طباعة
sada-elarab.com/671881
التراث بمفهومه المادي والمعنوي يمثل هوية الوطن، والحرص عليه وإبرازه يمثل الوجه الحضاري للبلدان والشعوب وقد منحنا الله سبحانه وتعالى أولئك المخلصين من أبناء الوطن الذين حرصوا على الحفاظ على موروثاتنا المادية والشفاهية البعض دوّنها في كتب ومطبوعات أثرها باقٍ إلى اليوم، والبعض اتخذ من منزله الخاص متحفاً دائماً للتراث المادي بما يعكس فترة بل فترات من الزمن لا غنى لنا عن معرفتها، وكيفية كان يعيش الأجداد والآباء بما استخدموه في حياتهم اليومية، ويعكس في نفس الوقت الصلات الحميمة بيننا وبين الشعوب والبلدان التي جاورناها أو قاموا بزيارتها والمتأمل في هذه الموروثات لدى جامعي تراثنا يلمس هذا الحرص على أن تكون مملكة البحرين حاضرة بتراثها القديم الذي يعكس طبيعة الحياة في ذلك الوقت مع التأكيد على المنجزات الحضارية في وقتنا الحاضر، وديمومة التواصل الإنساني مع بقية الحضارات والأمم والشعوب.
كلما تأملت في موروثاتنا الشعبية لدى هؤلاء الرواد في مدننا وقرانا أدركت بما لا يدع مجالاً للشك قدرة هؤلاء الرواد على الاهتمام بتراثنا وشعورهم بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في المحافظة على هذا الموروث المادي واستعدادهم للحديث عنه بكل فخر واعتزاز والبعض منهم اتخذ من بيته أو مجلسه مكاناً لعرض هذا الموروث للزائرين من أبناء البلاد والزائرين الذين يعيشون بيننا فيبهرهم هذا الكم والكيف من الموروث التراثي، وصلة هذا الموروث بالبلدان والشعوب المجاورة، كما أن المحافظة على هذا الموروث وعرضه بصورة جميلة ومشوقة هو جهد يضاف مع التقدير لهؤلاء الذين يذكروننا بماضينا الجميل وكيف كنا على تواصل حضاري مع شعوب وأمم مجاورة لنا...
أعجز أن أعدد أسماء هؤلاء ومجالسهم لأن ذلك يحتاج إلى بحث جاد من قبل المختصين بالموروث التراثي، بحيث يتم إحصاء عدد هؤلاء في مدننا وقرانا ولكن على سبيل المثال متحف صالح بن محمد الحسن بو عبد الناصر بالمحرق، ومتحف عبدالله باقر بو محمد بالرفاع، ومتحف عبدالعزيز بوزبون بوعبدالله بالبسيتين ونحتاج بالفعل إلى جهود الأخوة المهتمين بذلك وإحصاء عدد المهتمين بهذا الموروث ونوعية المواد التراثية التي يحتفظون بها ومن واجبنا جميعاً أن نحيط بهم علماً ولا نغمط حق أحد بالذكر والإشادة بما أنجزوه وينجزونه، واستمرار تواصلهم من خلال المزادات التي تقام أسبوعياً أو شهرياً أو سنوياً، وأحسب أن الدولة ممثلة بهيئاتها المتخصصة الحريصة على إبراز هذا التراث وإعطائه الاهتمام اللازم الذي يعكس مكانة مملكة البحرين الحضارية.
يقيناً أن عشاق تراثنا المادي والمعنوي كثر ونعتز باهتمامهم وحرصهم على إبراز كل ذلك في المناسبات المتعددة ولكننا بحاجة فعلاً أن يكون لدينا مكاناً بالإضافة إلى القرية التراثية التي تقام فيها مواسم التراث وهو جهد مشكور ومقدر لمن أهتم بذلك وأنزله المكانة اللائقة به غير أننا من خلال ما شاهدناه في بلدان كثيرة عربية وغربية وعالمية وجود مكان دائم للتراث يؤمه السواح والمهتمين بالموروث التراثي ويعتبر مدرسة مفتوحة الأبواب لمن يريد المزيد من معرفة التراث المحلي والعالمي، والتقدير واجب لتلك الجهود التي بذلت في المحافظة على بيوتنا التراثية والثقافية والأدبية وطريق اللؤلؤ والتسجيل العالمي لبعض المواقع الآثارية والتراثية من قبل معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار سابقاً بالإضافة إلى جهد مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة بالمحرق وبيت عبدالله الزايد رائد الصحافة البحرينية بالمحرق، وبيت شاعر البحرين إبراهيم عبدالحسين العريض بالمنامة.
ومملكة البحرين بحاجة إلى هذا الاهتمام بكل موروثاتنا وتراثنا وآثارنا، فالحضارة البحرينية راسخة الأركان، واعتقد أن جامعي التراث سيسعدهم أن يشاركوا في عرض مقتنياتهم في هذا المعرض الدائم وكل محل باسم صاحبه تشجيعاً ودعماً لكل الجهود التي بذلوها ويقيناً أننا كأبناء الوطن نشعر بضرورة ذلك وأهمية ابرازه لكل من يأتي إلينا زائراً، فإذا كان متحف البحرين الوطني ومركز البحرين للفنون يبرزون ذلك بشكل رسمي من خلال الاختصاص؛ فإن تخصيص مكان لجامعي التراث من أبناء الوطن سيسهم في التعريف بثقافتنا المادية وحرص البحريني على الحفاظ بموروثه التراثي، وليس عجباً أن ندعوا إلى ذلك فما شاهدته شخصياً من موروث يدعو للفخر والإعتزاز، وأحسب أن بلادنا مملكة البحرين بما حباها الله من ثقافة وحضارة وتراث جديرة بأن يخصص لذلك المكان المناسب والذي سيصبح مزاراً حضارياً للثقافة والتراث البحريني المادي والمعنوي.
ولا نملك إلا أن نأخذ بيد هؤلاء الذين سيقومون بحمل الأمانة الوطنية ونشعر بضرورة مساندتهم ودعمهم مادياً ومعنوناً.
وعلى الخير والمحبة نلتقي