عربي وعالمي
مجمع الفقه الإسلامي الدولي:صمود الأمة أمام كل التحديات الأخلاقية من صنوف المآسى
الإثنين 29/يوليو/2024 - 01:16 م
طباعة
sada-elarab.com/733038
قال الدكتور قطب سانو، الأمين العام لـ مجمع الفقه الإسلامي الدولي: "من بوابة الحرمين الشريفين، أنقل إليكم تحيات حسين طه إبراهيم، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، وتحيات الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، رئيس المجمع، وتحيات علماء الأمة، ومفكريها أعضاء المجمع وخبرائه ومنسوبيه، حيث منظمة التعاون الإسلامى، من مدينة جدَّة المحروسة بالمملكة العربية السعودية".
وأضاف فى كلمة ألقاها نيابةً عن الأمين العام لـ منظمة التعاون الإسلامي، أن دار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم يقدمان خدمات مثلى، وعطاءات كبرى توجيهًا وتسديدًا وترشيدًا للموقعين عن رب العالمين، عسى الله أن يزيدهم توفيقًا ورشادًا وسدادًا، مشيرًا إلى أن المؤتمر ينعقد فى الوقت الذى يشهد فيه العالم تطورات مذهلة فى الفكر والسلوك، وتغيرات متلاحقةً فى المفاهيم والمنطلقات، وتقلبات متصاعدة فى المواقف والموازين، وتحديات محيرة فى عالم القيم والأفكار والمبادئ، وفوق كل ذلك، فإنَّه يعانى صراعًا متقدًا بين الحق والباطل، وبين النور والظلام، وبين الرحمة والقسوة، وبين العدل والجور، مما أدى إلى نشوب حروب جهنمية وصراعات دموية فى أرجائه لا تفتأ تحصد أرواح الأبرياء من النساء والولدان والشيبان، وتقضى على الثمرات والممتلكات، وتطال جهارًا نهارًا القيم والمبادئ.. ولقد أحسنتم صنعًا فى اختياركم عنوان هذا المؤتمر إبرازًا لذلك الدور المرتجى للبناء الأخلاقى فى كفكفة تلك الأهوال المفجعة، ولملمة تلك الظروف المفزعة من خلال فتاوى صادقة جامعة واعية منبثقة عن تمسك شديد بالمنظومة الأخلاقية، والبناء الأخلاقي.
وتابع: "أن صمود الأمة الإسلامية اليوم شعوبًا ومجتمعات ودولًا أمام كل ما سبق ذكره أعلاه من صنوف المآسى والكوارث يكون بالتفاف أبنائها حول أمِّ القِيم، وعماد التقدم، وأساس التحضر، إنها قيمة الأخلاق، أكرم بها قيمةً، وأعظم بها أساسًا للتطور والنهضة والرقي.. فهذه القيمة هى النور الذى يُستضاء به فى ظلمات الظلم والقهر والجور والطغيان والبغى، وهى الشعاع الذى يستنار به فى خضمِّ الفتن والمحن والابتلاءات والإكراهات، وهى البلسم الذى يستشفى به عند تكاثر الأوجاع وتعاظم الأدواء، وهى الملاذ الآمن من الإلحاد، والجحود، والتيه والهوان الحضارى، إنها فوق كل ذلك سبب الانتصارات، ومفتاح الإنجازات، وأساس الإبداعات، والاختراعات، والمنقذ من الأوهام والخرافات".
واستطرد قائلًا: "اسألوا التاريخ، والتاريخ خير شاهد، أن ديننا الحنيف لم ينتشر بسيف ولا برصاص بل بهذه القيمة الفذة العظيمة التى جعلت الناس فى مشارق الأرض ومغاربها يدخلون فى دين الله أفواجًا، اسألوا التاريخ والتاريخ خير شاهد أن الحضارة التى سعدت البشرية فى ظلها ذات يوم، وانتشر التسامح والتعاون والتضامن والتآزر فى أرجائها كانت حضارة انبثقت وقامت على هذه القيمة، قيمة الأخلاق".
وتابع: "اسألوا التاريخ والتاريخ خير شاهد أن الحضارات التى قامت ثم انهارت، وظهرت ثم أفلت كان سبب ذلك كله انهيار هذه القيمة وضمورها فى أرجائها، ذلك لأنها هى الروح التى تغذى الحضارات القوة والمناعة، ويؤدى انهيارها إلى فقدانها تلك القوة والمناعة".
وأكد أن هذه القيمة الجامعة المانعة باتت اليوم مهدّدة، ومطاردة أكثر من أى وقت مضى، فذكرها فى المحافل والمنتديات والمؤتمرات مدعاة إلى تحامل الجائرين، وتسلط المتجبرين واشمئزاز الظالمين العابثين بالحقوق والضالعين فى الاعتداء على الحرمات والمقدسات، وما أحداث افتتاحية دورة أولمبياد البارحة عنكم ببعيد..!!
إن انهيار هذه القيمة فى بنية النظام العالمى المعاصر هو الذى جعل العالم اليوم يتفرج بدم بارد على ما يتعرض له ليل نهار أطفال فلسطين من قتل وتقتيل وتجويع على أيدى الصهاينة... نعم أن هشاشة مكانة هذه القيمة فى نفوس المتحكمين فى العالم المغلوب على أمره هى التى جعلت العالم الحر يشاهد بلا إحساس ما تتعرض له حرائر فلسطين من هتك وعدوان..
وأشار إلى أن هوان هذه القيمة على المستكبرين فى الأرض هو الذى جعل العالم البائس المسكين يتفرج على ما يعانيه شيوخ فلسطين من صنوف المحن والإحن والتشريد، بل أن غياب هذه القيمة فى وعى الصهاينة المعتدين هو الذى جعلهم يتمادون فى تفجير المشافى، ودور العبادة، والجامعات والمدارس، وتدمير البنى التحتية والفوقية نهارًا جهارًا على المرضى والعجزة والمسنين.
ولفت النظر إلى أن منظمة التعاون الإسلامى تجدِّد دعوتها الأمة الإسلامية والعالم الحر إلى المسارعة إلى وضع حدٍّ للاحتلال البغيض والظلم الغاشم الذى تتعرض له فلسطين المحتلة منذ عقود على أيدى حفنة من الصهاينة المتطرفين الذين تجردوا من كل معانى الإنسانية والرحمة والعدل كما أنها تجدد دعوتها المنظمات والمؤسسات الدولية إلى التعاون والتضامن من أجل مواجهة التحديات التى تواجهها القيم والمبادئ فى هذا العصر، وذلك من خلال تعزيز قيمة الأخلاق فى نفوس الناشئة، وتضمين المناهج والمقررات الدراسية القيم والمثل الخالدة، وتربية الأجيال على التمسك بها وتمثلها فى حياتهم. وفى الختام، أن المنظمة إذ تهنئ جمهورية مصر العربية قيادةً وشعبًا ممثلة فى دار الإفتاء المصرية على هذا المؤتمر الآنى المبارك، فإنَّها تدعو مخلصة دور وهيئات الإفتاء فى العالم إلى تعزيز الوعى بقيمة الأخلاق بإبراز مكانتها، ومركزيتها، وأهميتها فى نهوض الأمم، وتقدم الشعوب وتحقيق الاستقرار والتطور والتقدم. وأيًّا ما كان الأمر، فإنَّ المنظمة واثقة بأن وعد الله آت لا محالة، وأن نصره المبين لعباده المؤمنين قادم لا مناص، وأن الاحتلال والبغى والطغيان زائل قريبًا بإذن الله، ويومئذٍ سيفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو الغالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.