طباعة
sada-elarab.com/114584
لا شك أننا نفتقد الخبرة في التعامل مع الضرائب كونها تجربة وليدة في المجتمعات الخليجية بشكل عام وفي البحرين على وجه الخصوص، وكعادتنا نحاول استقطاب الخبرات الدولية في المجالات الجديدة، ونحاول أن نفاضل ما بينها للوصول إلى أفضل الخدمات بأقل الأسعار مقارنة مع العائد المتوقع من تطبيق تجربة جديدة والتكلفة الإجمالية لتطبيقها.
ولقد طالعتنا الصحف الأسبوع الماضي بخبر عن طرح وزارة المالية مناقصة العطاءات المالية لتوظيف شركة استشارية تقوم بالمهام الرئيسية المتعلقة بالبدء في مشروع إنشاء الجهاز الضريبي، وتشمل المناقصة تقديم الخدمات الاستشارية والقانونية لمراجعة وتحديث مسودة قانون ضريبة القيمة المُضافة وإعداد المذكرة التفسيرية واللائحة التنظيمية الخاصة بها، وأظهرت بيانات الجلسة تنافس 3 شركات استشارية على الفوز بالمناقصة وهي شركة ديلويت والتي تقدمت بأقل عطاء بلغت قيمته نحو 1.1 مليون دينار، ورونالد برجر ميدل إيست 1.7 مليون دينار، وشركة برايس واتر هاوس 4.3 مليون دينار.
ربما أجد في هذه الأرقام إزعاجاً للمواطن الذي أصلا سيقوم بدفع تلك الضريبة ومن بين ما سيدفعه تكلفة الشركات الاستشارية التي تخطط لطريقة طهي المواطن وأكله بأرخص الأسعار، فعندما يعلم أنه سيدفع – على أقل التوقعات – 1.1 مليون دينار لشركة كي تتفضل بتقديم الاستشارات لكي يبدأ بدفع 5% من السلع والمنتجات التي يشتريها فلابد وأنه سيصاب بالانزعاج وربما أمراضاً نفسية وعضوية لا حصر لها.
وإذا ما بدأنا النظام الضريبي في البحرين فلابد أن يكون للمواطن «دافع الضريبة» العلم والاطلاع التام على ما يتم صرفه من عوائدها بصفته الممول وصاحب المال، فتلك الأموال ليست نتاج باطن الأرض ولا ما تصنعه الدولة وتصدره للخارج، بل إنها أموال مباشرة خرجت من جيب المواطن لرفع العائدات الحكومية التي تناقصت في الأعوام الأخيرة بسبب انخفاض في أسعار النفط وكذلك بعض الاسباب الاخرى.
وعلى الرغم من عودة أسعار النفط للتعافي نوعا ما والإعلان عن اكتشاف نفطي هو الأكبر في تاريخ المملكة، إلا أن السير باتجاه فرض المزيد من الأعباء على المواطن مازال متواصلاً ولا يتوقف.
وفي خبر منفصل عن السابق ذكره، توقعت وكالة التصنيف الائتماني العالمية «ستاندرد آند بورز»، أن تحقق البحرين من ضريبة القيمة المضافة عوائد مالية تعادل نحو 1.8 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والمقدرة في 2019 بنحو 15 مليار دينار ما يعني أن عوائد الضريبة ستصل إلى نحو 270 مليون دينار سنوياً، وعند المقارنة بين تكلفة المؤسسة الاستشارية والعوائد، فأعتقد أنها ستكون مبررة نوعا ما.
ألم يكن الأجدى بوسائل الإعلام الرسمية أن تقوم بإصدار بيان يوضح هذه الأرقام والعوائد منها بدلا من نشر معلومات تعتبر في العرف الإعلامي «منقوصة» وفي العرف المجتمعي «مستفزة» فتوضح للمواطن أن التكلفة المليونية للمؤسسة الاستشارية لا تمثل سوى 4, % من العوائد السنوية للضريبة، وأن يوضح البيان كيف يمكن للمواطن معرفة أوجه صرف الضريبة وكيفية الاطلاع على بنود الميزانية بشكل مبسط وبند الضرائب الجديد.
المهمة ليست كبيرة ولا تحتاج لمجهود ولكن الفكرة من نشر الخبر والهدف منه يجب أن يتم بحثه بعناية قبل الكشف عن الأرقام دون دلالاتها وما المستفاد من عوائد صرفها، والاستئناس بآراء الخبراء الوطنيين المتخصصين والموثوقين لدى المواطن، لكي يتم طرح القضية بصورة ترضي الشارع ولا تستفزه، فللأرقام دلالات كثيرة ويجب الحذر من ردود الأفعال على نشرها وقياس التوقعات الخاصة بالشارع، وبالذات في موضوعات السحب من جيب المواطن.
رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون ورئيس منظمة الوحدة العربية الأفريقية لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب