طباعة
sada-elarab.com/84548
العام 1968م هو تاريخ إنشاء الحرس الوطني في البحرين، وهو العام الذي كُنت في الثالث الثانوي «التوجيهي» فاستبشرنا نحن أبناء البحرين بميلاد الحرس الوطني وكان زملاء الدراسة وأصدقائي، وزملاء الباص الخشبي الذي يقلنا من البديع إلى المدرسة الثانوية بالمنامة يتحدثون عن أمنيتهم بالانضمام إلى الحرس الوطني بعد التخرج وكان لهم ما أرادوا، أما أنا فقد نويت إكمال دراستي، رغم إلحاح الوالد يرحمه الله بضرورة انضمامي للحرس الوطني بعد التخرج من الثانوية العامة أسوة بزملائي، وكنت أقول لوالدي: «كلها خدمة وطن مهما اختلفت تخصصاتنا وأعمالنا».
ومضت الأيام وافتخرت بزملائي الذين التحقوا بقوة دفاع البحرين التي أصبحت تحمل هذا المُسمى فيما بعد، كما افتخرت بالتحاق عمي سلمان، وعمي صالح بقوة الدفاع كجنود يخدمون الوطن... وتشاء الصُدف أن يأتي زملاء الدراسة الثانوية إلى دولة الكويت للدراسة المتقدمة في العلوم العسكرية، وكُنا نلتقي بهم في السكن الداخلي بالشويخ في عطلة الأسبوع واعتز بانتمائهم لقوة دفاع البحرين الحصن الحصين في الدفاع عن الوطن، وكنت أقرأ على محياهم ذلك الفرح والشعور بالاعتزاز والفخر بانتمائهم لقوة دفاع البحرين، وتشاء أيضاً الصُدف فيما بعد بأن يأتي فريق كرة القدم لقوة دفاع البحرين للعب في دولة الكويت ببطولة عسكرية، وإذا بزملائي يدعونني لحضور هذه المباريات، واعتبروني واحداً منهم، ولكن بلباس مدني وعرفوني كيف أؤدي التحية العسكرية عندما التقي بالضباط، وعشت معهم أيام البطولة وأنا فخور بإنجازهم وانتمائهم وبالزي العسكري الذي يرتدونه.
تواصلت صلتي بعد التخرج بزملائي العسكريين من قوة دفاع البحرين، وكُنت أتابع ترقياتهم واهتمامهم بتدريب من يلتحقون بقوة الدفاع في أفواج تأتي من مختلف مراحل التعليم، وحصولهم على التدريب المتقدم وبابتعاثهم في دورات متقدمة إلى مختلف البلدان العربية والأجنبية، فقوة الدفاع وقيادتها كانت تحرص أشد الحرص على الدراسة والتخصص في العلوم العسكرية إلى درجات متقدمة، كالبكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وكنت في مناسبة وتشرفت بمقابلة معالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين وذكرت له اعتزازي وإكباري باهتمام القوة بإرسال منتسبيها لنيل أعلى الدرجات، الماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات العسكرية فقال «إنها سياسة نتبعها منذ إنشاء القوة بتوجيه كريم من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين القائد الأعلى حفظه الله ورعاه في تأهيل أبنائه العسكريين وحصولهم على أعلى الدرجات العلمية والتخصصات النادرة».
وبالفعل كان لي شرف حضور مناقشات هؤلاء الطلبة العسكريين في كلية القادة والأركان وكلية العلوم البحرية، والكلية الفنية العسكرية في جمهورية مصر العربية، وكنت أشهد الإشادات التي يُبديها المناقشون لدراستهم وتخصصهم، كما يبدون تقديرهم لشخصياتهم والتزامهم وسلوكهم وأخلاقهم وحرصهم على طلب العلم والمعرفة بتواضع العلماء.
وهذه الروح التي لمسناها ولمسها غيرنا في أبنائنا المنتسبين لقوة دفاع البحرين تشعرنا بالفخر والاعتزاز والتقدير الجم لهم ولقيادتهم والعاملين على نجاحهم وتفوقهم.
قوة دفاع البحرين الباسلة في عيدها الخمسين عاماً من الفداء والعطاء ضربت أروع الأمثلة في نجاح وتفوق مؤسساتنا الوطنية في مملكة البحرين، فهي أسست على أركان ثابتة ومفاهيم علمية راسخة ومتابعة لصيقة بكل تطورات العلوم العسكرية.
كان لقوة دفاع البحرين إسهامها المشرف في الدفاع عن الوطن والذود عنه وإعلاء شأنه ومكانته، كما كانت لها إسهاماتها في المشاركة مع أشقائها في الدفاع عن أوطاننا وخليجنا العربي وضربت أروع المثل في الفداء والتضحية في سبيل نصرة الحق وتثبيت الشرعية والمحافظة على الأمن والاستقرار الإقليمي، وقدمت شهداء الوطن للواجب الوطني والإقليمي وهم عند الله من الأخيار والأبرار.
احتفلت البحرين كلها مدنها وقراها بإنجازات قوة دفاع البحرين في عيدها الذهبي وارتفعت الأكف إلى الباري عز وجل أن يحفظ مملكة البحرين وقيادتها من كل سوء ومكروه وأن يُديم الله علينا الأمن والأمان والاستقرار بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المُفدى القائد الأعلى حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء حفظه الله ورعاه، والتهنئة الخالصة لابن الوطن البار معالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين وإسهامه المشرف في تطوير قوة دفاع البحرين ولكافة ضباط ومنتسبي قوة دفاع البحرين بعيدهم الذهبي بمرور الخمسين عاماً على إنشاء قوة دفاع البحرين.
ولا غرو في أن تشدو حناجر الفنانين بالأغاني والأناشيد الوطنية التي قيلت بمناسبة العيد الخمسين لقوة دفاع البحرين ومن بينهم الفنان الغنائي ارحمه محمد الذوادي الذي شدت حنجرته بتكليف كريم من قيادة قوة دفاع البحرين بأغنيتين الأولى بعنوان «نشيد القائد الأعلى»، وهي من تأليف الشاعر حسن إسماعيل وألحان طارق الجودر وأداء أرحمه محمد الذوادي وتوزيع الموسيقار ماجد عرابي ومن إنتاج مديرية الإعلام والتوجيه المعنوي بقوة دفاع البحرين.
إذ تقول الكلمات:
حياك هذا الجيش والعلياء
والكوكب الدري والجوزاء
ومدرعات الحرب في ساحتها
والمجد والأبطال والأصداء
طورت جيشك بالسلاح وبالهنى
فبدا على هام الجنود إيباء
دعمتهم نظمتهم في جحفل
فاستسلمت في عزمك العلياء
والجيش يقوا بالشجاعة والفداء
بقيادة شهدت لها الحكماء
إلى أن تقول الأغنية النشيدة:
آل خليفة آل عز راسخ
عرفت بين الآباء والأبناء
في هامة التاريخ سطر مجدهم
وسعوا على هام الخلود وجاء
حمد أراك على القيادة
لا يستهين بجيشك الأعداء
أمل العروبة يا ابن عيسى هاهنا
بك البطولة والعلا الوضاء
حياك هذا الجيش والعلياء
والكوكب الدري والجوزاء
أما الأغنية الثانية فكانت من تأليف الشاعر يحيى درويش الذوادي وألحان طارق الجودر وتوزيع الموسيقار ماجد عرابي بعنوان «نشيد الأوفياء» من أداء الفنان أرحمه محمد الذوادي ومن إنتاج مديرية الإعلام والتوجيه المعنوي بقوة دفاع البحرين وتقول كلماتها:
على هامة المجد كان الجدودا
ونحن على آثرهم سائرينا
لنا في النوازل عزم أكيد
ولن نقبل الذل مهما حيينا
إذا مسنا الضيم كنا أسوداً
ندافع عن أرضنا والعرينا
صنعنا من الروح درعاً فريداً
به ندحر الظلم والظالمينا
إلى أن تقول الأغنية:
لأجلك بحرين نوفي العهودا
ويربطنا الحب بالحاكمينا
ونحن مع الشعب عشق وطيد
شعاراً حفظناه طول السنينا
تظل قوة دفاع البحرين رمزاً من رموز التضحية من أجل هذا الوطن وسيظل رجالها عند المسؤولية المناطة بهم، فهنيئاً لهم ولنا الاحتفال باليوبيل الذهبي.
وعلى الخير والمحبة نلتقي