رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
محسن أبو عقيل

محسن أبو عقيل

"السرداب المظلم وقتل الأطفال"

الأحد 23/يونيو/2024 - 01:05 م
طباعة
في قرية الهمامية جنوب مركز البداري بأسيوط، تترقب السماء بحزن دموعها المنهمرة على الأرض الباكية عقب العثور على جثة الطفل الغائب غارقًا في دمائه بعد أربعة أيام من البحث المضني ،كانت القرية الهادئة التي تعيش على إيقاع الطبيعة وأصوات الحقول شاهدةً على جريمة بشعة هزت وجدانها وحولت شوارعها إلى مسرح للدموع والخوف.

فى القرى دائما ما تُنسج القصص عن الكنوز الدفينة و السرداب المظلم، حيث تتردّد الأحاديث حول ثروات لا حصر لها تنتظر من يكتشفها،في هذه الأزمنة تتجدد الأساطير ويُعاد إحياء حكايات القدماء الذين أخفوا كنوزهم في أعماق الأرض المحميةً من قبل "الرصد"، تلك القوى الخفية التي يُقال إنها تتطلب تضحيات بشرية للوصول إلى الكنز الموعود.

في يوم من أيام الصيف الحار ،وبينما كانت النسائم تلعب بأغصان النخيل، انطلق الطفل محمد عصام نحو الشارع ليعيش لحظات طفولته البريئة كانت عيناه تلمعان ببراءة لم تكن تدري أنها ستكون آخر ما يراه من هذا العالم، بعد أربعة أيام جاء الخبر المؤلم ليشق طريقه إلى قلب القرية جثة الطفل عُثر عليها بين الحقول مشوهة ومقطوعة اليدين، وملامحها البريئة لم تعد تُميزها سوى دموع والديه الحارقة التي سكبوها فوق رأسه الصغير.

وتتحدث الألسن عن أوامر "الرصد"، التي تتطلب دماء بريئة لتفتح أبواب السرداب، كان القتلة مدفوعين بجنون الثروة، قد استسلموا لأوهام السيطرة على قوى غامضة، معتقدين أن التضحية بطفل صغير ستفتح لهم أبواب الغنى والثروات. لكنهم لم يدركوا أن ما فتحوه هو أبواب جحيم من الألم والعذاب لأسرته وأهل قريته.

في الهمامية، لم يعد الصباح هو نفسه منذ ذلك الحادث الأليم ،الأمواج الهادئة من النيل لم تعد تغني لحنها البهيج، بل باتت تهمس بحزن لأرواح الأبرياء ،التجاعيد على وجوه الكبار تحكي قصصًا من الألم والخوف، بينما الأطفال يلتفون حول أمهاتهم بأيدٍ مرتجفة، يبحثون عن أمان ضاع في ظلال تلك الجريمة البشعة.

تحركت الأجهزة الأمنية بخطى سريعة، عازمة على تقديم مرتكبي هذه الفعلة النكراء للعدالة التحقيقات بدأت، والقرية تحولت إلى مسرح لعمليات البحث والتقصي. في الوقت ذاته نأمل أن رجال الدين وقادة المجتمع يخرجوا إلى الشوارع والمساجد، ليحذروا من خطورة الانسياق وراء أوهام البحث عن الكنوز، والتأكيد على أن قيمة الحياة البشرية لا يمكن أن تُستبدل بأية ثروة مهما كانت.

وسط كل هذا الألم، يتشبث أهل القرية بأمل خافت في نهاية سعيدة يأملون أن تكون هذه الجريمة هي الأخيرة من نوعها، وأن يستعيدوا سلامهم وأمانهم المفقود ،في أعينهم تلمع أمنية أن يعود عالمهم الصغير إلى حاله الهادئة، حيث يمكن للأطفال أن يلعبوا دون خوف، وأن تغني الطيور لحنها المعتاد دون أن يخيم عليها ظل السرداب المظلم.

بينما يواصل التحقيق مساره ؛ يظل صدى تلك الجريمة المروعة يتردد في أرجاء الهمامية، مذكّرًا الجميع بأن الثروات الحقيقية ليست في أعماق الأرض، بل في نفوسنا وقلوبنا وأن لا شيء يساوي براءة طفل ولا يبرر سفك دماء الأبرياء.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads
ads