فن وثقافة
ناصرعبدالحفيظ يكتب: خالتي ويوم المسرح العالمي
الخميس 28/مارس/2019 - 11:03 م
طباعة
sada-elarab.com/139639
لم أتمالك نفسي من الفرح إلي حد البكاء عندما حدثني صديقي الكاتب الصحفي خالد فؤاد لتكريمي في دار الاوبرا المصرية مركز الإبداع ضمن المكرمين بمهرجان جريدة أسرار المشاهير في مهرجانها الخامس كانت سعادة التكريم من خالد بالتحديد مع حفظ الألقاب لأنه عاصر معي سنوات من الظلم والمعاناة في بلاط صاحبة الجلالة وفكرة أن يوجه لي الدعوة وهو هو ما يعنيه لي من كواليس العمل في مؤسسة دار الهلال فكرة ان يكرمني عن عمل نجاحه يملأ السمع والأبصار أحدثت في داخلي مجموعة من المشاعر المتداخلة التي تتساقط عبرها صور ومحطات سريعة من الحياه لم اعبر عن فرحتي لمن حولي خاصة وأن التكريم يتزامن ويوم المسرح العالمي وضعت الفرحة جانبا وسرت في كواليس العمل استنشق اجواء احبابي واتابع نقلات المشاهد واحاسيس زملائي وأساتذتي التي تتجدد يوما بعد يوم أمضي اللحظات في عالم أعشق كل تفاصيلة أوزع إبتساماتي وأستقبل الوجوه الضاحكه حين تتلامس الايادي بالترحاب بين غرف الماكياج والملابس والإستعداد لمشاهدي جانبا لأستكمل يومي وعملي وقبل دخولي الليلة الاولي من اعادة إفتتاح سيرة حب واجواء التهاني فجأة سقط علي أذني عبر الهاتف صوت ابن الخالة محمود وهو يعزيني في وفاة خالتنا لاتعرف مثل هذه المكالمات الردود التقليدية ولا ولم ولن احاول ان اتذكر ردة الفعل والصور الموجعه التي تجمعت كتلة واحده وانفجرت في داخلي لتهز أركان عوالمي لا ادري إن كنت أجبته او لم أجبه كان صوته قد تلاشي رغم وجود الهاتف في يدي واذني تستقبله كان الوجع هو المسيطر والذكريات المتداخلة من كل أيامي الماضيه تستدعي البراءة والفرحة والابتسامات والجري والتنطيط شكل منازلنا وغرف حجرات بيوتنا الافراح الاعياد الضحكات جميعها يمر سريعا لكن بوجع الفراق والانكسار والانحناء عند لحظة الموت التي حدثت وتكررت في حياتي حبة عنقود أخري من عائلتي سقطت وتساقط دمعتي الاولي كمفتاح لصندوق أحزاني الأسود أفتح بها مرغما نيران ووجع فراق من توارو خلف التراب جدي وجدتي من الام جدي وجدتي من الاب أمي اخوتي وحيدا كنت ووحيدا بقيت . لازالت أضواء المسرح تمر ولازالت مشاهد سيرة حب تتحرك ليقترب دوري أمام الجمهور كانت عيوني تمسك قطرات دموعي المشحونة بسيل احزان تزاحمت في صندوقي الممتلئ بالمفقودين ومفتاح الصندوق المفتوح بيدي المرتعشة يحاول أن يقف أمام نهر البكاء الذي يبحث عن مصب كلي يحتاج الي عدم الترنح يحتاج إلي متنفس صوت العندليب الذي يجسده مالك وحالة النشاط تدب في كل من حولي مستكملين حياة العرض اليومية وفي ركن من اركان الكواليس المظلمه بعيدا عن العيون طرحت جسدي الهزيل علي مقعد وتدليت . صوت النقشبندي عمرو أصلان يغني مولاي اني ببابك قد بسطت يدي . ورغما عني سقطت بعض القطرات لم تعبأ بماكياج الابنودي الذي أجسده فلم تدرك هذه البلهاء كم يعني لي عملي لم تدرك دموعي قيمة ما يفعله يوميا الماكير إسلام عفيفي ليخرج الابنودي بهيئتة التي يصفق لها الجمهور هذه الدموع الملعونة عن أي وجع من الأوجاع تعبر فجميعهم فقدوا حتي من احببت تجسيده فقد عبر عقلي وروحي وقلبي و جسدي المنهك أعيد تجسيده . قدر الإمكان حاولت الإمساك بدموعه بها لكني عجزت أمام الروح الجريح والقلب المفطور يحاول عقلي الإمساك بتلابيب الامور وانا اردد كلمات جاهين ياما عدت أحزان قبلها يينهي النقشبندي أغنيته ويدخل عماد عبد المجيد مجسدا شخصية رشدي مغنيا اوعو تحلوا المراكب متوجها لبليغ الذي يجسده النجم الراقي إيهاب فهمي كانت الزاوية التي جلست بها تكشفه أمامي كان النجم الراقي إيهاب فهمي يتمايل في محلية الفانتازي مع رشدي مجسدا الموسيقار بليغ حمدي في محبسه ، كان العقل يمنحني جهاز إنذاره الباطني بأن مشهد دخولي قد إقترب لم يكن هناك وقت لأبلغ من حولي بالحزن الذي إعتراني وإستبدالي لملمت نفسي وحملت جسدي الهزيل ووقفت خلف الستار ملتقطا حدثت زوجتي ورفيقة دربي عن وفاة خالتي وحبست أنفاسي حرصت الايدفعني الحزن للجهش بالبكاء كانت خطوط الدموع تملأ وجهي ومن تساقطها نالت ملابس الابنودي نصيبها ، شعرت بجسد مديرة الانتاج بالفرقة الغنائية الإستعراضية أمل حبيب يقترب من خلفي لمحتها بطرف عيني وميزت أزمتي صوتها خشية الإنهيار لم أستطيع النظر في وجهها وهي تسألني " مالك " ؟ " كويس مافيش حاجه " هكذا أجبتها وتحركت خطوات بعيدا عنها دون إستئذان وبذكاء شديد إحترمت رغبتي بالابتعاد كانت ضربات القلب المتسارعة تطيح بكل ما هو حولي كنت قريبا جدا من الإغماء او السقوط أو الموت الخيط الوحيد أمامي ضعيف جدا وهو الإمساك بتلابيب الشخصية التي أجسدها مشحونا بالمي ووجعي محاطا بأمواج عملاقة خرجت من صندوق حزني دفعني الابنودي للإمساك بحبل نجاتي والدخول مجددا في عالم سيرة حب من الكالوس الأيسر كان دخولي كما لو أنها المرة الاولي أنطقني الابنودي جملته الاولي واستقبلني بليغ كما لو كان يدرك وجعي أنقذني الوقوف إلي جانب محبسه أمام عيني تجلس اميرة الغناء العربي مروة ناجي تجسد حنة المحامية والنجم الشاب أحمد الدمرداش في شخصية زوجها سعيد الكاتب الصحفي ونجم الاغنية الشعبية شيكوا في شخصية شيكوا والقاضي محمد شافعي والنائب هاني عبد الهادي والحاجب ابراهيم غنام ادركت أن الأبنودي أنقذني ومنحني طوق النجاة لإستكمال الحياة تنفست اجواء شخصية أحببتها وبسببها وجهت الي الدعوه في يوم المسرح للتكريم عن تجسيدها ضحكات الجمهور وتصفيقهم الحار ، لوجه وروح وجسد الابنودي القت بظلالها علي كل شيء وأنحنيت تقديرا للموت وللحياة وسط تصفيق الجمهور و الزملاء الذين لم يدركوا بعد ماكان في التحية استقبلني ليقدمن الفنان القدير النجم مجدي صبحي كان اول صوت يجذبني ثانية جعلني أقف في الفاصل بين الابنودي وناصر سألني بصوته بعد أن قام بتقديم النجمة مروه ناجي للجمهور وهو يقول بصوته الخافت وبخطوة مسروقة " إفرد وشك للجمهور مالك احنا ع الخشبة" ادركت أن خالتي الصغري منذ يومين كانت قد أرسلت صورة والدتي وهي تحتضنني طفلا في عامي الاول . فقدت الام والاخوه والجد والجده وبقيت علي خشبة المسرح وحيدا بوجهي وسط احباب سيرة حب أستقبل التهاني والبعض كان قد انتبه ليعزيني ويزيد في وجعي بعد غلق الستار شكر الله سعيكم