تحقيقات
متى تحتل السياحة العلاجية في مصر المركز الأول عالميًا؟
الإثنين 19/ديسمبر/2022 - 12:16 ص
طباعة
sada-elarab.com/668635
عبد الوهاب محمد: هذا النوع من السياحة طرح نفسه بقوة بعد أزمة "كورونا" وهناك خطط لإقامة منتجعات من الكيلو 21 وحتى سيدي كرير
محمد عبد العزيز: مصر لديها إمكانيات ليست متاحة بأي دولة بالعالم وبها 1356 عين كبريتية منتشرة على مستوى المحافظات
أحمد عامر: ملف السياحة العلاجية يتصدر أولويات الدولة خلال الفترة الحالية
تحتل مصر المرتبة الـ 26 عالميًا والرابعة عربيًا في السياحة العلاجية، وهي مكانة لا تتناسب مع مقوماتها التي تمتلكها مثل عيون المياه الكبريتية والبحيرات المالحة والاستشفاء بالرمال وغيرها من المقومات التي إذا ما تم العمل على تطويرها بما يؤهلها لتحتل الصدارة، ستكون المقصد الأول للسائحين.
وقال عبد الوهاب محمد، مدير مكتب وزارة السياحة بالإسكندرية، بأن السياحة العلاجية في مصر لا تزال تعتبر في مرحلة التحضير، ونأمل أن تكون محل اهتمام أكبر في ظل توجهات الدولة حاليًا، موضحًا بأن هذا النوع من السياحة بدأ يتواجد بقوة بعد ظهور أزمات صحية وأوبئة وفيروسات، وبالتالي بدأ الاهتمام بفكرة السياحة الصحية والعلاجية يزداد.
وأوضح بأن السياحة البيئية مرتبطة ارتباط وثيق بالسياحة العلاجية؛ نظرًا لأن السياحة العلاجية تعني وجود بيئة صحية من خلال تطبيق تصميمات تسمح بمرور تهوية وإضاءة طبيعية وصور مريحة للعين بدون استخدام ديكورات صناعية بل باستخدام ديكورات طبيعية، على سبيل المثال النظر من خلال نافذة الفندق التي تطل على بحيرة طبيعية وأشجار تمنع الحشرات وطاردة للناموس وبالتالي نستفاد من وظيفتهم من الجانبين.
وأضاف بأن يوجد بالفعل بالإسكندرية فنادق ذات توجهات بيئية وعددهم سبعة فنادق بمنطقة "كينج مريوط" تهتم بالسياحة العلاجية والصحية والبيئية، وتتوفر بالغرف مساحات خضراء كبيرة ومزروع بها نباتات متعددة أسيوية ومن غابات أفريقية طاردة للحشرات والذباب والناموس، فهي ذات مواصفات بيئية تستخدم الطاقة الشمسية وصنابير مزودة بحساسات لتوفير المياه والكهرباء، كما بدأت الاهتمام بتحليل المياه وقياس نسبة الكلور في حمامات السباحة، وتوفير سبا داخل الفندق لاستعادة رونق الجسم الصحي، وتوفير الأغذية الصحية من المطابخ العالمية سواء الأسيوي أو الأفريقي أو العربي، وتنفيذ طلبات الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية من خلال قائمة الطعام الخاصة بهم.
وأشار "عبد الوهاب" إلى أننا جميعًا فوجئنا خلال مؤتمر المناخ بتحول شرم الشيخ بالكامل إلى مدينة بيئية، وذلك بالمجهود الكبير الذي بذلته الدولة من خلال تضافر الجهود للوصول لتلك النتيجة المذهلة، مؤكدًا بأن توافر الثروات الطبيعية بالمحافظات يسهل من تحقيق ذلك.
وتابع بأن الإسكندرية تتميز بمقومات طبيعية ساحلية بيئية صحية تؤهلها لخلق العديد من أنواع السياحة المراد تحقيقها، مثل رحلات السفاري بمناطق كينج مريوط والعامرية، وسياحة المؤتمرات بالفنادق السباقة في هذا النوع من السياحة، بالإضافة لموقعها حيث تلاقي الحضارات بما يسهم في إقامة المؤتمرات الطبية والعلمية، والسياحة الترفيهية حيث الشواطئ، والسياحة الذكية والتي تعتمد على وسائل تكنولوجية حديثة في الفنادق التي أصبحت لا يستخدم بها طرق الحجز الطبيعية التلقائية.
وأشار مدير مكتب وزارة السياحة إلى عدة مقومات تؤهل الثغر لتحتل المرتبة الأولى في مجال السياحة العلاجية، ومنها وجود مستشفيات مستوى الخدمة المقدمة بها فندقي، وتستطيع استقبال سائح وتقديم خدمات ترفيهية داخل المستشفى مثل التغذية العلاجية، موضحًا بأن مصطلح التغذية العلاجية يعني توفير مستشفيات تقوم بتقديم غذاء معين يساعد على عملية الاستشفاء، فهذا النوع من السياحة بدأ يطرح نفسه بقوة بعد أزمة كورونا.
وأوضح بأن خلال فترة كورونا طالبنا كل فندق بتوفير عيادة للمساعدة في حال حدوث تعب أو إجهاد أو مشكلات صحية طارئة أو استقبال سائح مريض بأمراض مثل الكلى أو الكبد أو الكوليسترول أو الضغط، وهذه الخطوة ساعدتنا على توفير الرعاية الصحية.
وتابع بأن من ضمن المقومات التي تساعدنا في إقامة سياحة علاجية بشكل أكبر هي ربط الإسكندرية بمدن قريبة لنا مثل مطروح وسيوة عن طريق تشغيل رحلات منتظمة لتكون امتداد طبيعي للتوسع الأفقي والرأسي، نظرًا لما تتميز به سيوة من مياه كبريتية والدفن بالرمال خلال شهري يوليو وأغسطس، وما تتميز به المدينتين من جفاف الجو خلال فترة الصيف، واعتداله خلال فترة الشتاء بالمقارنة مع دول أوروبا والبحر المتوسط، وتوافر الأغذية العلاجية في سيوة ومشروبات مصنوعة من أعشاب معينة تساعد الجسم على التخلص من السموم ويستعيد رونقه.
وأضاف بأننا يمكننا أيضًا الاهتمام بالظهير الصحراوي والساحلي عن طريق تنظيم رحلات سفاري، والتوسع من خلال إقامة منطقة للفنادق العلاجية، مشيرًا بأن هناك خطط تم طرحها لإقامة منتجعات خلال المساحة من الكيلو 21 وحتى سيدي كرير لتوفير نوع من السياحة البيئية العلاجية، كما أن هناك مشروعات بدأت تنفذ على أرض الواقع بالفعل بمنطقة الكينج مريوط، وطالبناهم حين التنفيذ مراعاة التصميم البيئي.
وقال الدكتور محمد عبد العزيز، وكيل المعهد العالي للسياحة والفنادق بالإسماعيلية إيجوث، أن على صعيد السياحة العلاجية لدينا إمكانيات غير متاحة بأي دولة في العالم، مشيرًا إلى دولة التشيك والتي كانت رائدة في مجال السياحة العلاجية سابقًا لأن بها 10 عيون كبريتية وتم استغلال ذلك جيدًا من خلال إقامة منتجع "كارلوفي فاري" لاستقبال السائحين، ويلي التشيك دولة كوريا الجنوبية التي قامت بتطوير مستشفياتها وكل ما يتعلق بالسياحة العلاجية، بعدها الولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين رغم عدم وجود إمكانيات حقيقية كالتي تمتلكها مصر.
وأوضح بأن مصر لديها 1356 عين كبريتية منتشرة في محافظات مصر وهو عدد غير موجود بالعالم، ويقع أكثرهم في الوادي الجديد وسيناء والواحات وسفاجا والأقصر وأسوان وحلوان، ورغم ذلك لم يتم استغلال أيًا منهم سوى القليل بالواحات البحرية، بالإضافة إلى البحيرات المالحة التي تعالج جميع الأمراض الجلدية، كل تلك الأماكن التي تساعد على الاستشفاء بحاجة لعناية ومتابعة وإنشاء وحدات تغيير ملابس مزودة بمياه عذبة لإزالة ملوحة المياه من الجسم.
وأكد "عبد العزيز" بأن السياحة العلاجية هو الاتجاه الحديث حاليًا، فالعالم يتجه نحو العلاجات الطبيعية بالأعشاب والدفن بالرمال والمياه الكبريتية والمعدنية، ولذلك فالموضوع يحتاج دراسة جيدة، وحصر أهم المناطق السياحية وبدء التخطيط لإعادة استغلال تلك المناطق لتُضاف إلى أنواع أخرى مثل السياحة الترفيهية والبيئية، مضيفا بأن من أهم متطلبات السياحة العلاجية إقامة منشآت فندقية لتقديم كافة الخدمات، وتطوير تلك المناطق لتحتوي أكبر عدد ممكن من السائحين.
وأشار: "كان هناك خطة لاستغلال حوالي تسع مناطق سياحية لتطوير السياحة العلاجية بها كمرحلة أولى، ولكن منذ الإعلان عنها لم يجد جديد ولم تشهد تلك المناطق أي تطوير أو تنمية".
وقال الخبير الأثري والسياحي دكتور أحمد عامر، أنه يوجد العديد من المنتجعات والمصحات التي تساعد على الاستشفاء من خلال جلسات يقوم بها متخصصون، حيث أنها تساعد على الاسترخاء، والراحة وعادة ما تتم في الهواء الطلق حيث الشمس المشرقة والمياه العلاجية الدافئة، كما توجد العديد من الأماكن السياحية العلاجية في مصر بشكل عام وسيوة بصفة خاصة.
وتابع "عامر" بأن من أشهر أماكن السياحية العلاجية في مصر العين السخنة وسفاجا، بالإضافة إلى سيناء حيث حمام فرعون وحمامات موسى ووادي مغارة ودير السبع بنات.
وأشار عامر إلى أن أماكن السياحة العلاجية في مصر تمتاز بعدة مميزات أهمها الجو الخالي من الرطوبة المرتفعة، والمياه المعدنية والكبريتية، فضلًا عن تربتها المليئة برمال وطمي صالحين لعلاج العديد من الأمراض.
وأكد عامر بأن ملف السياحة العلاجية يتصدر اهتمامات وأولويات الدولة خلال الفترة الحالية، حيث تقوم بإعداد استراتيجية متكاملة للارتقاء بالسياحة العلاجية في مصر، وذلك لتقديم أفضل الخدمات الطبية للوافدين بغرض العلاج والاستشفاء من خلال جذب الاستثمارات، وتضافر الجهود بين كافة الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص من جهة والمجتمع المدني من جهة أخرى.