طباعة
sada-elarab.com/742219
كانت مدرسة الغربية الإعدادية بالمنامة - أبو بكر الصديق حاليًا - رحلتنا الثانية المدرسية بعد مدرسة البديع الابتدائية للبنين، وكانت تجربة جديدة بالنسبة لنا نحن أبناء القرى، فقد التقينا بطلبة مدينة المنامة بكل تجاربهم ومختلف عائلاتهم، بالإضافة إلى المدرسين البحرينيين خريجي الجامعات المتعددة والمدرسين من أبناء وطننا العربي، بالإضافة إلى المدير الأستاذ عدنان شيخو المربي الفاضل يساعده كوكبه من البحرينيين الأساتذة المؤهلين ومن بينهم الأستاذ الفاضل عبدالله بن عبدالعزيز الذوادي سكرتير المدرسة الله يعطيه الصحة والعافية.
كان الصف الإعدادي الأول تجربة تربوية جديدة بالنسبة لي، وكان التعرف على الطلبة ومستواهم التعليمي يبعث الفضول في النفس فعليك أن تجاريهم وتستفيد من خبراتهم، وكان الأساتذة الذين التحقوا بالتدريس في هذه المدرسة من الخبرات والتجارب التعليمية وكل في مجال تخصصه.
كانت المرحلة الإعدادية هي الوسطى بين الابتدائي والثانوي، وكان علينا أن نعبر هذه المرحلة ونحن واثقون من أنفسنا لأن المرحلة الثانوية بالمنامة كانت الفصل بين الأدبي والعلمي والاختيار ليس مقصورًا علينا، فإن ما نحصل عليه من درجات واهتمامات يقرر مصيرنا، بالإضافة إلى بعض أولياء الأمور الذين على اطلاع بمجريات التعليم وما أقلهم.
كان النشاط الرياضي في المرحلة الإعدادية على الأقل في مدرستنا معدومًا، فحصة الرياضة لم ننخرط فيها بالشكل المطلوب على عكس المرحلة الثانوية التي وجد فيها مدرسون للرياضة متخصصون أو من خريجي الرياضة من جامعتنا العربية ومن بينهم الأستاذ المرحوم جاسم أمين الذي أبى أن تكون كرة السلة موسمية في شهر رمضان، وكان يصفها بأنها مثل «أكلة الهريس» التي لا تقدم إلا في رمضان ضمن أطباق مائدة الإفطار، فجزاه الله خيرًا غرس في نفوس طلبتنا حب كرة السلة، بالإضافة إلى العشق الدائم لكرة القدم والألعاب الأخرى.
كان علينا أن نتعرف على المحيط الذي كانت المدرسة الغربية تقع فيه وكانت أحيانًا فرصة أن نغادر باكرًا تجعلنا نمشي إلى سوق المنامة على الأقدام ونتعرف على المحلات التجارية ومرافق مدينة المنامة المتعددة، ولأول مرة نلتقى بما نطلب من حاجيات، خصوصًا عندما تتأخر الحافلات التي كانت تقلنا من المدرسة إلى قرانا أو عندما تضطرنا الظروف لمغادرة المدرسة باكرًا.
عندما ألتقي اليوم بأصدقاء الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية أشعر أنني ما زلت في الخمسينيات أو الستينيات من ذلك الزمان الذي نشعر بالحميمية والصداقة الحقة وتبادل الخبرات والتجارب والاستفادة من الطلبة المتفوقين والذين يملكون مواهب متعددة، فقد كانت حصة الرسم التي يقوم على تدريسها الأستاذ المرحوم عبدالعزيز زباري والأستاذ المرحوم ناصر اليوسف والأستاذ المرحوم إسحاق خنجي، بالإضافة إلى المرحوم أحمد السني، تخرج عن الإطار المعتاد كمادة إضافية إلى فهم آخر لها كمادة للإبداع والتميز وكان من بين الطلاب من يملك موهبة الرسم كالمرحوم أحمد باقر الذي تزاملت معه في الصف الأول ثانوي وكان مميزًا منذ نعومة أظفاره حتى تخصص في الفنون بجامعة السربون بفرنسا.
عندما أمر اليوم بالمدرسة الغربية يأخذني شريط الذكريات إلى أيام كنا نشعر فيها بالأسرة الواحدة، والصداقات الحقة وتبادل العلم والمعرفة، وأترحم على الطلبة الذين رحلوا عنا باكرًا وأولئك الذين أسهموا في بناء المجتمع وكانت لهم أدوار في النهضة التعليمية والحضارية في مملكة البحرين وتركوا بصمات واضحة، كما تمر بخاطري الكوكبة من المدرسين الأكفاء الذين لم يبخلوا بعلمهم ومعارفهم على الطلبة ولو كان ذلك خارج المنهج الدراسي، فقد آمنوا بأن «العلم في الصغر كالنقش في الحجر»، فنقلوا تجاربهم ومعارفهم إلى الطلبة، وأحسب أن جيلي من الطلبة لازالوا يذكرون تلك المواقف الإنسانية التي كنا نسعد بانتمائنا إلى مراحلنا التعليمية، ونشعر بأننا مدينون لأساتذتنا وطلبتنا زملاء مقاعد الدراسة، وكنا نأخذ بيد أصدقائنا فقد كنا مزيجًا من التجارب والمعارف وكنا لا نبخل بالمعلومات والمعارف حتى إذا ما التحقنا بالوظائف الحكومية والخاصة.
كانت مرحلة الدراسة طريقًا للتفاهم مع بعضنا بعضًا ومساعدة بعضنا بعضًا من أجل خير الوطن والمواطنين... ستظل مراحل الدراسة عالقة في الذهن والوجدان وسنظل مدينين لقيادتنا وحكومتنا وشعبنا في غرس روح الإيثار والمودة بيننا لخير الوطن والمواطنين.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..