طباعة
sada-elarab.com/156086
تشهد العلاقات التجارية بين مصر ودول إفريقيا بشكل عام تطورًا مستمرا يزداد من عام إلى عام، فالصادرات المصرية إلى الدول الإفريقية وتحديدا "كينيا، جنوب إفريقيا، إثيوبيا، نيجيريا" شهدت ارتفاعات متتالية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، في حين أن واردات مصر إفريقيًا تأتي من دول "زامبيا، كينيا، جنوب إفريقيا".
وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن الصادرات المصرية تستحوذ على نسبة تتراوح من 5 إلى 8% للدول الإفريقية سنويا، في حين أن نسبة الواردات المصرية تتراوح من 1.5 إلى 4% سنويا، فالصادرات المصرية تتمثل في السكر والذهب ومصنوعاته والبلاستيك والزيوت العطرية، أما الواردات أبرزها الشاي والتوابل والموز، ليصل حجم التبادل التجاري بين مصر ودول إفريقيا إلى 6.9 مليار دولار عام 2018، بعد أن كان 5.6 عام 2017.
الأسبوع الماضي، أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي، زيارة إلى النيجر، عقد خلالها قمة استثنائية ترأستها مصر وأعلن الرئيس خلالها بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الإفريقية بعد استكمال نصاب تصديقات دول الاتحاد الإفريقي ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
تنفيذ هذه الاتفاقية كان حلمًا سعى لتحقيقه زعماء وقادة القارة السابقين، خاصة وأن إفريقيا تتمتع بسوق ضخمة جدًا قوامه 1.3 مليار نسمة، بجانب امتلاك القارة الكثير من المقدرات منها المناخ المعتدل، مخزون كبير من المياه العذبة، ثلث مقدرات العالم من الثروة المعدنية، التي تمثل عوامل أساسية للنجاح.
ومن أبرز أهداف الاتفاقية إقامة سوق قارية لكافة السلع والخدمات داخل القارة يتخطى حجم الناتج المحلي لها 3 تريليونات دولار، وتمهد الطريق إلى إقامة اتحاد جمركي إفريقي وتطبيق تعريفة جمركية موحدة لواردات القارة من الخارج، وزيادة التجارة الداخلية لتتجاوز النسبة الحالية التي تصل إلى 20% بمراحل عديدة، وجذب الاستثمارات الأجنبية نظرًا لسهولة نفاذ منتجات تلك الاستثمارات إلى أسواق المنطقة، وتحسين سلاسل القيمة المضافة بين دول القارة فى ظل اعتماد قاعدة التراكم فى المنشأ، وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية حيث يتيح النفاذ لأسواق 37 دولة أفريقية إضافية خاصة مع دول غرب إفريقيا.
فالرئيس عبدالفتاح السيسي، كان حريصًا على تفعيل التجارة بين دول القارة ووضع هذه الاتفاقية على قائمة أولوياته منذ توليه إدارة شؤون البلاد، بهدف نشر التنمية بين الشعوب الإفريقية الذين عاشوا معاناة على مدار عقود، حتى حملت مصر على عاتقها مهمة النهوض بالقارة من واقع مكانها ومكانتها وفتحت آفاقًا للوحدة الاقتصادية والتعاون المشترك، لتعلن انطلاق منطقة التجارة الحرة القارية وتكون بمثابة السفينة التي تحمل معها جميع الدول الإفريقية دون استثناء نحو تحقيق المنفعة المشتركة.
عزيمة إتمام هذا الحلم التاريخي ظهر جليًا في رغبة زعماء دول القارة على المشاركة في الاتفاقية بهدف إنجاح التجارة الحرة بين الدول في ظل امتلاكها للمقومات الكافية لتحقيق الاستثمار وفتح أسواق جديدة تحقق التكامل بين الدول بالتزامن مع وجود البنية التحتية التي تملكها هذه الدول تحديدًا في مجال الطاقة والتجارة مع السعي لتطبيق جميع القوانين لتتويج الجهود المبذولة لإنجاح الاتفاقية.
بدأت مهمة إطلاق اتفاقية التجارة الحرة بين دول القارة خلال قمة الاتحاد الإفريقي التي انعقدت في يناير 2012 بالعصمة الإثيوبية أديس أبابا، تم الاتفاق خلالها على ضرورة المضى قدمًا نحو التكامل الإقليمى، وتم تحديد 2019 عامًا للوصول إلى الاتحاد الجمركي في إفريقيا مرورًا بمنطقة التجارة الحرة القارية فى عام 2017 كموعد مبدئي وذلك فى إطار تنفيذ معاهدة أبوجا، إلى أن أسفرت القمة التى استضافتها العاصمة الرواندية كيجالى مارس 2018 عن صدور إعلان ختامي يؤكد رغبة دول الاتحاد فى تعميق التكامل بين الدول الأفريقية من خلال منطقة التجارة الحرة القارية، وصياغة الاتفاقية التى أسست لإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، حتى جاء 2019 وأعلن بدء سريان الاتفاقية.
لا شك أن اتفاقية التجارة الحرة تعد من أهم إنجازات الاتحاد الإفريقي التي تم اطلاقها في قمة تاريخية بكل المقاييس لم تشهدها القارة من قبل وتتطلب من الجميع تحمل المسؤولية الكبيرة من أجل إعلاء كلمة إفريقيا وتحقيق أهداف الشباب في كل دول القارة.