طباعة
sada-elarab.com/726815
نحتاج أحيانًا في حياتنا أن نعيد ذكريات أيام الدراسة من الابتدائي إلى الإعدادي فالثانوي فالجامعة، وكل مرحلة من هذه المراحل فيها الكثير من الذكريات والشخوص الذين نشعر بالانتماء إليهم والحرص على إبقاء الذكريات ماثلة نستفيد مما مرَّ علينا من نعم ومواقف إنسانية راقية ونتجنب تلك الذكريات السلبية التي فرقتنا وتركناها من غير المأسوف عليها... سبحان الله تختزن الذاكرة الكثير من المواقف التي كانت في يوم من الأيام مصدرًا للصداقة الحقة، نتبادل من خلالها المعارف ونستعين بمن يستوعب بعض مواد الدراسة أكثر منا، وبالذات الرياضيات بتقسيماتها المتعددة، وكنا نقول لأساتذتنا ما فائدة ما نتعلمه من علوم الرياضيات ولا نستطيع استيعابها، فكان يأتينا الجواب ستدركون قيمة الرياضيات في حياتكم عندما تواجهون مواقف أنتم معنيون بها وتسبب لكم إحراجًا وربما أكثر من ذلك ضياع فرص.
لم تكن الرياضيات في بداية حياتنا من المواد التي نكرهها، فقد أدركنا أن حفظ جدول الضرب هو الطريق لفتح دهاليز هذا العلم النافع، وكنا نعتبر مدرس الرياضيات هو الخبير الذي سينقلنا من محطة إلى أخرى ونحن مطمئنون بأن العلم لا نهاية له، وعلينا فعلاً أن نؤمن بأن هذا العلم هو مفتاح الكثير من العلوم، وهذا لا يعني أن بقية المواد ليست بذات الفائدة فقد كانت حصة التعبير تروق للبعض بينما البعض الآخر هو والتعبير كل في وادٍ آخر، ولذلك فقط فطن أساتذتنا الأفاضل إنه لا بد من التسهيل على الطلبة الذين لا يجيدون التعبير، بالتفكير في بعض مفاتيح هذا التعبير في مجالات مختلفة، فكان المدرسون يأخذون على عاتقهم التسهيل على الطلبة باختيار عناصر التعبير في الموضوع الذي هم بصدده، لكي يسهل على الطلبة الكتابة في موضوع الإنشاء بالاستعانة بعناصر الموضوع وتبسيطها ولم يكن ذلك أيضًا هو الحل، ولكنه على الأقل يرسم الطريق للطلبة للاقتداء بما يضعه المدرس من عناصر التعبير في الموضوع الذي هم بصدده...
كان التعليم في أيامنا رؤية للمستقبل وكانت المدرسة تعول علينا كثيرًا في أن نكون من الطلبة الذين يشرفون مدارسهم، وكان علينا أن نطيع مدرسينا في إبراز دور المدرسة في التعليم وحصول أعلى المعدلات، فقد كانت مفخرة للمدارس التي يتفوق أبناؤها ويكونون في مقدمة من ينال البعثات في الخارج أو المنح الدراسية في الدول التي يلجأون إليها في تحصليهم العلمي.
كلما التقيت بالزملاء في المدرسة الابتدائية والإعدادية والثانوية تذكرت تلك الأيام التي كان فيها طموحنا لا يتجاوز النجاح في الامتحانات النهائية والحصول على أعلى الدرجات، وكنا نتجنب تلك الدوائر الحمراء التي تعتبر بمثابة النقص في شخصيتنا، فكلما كثرت الدوائر الحمراء كان ذلك بمثابة العيب الذي لا تحمد عقباه في المدرسة والبيت، وكنا نحرص وإدارة المدرسة تحرص على أن يكون طلابها من المتفوقين والذين يشار إليهم بالبنان، وكان ذلك بمنزلة الإنجاز الذي تفتخر به إدارة المدرسة من المدير إلى السكرتير إلى المدرسين فالطلبة.
كانت مدارسنا بمنزلة خبرات وطنية يلعب فيها المدرسون والطلبة دورًا أساسيًا في أن تكون المدارس انعكاسًا لما يزخر به مجتمعنا من خبرات وتجارب عملية وإنسانية لا بد لنا أن نؤكدها ونسير على خطاها، وكان مفتشو التربية والتعليم عندما يزورون المدارس لجس النبض بالنسبة للإدارة المدرسية والطلبة ويكون التقييم على سرعته معيارًا لأخذ الفكرة عن المدرسة وإدارتها وتلاميذها والمشرفين عليها من المدرسين والتربويين..
كلما التقيت بزملاء الدراسة شعرت بالمسؤولية الكبيرة علينا في عدم التواصل معهم في حياتنا العملية، ولنا أن نتخيل لو أننا حافظنا على العلاقات بيننا منذ ذلك الوقت، ترى كيف سيكون المجتمع وتبادل الخبرات فيما بيننا...؟ كنا في وقت من الأوقات نشهد تكتلاً للطلبة من خريجي الجامعات المتعددة، فكان الطلبة يشعرون بواجبهم في تحمل المسؤولية بعمل تجمعًا لخريجي الجامعة الأمريكية في بيروت أو خريجي جامعات القاهرة أو خريجي جامعات العراق أو خريجي جامعات سوريا أو خريجي جامعة الكويت وغيرها من الجامعات العربية والأجنبية حتى جاءت فكرة نادي الخريجين في مملكة البحرين، واستطاع هذا النادي على إمكاناته المتواضعة أن يشكل تجمعًا ساهم في التنوير والتثقيف والالتقاء بالطلبة، وظلت المقاهي في المنامة مكانًا لتجمع الطلبة البحرينيين في الخارج للالتقاء وتبادل الذكريات التي تروح عن النفس وتشعرهم بالقرب من توجهاتهم ورؤيتهم للأشياء حتى إذا ما تخرجوا توزعوا على الوظائف الحكومية والخاصة وربما الأعمال الحرة...
تظل العلاقات بين الطلبة في مختلف مراحل الدراسة لها قيمتها ورونقها وبريقها، وكلما التقيت بالزملاء الطلبة شعرت بالواجب نحوهم مع ضرورة التواصل بيننا وتبادل الخبرات والتجارب، والشعور الإنساني يفرض علينا أن نكون أوفياء لبعضنا ونؤمن بأن كل واحد منا يختزن الكثير من التجارب التي من الممكن الاستفادة منها من أجل خدمة الوطن والسهر على مصلحة المواطنين، فالعطاء الإنساني يظل هو المعيار للعلاقات بين أبناء الوطن.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..