طباعة
sada-elarab.com/734046
الثانوية العامة، تلك المرحلة الحاسمة التي تحدد مستقبل الكثيرمن الطلاب، أصبحت في الآونة الأخيرة محط تساؤلات وشكوك حول نزاهتها وصدق نتائجها، فقد تزايدت حالات الغش بشكل لافت للنظر، حتى بات هذا السلوك ظاهرة قد تهدد أسس التعليم وقيمه الأساسية.
لم يعد الغش مجرد محاولات فردية يقوم بها طلاب ضعاف التحصيل، بل أصبح جزءا من منظومة معقدة تشمل أطرافاً متعددة، من الطلاب وأولياء الأمور وصولاً إلى بعض المسؤولين عن العملية التعليمية، تقنيات الغش تطورت لتشمل استخدام الهواتف الذكية، وسائل الاتصال الحديثة، وحتى الاستعانة بأشخاص آخرين لأداء الامتحانات بدلًا من الطلاب الأصليين.
هذه "الإبداعات" في الغش، بدلاً من أن تكون مصدراً للخجل، أصبحت في بعض الأحيان مفخرة يتباهى بها البعض، هذا التوجه يعكس أزمة أخلاقية ومجتمعية خطيرة، حيث تحولت قيم التعليم من السعي لتحقيق المعرفة والمهارات إلى مجرد الحصول على شهادة بأي ثمن.
في هذا السياق، يبرز دور أولياء الأمور كعامل مهم، فبدلاً من تشجيع أبنائهم على الاجتهاد والتفاني، نجد البعض منهم يدعم ويشجع على الغش بطرق مباشرة أو غير مباشرة، قد تكون النية هي توفير مستقبل أفضل لأبنائهم، لكن الثمن المدفوع من حيث النزاهة والقيم الأخلاقية باهظ للغاية، فكيف يمكن أن نأمل في بناء جيل واعٍ وقادر على مواجهة التحديات إذا كان النجاح ملوثًا بطرق غير شريفة؟ وكيف يمكن أن نثق في خريجين حصلوا على شهاداتهم بالغش؟
وكيف يمكن أن نضمن كفاءة الأطباء، المهندسين، والمعلمين الذين لم يلتزموا بأخلاقيات التعليم؟
في الختام، التعليم ليس مجرد تحصيل درجات وشهادات، بل هو عملية تكوين شخصيات واعية ،قادرة على مواجهة تحديات الحياة بنزاهة واستقامة، إذا لم نعمل جميعاً على حماية هذا الهدف، فإننا نترك جيل المستقبل يواجه مصيرا مجهولاً مليئا بالخيبات والغش والخداع، لنعد إلى الأساسيات، ولنسترجع معنى التعليم الحقيقي.