر.
كل هذه الأهداف خرجت للعلن بعدما تحول أردوغان من لاعب خفي لنشر الفوضى إلى الراعي الأكبر للميليشيات الإرهابية في ليبيا في سبيل تحقيقه لأطماعه السياسية والاقتصادية، وظهر ذلك بعدما نُشرت مقاطع فيديو لإرهابيين ومرتزقة من سوريا ينتمون لما يسمى بـ"فرقة السلطان مراد وفيلق الشام" متواجدين خلف معسكر التكبالي بمنطقة صلاح الدين جنوب طرابلس، بعدما صدرت أوامره لهم بالتحرك إلى ليبيا، وهو ما أكده اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي في تصريحات صحفية له بوصول 300 إرهابي من سوريا للقتال مع ميليشيات الوفاق.
أيضا يرى أردوغان أن وجود حكومة إخوانية يرأسها فائز السراج ستختصر له الطريق في التحكم والسيطرة عبر جماعة الإخوان الإرهابية، خاصة وأن الوجود والتحركات القوية للقاهرة في البحر المتوسط خلقت له ضيق شديد، فضلًا عن مشاكل أردوغان الحالية مع اليونان والاتحاد الأوروبي الذي رفض تمامًا فكرة الدخول التركي إلى ليبيا.
هذه الأطماع، قوبلت برفض شديد من المعارضة التركية رغم محاولات إقناعها بإرسال قوات إلى ليبيا بعد موافقة البرلمان عليها، مؤكدين أن هذه السياسات ستجلب الضرر لتركيا وتريق دماء الجنود الأتراك خارج البلاد.
المعارضة لم تقتصر على الداخل التركي فقط، بل بدأت مصر جهودها في الحفاظ على أمن ليبيا، وأجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي 4 مكالمات على الأقل مع زعماء دول العالم بشأن ليبيا، على رأسهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي.