طباعة
sada-elarab.com/693727
لأن الثانوية العامة بأقسامها المتعددة العلمي والأدبي والتجاري والصناعي تمثل نقلة نوعية في مستقبل أبنائنا منذ سنوات المرحلة الثانوية؛ فالنتائج تحدد المستقبل المنظور والمستقبل المصيري، فالالتحاق بالتعليم الجامعي يتطلب مجموعًا معينًا لكي يلتحق الطالب بالتخصص الذي يرغبه والذي يحدد مستقبل أيامه، وكذلك للطلبة الذين يلتحقون بأعمال مدنية أو عسكرية أو خدمية، فقد أصبح انتظار النتيجة بمثابة الترقب العائلي. وكانت الإذاعة تنتظر النتيجة تأتي من وزارة التربية والتعليم، وتشاء المقادير أن ننتظر النتيجة ونحن طلاب، وأصبحنا ننتظر النتيجة ونحن مذيعين في الإذاعة ليتم تكليف المذيعين لقراءة أسماء الناجحين والناجحات في شهادة إتمام الدراسة الثانوية، وطبعًا لا نعلن عن نسبة النجاح لكل طالب وطالبة، ولكننا نقرأ الأوائل فقط في كل تخصص؛ أدبي، وعلمي، وتجاري، وصناعي. وكنا في الإذاعة على حذر شديد في عدم نسيان أي طالب في أثناء القراءة سهوًا ونعلم أن الجميع كان يتحلق أمام الراديو ليستمع إلى اسمه يقرأ من ضمن الطلبة الناجحين، وهو إنجاز حققه الطالب والطالبة بجهد ومثابرة ووفاء لأهله وذويه الذين يترقبون بشوق لسماع اسم ابنهم أو ابنتهم لتحتفل الأسرة والأقارب والأصدقاء بنجاح الطالب أو الطالبة، وهم في شوق للذهاب إلى مدارسهم ليروا النتيجة التي ستأهلهم للحصول على بعثات أو منح لإحدى الجامعات العربية والجامعات الغربية، ففي زماننا لم تكن للبحرين جامعة، ولكن الجامعات الخليجية والعربية كانت ترحب بالطلبة والطالبات البحرينيين الذين يحصلون على مؤهل للالتحاق بالتخصص الذي يناسبهم ويرغبون في الالتحاق به.
رغم شد الأعصاب الذي كنا نعاني منه ونحن ننتظر النتيجة، إلا أن الفرصة بالإعلان عنها إيجابيًا ينسينا ما كنا نمر به من ترقب وانتظار وحرج.
كان من المعروف أن من يحصلون على مجاميع مرتفعة يكون نصيبهم بعض الجامعات العريقة وحسب التخصص المراد وبالذات من حصلوا على شهادة الثانوية العامة القسم العلمي وكان وقتها أصحاب المعدلات المرتفعة في العلمي يأملون حصولهم على تخصص الطب والهندسة وغيرها من التخصصات العلمية، بينما كان المتخرجون من القسم الأدبي وبمجاميع مرتفعة ينشدون القانون والأدب الإنجليزي والأدب العربي وغيرها من التخصصات، وربما كان الهدف أن يكون مدرسًا في مادة التخصص بمراحل التعليم المتعددة.
كان الأهل يترقبون النتائج بشوق غامر، تغلب عليهم أحاسيسهم بأن يكون للأبناء شأن في مجتمعهم وأن يخدموا بلادهم بكل إخلاص وتفانٍ في كل مرافق ووزارات ومؤسسات الدولة أو القطاع الخاص، كانت فرص العمل في أيامنا شحيحة وكان أمامنا المجال مفتوحًا في وزارة التربية والتعليم بوظيفة مدرسين أو في بعض الإدارات والتي أصبحت فيما بعد وزارات، أما خريجي الطب والهندسة وغيرها من التخصصات العلمية فقد كان أمامهم مجال متسع يناسب تخصصهم، كما أن إنشاء الحرس الوطني وبعدها قوة دفاع البحرين فقد استوعبت أعدادًا كثيرة من الخريجين في مختلف التخصصات.
تظل المدارس عامل أساسي في إمدادنا بالكفاءات الوطنية التي تشغل وظائف الوطن بحاجة ماسة إليها، ويظل إيماننا بأهمية المستوى التعليمي الرفيع في مدارسنا الحكومية أو الخاصة مربط الفرس، وخيرًا فعلت مملكة البحرين بالإشراف على المستوى التعليمي وجودة التعليم في مدارسنا؛ لأن المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية تؤهل لنا أجيالًا قادرة على البذل والعطاء والالتحاق بالجامعات العريقة التي تخرج بالضرورة الكفاءات العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
نبارك لطلبتنا خريجي الثانوية العامة لهذا العام ونشد على أيديهم وأيدي أولياء أمورهم في أن ينال الطلبة الدرجات العليا والتي تؤهلهم لبعض الأعمال والوظائف أو الدراسة في الجامعات العريقة والتي لها شأن في تهيئة الكوادر الوطنية؛ فالعلم ركيزة أي وطن، والتفوق في التحصيل العلمي يجعل أبناءنا قادرين على البذل والعطاء والتفوق في الأداء. فالأوطان تبنى بسواعد أبنائها، وكلما نال طلبتنا الخير في التعليم كلما شعرنا بقوتنا وبإرادتنا في خلق فرص الأداء الوطني الذي يستحقه وطننا بل أمتنا، فنحن مأمورون بطلب العلم من المهد إلى اللحد وإن التحصيل العلمي والمعرفي لا يقف عند حد معين، فنحن يجب أن نسعى للتحصيل العلمي وزيادة معرفتنا بتغيرات الزمن الحضارية، ونسعى جاهدين لمواكبة المتغيرات وشحذ الهمم لنيل العلوم والمعارف، وفي كل بلد من بلادنا العربية توجد شوامخ من الرجال والنساء ممن نالوا شرف التحصيل العلمي المرموق، وعلينا أن نقتدي بأولئك الأفذاذ الذين تفخر بهم الأوطان ونعتز بإنجازاتهم وبما نالوه من شهرة علمية في مختلف التخصصات التي ينتفع بها الوطن في كل مرحلة من مراحل النماء والبناء والتعمير، وحسنًا يفعل الدكتور عبدالله المطوع وكيل وزارة التربية والتعليم الأسبق في التذكير لنا بالجهود التي كانت تبذل في الوزارة لتأهيل قيم ومناهج تربوية يقوم بالإشراف عليها وتنفيذها كوكبة من التربويين الممارسين، بما يؤصل قيم تربوية وتعليمية تتميز بها سيرة التربية والتعليم في بلادنا من خلال مقالات متواصلة في جريدة الأيام البحرينية.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..