طباعة
sada-elarab.com/703638
أجيال عاشت، وهي تنظر لفلسطين قضيتها الأولى، وشعب فلسطين يحظى بكل الاحترام والرعاية عندما كان يأتي ليساهم بخبرته وتجربته في حركة التعليم والثقافة، والإيمان بقضيته العادلة وهو يواجه الجحود والنكران من قوى الشر التي لا تريد له وطنًا أو أرضًا وتعتبره في خانة اللاجئين إلى الأبد، وكأن هذا الشعب بلا أرض أو وطن أو ثقافة وعلم، ورغم كل هذه القسوة والتنكيل ونكران ما له من حقوق إنسانية ووطنية وأرض وتاريخ حتى جاء الموعد في السابع من أكتوبر من العام 2023م وإذا إسرائيل تشن حربًا غير متكافئة على قطاع غزة لتقتل الأطفال والنساء وكبار السن، وتفرض حصارًا جائرًا يعاني منه الجميع، ويتم دك المنازل والاعتداء الآثم على المنازل والمساجد والكنائس دون الأخذ بعين الاعتبار للإنسانية والمواطنة الحقة لأبناء فلسطين الأبية.
وجاءت دعوة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية لعقد قمة القاهرة للسلام يوم 21 أكتوبر 2023م لتلتئم بالقاهرة ويعلن الرئيس في كلمته «نلتقي اليوم بالقاهرة في أوقات صعبة تمتحن إنسانيتنا، قبل مصالحنا ونختبر عمق إيماننا بقيمة الإنسان، وحقه في الحياة، وتضع المبادئ التي ندعي أننا نعتنقها في موضع التساؤل والفحص».
وأطلق الرئيس السيسي بصراحته المعهودة «إن شعوب العالم كله، وليس فقط شعوب المنطقة تترقب بعيون متسعة، مواقفنا في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة، اتصالاً بالتصعيد العسكري الحالي، منذ السابع من أكتوبر الجاري في إسرائيل والأرض الفلسطينية».
إن مصر بتاريخها وصمودها وإيمانًا بدورها التاريخي والحضاري والإنساني دائمًا كانت هي وقيادتها وشعبها عند المسؤولية التاريخية والقومية والإنسانية معبرًا فخامته عن ذلك بالقول «إن مصر تدين بوضوح كامل استهداف أو قتل أو ترويع كل المدنيين المسالمين وفي الوقت ذاته، تعبِّر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم متفرجًا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، في قطاع غزة يفرض عليهم عقاب جماعي وحصار وتجويع وضغوط عنيفة للتهجير القسري في ممارسات نبذها العالم المتحضر الذي أبرم الاتفاقيات، وأسس القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني لتجريمها، ومنع تكرارها مما يدفعنا لتأكيد دعوتنا، بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والمدنيين الأبرياء».
وكان فخامة الرئيس السيسي قد أوضح موقف مصر أمام أصحاب الجلالة والسمو والفخامة ملوك وأمراء ورؤساء الدول والحكومات والوفود «إن مصر منذ اللحظة الأولى انخرطت في جهود مضنية لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في غزة لم تغلق معبر رفح البري في أي لحظة إلا أن القصف الإسرائيلي المتكرر لجانبه الفلسطيني حال دون عمله، وفي هذه الظروف الميدانية القاسية، اتفقت مع الرئيس الأمريكي على تشغيل المعبر بشكل مستدام، بإشراف وتنسيق كامل مع الأمم المتحدة، ووكالة (الآونروا) وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وأن يتم توزيع المساعدات بإشراف الأمم المتحدة على قطاع غزة».
وكان الرئيس السيسي قد أوضح بجلاء «إن العالم لا يجب أن يقبل، استخدام الضغط الإنساني للإجبار على التهجير، وقد أكدت مصر، وتجدد التشديد على الرفض التام، للتهجير القسري للفلسطينيين ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء إذ إن ذلك ليس إلا لتصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإنهاء لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وإهدارًا لكفاح الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية، بل وجميع الأحرار في العالم، على مدى 75 عامًا هي عمر القضية الفلسطينية».
وأضاف «ويخطئ في فهم طبيعة الشعب الفلسطيني من يظن، أن هذا الشعب الأبي الصامد راغب في مغادرة أرضه، حتى ولو كانت هذه الأرض تحت الاحتلال، أو القصف».
لقد أجمعت معظم كلمات الوفود على إنهاء هذا الحصار الجائر على غزة وإيجاد حل للمشاكل التي يعاني منها الشعب الفلسطيني... وأكد الرئيس السيسي: «كما أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين، وبتعبير صادق، عن إرادة وعزم جميع أبناء الشعب المصري فردًا فردًا: (إن تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث وفي كل الأحوال) لن يحدث على حساب مصر».
لقد كانت كلمات رؤساء الوفود داعية إلى الأمن والاستقرار وتطبيق القرارات الدولية ذات الشأن بقضية فلسطين وشعبها الأبي.
فقد قال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه «نجتمع اليوم، من أجل السلام والخير وصالح الشعوب، ونستذكر عقد أول مؤتمر دولي لصانعي السلام في عام 1996م في شرم الشيخ وهذا ما عهدناه في الشقيقة مصر وقيادتها الحكيمة، ودعوتها الدائمة للسلام والتآزر وخير الأوطان» وأضاف جلالته «ونحن اليوم نؤكد موقف مملكة البحرين الثابت والداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لحل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة لما فيه الخير لنا جميعًا»، وأضاف جلالته: «ولدينا إدراك راسخ بأن حل الدولتين ضمانة حقيقية للتعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي جنبًا إلى جنب في أمان وسلام ووئام، لأنه لن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط دون تأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وصولاً إلى السلام العادل والشامل والمستدام في المنطقة، وإننا في مملكة البحرين قد اتخذنا خيارنا الإستراتيجي للسلام لتحقيق مزيد من الأمن والاستقرار، في ضوء نهجنا السلمي والحضاري كسبيل وحيد لتسوية النزاعات وتوفير فرص الأمن والنماء والازدهار لشعوب المنطقة كافة»... وأضاف جلالته «إن تطورات الأحداث في قطاع غزة، ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، والظروف الصعبة القاسية التي يمر بها، تؤكد الحاجة الملحة إلى احتواء هذه الأزمة الخطيرة وتأثيراتها الإنسانية وتتطلب جهدًا دبلوماسيًا متواصلاً بين كافة الأطراف الإقليمية والدولية، لوقف التصعيد وإنهاء العمليات العسكرية وتوفير الحماية للمدنيين الأبرياء من الجانبين من انعكاسات هذه الحرب والإفراج عن جميع الأسرى والرهائن والمحتجزين، وتسهيل وصول المساعدات الطبية والغذاء والماء والوقود والكهرباء إلى قطاع غزة بموجب القانون الدولي الإنساني والكف عن أي ممارسات من شأنها اتساع دائرة العنف، مؤكدين رفضنا القاطع لتهجير شعب غزة الشقيق من أرضه وأرض أجداده».
وفي ختام كلمة جلالته قال: «نجدد تأييدنا للدور المحوري لجمهورية مصر العربية الشقيقة بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وإسهاماتها التاريخية في دعم القضية الفلسطينية وحماية الأمن القومي العربي، وثقتنا في خروج هذه القمة بنتائج مثمرة ومخرجات بناءة تعزز تطلعاتنا المشتركة نحو تكريس واستدامة الأمن والسلام والإزدهار لجميع شعوب المنطقة».
وفي كلمته قال معالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: «ينبغي العمل على مسارين بالتوازي وهما: أولاً التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار ووضع حد للقصف الوحشي الإسرائيلي ضد أهالي القطاع من المدنيين، وثانياً: فتح ممر آمن على نحو عاجل لإيصال المساعدات الإنسانية للسكان في قطاع غزة بالكامل مع تأمين استمرار إمدادات الغذاء والدواء والمياه والطاقة إلى أهل القطاع، هذه هي الأولوية القصوى، أما استمرار الوضع الحالي فيندرج في إطار المخالفة الصريحة والفادحة للقانون الدولي الإنساني من جانب إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال. وفي ختام كلمة معالي الأمين العام قال: «أؤكد على أن الجامعة العربية ترفض كافة أنواع الاستهداف والعنف ضد المدنيين دون تمييز، علمًا بأنه ليس هناك مدنيون ذوو درجة أعلى وآخرين بدرجة أدنى، فكل المدنيين متساوون والنفس البشرية لها قدسيتها».
وقد وجه معالي الأمين العام لكافة الأطراف وبالذات تلك غير المنخرطة في النزاع بأن تتحمل المسئولية وتمارس ضبط النفس وألا تفتح الطريق لأي إجراء يوسع رقعة المواجهة أو يفضي إلى تمددها، إن هذا ما يقتضيه الحد من معاناة المدنيين وتفادي احتمالات حرب إقليمية سوف يدفع ثمنها الجميع. واختتم الأمين العام كلمته بالقول: «يجب على القوى الدولية الرئيسية الاتفاق العاجل على أفق واضح ومحدد لتسوية سياسية شاملة تجسد للشعب الفلسطيني دولته المستقلة ليعيش في سلام وأمن اللذين يستحقهما مثل غيره من الشعوب تمامًا دون افتئات على حقوقه، فتلك التسوية وحدها هي التي سوف تجنب الأجيال القادمة في فلسطين وإسرائيل دوامات الكراهية والعنف».
ستظل قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى ونصرة الشعب الفلسطيني مسؤولية جماعية.
وعلى الخير والمحبة نلتقي،،،