رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

حوارات

الدكتور القس إسحق مرزوق رئيس الكنائس المعمدانية المحافظة بمصر مؤسس وعميد كلية اللاهوت المعمدانية المحافظة بمصر في حوار حصري

الجمعة 07/يونيو/2024 - 10:37 م
صدى العرب
طباعة
رضا عزت


من الطبيعي ان تجد رعاة وخدام شغوفين بالسفر للخدمة أو المعيشة في الولايات المتحدة الأمريكية ،  يراودهم حلم الثراء السريع والحياة الراغدة المرفهة ، لكن من النادر ان تجد شخص يتخلي طواعية عن ثراءه ومناصبه ومشاريعه الناجحة ويتنازل بسهولة عن رفاهية العيش وعن السيارات الفارهة والمساكن الفخمة التي يمتلكها ، ليخدم ويعيش في مجتمع فقير ، تلبية لصوت الله .

هذا ما حدث بالفعل قبل عدة سنوات وتحديداً في عام 2014 ، فقد اطاع الدكتور القس إسحق قلدس زكي مرزوق وشريكة حياته وخدمته الدكتورة رانيا مرزوق مع أطفالهم الثلاثة ، صوت الرب  » اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلًا الصَّلِيبَ»." (مر 10: 21).

تخلوا طواعية عن كل شيء في أمريكا ، ممتلكات ، سيارات ، مناصب مرموقة ، الأصدقاء ، المحبين ، المدارس ، المشاريع ناجحة ، .. الخ واطاعوا صوت الرب بالنزول إلي أرض مصر في ظل ظروف سياسية واقتصادية وأمنية مضطربة عقب ثورة 25يناير ، ليكرسوا حياتهم لخدمة السيد الرب وخدمة  المحتاجين والمرضي والأيتام والأرامل ، بأمانة ومحبة عملية وفرح رغم المشقة والصعوبات  .

كانت البداية هو صوت الرب للزوجة الفاضلة التي أحبت الرب من كل قلبها واشتاقت لتكريس حياتها لخدمته ، غير مبالية بكل مباهج العيش في أمريكا وغير مكترثة بصعوبات الطريق ، وقبل سنوات من معرفتها لشريك الحياة وقبل ان تراه  ، حدد لها الرب اسم زوجها  ..

السطور التالية تروي التفاصيل  من خلال حوارنا مع الدكتور القس إسحق مرزوق

++ ..........؟

+ ولدت في أسرة بسيطة في الإسكندرية عام 1969 ، جذور العائلة من أسيوط ، الوالد كان رجل بسيط وبعيد عن دائرة الإيمان ، تعرفت علي الرب كمخلص شخصي في سن مبكرة وتحديدا في يوم 22 فبراير 1984،  وكان يوم فاصل في حياتي ، فلم يكن لأمي بنين ، فقالت لو الرب أعطاني أبن سوف اجعله شماس بالكنيسة ، وهذا حدث بالفعل ،  لكن في سن ال 14كنت افتش عن الخادم او الراعي القدوة والمثل لكن لم أجد ، في هذه الأثناء دعاني صديقي لحضور إجتماع بالكنيسة الرسولية  الاولي  وكان الراعي هو القس جيمي اسطفانوس ، وفي هذه الليلة تعرفت علي الرب يسوع كمخلص شخصي ، فقد وجدت فيه وحده  ما ابحث عنه ، واتذكر ان الواعظ كان يتحدث في هذه الليلة عن الآية الموجودة في يوحنا 9 " أهذا أخطأ ام ابواه " وكان الخادم يشير بأصبعه في اتجاهي ويصرخ قائلاً : أنت اعمي ، انت اعمي ، فقلت له لماذا تشير اليّ وتقول مثل هذا الكلام ، انا لستُ اعمي ، قال لي : انا لم اقل لك شيئاً لكن ربما الله  يريد ان يقولك شيئاً ، ان كنت تري في نفسك انك أعمي ، فانت كذلك ، ثم بادرني بالسؤال ، هل قبلت المسيح مخلصاً شخصياً  لحياتك ؟

وكان السؤال جديد بالنسبة لي ، وفي هذا اليوم قبلت الرب يسوع مخلصاً لحياتي وكان سني في ذلك الوقت 14 عام .

كان الرب في هذا الوقت يمتعني بأمور خارقة وغير طبيعية ، ففي سني الصغير هذا ، بدأت اشتغل وأصبح لي بيزنس خاص وبدأ الرب يكرمني مادياً ، كنت اشتغل وادرس في ذات الوقت  ، حتي انهيت دراستي  .

++ ..........؟

+ معرفتي للرب مخلصاً شخصياً كانت نقلة نوعية في حياتي ، والنقلة الثانية الكبرى في حياتي هو يوم لقائي بشريكة حياتي وخدمتي ، حيث أشار الرب عليها ، وقال لي : هذه هي شريكة حياتك ، علي الرغم من ان لقائي بها كان الأول ، ولا اعلم عنها شيئاً ، فقد كنت مدعوا لدي أحد الأصدقاء بالإسكندرية وتصادف وجودها وعرفت انها احدي قريباتهم ، وبمجرد رؤيتها ، قال لي الرب هذه هي زوجتك ، دون ان اعرف حتي اسمها ، طلبت من صديقي التعرف عليها والحديث معها ، عرفت انها تعيش في أمريكا وهي في زيارة لهم ، وفوجئت بها تقول لي ، ان الرب كلمها عني دون ان تراني او حتي تعرفني ، بل العجيب في الأمر ان الرب أعطاها اسمي حتي من قبل ان تأتي الي مصر ، وبالفعل تمت مشيئة الرب وتزوجنا والرب اكرمني جداً جداً في زواجنا ، فقد وجدت في شريكة حياتي نموذج حي وحقيقي وكتابي للمرأة الفاضلة التي تحب الرب من كل قلبها وكيانها  .

++ ..........؟

+ بعد زواجنا سافرنا الي أمريكا للعيش شمال فرجينيا وكان ذلك في عام 2002 ، وكانت هناك التحديات كبيرة ، لكن بدأت انجح في عملي  ، وكنا أعضاء في كنيسة معمدانية كبيرة جداً ، بجوار البيت الأبيض ، اغلب أعضاء الكنيسة من العاملين بالبيت الأبيض وأصحاب مراكز اجتماعية مرموقة ، وقتها أصابني مرض الكبرياء والغرور والانتفاخ  ، كنت لا أري الا نفسي  ولا ابالي بأحد ، وأمام كبريائي وغروري كانت شريكة حياتي تصلي وتسجد للرب باستمرار من أجلي ، تصلي بالساعات يومياً تتوسل للرب وتتشفع لأجلي .

كانت علاقتي جيدة براعي الكنيسة ، نتحرك معاً ونزور ونخدم معاً ، دون أي دافع روحي داخلي ( تدين شكلي او ظاهري ).

++ ..........؟+ هناك بدأت رحلتي العلمية من الصفر ، بدأت أدرس من جديد ، حصُلت علي الثانوية العامة ، بعدها درست الهندسة ، والرب نقلني نقلة كبيرة جداً مادياً واجتماعياً . ثم درست اللاهوت ، وفيما بعد حصلت علي درجة الماجستير في اللاهوت ثم درجة الدكتوراة في اللاهوت .

الرب في أمريكا اكرمنا بمنزل فخم وسيارات فارهة ومدارس خاصة مسيحية للأبناء خاضعة للطائفة المعمدانية ، وكل البركات التي حصلت عليها من الرب كانت بسبب زوجتي ، التي كانت ولازالت معين نظيري ، تساندني وتدعمني وتقف إلي جواري وتصلي لأجلي .

 ++ ..........؟

+ اتفق معك ان البعض في مصر ربما يكون شغوف بالسفر والعيش في أمريكا وقصتنا كانت علي النقيض ، فالرب دعانا كمرسلين للخدمة في مصر ، ولكن الدعوة في الأساس كانت لزوجتي ، التي دعاها الرب    قبل سنوات طويلة من زواجنا  ، كانت دعوتها   واضحة وتصغي وتسمع وتطيع وتتحين وتنتظر التوقيت الذي يحدده الرب ، لكن بالنسبة لي ، كنت اعي ان لي دعوة للخدمة ، لكن كنت اضع تلك الدعوة في حدد معينة ، كنت أعيش وأسلك بأمانة ، كنت اعشق البيزنس والتجارة والإستثمار ، فكنت افهم ان دعوة الرب لي ان انجح في عملي وان أخدمه في ذات الوقت ، عن طريق ان تقديم دعم ومساندة مادية للرعاة  او الخدام او سداد إحتياجات الآخرين وكنت مستمتع بالأمر ، ان اكسب الكثير من المال واخدم في نفس الوقت .

وعلي الرغم من ان  شريكة حياتي عاشت غالبية حياتها في امريكا ، فهي علي العكس مني ، انا أحب الحياة في أمريكا وهي  لا تحبها  ، رغم الرفاهية التي كنا نعيشها ورغم نجاحها العملي طبيبة ... الخ .

طوال الوقت وهي شغوفه بالحياة في مصر ، وتحلم بالمعيشة فيها .

ولأني عشت حياتي في مصر وفي منطقة شعبية ، كنت أحدثها عن كم معاناة المواطن البسيط المطحون في مصر ، الطوابير والشعبطة في المواصلات والزحام والمشاكل ... الخ.

اما هي فكانت تؤكد دائما ان الرب كلمها ودعاها للخدمة في مصر ، وكانت متمسكة بدعوة الرب لها .

كانت تؤكد ان الرب كتب لها بأصبعه ودعاها للخدمة في مصر .

وامام إصرارها كنت دائما أؤكد لها لا انني لن اترك أمريكا لأعيش في مصر ، وانها لا تعرف شيئا عن الحياة الصعبة في مصر ، والأمر الغريب ، كلما زاد عنادي ورفضي للعودة الي مصر والتمسك بأمريكا ، كلما زاد الإكرام  المادي والاجتماعي لي  ، اكرمني الرب جدا في مجال عملي كمهندس ميكانيكا واكرم الرب شريكة حياتي في العمل كطبيبة ناجحة  .

كان كل معرفتي عن الخدمة في مصر هو احتياج الرعاة والخدام هناك للمال ، ولكي اخدم الرب في مصر ، كل ما علي عمله  هو ان ارسل لهم الكثير من المال .

كانت شريكة حياتي تصرخ وتعلن ان دعوتنا كأسرة هي العودة لمصر وليس العيش في أمريكا ، وانا ارفض واكابر واعاند وفي المقابل يزداد نجاحي وإستثماراتي بصورة مبهرة تجعلني أتأكد من صحة موقفي .

++ ..........؟

+ ولكي اُسكن ضميري ، عرضت علي قس امريكي يخدم الشباب هناك ، أن نرتب اجتماع في بيتي ندعو فيه مجموعة من العرب ، لكي تقترب شريكة حياتي من حياة العرب ، كما اصطحبتها معي عدة مرات لمصر حتي تتعرف علي معاناة الحياة اليومية للمصريين ، كانت المرة الأولي بعد سفري لأمريكا بنحو ثماني سنوات ، لزيارة والدي المريض  .

كانت في كل مرة تزور مصر ، يتأكد داخلها صدق دعوتها للخدمة في مصر ، كنت اتعجب من انبهارها من كل شيء في مصر ، ترابها ، زحامها ، شوارعها ، ناسها ، رمالها ... معجبة بكل شيء في مصر، علي عكسي تماماً .

كانت شريكة حياتي تعرف ان الرب دعاها للخدمة في مصر منذ سنوات قبل إرتباطنا ، لقد عرفت الرب وهي طفلة صغيرة عمرها 12 عام .

كان تخصيص الله لشريكة حياتي منذ صغرها أمر واضح جداً

ولكنها انتظرت لأكثر من 25 سنة حتي يتم مشيئة وقصد الله في حياتها .

وهي دائما تقول : ان دعوة الارسالية غير دعوة الخدمة ، الارسالية بمثابة نار مشتعلة ومتقدة في القلب لا تهدأ الا بطاعة صوت الله ، كان الرب يعدها كمرسلة طبية ، وقد اكرمها الرب في عملها وتدرس حاليا ماجستير لتصبح ممارس عام لتتمكن من الخدمة الطبية بشكل افضل .

++ ..........؟

+  كان لدي فهم ان الله يريد ان يفعل بي أمر ما ، لكن لا اعرف ما هو ، كنت اري استخدام الله لي في الأماكن التي اتواجد بها ، في كل مرة كنت اتظاهر بالخضوع لله خارجيا فقط ، لكن داخليا كنت اعتمد علي قدراتي وامكانياتي ، وبسبب ظروف المعيشة  المرفهة كنت افكر دائما كيف اترك كل هذا ؟ وان كانت الدعوة لخدمة مصريين ففكرت في نفسي لماذا لا اخدم المصريين المقيمين في أمريكا وما اكثرهم.

 لكن في لحظة تحدث الرب اليّ وقال ( نفسك ونفس الذين معك ) ، فقد كان لدي خوف شديد من فكرة العودة الي مصر ، لئلا انزل الي مصر ولا اعرف كيف اخرج منها ، لدرجة انني في كل مرة انزل الي مصر ، لابد ان أتأكد ان لدي قيمة خمسة تذاكر للسفر لأمريكا .

وكان قرار السفر لمصر صعب جداً وخاصة علي الأبناء الثلاثة ، لأنهم يعيشون في مستوي اجتماعي وتعليمي ومادي عالي جداً للدرجة التي جعلتهم يفكرون في انفسهم انهم اغني ناس في العالم  ، كانوا يعيشون حياة مرفهة للغاية ، سفر ورحلات .. الخ ، وقرار السفر لمصر كان صادم ، وقاس للغاية بالنسبة لهم ، لكنهم كانوا خاضعين . وقد كان قرار السفر لمصر،  صدمة للكثيرين داخل أمريكا وخارجها ، لدرجة ان البعض اتهمنا بالجنون والخلل العقلي ، وخاصة اننا كنا أعضاء في كنيسة يصلي بها امريكان فقط ، فلم نتأثر بالعرب في قرارنا .

ومع بداية الخدمة في مصر سرعان ما بدأ ينمو في قلوب الأبناء حب وشغف للخدمة العملية في مصر .

++ ..........؟+  وفي اللحظة التي قررت فيها ان اطيع صوت الله ، وتخليت عن كبريائي وغروري و قررنا النزول لمصر أمرني الرب بالتخلي طواعية عن كل ممتلكاتي في أمريكا ، منزلي ، سيارتي ، حتي صندوق به عدة عملي كمهندس ، قيمته آلاف الدولارات اهديته مجاناً  لشخص ما حسب ما قادني إليه الرب ، كما أمرني الرب بتوزيع اثاث المنزل وكان غاليا وفخماً جداً ، وكان اكثر ما يؤلمني ان الأبناء الثلاثة ينظرون بألم وهم يشاهدون مقتنياتهم ومفروشات غرفهم وهي توزع أمام اعينهم لأخرين حتي صندوق اللعب الخاص بهم ، شعور صعب وقاس لا يمكن تعويضهم عنه لكن كانت زوجتي تطمئنهم ان الرب سوف يعوضهم .

كان الأولاد خاضعون لأنهم يحبون الرب ، المشكلة لم تكن في شريكة حياتي او في الأبناء ، لكن المشكلة كانت في عدم خضوعي انا ، لرفضي التخلي  عن الحياة في أمريكا ورفضي ان أعيش مثل رعاة مصر وكنت علي دراية بحياتهم .

++ ..........؟

+ كنت قد درست لاهوت في كلية فرجينيا المعمدانية ودرست ماجستير لاهوت وفيما بعد حصلت علي درجة الدكتوراة في اللاهوت  .

 وشهر مارس 2013 كان وقت حاسم بالنسبة لي ، كان لدينا مؤتمر مرسلين لكنيستنا في أمريكا ، كان مطلوب مني ان اقدم استقالتي من عملي وابدأ اخدم في أمريكا ، وقتها كنت أعمل في شركة فورد لصناعة السيارات  وعندما تقدمت باستقالتي ، قال لي مدير الشركة سيظل مكانك فارع لمدة ستة اشهر لن اعين مهندساً بديلاً وبالفعل عند زيارتي للشركة بعد 6 اشهر- وكان معي ديفيد ابني -  وجدت مكاني فارغاً  من شدة تمسكه بي وهذه هي نعمة الله ، وقال لي:  

مكانك موجود في أي وقت ترغب فيه العودة للعمل .

++ ..........؟

+ كان الأمر العجيب ان الرب كان يبارك أي عمل  تمتد اليه يدي ، كنت ناجحاً في كل شيء ، العمل والعلاقات .. الخ ، وعندما كنت أعمل مهندساً ميكانيكاً نلت شهرة واسعة وكان يثق بي الجميع ، حتي شيوخ الكنيسة كانوا يأتون إليّ بسيارتهم لصيانتها لثقتهم الكبيرة فيه ، كنا ننظم المواعيد بحيث نخصص وقت للكنيسة ووقت للعمل الرسمي ووقت للعمل الإضافي .

و جدول لصيانة سيارات الآرامل بدون مقابل وكانت المشرفة علي جدول العمل هي شريكة حياتي.

++ ..........؟

+ ذات مرة عرض عليّ طبيب معروف له مكانة علمية مرموقة ، المشاركة علي مشروع لشراء عربيات مستعملة بهدف صيانتها وبيعها ، ثم نقوم فيما بعد بعمل مشروع اكبر كمركز متكامل لصيانة السيارات ، هو برأس المال وانا بخبرتي ، والطريف مع  أول سيارة أقوم بصيانتها - وهي ليست ملك لي - الرب قال لي ان اعطيها كهدية لأحد الخدام المصريين في أمريكا ، وكان الامر ضد طبيعتي ولا اعرف كيف فعلت ذلك ،  وعندما اتصلت بشريكي الطبيب لأخبره بالأمر ،  فاستاء جداً وفض شراكتنا وقال عني اني مجنون .

 وكان غرض الرب ان اغلق هذا المشروع حتي اتفرغ لخدمته .

++ ..........؟

+ في السنوات الأولي لتفرغنا لخدمة الرب ، كان من وقت لآخر يراودنا السؤال : هل سمعنا صوت الرب بطريقة صحيحة ، وخاصة عندما تخلينا عن كل شيء في أمريكا ، لقد كنا في قمة النجاح الوظيفي والمادي ، ففي اليوم الذي تقدمت فيه زوجتي باستقالتها من العمل عُرض عليها مبلغ 45 الف دولار زيادة عن راتبها في السنة ، وقتها ضحكت وقالت لهم مهما كانت المغريات اشكر الله لأن باب الخدمة فتح أمامي ، كانت كل هذه الأمور لا تعني شيئا ًبالنسبة لها وكان في هذا التوقيت يتم تحويل كافة الأوراق والمستندات الورقية الطبية الي اليكترونية وكانت هي جزء أساسي من هذا المشروع ومدربة فيه وكانت الثالثة علي مستوي ولاية فيرجينيا في هذا الأمر .

 ++ ..........؟

+ العشر سنوات الأولي لمجيئنا لمصر منقسمة إلي قسمين ، كل قسم خمس سنوات ، القسم الأول من من 2014 وحتي 2019 ، والثاني من 2019  وحتي 2024 ، وفي القسم الأول لم تفارق زوجتي الأبناء لحظة واحدة من وقت نزولهم من البيت وذهابهم للمدارس وحتي عودتهم للمنزل وكنت في هذا الوقت مشغول بأمور الخدمة ، كانت هي ملازمة لهم الخمس سنوات ، وكانوا محور مشغوليتها ، الان تخرجت من الجامعة ابنتنا الكبرى ( جبرييلا وهي الان 24 سنة ) وتعمل لبلت مدرسة رياض أطفال وتقيم بالقرب من اشقائها بأمريكا  ، (ديفيد وهو الان 19 سنة ) و(رايتشل وهي الان 18 سنة ) اللذان انهوا دراستهما الثانوية والتحقوا بالجامعة في أمريكا ويقيمان معاً في مبني واحد بجوار شقيقتهما الكبرى ، وهذا اكرام من الرب الذي جمع شملهم.

++ ..........؟

+ في بداية حياتنا في مصر كان الأمر صعب علي الأبناء، اما الان فهم يعشقون مصر والعيش فيها  ، للدرجة ان في كل مرة يسافرون فيها الي أمريكا ، نبدأ العد التنازلي  بشوق ليوم عودتهم الي مصر ، لقد حول وبدل الله تفكيرهم فاصبحوا شغفون بالحياة في مصر وينتظرون بلهفة وقت العودة اليها

++ ..........؟  

+ عندما اتيت لمصر كان في فكري تأسيس كنيسة وأقوم بالخدمة فيها ، لم يكن في رؤيتي تأسيس كلية لاهوت او مجمع ، لكن الواقع كان غير ذلك ولأن الرب علمني كيفية الخضوع للقيادات ، بدأنا في تأسيس مؤسسة مجتمع مدني بهدف تقديم خدمة حقيقة لكل المصريين المحيطين بالمؤسسة.

 ++ ..........؟

+ كما ذكرت ان عام 2019 عام فارق في حياتنا وفي خدمتنا ، حيث اعطاني الرب وقت خلوة خاصة معه ، استمرت نحو ستة اشهر ، خلالها ادخلني الرب الي عمق خاص للشركة معه ، وبدأ الرب يحدثني عن ملامح الخدمة في مصر وأولها التلمذة للحاجة لوجود رعاة أمناء أكفاء يخدمون الرب بكل أمانة مع أسرهم وليس بمفردهم ، فالتلمذة للراعي ولأسرته بحيث يكون مؤهل ومدرب للخدمة بشكل مؤثر وفعال من خلال معايشتنا له معايشة وشركة  كاملة ، نعبد معاً ونأكل ونشرب معاً ونقوم بأعداده وتدريبه وتأهيله بشكل كتابي ومن خلال مناهج الكلية في أمريكا والتي قمنا بترجمتها مع الإستعانة بأساتذة اللاهوت في مصر لتدريسها ،  فالرؤية ان يخدم الراعي جنب الي جنب مع أسرته ولا ينفصل عنها ولا يخدم بمفرده أو يتحرك بمفرده .

 الأمر الثاني تركيزنا علي العقيدة ولا نقبل أي أفكار غريبة او خارجية والمنبر لتقديم الحق الكتابي فقط ، وأيضا الاهتمام ان تكون هناك أسرة صحيحة داخل الكنيسة .والتركيز علي خدمتنا ككنيسة مرسلة

 ++ ..........؟

+ حتي يتم ذلك كان لأبد من تأسيس الكنيسة المعمدانية  المحافظة وهي خاضعة للطائفة الإنجيلية بمصر برئاسة الدكتور القس أندريه زكي ، في مجمع تحت التأسيس ، هي داخل اللجنة الملية ، كما أسسنا كلية لاهوت لتنفيذ تلك الرؤية ، وبمساعدة ودعم قيادات الطائفة الإنجيلية بمصر ، حصلنا علي إعتماد لكلية اللاهوت المعمدانية المحافظة في 2019 ، وبدأنا نستقبل الراغبين في الدراسة . وبالمناسبة مجمعنا لا يوافق علي رسامة المرأة قساً  .

وكلية اللاهوت برنامج جامعي مدته أربع سنوات وهي كما ذكرت معتمدة من رئاسة الطائفة الإنجيلية ومن هيئات الإعتماد في أمريكا ، ورسالة الكلية هي توفير تعليم لاهوتي قائم علي الكتاب المقدس لمن أدرك دعوة الله لحياته ليتفرغ للخدمة كراعي في الكنائس المحلية ، فمهمة الكلية تدريب وتخريج قادة مؤمنين ومؤهلين تأهيلاً جيداً ليصبحوا أدوات فعالة لتحقيق الإرسالية العظمي ، وهي الوصية الأخيرة للسيد المسيح والتي تُعد أولويتنا القصوي.

 وقد قمنا ببناء كلية اللاهوت المعمدانية المحافظة بمصر  لتمجيد الله ونشر الإنجيل وخدمة بعضنا البعض والنمو معاً لتحقيق هدفنا.

في البداية نظمنا مؤتمر للراغبين للدراسة بالكلية وحضر معنا حوالي 540 من راغبي الدراسة، وكان معظهم من قري الصعيد ، وبعد أن فتحت باب للمناقشة معهم تقلص عدد الراغبين في الدراسة معنا الي 13٠ طالب ، وبعدها استعنا بطبيب نفسي واجري مقابلة  شخصية مع كلاً منهم ،  لنطمئن ان الطالب مشفي وصحيح نفسياً ومن ال 130 إجتاز الإختبارات 25 طالب فقط  ، وبعض الطلاب غادروا الكلية بعد دراسة ثلاث سنوات ، وبعد التخرج سيظل الخريجين تحت الاختبار ومن المهم شهادة أسرته عنه وخاصة زوجته  ، انا لا اقدر ان احكم علي شخص انه مدعو للخدمة ام لا، ولكن حكمي يكون من خلال ثماره .

 ، وفي الطريق عرض الإنضمام إلينا نحو 70 كنيسة ولم نقبل ولا واحدة منهم ، ولو فعلنا كان الامر قد وفر علينا الكثير من الوقت والجهد والتكلفة المادية ،لأننا متمسكين برؤيتنا .

إن عدد الدارسين لدينا قليلين مقارنة بكليات أخري ، لكننا ندقق طول الوقت في اختيار الشخص المدعو للخدمة .

++ ..........؟

+ لقد اطعنا صوت الرب  ، وفعلنا كما قال بطرس للرب في لو 18:28 ( ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك ) ، الله اخرج الكنوز المخفية والتي لا دور لنا فيها لكنها نعمة الله الغنية  ، نحن لا شيء ، فما تعلمته خلال خلوتي الطويلة في 2019 ، انني عرفت قيمه كلمة الله وان لا افسر كلمة الله حسب رغبتي بل حسب قصد الله  وان أعيش كل كلمة اعلم بها علي المنبر ، ما أقوله هو ما اعيشه في بيتي وفي كنيستي وفي المجتمع الذي اعيش فيه.

++ ..........؟

+  ثلاث أشياء كفيلة بتدمير الخدمة هي ( الكبرياء  ، المال والجنس ) ، لأبد لزوجة الراعي ان تلازمه في خدمته فهي شريك خدمة وخاصة في الزيارات .

ولابد ان تكون زوجة الخادم لها نفس رؤيته للخدمة ، فالدعوة للأسرة وليست للخادم بمفرده .

++ ..........؟

+  أحلامنا ان يكون لدينا كنيسة محلية في كل محافظة ، فالكنيسة بمثابة  مستشفى للعلاج ، وان يكون لكل كنيسة راعي وشمامسة وخدام وشعب ، وداخل كل كنيسة لجنة مختارة لرصد وتقدير احتياجات المحتاجين  وان تقدم الكنيسة المحلية خدمات اجتماعية  ،  طبية  ..الخ ، نحن لا نؤمن بأنه يوجد شيء أسمه اخوة الرب ، نحن أولاد الرب .  

ورؤيتنا نساعد الخريجين  في تأسيس تلك الكنائس المحلية ، كما كانت ولا تزال الكلية توفر دعم وإقامة كاملة مجانية للدارسين .

 ++ ..........؟

+ اقول لكل راعي وخادم احذر ان يكون لك شريك آخر في حياتك غير زوجتك ، وجود شريك ثاني للراعي او الخادم يدمر الخدمة والكنيسة والحياة الزوجية ولو تحت ستار اصطحاب احداهن للزيارات او الافتقاد بهدف الخدمة ، هذا كلام مرفوض وخطر جداً .

لأن عندما تكسر القانون ترفع عنك الحماية ، وان كنت لا تمتلك بيت وأسرة مبنية علي أساس قوي فلا يمكن ان يكون لديك كنيسة قوية  . وهذا ما اعلمه لأولادي في كلية اللاهوت.

++ ..........؟

+  حتي يكون الخادم حسب قلب الله لابد ان تتوافر فيه الشروط التي جاءت في كلمة الله في 1 تيمو 3 : (2فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِيًا، عَاقِلاً، مُحْتَشِمًا، مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، 3غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيمًا، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ، 4يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَنًا، لَهُ أَوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ. 5وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْرِفُ أَنْ يُدَبِّرَ بَيْتَهُ، فَكَيْفَ يَعْتَنِي بِكَنِيسَةِ اللهِ؟ 6غَيْرَ حَدِيثِ الإِيمَانِ لِئَلاَّ يَتَصَلَّفَ فَيَسْقُطَ فِي دَيْنُونَةِ إِبْلِيسَ. 7وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِي تَعْيِيرٍ وَفَخِّ إِبْلِيسَ. )

++ ..........؟

+  لو معي ثلاث باقات من الورود وطلب مني ان أهديهم لثلاثة ، سأقوم بإهداء أول باقة لشريكة حياتي والثانية لأبنائي الثلاثة ( جبرييلا  و ديفيد و رايتشل)، والثالثة للدكتور القس ديفيد بيتمان راعي كنيستي في أمريكا ، لأنه اثر في حياتي بشكر كبير جدا ، زوجته كانت معاقة بسبب بتر قدمها اليمني وكانت تجلس علي كرسي متحرك ، بسبب تعرضها لحادث اثناء الخدمة كمرسلة في افريقيا ، كان يحملها بمحبة ورفق وحنو واحترام ويضعها في السيارة اثناء تحركاتهم ، وعندما كان يتحدث اليها ، كان يجثو علي ركبتيه ليسمعها ، كان حبه لها حب حقيقي  وليس مزيف ، كان يرعاها بكل محبة دون كلل او ملل حتي سبقتنا للسماء وكانت كملائكة الله علي الارض في الرقة والعزوبة والايمان العامل بالمحبة .

كانوا يعيشون قصة حب صادقة منذ نعومة اظافرهما وهما أطفال بحضانة في تكساس، وعاشا 40 سنة كزوجين ناجحين .

حياته الشخصية ومحبته للرب ولزوجته كان لهم تأثير كبير وواضح في حياتي وحياة أسرتي وأيضا تشجيعه المستمر لي كان دافع لاستمراري رغم الصعوبات والمعوقات وشجعني للدراسة والتعمق في كلمة الله وكان يقوم بتدريبي علي الخدمة العملية ، والأمر الثاني ان هذا الراعي لم يترك منبره لأي شخص غريب ربما يقدم تعاليم  بخلاف الكتاب المقدس  ، والراعي الأمين  لا يترك الرعية ولا المنبر لغيره .  



إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر