طباعة
sada-elarab.com/132513
مع إعلان البرلمان مؤخرا، موافقة اللجنة العامة بمجلس النواب، على مقترح تعديل بعض مواد الدستور المقدم من خُمس أعضاء مجلس النواب، خرج العديد معترضا على ذلك، رغم أن إعلان تلك التعديلات حق أصيل لمجلس النواب.
نعم حق أصيل للبرلمان طبقا للمادة 226 من الدستور التى تنص على "لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل. وفى جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه".
ومن يرى غير ذلك فعليه إعادة ترتيب أوراقه واختياراته، فعندما يتقدم أكثر من خُمس أعضاء البرلمان بطلب التعديلات الدستورية.. هؤلاء النواب هنا يمثلون الشعب الذى اختارهم، وإن أبديت اعتراضك على ذلك فهذا خطؤك، لأنك اخترت من هو مخالف لرأيك، وإن كان هذا الاحتمال ضعيفا لأننا دائما ما نصوت فى هذه الانتخابات لمن نرى نحن مصالحنا معهم.
اعتدنا عند أى حدث سياسى، وتحديدا مع سماع سيرة التعديلات الدستورية، أن تُنصب الجلسات فى كل مكان من المقهى إلى المنزل والتى بالفعل تشهد خلافًا بين جميع أطراف الحديث ما بين مؤيد ومعارض، وتبدأ الاتهامات من كل طرف للآخر بألفاظ تتعارض مع كوننا نعيش فى مجتمع محترم، لكن أكثر ما يحزننى هو: لماذا كل هذا الجدل الذى لا يجدى وجميعنا- سواء كنا مؤيدين أو معارضين- لنا حق إبداء الرأى بالقبول أو الرفض؟
بطبيعة البشر لن يتفق الجميع على أى شىء وكذلك لن يرفض الجميع نفس الشىء، فكثيرا ما ننادى بالديمقراطية، أى ديمقراطية نريدها ونحن كشعب لا ندركها إذا كانت حواراتنا سواء كنا أصدقاء أو زملاء عمل أو أسرة واحدة نختلف ونتبادل الاتهامات بيننا فى حالة أشبه بالحرب لمجرد أن كل طرف متمسك برأيه ويرى أنه على صواب والطرف المعارض يذهب إلى الجحيم، هل من الطبيعى أن تدار الحوارات المجتمعية والسياسية بهذه الطريقة؟
نعود إلى التعديلات الدستورية، فالدستور الحالى وضع فى مرحلة انتقالية، وكنا نعيش هذه الفترة فى حالة من عدم الاستقرار، ورأينا جميعًا ما شهدته بلادنا من أزمات وأعمال إرهابية خلال تلك الفترة وما زالت حالة الطوارئ تفرض حتى الآن لمواجهتها، فأى دستور يوضع فى مرحلة عدم استقرار يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة.
فعندما نتحدث عن تعديل دستورى فهذا ليس نقدا للدستور، فكل مرحلة تختلف عن السابقة لأنه من صنع البشر الذين يختلف تفكيرهم باختلاف الظروف، وهذا الأمر سائد فى أى دولة إذا طرأت مستجدات تستدعى تعديل الدستور ليتوافق مع موجبات التطوير، أو بمعنى أدق الدستور ليس كتابًا منزلًا من السماء.
لو رجعنا بالذاكرة لسنوات قليلة، نتذكر فى عام 2014، عندما احتشد المصريون أمام اللجان للإعلان عن موافقتهم باكتساح على الدستور الحالى الذى أطاح بدستور الإخوان وانتهاء حكم الجماعة الإرهابية، وتدشين عصر جديد لدولة حقيقية بعد أن كنا نسير فى اتجاه اللادولة، وحاليا بعد موافقة اللجنة العامة لمجلس النواب على طلب بالتعديلات الدستورية، حدثت مفارقة وهى أن من دعا للموافقة على دستور 2014 هم من نادوا بالتعديل الدستورى من أجل المصلحة الوطنية التى أوافق عليها شخصيا، وأن من عارض هذه التعديلات هم أنفسهم من انتقدوا الدستور الحالى عند وضعه لكونهم كانوا ضد ثورة 30 يونيو التى قضت على حكم الجماعة الإرهابية!
إذن الاعتراض هنا من مبدأ الاعتراض فقط ليس إلا، بعيدا عن النظر للمصلحة الوطنية، لذلك أعلنها صراحة أننى مع هذه التعديلات وتحديدا إطالة مدة ولاية رئيس الجمهورية لتكون ست سنوات بدلًا مع أربع فقط، لكون الفترة الحالية ليست كافية لتنفيذ برنامجه واستكمال الحرب على الإرهاب الذى دمّر أوطانًا وشرد شعوبًا، ولا يستطيع أحد إنكار الجهود الكبيرة التى بذلت منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى فى المشروعات القومية والتنموية بمختلف المجالات إلا أعداء هذا الوطن الغالى.