أبناؤنا عندما تتاح لهم الفرص لنيل العلم والمعرفة لا يتأخرون عن هذا الركب الذي تتسابق الأمم والشعوب لنيل شرف الوصول إليه.
وأن تختار موضوعاً علمياً بدأ الحديث عنه متعاظماً يوماً عن يوم فهو غاية الهدف والمقصد ولا يقدم عليه إلا من أراد أن يكون مميزاً.
والحمد لله أن الظروف المهيأة لأبنائنا من الجهات التي يعملون فيها، والتي تؤمن بأن البحث عن مضان العلوم والمعارف لا يقف عند مكان ما بعينه أو بلد بذاته إذ أن السعي الحثيث لاكتشاف منابع المعرفة، والاهتداء إلى البلدان التي ترحب بالوافدين من الدول العربية الشقيقة لنيل المعرفة، فقد كانت ولازالت قوة دفاع البحرين من مؤسساتنا الوطنية التي ترحب بأي جهد من الأفراد المنتسبين
إليها مهما كانت رتبهم وتخصصاتهم في تحقيق رغباتهم العلمية وتذليل السُبل والوسائل التي تتيح لهم الإنخراط في المعاهد والجامعات العلمية والتي توفر سُبل الحصول على أعلى الشهادات وكانت جمهورية مصر العربية ولازالت بمعاهدها العسكرية المتخصصة ترحب بأبناء العروبة، والدول الصديقة للدراسة ونيل الدرجات العلمية المعروفة كالماجستير والدكتوراة، والدورات المتخصصة في مختلف العلوم العسكرية، والدورات المؤهلة للمناصب العسكرية المختلفة العليا ومن بينها القادة والأركان.
ونحن اليوم نتكلم عن مواطن بحريني طموح من المنتسبين لقوة دفاع البحرين هو المقدم مهندس متعب خميس الربيعة التميمي قدم أول دراسة دكتوراة بحرينية في مجال علوم الفضاء فحصل عن جدارة على درجة الدكتوراة في الهندسة الميكانيكية في تخصص علوم الفضاء من الكلية الفنية العسكرية بجمهورية مصر العربية عن الرسالة التي قدمها بعنوان «تطوير محرك متكامل لدعم المهام الفضائية المختلفة، ولكون التخصص عالمي النشأة فقد أُعدت الدراسة باللغة الإنجليزية بعنوان:» Development of an integrated Rocket Engine Supporting Space Missions « وكان سعادة الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة سفير مملكة البحرين لدى جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية وعميد السلك الدبلوماسي العربي بالقاهرة حاضراً في المناقشة وقد وجه سعادته الدعوة لحضور مناقشة رسالة الدكتوراة للبحرينيين المتواجدين بالقاهرة وزملائهم، شعوراً من سعادته بالواجب الوطني ووقوفه المًشرف مع جميع أبنائه الطلبة الدارسين بجمهورية مصر العربية في مختلف الجامعات والكليات والمعاهد المتخصصة ومع الجهد الكبير الذي تبذله مشكورة الأستاذة خلود مطر المستشار الثقافي بالملحقية الثقافية البحرينية بالقاهرة.
والدراسة التي تناولها المقدم مهندس متعب خميس الربيعة التميمي تتكلم عن أهمية إستخدام المحرك المتكامل لدعم المهام الفضائية وهذا النوع من المحركات يستخدم في مركبات الإطلاق الفضائي وفي عمليات التصحيح المداري الخاصة بتطبيقات الأقمار الصناعية.
ولكون الدراسة من الدراسات العسكرية التي تكتسب أهمية بالغة في هذا العصر، عصر التكنولوجيا والفضاء، فقد شُكلت لجنة للمناقشة من خيرة الأساتذة والعلماء المتخصصين من مصر وهم الأستاذ الدكتور محمد الشهير صادق من الجامعة البريطانية رئيساً وفاحصاً، والأستاذ الدكتور أبو بكر محمد الهادي مدير مشروع القمر الصناعي المصري Nex Sat في برنامج الفضاء المصري فاحصاً، والأستاذ الدكتور أحمد السيد عبدالغفار مقلد نائب مدير مركز تكنولوجيا الفضاء مشرفاً.
وقد لمست شخصياً تقديراً من هؤلاء الأساتذة للطالب البحريني الذي قدم مثل هذه الدراسة، وكانوا سعداء بأن يقوم طالب من مملكة البحرين للتصدي لمثل هذا المجال فلم يبخلوا عليه بالمشورة العلمية والتوجيه المعهود في مثل هؤلاء العلماء العرب والمصريين الذين نفخر بعطائهم، كما أن الكلية الفنية العسكرية والقائمين عليها كانوا سعداء بأن تخرج مثل هذه الدراسة من الكلية التي أسهمت كثيراً في تخريج طلبة بحرينيين من مختلف التخصصات فلم يضنوا بشيء يحقق لهذه الدراسة أهدافها ومراميها.
إننا كأمة عربية نفخر بإنجازات شبابنا كما يجب أن نفخر ونُشيد بالمعاهد والجامعات والكليات المتخصصة والتي تبذل الجهد المُقدر لتغيير الصورة النمطية عن جامعاتنا ولابد لنا من تشجيع الجامعات التي تريد أن تثبت وجودها ضمن الجامعات العريقة والتي تنال التصنيف العلمي المطلوب، فما أحوجنا لدعم جامعاتنا وتقديم كل الإمكانيات لتكون شواهد على ما تزخر به بلادنا العربية من قدرات وطاقات إبداعية وعلمية لا يستهان بها فمن خلالهم تقاس معايير التقدم والرُقي للبلدان.
كان العرب قديماً يفخرون بميلاد شاعر بينهم وفي قبيلتهم، فينزلونه المكانة التي تليق به فكانوا يفاخرون به، لأنه كان أيضاً يُفاخر بهم وينافح عنهم ويذود بالكلمة والقول البليغ عنهم وعن إنجازاتهم ومفاخرهم، ونحن اليوم من حقنا ومن مسؤولياتنا أن نفاخر بأبنائنا الذين ينالون أعلى الدرجات العلمية عن كفاءة واقتدار، وأن نُشيد بجهد علمائنا ومفكرينا فهم فخر الأمة وعنوان إنجازاتها، لقد لمسنا مواطنين عرب درسوا في الخارج وفي أوطاننا فاستحقوا المنزلة والمكانة العلمية اللائقة بهم وبجهودهم ومثابرتهم، السابقون كثر والحاليون أيضاً يبذلون الكثير من أجل تحقيق الإنجاز، والمستقبل ينتظر أبناءنا الطموحين الراغبين في المزيد من العلم والمعرفة..
إن علوم الفضاء التي اهتم بها الغربيون وجدنا أنه بدأ الاهتمام بهذا العلم عند الهنود والصينيين وبدأوا في اقتحام هذا المجال بالتخطيط والدراسة والاستفادة من الآخرين، وبلداننا العربية بدأ الاهتمام بهذا العلم عند بعض البلدان والأمل أن يتنوع هذا الاهتمام ويزداد وأن توجه الجهود لاقتحام ما كان يوصف يوماً ولايزال بالعالم الذي لم نكتشف أسراره بعد..
المقدم مهندس متعب خميس الربيعة التميمي نموذج من شبابنا الطامحين لتطوير قدراتهم ومواهبهم واهتمامهم وأمثاله من بني أمتنا كثر، والأمر فقط يتطلب منا أن نأخذ بأيديهم ونشجعهم ونؤازرهم ونضع الإمكانيات تحت أيديهم، فبالصبر والمثابرة والجد والاجتهاد ننال ما نصبو إليه وما نأمله في شبابنا بأن يكونوا مشاعل خير وضياء ورسل إشعاع فكري وتنوير حضاري، فنحن بحاجة إلى كل جهد يبذل ومسعى خير لنا وللإنسانية جمعاء.
وعلى الخير والمحبة نلتقي