حوارات
د. أحمد شوقى الخبير المصرفى: «بريكس» ستؤثر إيجابيًا على الاقتصاد المصرى وتمويلات بنك التنمية من أهم المكاسب التى ستعود على مصر
الجمعة 06/أكتوبر/2023 - 11:10 م
طباعة
sada-elarab.com/701481
فى ظل التحديات التى تواجه مصر فى الفترة الأخيرة، خاصة أزمة الدولار، ظهرت منظمة "بريكس" كضوء مشرق وإشارة أمل للخروج من هذه المشكلة، حيث يسعى هذا الكيان المتحد للتخلص من هيمنة الدولار، والبحث عن بدائل أخرى من خلال التعاون بين الدول الأعضاء، وقد جاء إعلان انضمام مصر إلى بريكس اعتبارًا من يناير 2024 كنقطة ضوء استقبلها المصريون بترحاب وتفاؤل كبير.
تهدف المنظمة إلى تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكى، مما يخفف الضغط على العملة الخضراء، ومن خلال الانضمام يمكن لمصر التخلص من الاعتماد على الدولار فى التبادل التجارى مع الدول الأعضاء، وتعزيز الشراكات فى مجالات كالبنية التحتية، كما ستحصل المنتجات المصرية على ميزة تنافسية فى أسواق الدول الأعضاء، وستتيح لمصر استبدال وارداتها من الدول التى تتعامل بالدولار بأسواق أخرى ضمن التجمع، وبذلك يمكن تخفيف الضغط على الطلب على الدولار، وحل أزمة صعوبة الحصول على تمويلات خارجية، مما يساهم فى تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية، بالإضافة إلى ذلك، عضوية مصر فى بنك التنمية التابع لبريكس ستوفر فرصًا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعات التنمية فى مصر.
انضمام مصر رسميًا إلى بريكس يفتح الأبواب أمام تساؤلات حول جدوى العضوية، وما ستجنيه مصر من هذه الخطوة، وهل سيكون انضمام مصر لمنظمة بريكس تأثير إيجابى على الاقتصاد المصري، وسيساهم فى تعزيز الاستقلالية المالية والاقتصادية للبلاد أم لا، ولذلك قامت جريدة السوق العربية بإجراء حوار صحفى مع الخبير المصرفى الدكتور أحمد شوقى، للتحدث حول هذه الأمور، وما المكاسب التى ستعود على مصر بشكل عام والقطاع المصرفى بشكل خاص من انضمامها لبريكس، إضافة إلى ما تأثيرات انضمامها أيضاً على السوق الموازى، والذهب، والأسعار، والعملة المحلية.. وإلى نص الحوار..
فى البداية، نود معرفة تفاصيل أكثر عن مجموعة بريكس، وعن عملتهم المشتركة؟
من المتعارف عليه أن مجموعة بريكستBRICS... هى مجموعة مكونة من الخمس الدول الناشئة، وهم الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، ومن فوائد وأهداف هذا التحالف هو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكى كعملة تجارية بعدما تأثرت بعض الدول بما فى ذلك مصر من التذبذبات بسوق الدولار نتيجة لارتفاع سعر الفائدة، والأزمة الروسية الأوكرانية التى أثرت على القطاع المصرفى الأمريكى.
فكرة منظمة بريكس ليست وليدة اللحظة، وإنما بدأت تتداول منذ فترة طويلة، ومع ذلك فإنه لابد من التقدم بخطوة جدية على أرض الواقع لتحقيق أهدافه المرجوه، إضافة إلى أن وجود بنك التنمية الجديد لبريكس سيساهم بشكل كبير فى هذه المبادرة،تومع وجود عملة لبريكس المقاومة بالذهب كعملة الدينار الكويتى _الأغلى عملة بالعالم لأنها مقاومه بالذهب_ ستكون عملة رسمية يتم التبادل التجارى ما بين الدول الأعضاء بالمجموعة بها بهدف التخفيف على الضغط على الدولار، وبذلك ستشكل خطر على الدولار ومكانته كعملة احتياطية عالمية.
ومع ذلك، فإن التأثير الكامل لهذه العملة، واكتساب الثقة الدولية قد يستغرق وقتًا قبل أن تصبح منافسًا قويًا للدولار،تولحين إصدار هذه العملة التى لم يتم الإعلان عن موعد إطلاقها حتى الآن، ستتعامل الدول الأعضاء فيما بينهما بالعملات المحلية، وهذا الدور سيساهم فى تقليل الضغط على الدولار خاصة بعد انضمام مصر والسعودية والإمارت لهذه المجموعة.
ما إيجابيات وسلبيات هذه العملة المشتركة، وما مستقبلها؟
من بين السلبيات المرتبطة بها، يمكن ذكر أن العملة المقترحة لبريكس ستواجه مقاومة شديدة عند إطلاقها، وربما لن يتم قبولها على نطاق واسع فى البداية، ولكن مع مرور الوقت يمكن أن يزداد قبولها، كما حدث مع الدولار الأمريكى عندما ظهر لأول مرة، لم يلقى قبول فى البداية بينما الآن أصبح الدولار الأمريكى يشكل حوالى 59٪ من إجمالى الاحتياطات العالمية،توبالتالى عندما نتحدث عن عملة بريكس لن يتم الاعتراف بها كعملة تدخل فى الاحتياطات الدولية فى البداية وهذا أمر طبيعى لأى عملة تنزل السوق يحدث لها مقاومة، وبالأخص مع وجود الدولار واليورو، وإذا واجهت مقاومة كبيرة فى البداية فى عمليات التجارة الدولية فقد يكون عليك التوقف عن استخدامها والعمل مع العملات المحلية بدلاً من ذلك.
أما من بين الإيجابيات المحتملة، فيتمثل فى تخفيف الضغط على الدولار الأمريكى، إضافة إلى وجود بنك التنمية الجديد الذى سيمول العديد من المشروعات فيمكن للاقتصادات الدولية الاستفادة من رأس المال الكبير المتاح للبنك، والذى يبلغ حوالى 100 مليون دولار أمريكى، وبالتالى سيسهل عملية التجارة بين الدول الأعضاء، وتعزيز العملة كواحدة إيجابية، وبمرور الوقت يمكن أن تصبح العملة المقترحة منافسًا قويًا للدولار الأمريكى.
ومع ذلك، يجب أخذ العامل الزمنى فى الاعتبار، حيث لم يتم تحديد موعد محدد لإطلاق عملة بريكس بعد، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عنها فى السنة القادمة، وحتى ذلك الحين، قد تواجه العملة المقترحة ضغوطًا سياسية من العديد من الجوانب، بما فى ذلك الدولار الأمريكى والتأثير الذى تمارسه الولايات المتحدة،تحيث مازال يهيمن الدولار خاصة أن حجم اليورو فى الاحتياطات الدولية لا يتجاوز 20% تقريباً، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه عندما تُطلق عملة بريكس سيكون لها وزن وثُقل فى السوق لأنها ستكون مقاومة بالذهب، وعندما يتم التداول بها سيرتفع قيمتها أكثر، وتصبح منافس قوى خاصةتفى ظل وجود الطلب على العملات فى الأسواق العالمية، وتأثير التداول والمضاربة عليها.
كيف ترى انضمام مصر لمجموعة بريكس؟
منذ انضمام مصر إلى مجموعة بريكس، لاحظنا تأثيرات واضحة فى السوق المصرية، بما فى ذلك انخفاض سعر الدولار فى السوق الموازي، حيث يُعد هذا الهدف واحدًا من الأهداف المرجوه من انضمام مصر إلى المجموعة،تولكن هناك هدف آخر نسعى له وهو انخفاض فى الأسعار، ومع ذلك قد لا نشعر بتأثيراته فى هذه الفترة، وذلك لأننا مازلنا نستورد بالدولار الأمريكي، ولكن عندما تصبح العملة الجديدة لبريكس متاحة ومستقرة سنتمكن من رؤية التأثيرات الفعلية، وبالإضافة إلى ذلك أن التبادل التجارى بين دول الأعضاء ستكون بالعملة المحلية فى الوقت الحالى سواء كان ذلك من خلال تبادل السلع أو الخدمات أو حتى عن طريق نظام المقايضة كتبادل القمح بالكمبيوترات، وذلك سيساهم بشكل كبير فى تقليل الضغط على الدولار.
ماذا يمكن أن تستفيد مصر من عضويتها فى مجموعة البريكس؟
من خلال انضمام مصر إلى مجموعة بريكس، ستستفيد بعدة مميزات، أولاً، ستُتيح لها فرصًا للتجارة البينية مع باقى الدول الأعضاء، سواءً بواسطة العملات المحلية أو من خلال الصفقات المتكافئة.
ثانيًا، وجود مصر مع هذا التحالف سيدعمها فى ملفات عديدة كالملفات السياسية والاقتصادية على وجه الخصوص.
ثالثًا، ستُتيح لمصر الاستفادة من تمويلات بنك التنمية الجديد، وذلك بدلاً من الاعتماد على القروض والدعم من صندوق النقد الدولي، خاصة أن بنك التنمية الجديد يقوم بتوجيه هذه التمويلات نحو المشروعات التنموية، والتنمية المستدامة، والخاصة بالبنية التحتية، مما يضمن توجيه الأموال إلى مشاريع محددة ومعروفة تعود بالفائدة على المجتمع بشكل عام، ويعتبر هذا من أهم هذه المكاسب. رابعاً، ستُتيح لمصر فرصة استغلال الموارد الاقتصادية والطبيعية للدول الأعضاء فى بريكس،تعلى سبيل المثال الهند من أكبر الدول تهتم بمجال "السوفت وير" لأغلب دول العالم، ومن هنا يمكن الاستفادة من ذلك ومن خبراتهم فى تطوير البنية التحتية التكنولوجية لدى مصر، فيحدث تبادل خبرات بين مصر ودول التحالف، إضافة إلى أن القطاع المصرفى المصرى فى الوقت الحالى يعمل على إنشاء بنوك رقمية، ومن ثم إنشاء عملة رقمية، خاصة أن الصين والهند قاموا بعمل عملة رقمية بالفعل، ولذلك يمكن أن تستفيد مصر من خبراتهم فى إنشائها.
خامساً، ستُسهل عمليةتالتبادل التجارى بين مصر وبين روسيا، إضافة إلى الصين التى تعتبر أكبر شريك استراتيجى لمصر فى التبادل التجارى حيث بلغ حجم التجارة معها 2.8 مليار دولار، وبعدها أمريكا ثم السعودية، وروسيا بنسبة 1.2 مليار دولار لكل دولة منهما، فبالتالى الشركاء الاستراتيجيين الدوليين التجاريين الذين تتعامل معهم مصر أصبحت مصر معهم داخل تحالف البريكس، ولذلك ستسطيع مصر الاستفادة من خلال التعامل معهم بالعملات المحلية بعيداً عن الدولار أو حتى من خلال الصفقات المتكافئة.
سادساً، سيُساهم فى تحسين الموازنة العامة المصرية حيث تعتمد الموازنة حجم من الدعم من المواد السلعية والبترولية، فبالتالى الدعم الذى يتم إنفاقه سيتم التقليل منه، ويتم توجيه المبلغ المخصص له فى الموازنة العامة المصرية لأننا لدينا مشروعات تنموية وبنية تحتية كثيرة مما يعود بالفائدة على المجتمع بشكل عام، بالإضافة إلى أن مصر لديها عجز فى الميزان التجاري، فعندما يتم التخفيف على الدولار سيساعد فى تقليل العجز فى الميزان التجارى سواء فىتتالمواد البترولية وغير البترولية التى نستوردها من تلك الدول، وهذه من ضمن المميزات التى ستعود على مصر من دخولها لهذا التحالف.
سابعاً، ستصبح مصر حليفًا للدول الناشئة ذات السكان الكبيرة فى بريكس، وهذا سيساعد مصر بشكل خاص فى تعزيز قطاع السياحة، حيث يمكن لمصر أن تجذب سياحًا من روسيا والصين، وتسهم فى تبادل العملات المحلية مع تلك الدول، خاصة أن أغلب السياح من روسياتومن ثم ستتوفر العملة الروسية بشكل كبير فى مصر فتستطيع أن تستورد منها بعملتها، وهى تستورد من مصر بعملتها، ولذلك فإن عملية التبادل من خلال العملات ستستفيد مصر منها.
ثامناً، تقليل الضغط على الدولار، وبالتالى توقفه فى السوق الموازى، ومن ثم ستزيد الاستثمارات لأنه لا يوجد أى مستثمر يريد أن يستثمر فى دولة بها سعرين للعملة.
تاسعاً، وبالإضافة إلى هذه المكاسب ستحظى مصر بعمليات تبادل خبرات أو بعثات بالتحديد بينها وبين دول بريكس لكى يكونوا أقوياء، ويستطيعوا مواجه أمريكا والدول الصناعية السبعة الكبرى.
ما التحديات التى قد تواجه مصر بعد انضمامها إلى مجموعة البريكس؟
من المتوقع أن تواجه مصر تحديات سياسية خاصة أنها لا تزال تحصل على دعم غير مردود من الولايات المتحدة فى بعض الملفات، وإذا قررت الولايات المتحدة سحب هذا الدعم، فسيكون له آثار سلبية على مصر، وذلك بسبب انضمامها إلى مجموعة بريكس التى تعد منافسة للنظام الدولارى الذى تعتمد عليه، وعلى الرغم من أن مصر تتبنى دائمًا موقفًا محايدًا، بما فى ذلك فى النزاع الروسى الأوكرانى، إلا أن انضمامها إلى بريكس أخرجها من هذا الموقف المحايد.
وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تواجه مصر أيضا ضغوطاً من صندوق النقد الدولى، إضافة إلى مشكلات فى التصنيف الائتماني، لذا إذا لم يتم تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بمنظمة بريكس على أرض الواقع ونفذت بالشكل المطلوب وتبدأ فى عملية التبادل، حينها ستواجه مصر تحديات أكبر.
كيف يمكن أن تواجه مصر هذه التحديات؟
لمواجهه هذه التحديات لابد أن تعمل مصر فى هذه الفترة على ملف الطروحات، لأن صندوق النقد يطلب من مصر بعض الأمور، وتواجه مصر بعض المعوقات فى تنفيذها، ولذلك الحل فى ملف الطروحاتتلتجنب وقوع مزيد من المشاكل، وعلى الرغم من أن الطروحات لن توفر سيولة دولارية بشكل كامل، إلا أنها ستوفر مبلغاً محدوداً من السيولة، حوالى مليار وسبعمائة مليون دولار، ومع ذلك، من الضرورى العمل على هذا الملف لمنع صندوق النقد الدولى من فرض ضغوط على مصر فى أى وقت.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على مصر أن تقوم بإصدار صكوك وليست سندات استثمار فقط، حيث يتمتع الصكوك بهيكل تمويلى مختلف يدعم ملفات متعددة، وليكن حل فى توفير بدائل تمويلية غير صندوق النقد الدولي، ولحل هذه المشكلة أيضًا، يجب توفير سيولة دولارية من مصادر متعددة، كقناة السويس وقطاع السياحة، ومع ذلك، يجب التركيز بشكل كبير على قطاع السياحة، وجذب المزيد من السياح عن طريق تقديم عروض وتشجيعات لتمديد فترة إقامتهم فى مصر، فجذب السياحة يعد أمرًا حيويًا بوصفه مصدرًا هامًا للعملات الأجنبية، لذا يجب العمل بشكل مكثف على هذا الملف.
وما تأثيرات انضمام مصر لمجموعة البريكس على سعر الذهب والدولار محلياً والسوق السوداء؟
من وجهة نظرى، أتوقَّع أن يشهد سعر الذهب ارتفاعًا أكثر فى الفترة المقبلة،توذلك لأن الذهب ليس له سوق سوداء، وهذا من الأمور المهمة الخاصة بالذهب بل يعتمد على سعر الذهب عالمياً، إضافة إلى أن الذهب فى مصر مرتبط بعملية العرض والطلب تؤثر فى سعره بشكل كبير،توبناءً على ذلك، فإننى أتوقع زيادة أكبر فى سعر الذهب، خاصةً فى بداية السنة الجديدة، وذلك بعد اجتماع الفيدرالى الأمريكى.
أما بالنسبة للدولار، فهناك العديد من العوامل والمؤشرات التى يمكن أن تؤثر فيه، وذلك من خلال التحركات والتوجهات التى تتخذها الدولة بخصوص الشهادات الدولارية وعملية التحوط، كما أن البنك المركزى يقوم بدور فى تنظيم الحصيلة النقدية وإدارة العملات، مما يوفر حصيلة دولارية، بالإضافة إلى ذلك،تمؤشر الجنيه الذى أعتقد أنه سيقفز لأن مصر ستربط عملتها بأكثر من متغير ذهب، عملات أخرى، وهذه العملات يتم تحديدها بناءاً على حجم الشركاء التجاريين ويتم ربط عملة الجنيه بهم فعندما يتم الربط بين عملتها وعملات الدول التى بينهما عمليات تبادل تجاري، سيصبح سعر الدولار مقارب لسعره فى السوق الموازى، لذا فإن سعر السوق السوداء سينخفض، إنما سعره فى السوق الرسمية سيظل كما هو ثابت لفترة طويلة، وذلك لأن أى تحرك أكثر فى سعر الدولار فى الفترة القادمة سيؤثر بشكل كبير فى التضخم.
كيف سيكون مستقبل العملة المحلية بعد الآن والأسعار؟
وفقًا للأرقام الاقتصادية والمؤشرات الموجودة فى التقارير، هناك توقعات بحدوث تعويم للجنيه المصرى ولكن ليس فى هذه الفترة، ومع ذلك، لا يهمنا هنا ليس متى سيتم التعويم، بل ما هى المكاسب التى ستحققها الدولة من وراء التعويم، خاصة أن التعويم لا يعنى بالضرورة تهديد للعملة، فعلى سبيل المثال، روسيا عملتها أقل من الجنيه المصرى، ولكن اقتصاد روسيا لا يعتبر فى أزمة، وذلك يرجع لأنهم يقومون بالاستيراد والتصدير، ويديرون مواردهم بشكل جيد جدًا، وهذا ما نحتاجه عند التعويم، أى القدرة على استغلال الموارد وحل المشاكل المختلفة. فمن المتوقع أن يتم تحديد اتجاه العملة المحلية فى يناير 2024، بعد تقييم وجود تبادل تجارى بين مصر ودول التحالف، وفى ذلك الوقت، قد يحدث تحسن بسيط فى العملة، ولكن يمكن حدوث تحسن كامل خلال عام 2024، وذلك فى سياق تفعيل منظومة بريكس.
ومن الجدير بالذكر أن كل إجراء يُتخذ له سلبيات وإيجابيات، فإيجابيات تعويم الجنيه يمكن أن تساهم فى زيادة الاستثمارات الأجنبية، وحل أزمة الدولار التى تواجهها مصر حاليًا، أما بالنسبة للأسعار، يمكن أن يكون من الصعب رؤية انخفاض فى الوقت الحالى، نظرًا لعدم وجود اكتفاء ذاتى للعديد من السلع فى البلاد، بالإضافة إلى أن قيمة الدولار لم تنخفض بعد.
من وجه نظرك.. يمكنتأن تستغنى مصر عن الدولار نهائياً؟
سيظل الدولار موجودًا طالما تستمر التجارة والتبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة، ولذلك من الضرورى على مصر أن تبحث عن بدائل أخرى، مثلما حدث فى أوروبا عندما واجهت مشكلة فى إمدادات الغاز من روسيا، قامت أوروبا بالبحث عن بدائل أخرى لحل هذه المشكلة، لذلك يجب على مصر أن تقوم بنفس الشىء وتبحث عن بدائل محلية، ويمكن أن تكون واحدة من تلك البدائل هى تحسين جودة المنتجات المحلية لتلبية المعايير العالمية، كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أنه عندما تكون لدينا منتجات محلية عالية الجودة، لن يكون هناك حاجة كبيرة للاعتماد على الواردات، وبالتالى يمكن أن نقلل الاعتماد على الدولار.
ومع ذلك، يجب أن ندرك أن الدولار لا يزال يحتل مكانة مهمة عالمياً، حيث يمثل 59% من الاحتياطات الدولية، لذا لن تتمكن مصر من تقليل هيمنة الدولار بشكل سريع، حيث يعتمد ذلك على مدى بُعد مصر عن عملياتها التجارية بالدولار والبحث عن بدائل أخرى، وقد قامت مصر ببعض الخطوات فى هذا الصدد، كانضمامها إلى تحالف بريكس، وتعزيز التجارة مع الدول الأعضاء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الدين الخارجى لمصر يتم حسابه بالدولار الأمريكى، بغض النظر عن وجود عملات أخرى، ولكنه مقاوم بالدولار، بما فى ذلك الاحتياطى النقدى المكون من الدولار وعملات أخرى والذهب، ولكنه مقاوم بالدولار أيضا خاصة أن الذهب مقاوم بالدولار، لذلك فإن الدولار الأمريكى يحتل موقعًا قويًا داخل مصر وعالميًا، ولن يتم تغيير هذا الوضع بسرعة، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تحظى البدائل التى تم اقتراحها لتقليل الاعتماد على الدولار بقبول فى الأسواق، والأهم من ذلك، يجب أن يتم تقويم الصفقات والتعاملات بعملة أخرى أو ببدائل أخرى وليس بالدولار، ولذلك فإن تخفيض الاعتماد على الدولار لن يحدث فى ليلة وضحاها، لذلك لابد على تحالف بريكس أن يسرع ويدخل فى حيز التنفيذ، ويتم التبادل التجارى بيننا وبين الدول الأعضاء، إضافة إلى التحالفات الأخرى مع أفريقيا حيث تمتلك مصر سوقًا كبيرة جدًا فى القارة الأفريقية، وتولى اهتمامًا متزايدًا لهذا الجانب فى الفترة الأخيرة.
كيف يمكن أن يستفيد القطاع المصرفى المصرى من انضمام مصر لهذا التحالف؟
يمكن القول بأن القطاع المصرفى المصرى يمكن أن يستفيد من بعض الدول الأعضاء فى بريكس فيما يتعلق بالعملات الرقمية التى يسعى القطاع لتطويرها، كما يمكن أن يستفيد أيضا القطاع المصرفى من مجموعة بريكس فى زيادة التعاملات ما بين المؤسسات المصرية والمؤسسات فى دول التحالف، مما يؤدى إلى توفير تمويلات للشركات التيتتشارك فى أنشطة الاستيراد والتصدير بين مصر والدول الأخرى، باستخدام العملات المختلفة، وبالتالى ستساهم هذه العمليات فى زيادة محفظة التمويلات المتاحة داخل القطاع المصرفى المصرى خلال الفترة المقبلة، كما سيسهم وجود مصر فى بريكس فى دعم البنية التكنولوجية والتحتية للقطاع المصرفي، مما يمكّن بدء تنفيذ مشاريع البنوك الرقمية والعملة الرقمية فى مصر.
وكيف ترى وضع القطاع المصرفى المصرى فى الوقت الحالى؟
القطاع المصرفى المصرى هو كان ومازال العمود الفقرى للاقتصاد المصري، والدليل على ذلك منذ بداية المناداة بإجراء الاصلاح الاقتصادى تم الاطلاع على السياسات المالية والنقدية، ولكن كانت النقدية هى الأساسى القطاع المصرفى لديها قوي، وهذا كان واضح للغاية خاصة خلال أزمة كوفيد 19، إذ لولا تطور البنية التحتية التكنولوجية فى مصر لما كان بإمكاننا التعامل مع تلك الأزمة والتغلب عليها،تولكن بفضل التطبيقات المصرفية الإلكترونية، تم تسهيل عمليات تحويل الأموال بشكل كبير، مما ساهم فى استدامة الاقتصاد فى ذلك الوقت الصعب، كما تبنّى القطاع المصرفى العديد من المبادرات لحل تلك الأزمة، بما فى ذلك مبادرات فى القطاع الصناعى والزراعى وغيرهما، مما ساهم فى تنشيط قطاعى الزراعة والصناعة وتعزيز الاهتمام بهما بعد ذلك.
وأخيراً.. ماذا الذى ينتظر مصر فى السنة القادمة.. من وجه نظرك؟
إذا لم تحدث تطورات وتفعيل فى مجموعة بريكس على أرض الواقع، فمن المتوقع أن يكون الوضع سيئًا، حيث تعتبر السنة القادمة امتدادًا للسنتين السابقتين التى تم فيها تجاوز العديد من الأزمات فى مصر،تولكى نخرج فى السنة الجديدة من هذه الأزمات، ويصبح الوضع أفضلتيجب علينا العمل على تفعيل وتنفيذ مبادرة بريكس على أرض الواقع حيث ستساهم بشكل كبير فى زيادة الإنتاج الزراعى والصناعى وتحسين العديد من الملفات الأخرى فى مصر، كما ستساعد مصر فى مواجهة أزمة التضخم، بالإضافة إلى ذلك، لا يزال لدينا مشكلة الدين وعجز فى الموازنة العامة، وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية التى تؤثر على اقتصادات العالم بشكل عام، فإذا انتهت الحرب وتم حل مشكلة الدين، سيتعافى الاقتصاد فى أقل من سنتين كحد أدنى، ومع تفعيل الحلول والأدوات فى المستقبل القريب، ستنخفض الأسعار وتتجنب الارتفاع المبالغ فيه، خاصة مع التوقعات بحدوث تعويم فى السنة القادمة وفقًا للإحصاءات والأرقام، وإضافة إلى ما سبق أتمنى زيادة الاكتفاء الذاتى فى مصر فى السنة القادمة بنسبة أعلى.
تهدف المنظمة إلى تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكى، مما يخفف الضغط على العملة الخضراء، ومن خلال الانضمام يمكن لمصر التخلص من الاعتماد على الدولار فى التبادل التجارى مع الدول الأعضاء، وتعزيز الشراكات فى مجالات كالبنية التحتية، كما ستحصل المنتجات المصرية على ميزة تنافسية فى أسواق الدول الأعضاء، وستتيح لمصر استبدال وارداتها من الدول التى تتعامل بالدولار بأسواق أخرى ضمن التجمع، وبذلك يمكن تخفيف الضغط على الطلب على الدولار، وحل أزمة صعوبة الحصول على تمويلات خارجية، مما يساهم فى تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية، بالإضافة إلى ذلك، عضوية مصر فى بنك التنمية التابع لبريكس ستوفر فرصًا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعات التنمية فى مصر.
انضمام مصر رسميًا إلى بريكس يفتح الأبواب أمام تساؤلات حول جدوى العضوية، وما ستجنيه مصر من هذه الخطوة، وهل سيكون انضمام مصر لمنظمة بريكس تأثير إيجابى على الاقتصاد المصري، وسيساهم فى تعزيز الاستقلالية المالية والاقتصادية للبلاد أم لا، ولذلك قامت جريدة السوق العربية بإجراء حوار صحفى مع الخبير المصرفى الدكتور أحمد شوقى، للتحدث حول هذه الأمور، وما المكاسب التى ستعود على مصر بشكل عام والقطاع المصرفى بشكل خاص من انضمامها لبريكس، إضافة إلى ما تأثيرات انضمامها أيضاً على السوق الموازى، والذهب، والأسعار، والعملة المحلية.. وإلى نص الحوار..
فى البداية، نود معرفة تفاصيل أكثر عن مجموعة بريكس، وعن عملتهم المشتركة؟
من المتعارف عليه أن مجموعة بريكستBRICS... هى مجموعة مكونة من الخمس الدول الناشئة، وهم الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، ومن فوائد وأهداف هذا التحالف هو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكى كعملة تجارية بعدما تأثرت بعض الدول بما فى ذلك مصر من التذبذبات بسوق الدولار نتيجة لارتفاع سعر الفائدة، والأزمة الروسية الأوكرانية التى أثرت على القطاع المصرفى الأمريكى.
فكرة منظمة بريكس ليست وليدة اللحظة، وإنما بدأت تتداول منذ فترة طويلة، ومع ذلك فإنه لابد من التقدم بخطوة جدية على أرض الواقع لتحقيق أهدافه المرجوه، إضافة إلى أن وجود بنك التنمية الجديد لبريكس سيساهم بشكل كبير فى هذه المبادرة،تومع وجود عملة لبريكس المقاومة بالذهب كعملة الدينار الكويتى _الأغلى عملة بالعالم لأنها مقاومه بالذهب_ ستكون عملة رسمية يتم التبادل التجارى ما بين الدول الأعضاء بالمجموعة بها بهدف التخفيف على الضغط على الدولار، وبذلك ستشكل خطر على الدولار ومكانته كعملة احتياطية عالمية.
ومع ذلك، فإن التأثير الكامل لهذه العملة، واكتساب الثقة الدولية قد يستغرق وقتًا قبل أن تصبح منافسًا قويًا للدولار،تولحين إصدار هذه العملة التى لم يتم الإعلان عن موعد إطلاقها حتى الآن، ستتعامل الدول الأعضاء فيما بينهما بالعملات المحلية، وهذا الدور سيساهم فى تقليل الضغط على الدولار خاصة بعد انضمام مصر والسعودية والإمارت لهذه المجموعة.
ما إيجابيات وسلبيات هذه العملة المشتركة، وما مستقبلها؟
من بين السلبيات المرتبطة بها، يمكن ذكر أن العملة المقترحة لبريكس ستواجه مقاومة شديدة عند إطلاقها، وربما لن يتم قبولها على نطاق واسع فى البداية، ولكن مع مرور الوقت يمكن أن يزداد قبولها، كما حدث مع الدولار الأمريكى عندما ظهر لأول مرة، لم يلقى قبول فى البداية بينما الآن أصبح الدولار الأمريكى يشكل حوالى 59٪ من إجمالى الاحتياطات العالمية،توبالتالى عندما نتحدث عن عملة بريكس لن يتم الاعتراف بها كعملة تدخل فى الاحتياطات الدولية فى البداية وهذا أمر طبيعى لأى عملة تنزل السوق يحدث لها مقاومة، وبالأخص مع وجود الدولار واليورو، وإذا واجهت مقاومة كبيرة فى البداية فى عمليات التجارة الدولية فقد يكون عليك التوقف عن استخدامها والعمل مع العملات المحلية بدلاً من ذلك.
أما من بين الإيجابيات المحتملة، فيتمثل فى تخفيف الضغط على الدولار الأمريكى، إضافة إلى وجود بنك التنمية الجديد الذى سيمول العديد من المشروعات فيمكن للاقتصادات الدولية الاستفادة من رأس المال الكبير المتاح للبنك، والذى يبلغ حوالى 100 مليون دولار أمريكى، وبالتالى سيسهل عملية التجارة بين الدول الأعضاء، وتعزيز العملة كواحدة إيجابية، وبمرور الوقت يمكن أن تصبح العملة المقترحة منافسًا قويًا للدولار الأمريكى.
ومع ذلك، يجب أخذ العامل الزمنى فى الاعتبار، حيث لم يتم تحديد موعد محدد لإطلاق عملة بريكس بعد، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عنها فى السنة القادمة، وحتى ذلك الحين، قد تواجه العملة المقترحة ضغوطًا سياسية من العديد من الجوانب، بما فى ذلك الدولار الأمريكى والتأثير الذى تمارسه الولايات المتحدة،تحيث مازال يهيمن الدولار خاصة أن حجم اليورو فى الاحتياطات الدولية لا يتجاوز 20% تقريباً، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه عندما تُطلق عملة بريكس سيكون لها وزن وثُقل فى السوق لأنها ستكون مقاومة بالذهب، وعندما يتم التداول بها سيرتفع قيمتها أكثر، وتصبح منافس قوى خاصةتفى ظل وجود الطلب على العملات فى الأسواق العالمية، وتأثير التداول والمضاربة عليها.
كيف ترى انضمام مصر لمجموعة بريكس؟
منذ انضمام مصر إلى مجموعة بريكس، لاحظنا تأثيرات واضحة فى السوق المصرية، بما فى ذلك انخفاض سعر الدولار فى السوق الموازي، حيث يُعد هذا الهدف واحدًا من الأهداف المرجوه من انضمام مصر إلى المجموعة،تولكن هناك هدف آخر نسعى له وهو انخفاض فى الأسعار، ومع ذلك قد لا نشعر بتأثيراته فى هذه الفترة، وذلك لأننا مازلنا نستورد بالدولار الأمريكي، ولكن عندما تصبح العملة الجديدة لبريكس متاحة ومستقرة سنتمكن من رؤية التأثيرات الفعلية، وبالإضافة إلى ذلك أن التبادل التجارى بين دول الأعضاء ستكون بالعملة المحلية فى الوقت الحالى سواء كان ذلك من خلال تبادل السلع أو الخدمات أو حتى عن طريق نظام المقايضة كتبادل القمح بالكمبيوترات، وذلك سيساهم بشكل كبير فى تقليل الضغط على الدولار.
ماذا يمكن أن تستفيد مصر من عضويتها فى مجموعة البريكس؟
من خلال انضمام مصر إلى مجموعة بريكس، ستستفيد بعدة مميزات، أولاً، ستُتيح لها فرصًا للتجارة البينية مع باقى الدول الأعضاء، سواءً بواسطة العملات المحلية أو من خلال الصفقات المتكافئة.
ثانيًا، وجود مصر مع هذا التحالف سيدعمها فى ملفات عديدة كالملفات السياسية والاقتصادية على وجه الخصوص.
ثالثًا، ستُتيح لمصر الاستفادة من تمويلات بنك التنمية الجديد، وذلك بدلاً من الاعتماد على القروض والدعم من صندوق النقد الدولي، خاصة أن بنك التنمية الجديد يقوم بتوجيه هذه التمويلات نحو المشروعات التنموية، والتنمية المستدامة، والخاصة بالبنية التحتية، مما يضمن توجيه الأموال إلى مشاريع محددة ومعروفة تعود بالفائدة على المجتمع بشكل عام، ويعتبر هذا من أهم هذه المكاسب. رابعاً، ستُتيح لمصر فرصة استغلال الموارد الاقتصادية والطبيعية للدول الأعضاء فى بريكس،تعلى سبيل المثال الهند من أكبر الدول تهتم بمجال "السوفت وير" لأغلب دول العالم، ومن هنا يمكن الاستفادة من ذلك ومن خبراتهم فى تطوير البنية التحتية التكنولوجية لدى مصر، فيحدث تبادل خبرات بين مصر ودول التحالف، إضافة إلى أن القطاع المصرفى المصرى فى الوقت الحالى يعمل على إنشاء بنوك رقمية، ومن ثم إنشاء عملة رقمية، خاصة أن الصين والهند قاموا بعمل عملة رقمية بالفعل، ولذلك يمكن أن تستفيد مصر من خبراتهم فى إنشائها.
خامساً، ستُسهل عمليةتالتبادل التجارى بين مصر وبين روسيا، إضافة إلى الصين التى تعتبر أكبر شريك استراتيجى لمصر فى التبادل التجارى حيث بلغ حجم التجارة معها 2.8 مليار دولار، وبعدها أمريكا ثم السعودية، وروسيا بنسبة 1.2 مليار دولار لكل دولة منهما، فبالتالى الشركاء الاستراتيجيين الدوليين التجاريين الذين تتعامل معهم مصر أصبحت مصر معهم داخل تحالف البريكس، ولذلك ستسطيع مصر الاستفادة من خلال التعامل معهم بالعملات المحلية بعيداً عن الدولار أو حتى من خلال الصفقات المتكافئة.
سادساً، سيُساهم فى تحسين الموازنة العامة المصرية حيث تعتمد الموازنة حجم من الدعم من المواد السلعية والبترولية، فبالتالى الدعم الذى يتم إنفاقه سيتم التقليل منه، ويتم توجيه المبلغ المخصص له فى الموازنة العامة المصرية لأننا لدينا مشروعات تنموية وبنية تحتية كثيرة مما يعود بالفائدة على المجتمع بشكل عام، بالإضافة إلى أن مصر لديها عجز فى الميزان التجاري، فعندما يتم التخفيف على الدولار سيساعد فى تقليل العجز فى الميزان التجارى سواء فىتتالمواد البترولية وغير البترولية التى نستوردها من تلك الدول، وهذه من ضمن المميزات التى ستعود على مصر من دخولها لهذا التحالف.
سابعاً، ستصبح مصر حليفًا للدول الناشئة ذات السكان الكبيرة فى بريكس، وهذا سيساعد مصر بشكل خاص فى تعزيز قطاع السياحة، حيث يمكن لمصر أن تجذب سياحًا من روسيا والصين، وتسهم فى تبادل العملات المحلية مع تلك الدول، خاصة أن أغلب السياح من روسياتومن ثم ستتوفر العملة الروسية بشكل كبير فى مصر فتستطيع أن تستورد منها بعملتها، وهى تستورد من مصر بعملتها، ولذلك فإن عملية التبادل من خلال العملات ستستفيد مصر منها.
ثامناً، تقليل الضغط على الدولار، وبالتالى توقفه فى السوق الموازى، ومن ثم ستزيد الاستثمارات لأنه لا يوجد أى مستثمر يريد أن يستثمر فى دولة بها سعرين للعملة.
تاسعاً، وبالإضافة إلى هذه المكاسب ستحظى مصر بعمليات تبادل خبرات أو بعثات بالتحديد بينها وبين دول بريكس لكى يكونوا أقوياء، ويستطيعوا مواجه أمريكا والدول الصناعية السبعة الكبرى.
ما التحديات التى قد تواجه مصر بعد انضمامها إلى مجموعة البريكس؟
من المتوقع أن تواجه مصر تحديات سياسية خاصة أنها لا تزال تحصل على دعم غير مردود من الولايات المتحدة فى بعض الملفات، وإذا قررت الولايات المتحدة سحب هذا الدعم، فسيكون له آثار سلبية على مصر، وذلك بسبب انضمامها إلى مجموعة بريكس التى تعد منافسة للنظام الدولارى الذى تعتمد عليه، وعلى الرغم من أن مصر تتبنى دائمًا موقفًا محايدًا، بما فى ذلك فى النزاع الروسى الأوكرانى، إلا أن انضمامها إلى بريكس أخرجها من هذا الموقف المحايد.
وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تواجه مصر أيضا ضغوطاً من صندوق النقد الدولى، إضافة إلى مشكلات فى التصنيف الائتماني، لذا إذا لم يتم تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بمنظمة بريكس على أرض الواقع ونفذت بالشكل المطلوب وتبدأ فى عملية التبادل، حينها ستواجه مصر تحديات أكبر.
كيف يمكن أن تواجه مصر هذه التحديات؟
لمواجهه هذه التحديات لابد أن تعمل مصر فى هذه الفترة على ملف الطروحات، لأن صندوق النقد يطلب من مصر بعض الأمور، وتواجه مصر بعض المعوقات فى تنفيذها، ولذلك الحل فى ملف الطروحاتتلتجنب وقوع مزيد من المشاكل، وعلى الرغم من أن الطروحات لن توفر سيولة دولارية بشكل كامل، إلا أنها ستوفر مبلغاً محدوداً من السيولة، حوالى مليار وسبعمائة مليون دولار، ومع ذلك، من الضرورى العمل على هذا الملف لمنع صندوق النقد الدولى من فرض ضغوط على مصر فى أى وقت.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على مصر أن تقوم بإصدار صكوك وليست سندات استثمار فقط، حيث يتمتع الصكوك بهيكل تمويلى مختلف يدعم ملفات متعددة، وليكن حل فى توفير بدائل تمويلية غير صندوق النقد الدولي، ولحل هذه المشكلة أيضًا، يجب توفير سيولة دولارية من مصادر متعددة، كقناة السويس وقطاع السياحة، ومع ذلك، يجب التركيز بشكل كبير على قطاع السياحة، وجذب المزيد من السياح عن طريق تقديم عروض وتشجيعات لتمديد فترة إقامتهم فى مصر، فجذب السياحة يعد أمرًا حيويًا بوصفه مصدرًا هامًا للعملات الأجنبية، لذا يجب العمل بشكل مكثف على هذا الملف.
وما تأثيرات انضمام مصر لمجموعة البريكس على سعر الذهب والدولار محلياً والسوق السوداء؟
من وجهة نظرى، أتوقَّع أن يشهد سعر الذهب ارتفاعًا أكثر فى الفترة المقبلة،توذلك لأن الذهب ليس له سوق سوداء، وهذا من الأمور المهمة الخاصة بالذهب بل يعتمد على سعر الذهب عالمياً، إضافة إلى أن الذهب فى مصر مرتبط بعملية العرض والطلب تؤثر فى سعره بشكل كبير،توبناءً على ذلك، فإننى أتوقع زيادة أكبر فى سعر الذهب، خاصةً فى بداية السنة الجديدة، وذلك بعد اجتماع الفيدرالى الأمريكى.
أما بالنسبة للدولار، فهناك العديد من العوامل والمؤشرات التى يمكن أن تؤثر فيه، وذلك من خلال التحركات والتوجهات التى تتخذها الدولة بخصوص الشهادات الدولارية وعملية التحوط، كما أن البنك المركزى يقوم بدور فى تنظيم الحصيلة النقدية وإدارة العملات، مما يوفر حصيلة دولارية، بالإضافة إلى ذلك،تمؤشر الجنيه الذى أعتقد أنه سيقفز لأن مصر ستربط عملتها بأكثر من متغير ذهب، عملات أخرى، وهذه العملات يتم تحديدها بناءاً على حجم الشركاء التجاريين ويتم ربط عملة الجنيه بهم فعندما يتم الربط بين عملتها وعملات الدول التى بينهما عمليات تبادل تجاري، سيصبح سعر الدولار مقارب لسعره فى السوق الموازى، لذا فإن سعر السوق السوداء سينخفض، إنما سعره فى السوق الرسمية سيظل كما هو ثابت لفترة طويلة، وذلك لأن أى تحرك أكثر فى سعر الدولار فى الفترة القادمة سيؤثر بشكل كبير فى التضخم.
كيف سيكون مستقبل العملة المحلية بعد الآن والأسعار؟
وفقًا للأرقام الاقتصادية والمؤشرات الموجودة فى التقارير، هناك توقعات بحدوث تعويم للجنيه المصرى ولكن ليس فى هذه الفترة، ومع ذلك، لا يهمنا هنا ليس متى سيتم التعويم، بل ما هى المكاسب التى ستحققها الدولة من وراء التعويم، خاصة أن التعويم لا يعنى بالضرورة تهديد للعملة، فعلى سبيل المثال، روسيا عملتها أقل من الجنيه المصرى، ولكن اقتصاد روسيا لا يعتبر فى أزمة، وذلك يرجع لأنهم يقومون بالاستيراد والتصدير، ويديرون مواردهم بشكل جيد جدًا، وهذا ما نحتاجه عند التعويم، أى القدرة على استغلال الموارد وحل المشاكل المختلفة. فمن المتوقع أن يتم تحديد اتجاه العملة المحلية فى يناير 2024، بعد تقييم وجود تبادل تجارى بين مصر ودول التحالف، وفى ذلك الوقت، قد يحدث تحسن بسيط فى العملة، ولكن يمكن حدوث تحسن كامل خلال عام 2024، وذلك فى سياق تفعيل منظومة بريكس.
ومن الجدير بالذكر أن كل إجراء يُتخذ له سلبيات وإيجابيات، فإيجابيات تعويم الجنيه يمكن أن تساهم فى زيادة الاستثمارات الأجنبية، وحل أزمة الدولار التى تواجهها مصر حاليًا، أما بالنسبة للأسعار، يمكن أن يكون من الصعب رؤية انخفاض فى الوقت الحالى، نظرًا لعدم وجود اكتفاء ذاتى للعديد من السلع فى البلاد، بالإضافة إلى أن قيمة الدولار لم تنخفض بعد.
من وجه نظرك.. يمكنتأن تستغنى مصر عن الدولار نهائياً؟
سيظل الدولار موجودًا طالما تستمر التجارة والتبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة، ولذلك من الضرورى على مصر أن تبحث عن بدائل أخرى، مثلما حدث فى أوروبا عندما واجهت مشكلة فى إمدادات الغاز من روسيا، قامت أوروبا بالبحث عن بدائل أخرى لحل هذه المشكلة، لذلك يجب على مصر أن تقوم بنفس الشىء وتبحث عن بدائل محلية، ويمكن أن تكون واحدة من تلك البدائل هى تحسين جودة المنتجات المحلية لتلبية المعايير العالمية، كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أنه عندما تكون لدينا منتجات محلية عالية الجودة، لن يكون هناك حاجة كبيرة للاعتماد على الواردات، وبالتالى يمكن أن نقلل الاعتماد على الدولار.
ومع ذلك، يجب أن ندرك أن الدولار لا يزال يحتل مكانة مهمة عالمياً، حيث يمثل 59% من الاحتياطات الدولية، لذا لن تتمكن مصر من تقليل هيمنة الدولار بشكل سريع، حيث يعتمد ذلك على مدى بُعد مصر عن عملياتها التجارية بالدولار والبحث عن بدائل أخرى، وقد قامت مصر ببعض الخطوات فى هذا الصدد، كانضمامها إلى تحالف بريكس، وتعزيز التجارة مع الدول الأعضاء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الدين الخارجى لمصر يتم حسابه بالدولار الأمريكى، بغض النظر عن وجود عملات أخرى، ولكنه مقاوم بالدولار، بما فى ذلك الاحتياطى النقدى المكون من الدولار وعملات أخرى والذهب، ولكنه مقاوم بالدولار أيضا خاصة أن الذهب مقاوم بالدولار، لذلك فإن الدولار الأمريكى يحتل موقعًا قويًا داخل مصر وعالميًا، ولن يتم تغيير هذا الوضع بسرعة، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تحظى البدائل التى تم اقتراحها لتقليل الاعتماد على الدولار بقبول فى الأسواق، والأهم من ذلك، يجب أن يتم تقويم الصفقات والتعاملات بعملة أخرى أو ببدائل أخرى وليس بالدولار، ولذلك فإن تخفيض الاعتماد على الدولار لن يحدث فى ليلة وضحاها، لذلك لابد على تحالف بريكس أن يسرع ويدخل فى حيز التنفيذ، ويتم التبادل التجارى بيننا وبين الدول الأعضاء، إضافة إلى التحالفات الأخرى مع أفريقيا حيث تمتلك مصر سوقًا كبيرة جدًا فى القارة الأفريقية، وتولى اهتمامًا متزايدًا لهذا الجانب فى الفترة الأخيرة.
كيف يمكن أن يستفيد القطاع المصرفى المصرى من انضمام مصر لهذا التحالف؟
يمكن القول بأن القطاع المصرفى المصرى يمكن أن يستفيد من بعض الدول الأعضاء فى بريكس فيما يتعلق بالعملات الرقمية التى يسعى القطاع لتطويرها، كما يمكن أن يستفيد أيضا القطاع المصرفى من مجموعة بريكس فى زيادة التعاملات ما بين المؤسسات المصرية والمؤسسات فى دول التحالف، مما يؤدى إلى توفير تمويلات للشركات التيتتشارك فى أنشطة الاستيراد والتصدير بين مصر والدول الأخرى، باستخدام العملات المختلفة، وبالتالى ستساهم هذه العمليات فى زيادة محفظة التمويلات المتاحة داخل القطاع المصرفى المصرى خلال الفترة المقبلة، كما سيسهم وجود مصر فى بريكس فى دعم البنية التكنولوجية والتحتية للقطاع المصرفي، مما يمكّن بدء تنفيذ مشاريع البنوك الرقمية والعملة الرقمية فى مصر.
وكيف ترى وضع القطاع المصرفى المصرى فى الوقت الحالى؟
القطاع المصرفى المصرى هو كان ومازال العمود الفقرى للاقتصاد المصري، والدليل على ذلك منذ بداية المناداة بإجراء الاصلاح الاقتصادى تم الاطلاع على السياسات المالية والنقدية، ولكن كانت النقدية هى الأساسى القطاع المصرفى لديها قوي، وهذا كان واضح للغاية خاصة خلال أزمة كوفيد 19، إذ لولا تطور البنية التحتية التكنولوجية فى مصر لما كان بإمكاننا التعامل مع تلك الأزمة والتغلب عليها،تولكن بفضل التطبيقات المصرفية الإلكترونية، تم تسهيل عمليات تحويل الأموال بشكل كبير، مما ساهم فى استدامة الاقتصاد فى ذلك الوقت الصعب، كما تبنّى القطاع المصرفى العديد من المبادرات لحل تلك الأزمة، بما فى ذلك مبادرات فى القطاع الصناعى والزراعى وغيرهما، مما ساهم فى تنشيط قطاعى الزراعة والصناعة وتعزيز الاهتمام بهما بعد ذلك.
وأخيراً.. ماذا الذى ينتظر مصر فى السنة القادمة.. من وجه نظرك؟
إذا لم تحدث تطورات وتفعيل فى مجموعة بريكس على أرض الواقع، فمن المتوقع أن يكون الوضع سيئًا، حيث تعتبر السنة القادمة امتدادًا للسنتين السابقتين التى تم فيها تجاوز العديد من الأزمات فى مصر،تولكى نخرج فى السنة الجديدة من هذه الأزمات، ويصبح الوضع أفضلتيجب علينا العمل على تفعيل وتنفيذ مبادرة بريكس على أرض الواقع حيث ستساهم بشكل كبير فى زيادة الإنتاج الزراعى والصناعى وتحسين العديد من الملفات الأخرى فى مصر، كما ستساعد مصر فى مواجهة أزمة التضخم، بالإضافة إلى ذلك، لا يزال لدينا مشكلة الدين وعجز فى الموازنة العامة، وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية التى تؤثر على اقتصادات العالم بشكل عام، فإذا انتهت الحرب وتم حل مشكلة الدين، سيتعافى الاقتصاد فى أقل من سنتين كحد أدنى، ومع تفعيل الحلول والأدوات فى المستقبل القريب، ستنخفض الأسعار وتتجنب الارتفاع المبالغ فيه، خاصة مع التوقعات بحدوث تعويم فى السنة القادمة وفقًا للإحصاءات والأرقام، وإضافة إلى ما سبق أتمنى زيادة الاكتفاء الذاتى فى مصر فى السنة القادمة بنسبة أعلى.