طباعة
sada-elarab.com/661092
نحتفل جميعا مصريين وعربًا هذه الأيام بذكرى نصر أكتوبر المجيد، الذى جسد خلاله أبطال قواتنا المسلحة أروع وأعظم البطولات والتضحيات التى سجلها التاريخ بأحرف من نور فى الدفاع عن الوطن.
فالحديث عن حرب أكتوبر وحجم الانتصار العظيم فى معركة كبيرة خاضها الأبطال البواسل لا تكفيها سطور وإنما تحتاج لكتب ومجلدات لسرد البطولات التى سطرها جنودنا وإن كانت تلك المجلدات لن تستطيع رصد كل البطولات فى هذه الملحمة العظيمة.
فحسب وصف الخبراء هى أكبر معركة بعد الحرب العالمية الثانية بعدما انقلبت موازين القوى، وأبهر المصريون العالم بتحقيق «العبور المستحيل» بفضل الروح القتالية حتى أعقبها الدبلوماسية المحنكة والتى نجحت فى استرداد كل ذرة تراب جرى احتلالها ليرفرف العلم المصرى عليها.
بالتأكيد حسم هذه المعركة جاء نتيجة لأعوام من دراسة الوضع مرورا بدقة التخطيط حتى براعة التنفيذ ليضرب المصريون أروع صور البطولة فى مشهد وقف العالم أمامه منبهرا بعد بسالة الأداء وتحطيم أسطورة الجيش الذى لا يقهر، بعبور قناة السويس، وتدمير خط الدفاع الحصين.
حقا.. المصريون لا يعرفون المستحيل، فعند الحديث عن خط بارليف الذى وصفته إسرائيل بأنه أقوى من خط ماجينو الذى بناه الفرنسيون عقب الحرب العالمية الأولى، فنذكّر مجددا أنه ضم ٢٢ موقعا دفاعيا و٢٦ نقطة حصينة ومبانى محصنة بالأسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديد لصد أى أعمال قصف جوى ضمت كل نقطة ٢٦ دشمة للرشاشات، و٢٤ ملجأ للأفراد، بجانب دشم خاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات، ومناطق الألغام، بجانب القوات المدرعة المتحركة.
وفى اللحظة الحاسمة، تمكن الأبطال البواسل فى ظرف ٦ ساعات من تدمير هذا «المستحيل الهش»، أمام إرادة وعزيمة وقتال أبطال قواتنا المسلحة، بعدما أفقدت العدو توازنه، بعد الهجوم بالضربة الجوية المباغتة التى استهدفت المواقع الحصينة، وتمكن الجنود من العبور، وتحقيق الانتصار العظيم، بعدما تكبد العدو خسائر فادحة، وفشل فى توجيه ضربات لقواتنا كما ادعى بغرض تعطيل العبور، وكذلك نجاح مصرى باهر فى صد الهجوم المدرع الإسرائيلى على امتداد خط الجبهة.
ما يجعلنا نفخر بهذا الانتصار العظيم، كونه الانتصار العربى الحقيقى فى تاريخنا الحديث، والأكثر سعادة أنه كان أمام جيش لديه أسلحة تتفوق على الموجود فى المنطقة بأكملها، فحاربنا الظروف الطبيعية والمصطنعة المتمثلة فى قناة السويس، وخط برليف وما خلفه، الذى تهاوى تحت أقدام الجنود المصريين، بعدما أنفقت عليه إسرائيل ٣٠٠ مليون دولار، حققنا النصر بعظمة الجنود البواسل فى ملحمة شهد لها العالم بقدرة وكفاءة الجندى المقاتل المصرى.
ولا ننسى دور الأشقاء العرب ودورهم الكبير فى تحقيق هذا النصر، واستغلال سلاح البترول، بطلب من الرئيس الراحل أنور السادات، حينما التقى الملك فيصل بن عبدالعزيز، فى الرياض، بوقف ضخ البترول للغرب، حتى قرر وزراء النفط العرب، خلال اجتماع عقد فى الكويت، خفض إنتاج النفط بواقع ٥٪ شهريا ورفع أسعار النفط من جانب واحد، وبعدها طلب وقتها الرئيس الأمريكى نيكسون من الكونجرس اعتماد ٢.٢ مليار دولار مساعدات عاجلة لإسرائيل، الأمر الذى قابلته الجزائر والعراق والسعودية وليبيا والإمارات ودول عربية أخرى، بإعلان حظر على الصادرات النفطية إلى أمريكا، التى قررت التدخل مع أعضاء مجلس الأمن أعلنت وقف إطلاق النار.
لقد جسد انتصار حرب أكتوبر أصالة شعب مصر وقواته المسلحة وعظمة الولاء للوطن، وغير الفكر العسكرى بعدما أصبحت عملية العبور مرجعا للجيوش الحديثة، لما جاء فيها من براعة ومهارة فى تحقيق معجزة عسكرية تؤكد أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
٤٩ عاما مضت على أعظم ملحمة عسكرية فى التاريخ الحديث، والتى حقق فيها أبطال القوات المسلحة أروع البطولات والتضحيات فى الدفاع عن الوطن وتحرير أراضيه بقيادة سياسية تمثلت فى الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى حمل مسئولية تحرير تراب الوطن منذ توليه إدارة الحكم، لتبقى حرب أكتوبر معركة بارزة أبهرت العالم بما حققه المصريون من انتصار عظيم.
وتبقى فى النهاية، قيادة الرئيس الراحل أنور السادات، لحرب أكتوبر، واحدة من العلامات التى حفرت فى سجلات التاريخ، بعدما تحقق النصر الكبير، فى ظل تحمله لضغوطات من مختلف النواحى الداخلية والخارجية، لتبقى قراراته وثقته فى نفسه، العامل الرئيسى فى إتمام المهمة بنجاح واقتدار.
إننى من خلال هذه السطور أتوجه بالتهنئة للشعب المصرى والعربى وجميع زعماء الأمة العربية والرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة ذكرى انتصار حرب أكتوبر المجيد العاشر من رمضان والتى جسدت روح البطولة والفداء لجيشنا المصرى العظيم وخلدت فى قلوبنا روح النصر والانتماء للوطن الغالى فى قلوبنا جميعًا.
٤٩ عاما مرت على أعظم انتصار فى العصر الحديث، تحقق على أيدى أبطال القوات المسلحة المصرية فى ملحمة عسكرية قدم خلالها أبطالنا أروع التضحيات التى سجلها التاريخ بأحرف من نور، ووقف أمامها العالم فى حالة انبهار مما حدث على أرض الواقع، بعد تحقيق النصر العظيم.
هذا الانتصار الذى أعاد الكرامة والفخر للشعب المصرى وقواته المسلحة، بعدما تحقق حلم العبور، عقب ٦ سنوات كانت الإرادة والرغبة فى تحقيق النصر واسترداد أرض سيناء الغالية عنوانا لتلك المرحلة.