طباعة
sada-elarab.com/731082
قديمًا قيل في أمثالنا الشعبية: «كل وقت ما يستحي من وقته» وكانوا يعنون بذلك أن كل فصل من فصول السنة يتميز عن سواه، ولعل أبرز هذه الفصول، فصل الصيف وفصل الشتاء.
كنا ونحن صبية لا نكاد نعرف السباحة إلا إذا لجأنا إلى البحر ليس في عمقه وإنما نكون قريبين من الساحل، ونتعلم من خلال التجربة والخطأ السباحة التي تقودنا فيما بعد إلى مكان «أغزر» إلى أن نصل أحيانًا إلى الأعماق بعد أن نكون قد أجدنا السباحة بمساعدة من هم أكبر منا سنًا أو من خلال الاعتماد على الأهل والأقارب فكان من المعيب أن لا يعرف السباحة من هو قريب من البحر وخصوصًا القرى والمدن التي يحيط بها البحر، وكوننا نعيش في جزر البحرين المتعددة والبالغة حوالي 33 جزيرة تختلف في أعماقها وبعدها عن اليابسة، فعادة أهالي الجزر يجيدون السباحة منذ الصغر، فالبحر بخيراته ومنظره الجميل الخلاب في أوقات اليوم المختلفة يجعل منا ونحن صغار ضرورة أن نتعلم السباحة والعوم فالأجداد والآباء كانوا أهل بحر وغوص، وكان من المفروض فينا أن نكون مثلهم ونتعلم من تجاربهم الكثير للمستقبل، كما أن البحر كان من عوامل التخفيف عنا من حر الصيف رغم أن النخيل والمزارع في مملكة البحرين منتشرة ولله الحمد في المدن والقرى غير أن البحر الذي هو صديق الجميع يرحب بمن ينشد الخير فيه كالأسماك والأعشاب البحرية التي هي غذاء للسمك، حيث توضع الأعشاب البحرية في الأقفاص التي توضع لصيد السمك في المياه الضحلة وأحياناً في المياه العميقة.. كما كان البحر مصدر رزق لأولئك الذين ينشدون الأخشاب للإستفادة منها في أغراض كثيرة، إضافة قطعًا إلى البحث عن محار اللؤلؤ وذلك في الأعماق والهيرات ومناطق معروفة لدى الأجداد والآباء بتوفر محار اللؤلؤ الذي هو عماد الاقتصاد الوطني في ذلك الوقت، ولازلنا نحن إلى هذا اللؤلؤ ويطربنا الحديث عنه خصوصًا من أولئك الذين ورثوا تجارة اللؤلؤ أبًا عن جد، وفتحوا محلات لهم في المنامة والمحرق وهم يتباهون ويفخرون بلؤلؤ البحرين الذي يخضع لرقابة الدولة الصارمة فما يوجد في البحرين هو اللؤلؤ الطبيعي الذي نقف مندهشين من جماله ورونقه ونشد على أيدي المسؤولين الذين يشجعون على الحفاظ على هذه الثروة الطبيعية ويشجعون أبناء البلاد والجيل الجديد في البحث عن اللؤلؤ ربما في الهيرات القديمة أو في أعماق البحر المختلفة.
كانت النخيل تجود علينا في الصيف بالرطب في مراحلة المختلفة فالغرة اسم على مسمى فهي أول من تجود به النخيل ثم الخنيزي والإخلاص وهلماجرا إلى نوع من الرطب تجود به بعض النخيل في نهاية موسم الرطب، ولكثرة الرطب في البحرين قديمًا كانت تمور البحرين تصدر إلى الخارج وكان الاكتفاء الذاتي يكاد يكون في كل بيت إضافة إلى ما يتم التصدق به طلبًا للخير وتدعيم العلاقات بين المواطنين الجيران والأصدقاء.
كانت بعض ثمار الأشجار كاللوز تحظى بمكانة خاصة في الصيف بجميع أنواعه وألوانه ومختلف ذوقه، وحسنًا فعلت الجهات الرسمية في بلادنا هذا العام بإقامة أسبوع أو مهرجان اللوز البحريني بالإضافة إلى التين الأصفر أو الأخضر، كما يتم استيراد التين من الدول العربية الشقيقة... الخير فيما تجود به أراضينا ولا نملك إلا أن ندعو أولئك الحريصين على ثروتنا الطبيعية بأن يوفقهم الله إلى كل خير ويبارك مسعاهم لأن تكون بلادنا مصدر الغذاء والخير للمواطنين ومن يأتي زائرًا ليستمتع بجمال الطبيعة عندنا وما تجود به من خيرات.
طبعًا نترقب الشتاء، وللشتاء ثقافته المعهودة في التخييم وقضاء وقت جميل والتمتع بجمال البر خصوصًا بعد سقوط المطر وبالذات الوسمي الذي هو السبب المباشر لأن يكتسي البر بالإخضرار، وإن كنا قد فقدنا الكم الكبير من الفقع أو نبات الكمأة الذي كان معهودًا في بر البحرين في الأزمان السابقة، ونبارك ونشكر جهود المسؤولين الذين حرصوا على تحديد مناطق التخييم والسماح في أوقات معينة لموسم التخييم وهي جهود مقدرة ولمسنا آثارها في المواسم السابقة وتشجيع المخيمين على العناية بالبر والنظافة وتحديد الجوائز للفائزين في المحافظة على البر والتخييم الآمن والمطبق للشروط التي هي في صالح التخييم والمخيمين، بارك الله في جهود المسؤولين.
حبانا الله سبحانه وتعالى بجمال الطبيعة في البر والبحر والمحافظة على هذا الجمال يعود بنا إلى ذلك الزمان الذي توصف البحرين ببلد المليون نخله، وكنا في موسم الشتاء ندعو أهلنا وجيراننا القريبين منا إلى بر البحرين، وبالمقابل نقوم بزيارتهم والتمتع بأجواء البر عندهم وننال نصيبنا من نبات الفقع (الكمأة) بأنواعه واحجامه ومذاقه.
المطلوب منا أن نستفيد من معطيات الصيف بما ينفعنا ويدخل السرور إلى أنفسنا ويجعلنا نستفيد من ما تجود به بلادنا من خير، وكذلك الشتاء بخيراته ومعطياته البيئية الطبيعية.. نحتاج في زماننا أن نذكر بين آونة وأخرى بثقافة الصيف، وثقافة الشتاء، وكان الله في عون من ينشدون الخير لوطننا الغالي ويضعون نصب أعينهم جمال البحرين الطبيعي.
وعلى الخير والمحبة نلتقي