طباعة
sada-elarab.com/744064
يوماً بعد يوم يتضح لأي سائق سيارة أو حافلة أو شاحنة أو حتى دراجة نارية، في البحرين أن الوضع المروري يواجه معضلة غير معروف لها حل جذري حتى الآن.
ولا أعيب هنا على أي جهة لا سمح الله، ولكن يبدو أننا نكافح مرضاً يتوسع في جسم الوطن بأدوية ومضادات حيوية وعلاجات كيماوية وإشعاعات، دون أن نمنع أصل المرض أو نوقف نموه، وستأتي اللحظة التي سيكون من الصعب على البشر في البحرين أن يذهبوا لقضاء حوائجهم أو الذهاب لأعمالهم وتوصيل أبنائهم للمدارس.
فقد أظهرت إحصائيات أخيرة أن البحرين استوردت أكثر من 19 ألف سيارة في النصف الأول من هذا العام 2024، والذي سيغادرنا قريباً، ويتوقع أن يتجاوز العدد الإجمالي للسيارات المستوردة فيه أكثر من 40 ألف سيارة جديدة تركض على أسفلت المملكة محدود المساحة، وتم تسجيل ارتفاع في عدد السيارات المستوردة بنسبة 9%، وتبين أن البحرين استوردت خلال خمس سنوات فقط أكثر من 187 ألف سيارة.
وعلى الرغم من مساوئ فترة كورونا «كوفيد 19» إلا أنها الفترة التي سجلت تراجعاً في أعداد السيارات المستوردة، وانخفضت النسبة المعتادة خلال العام 2020 بما يوازي 28%، لكنها عادت بعد ذلك لطبيعتها التي تأكل الأسفلت مثلما تفعل النار في الأخضر واليابس.
هذه الأرقام المخيفة تهدر جهوداً كبيرة تقوم بها هيئة التخطيط العمراني ووزارة الأشغال وإدارة المرور الذين يحاولون اللحاق بهذا السباق المحموم، دون جدوى، فما أن يتم افتتاح نفق أو كوبري في منطقة، إلا وتنتقل العدوى «الزحمة» إلى المنطقة التي تليها، وأذكر حين تم افتتاح جسر الأمير خليفة بن سلمان في منطقة الحد، كان متنفساً للهاربين من زحمة الطرق الداخلية، لكنه اليوم دخل ضمن نطاق الطرق والشوارع ذات الكثافة المرورية العالية وبات يستغيث من أعداد السيارات التي تتوقف في بدايته ومنتصفه ونهايته.
أعلم أن هناك خططاً لمواجهة مشكلة الازدحامات، إلا أنها مازالت تعالج العَرَض وليس المرض، وأدرك أن هناك محاولات لسن تشريعات تحد من أعداد السيارات الراكضة كل يوم في الشوارع، إلا أنها تبقى مثيرة للجدل في جزء منها، بينما الجزء الآخر يمكن قبوله وتطبيقه.
المشكلة أيضاً لا تقتصر على أعداد السيارات فقط، لأن هناك عوامل أخرى مؤثرة في الازدحامات، ومن أبرزها ساعات الدوام ونهايات الأسابيع، والشوارع التي تؤدي إلى مناطق تجارية وترفيهية، ولقد واجهتني مشكلة عندما حاولت الذهاب إلى معرض البحرين للطيران في يومه الأخير، لأكتشف استحالة الوصول إلى المعرض بسبب آلاف السيارات المتوجهة إليه، رغم أنه في منطقة بعيدة ومفتوحة نسبياً.
نحتاج للتفكير خارج الصندوق، وأن يكون هناك ابتكار ثوري يشتمل على أكثر من قرار ليخرج بمعادلة متوازنة من جميع جوانبها تستطيع حل المشكلة والقضاء على هذا المرض، وللعلم فإن الأفكار كثيرة وموجودة ومطبقة لكنها تحتاج لمزيد من التنقيح والابتكار، ولهذا سنترك الأمر لأهل الابتكار من أبنائنا المبدعين.
* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية