طباعة
sada-elarab.com/734524
قبل عصر مواقع التواصل الإجتماعى كان كل بيت له باب مغلق على ما فيه من أسرار الأسرة التى تسكنه ، لا يمكنك عزيزى القارئ كعابر سبيل مار بالشارع أن تعلم ماذا يوجد خلف هذا الباب المغلق ، ولكى تعرف ماذا طبخت هذه الأسرة على الغذاء أو ماذا فعل الإبن الأصغر بمدرسته اليوم كان لابد وأن تكون قريب جداً من هذه الأسرة أو جار يسمحون له بالدخول والسؤال ، أما اليوم وفى عصر مواقع التواصل الإجتماعى أصبحت بعض البيوت مفتوحة على مصراعيها أمام الغرباء !! ، فبضغطة زر تستطيع أن ترى ماذا طبخت فلانة اليوم وماذا فعل ابنها الأصغر بمقابلة المدرسة ، وأين قضت هذه الأسرة عطلتها الأسبوعية .
وليت الأمر توقف عند هذا الحد عزيزى القارئ بل تمادى البعض حتى أصبح لا يجد غضاضة فى عرض أكثر أسرار أسرته وأشدها حساسية على الملأ مسجلة صوت وصورة ؛ حتى أن أحد الأزواج بدون ذكر أسماء عرض فيديو سجلته كاميرات المراقبة داخل منزله لمشاجرة بين زوجته وأمه وحماته ، مجموعة من النساء اللاتى لديهن حُرمة ويمثلون شرفه وعرضه ؛ وبدلاً من أن يحل مشاكلهم داخل باب البيت الذى كان يجب أن يكون له الحماية فضحهن على الملأ وكشف سترهن وعماه الإنتقام من زوجته عن أن يستر عرضه أو أمه التى ظهرت مكشوفة الرأس بالفيديو وهى بالأصل محجبة .
مشكلة ككل المشاكل التى تحدث بما يسمى ب " بيت العيلة " ويحدث أفظع منها أيضاً خلف الأبواب المغلقة ولكن علم بها القاصى والدانى لأن صاحب المشكلة تصور أن الفضيحة والترند هما السبيل لإظهاره بمظهر الإبن البار ، حتى فوجىء بمجموعة من المخالفات القانونية التى ارتكبها بعد عرضه للفيديو فتراجع وتصالح مع زوجته التى سبق وفضحها وحبسها ؛ ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا هو " ماذا فجرت هذه المشكلة ؟" الإجابة ؛ مشكلتان عظيمتان ؛ أولهم الكارثة المسماة ب" بيت العيلة " ، وثانيهم رغبة البعض المحمومة فى تصدر " الترند" على مواقع التواصل الإجتماعى ولو على حساب حياتهم الشخصية وأعراضهم .
دعنا عزيزى القارئ نتحدث أولاً عن كارثة " بيت العيلة " ؛ آفة وابتلاء ابتلت بها القرى فى معظم المحافظات !! ، فمنذ عقود وإلى الآن تجد بعد العائلات بدلاً من أن تطلق سراح أبنائها الذكور بعدما يصبحون شباب فى سن الزواج يقومون بالإصرار على سكن الأولاد بعد زواجهم بنفس المنزل ، لدرجة أن البعض منهم تعدى على الأراضى الزراعية لبناء تلك البيوت ،والبعض منهم خالف العديد من القوانين ليس فقط بالتعدى على الأراضى الزراعية ولكن أيضاً بالبناء بدون ترخيص وزيادة عدد الأدوار المخالفة ...إلخ .
وكل تلك المخالفات لتوهم الآباء بأنهم بذلك يكونون "عزوة" ، والحقيقة أن خلف أبواب تلك البيوت أو بعضها حتى لا نعمم كوارث وجرائم وقصص بشعة ترويها النساء أو بمعنى أصح الزوجات تعيسات الحظ التى وافق أهاليهم على تزويج بناتهن فيما يسمى " بيت العيلة "، مشكلة الشجار التى تصدرت مواقع التواصل الإجتماعى لأيام فجرت العديد من القصص الأكثر بشاعة حكى فيها العديد من الزوجات الأهوال التى لاقوها مع أهل الزوج وتدخلاتهم فى حياة الأبناء وزوجاتهن تدخل سافر وصل إلى أدق الأسرار المحرم معرفتها عنهم ؛ وصلت إلى سيطرة الآباء الكاملة على حياة الأبناء الزوجية ، وبعض القصص عزيزى القارئ لا أستطيع أن أرويها لما فيها من خدش للحياء ومخالفة صريحة لكل التعاليم الدينية والأخلاقية ؛ الأشياء الوحيدة التى أستطيع ذكرها أمثلة مثل التفنن فى التحكم بالزوجة والقيام بتجويعها ومعايرتها بقيامهم بالإنفاق عليها أو بعدم الخلفة وتعريضها للإهانة وإذلالها وإخبارها أنها مجرد خادمة لأهل البيت !!.
من أسوأ مساوئ بيت العيلة هو معايرة السلايف لبعضهم البعض بعدد الأولاد ! ، فيقومون بعمل سباق بمن ستنجب عدد أكبر من الأولاد ضاربين كل المجهود والأموال التى تنفقها الدولة لتنظيم الأسرة بعرض الحائط !! ؛ فبيوت العيلة حرفياً مسبب رئيسى للإنفجار السكانى وللتعدى على الأراضى الزراعية ولابد من وقفة فعلية أمام هذه النكبة الموجودة منذ سنين وسنين ومازالت مستمرة .
لابد من توعية حقيقية لسكان القرى توعية دينية تعلمهم أن الدين به تعاليم مهمة كثيرة بجانب الأركان الخمسة ؛ يجب أن ننمى النخوة منذ الصغر بأبناء القرى وليتعلموا الفرق الحقيقى بين الحلال والحرام وأنه يجب أن يكون هناك استقلال حقيقى للأبناء بعد الزواج ، لماذا يجب على الإبن أن يلتصق بوالديه بعد الزواج ؟! ، يجب عليهم أن يتركوا الأولاد ليكوّنوا أسرهم بمجهودهم دون تدخل من الآباء فى حياتهم وليتزاور الجميع فى عطلة نهاية الأسبوع أو يومياً حتى ولكن لا يجب أن يعيثوا داخل الغرف الخاصة .
الحيوانات مثل العصافير بعد تعلم الصغار الطيران يتركون الأعشاش ويحلقون بعيداً مستقلين عن الآباء ، الأسود تعلم أشبالها الصيد وتتركها لتستقل بنفسها ؛ الإستقلال سُنة الحياة فلماذا يصر البعض على التصرف بأنانية مع الأبناء بدلاً من أن يمنحوهم الحياة بإستقلال وسعادة يقومون بتصعيب حياتهم وجعلها جحيم ! .
أما عن إشاعة الحياة الخاصة على مواقع التواصل الإجتماعى لتصدر "الترند" فلن أقول سوى " البيوت أسرار يا أصحاب النخوة والمروءة " .