طباعة
sada-elarab.com/677407
إزدادت معاناة السوق المصرى للسيارات بالسنوات الأخيرة من كثرة التصريحات والأقوال التى غالباً لا يتم تعزيزها بأى أفعال ، ليصبح للأسف (سوق الأقوال .. لا الأفعال) هو االشعار الذى زاد من تعميق جراح هذا السواق مع مرور الزمن..
فالبداية المعاصرة لهذا الشعار – بتقديرى - قد ظهرت جلية مع المناداة بتقديم الإستراتيجية المصرية لصناعة السيارات فى مصر ، والتى إنطلق الحديث عنها منذ (ثمانية سنوات ماضية) !! ولا خطوة فاعلة عنها حتى الآن؟! ، ثم التوجه للمناداة بالتحول إلى إستخدام السيارات النظيفة ... والتى بدأت مع مبادرة (Go Green) لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى والتى لم يتم الإيفاء بخطتها الإنتاجية أو الزمنية – مع مرعاة الكثير من العوامل المؤثرة .. سواء كانت مباشرة يمكن منعها بقرار أو بخطوة إيجابية سريعة ، أو الأخرى غير المباشرة كتأثير تعويم الجنيه المصر بالعام الأخير – وهى ما أدت جميعها بالنهاية فى تعطل هذه المبادرة ، ومن ناحية أخرى المشروع الضخم الذى تم الإعلان عنه بعودة "النصر للسيارات" - قلعة (الماضى) لصناعة السيارات – إلى العمل على مشروع المستقبل لصناعة إحدى السيارات الكهربائية بالتعاون مع إحدى الشركات الصينية – إبان فترة وزارة هشام توفيق لقطاع الأعمال – ولينتهى الأمر حتى الآن بكونه مجرد تصريحات رنانة ومؤتمرات صحفية يعلوها الكثير من البريق لغير "الفاهمين".
وتتوالى الأحداث ، وتطالعنا على مدار السنوات الأخيرة العديد من التصريحات الصادرة عن العديد من شركات السيارات العاملة بالسوق المصرى عن توجهاتهم لتصنيع سيارات كهربائية بهذه السنوات إستعداداً لرؤية مصر 2030 ، ولتنتهى مؤخراً بعدد من التصاريح الرنانة ، شأن:
• الإستثمارات التى تم الإعلان عنها مؤخراً بواسطة شركات ستيلانتس ونيسان والمنصور للسيارات مجتمعة ، والتى ستبلغ 145 مليون دولار إجمالا لتجميع السيارات التقليدية والكهربائية في مصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة بموجب استراتيجية السيارات.
• خطط أبو غالي موتورز لبدء تجميع سيارة جيلي (جيومتري سي) الكهربائية الصينية في السوق المحلية في وقت ما هذا العام.
• تطلع المنصور للسيارات وجنرال موتورز إلى تجميع ما يصل إلى 15 ألف سيارة كهربائية في مصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
• التصريحات المتتالية لشركة النصر للسيارات- المملوكة للدولة، بطموحاتهم فى البدء تجميع المركبات الكهربائية هذا العام ولكنها لم تجد بعد شريكا أجنبيا للمساعدة في إنتاجها.
علاوة على إعتزام الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري إنتاج مركبات كهربائية بأسعار مخفضة للغاية.... فهل ستدخل كل هذه التصريحات إلى حيز (الأفعال) الذى طالما إنتظرناه لسنوات طويلة ؟ ..... لن يجاوبنا على هذا السؤال إلا الزمن.
إذن ما السبيل للخروج من هذا النفق الممتد لسيل التصريحات البراقة علينا وعلى مدار السنوات؟... يكفينى الإشارة إلى تصور تخيلى (أعتقد أنه قابل للتطبيق) ... ماذا لو تم إبتداع كيان جديد فى مصر - على غرار صندوق تحيا مصر أو صندوق مصر السيادى ... ولكن بإدارة القطاع الخاص ومساهمة حكومية فيما يخص الشؤون الحكومية المطلوبة به - ويتم تسميته “إتحاد سيارات مصر” (على سبيل المثال) لضخامة هذا القطاع ولعدد العاملين به، والذى (لا) يهدف هنا للتركيز على الصناعة فقط .. بل على كل الأنشطة المرتبطة بقطاعات السيارات سواء كانت ركوب ، تجارية ، نقل أفراد و صناعات مغذية وخدمات وقطع غيار أو حتى رياضاتها ، وأن يتم يتحمل رئيسه مسؤلية تدبير الـ 4 مليارات من الدولارات سنوياً التى لطالما سمعنا شكوى الدولة من أنها تثقل من كاهل إقتصادها وبالتالى فكانت تلك الذريعة الأهم فى تقييد عمليات الإستيراد بالقطاع ومن ثم وصوله إلى مرحلة الموت الإكلينيكى بالعام الأخير.
فلو تخيلنا إستحداث هذا الكيان بالواقع .. أعتقد أنها وبإدارة من محترفين – وليس أصدقاء المصلحة – قادر على أن يحقق أرباحاً سنوية تتخطى تلك العقبة التى طالما سمعنا الشكوى منها وهى "إنفاق الدولة لـ 4 مليارات دولار سنوياً على هذا القطاع" ...فيكفى الإشارة لأحد المشروعات الذى تم تقديمه للحكومة ببداية الألفينات بإنشاء حلبة لسباقات الفورمولا 1 – ومن ثم باقى أنواع سباقات السيارات – والتى أشارت دراسته وقتها لتحقيق أرباح تتخطى دخل قناة السويس سنوياً بشكل مباشر ، بخلاف الأرباح غير المباشرة للدولة بالقطاعات الأخرى من وراء هذا المشروع ... إلا أن هذا المشروع قد بقى فى (طى العلب) بسبب رفض الحكومة وقتها إصدار خطاب ضمان لمنظمة الفورمولا 1 لضمان حقوق ولوجيستيات التنظيم فى مصر "وذلك بحسب تصريحات صاحب المشروع بذلك الوقت" ، وماذا لو أخذ هذا “الإتحاد” على عاتقه التسويق لعدد من الشركات العالمية للسيارات للقدوم إلى مصر والإستثمار بها بشكل مفتوح ويهدف للتصدير بصفة رئيسية شأن تجارب العديد من الدول الأقل حجماً من مصر مع توفير كافة التسهيلات المطلوبة من تلك الشركات ، وغيرها من المشروعات... ألا يُفضى ذلك لتحقيق أرباح مليارية للدولة؟
ياسادة علينا بالتركيز على الأفعال .. لا الأقوال حتى نحقق طموحات هذا البلد العظيم ، ولنراه بين مصاف أكبر الدول المتقدمة فى العالم.