طباعة
sada-elarab.com/658379
ما أجمل أن نلتقي كأبناء وطن واحد سواء داخل الوطن نفسه أو خارج الوطن لأغراض الزيارة السياحية أو لمهمات وظيفية أو دراسية أو علاجية ونتبادل الخبرة والتجارب التي مررنا بها في الغربة لكي نعيش من أجل الاستفادة من الظروف التي صادفناها لعلنا نستفيد من الظروف التي مررنا بها سلبًا أم إيجابًا.
قال الإمام الشافعي يرحمه الله (150-204هـ) (767-820م): «تغرب عن الأوطان في طلب العلى... وسافر ففي الأسفار خمس فوائد، تفريج هم واكتساب معيشة... وعلم وآداب وصحبة ماجد» عندما كنا نستمع إلى أجدادنا وآبائنا وهم مروا بظروف الأسفار والانتقال بظروف صعبة لم تكن مثلما هي اليوم سهلة وميسرة، كانوا يضيفون لهذا القول، قول آخر: اجعل لك في كل مكان تزوره بيتًا ولم يكونوا يعنون بذلك أن نبني فعلًا بيتًا في أوطان كثيرة وإنما كانوا بذلك يعنون أن يكون لديك في أي بلد تزوره صديقًا أو معرفة، لأن في ذلك مكسب وأي مكسب، فقد تحتاج إليه يومًا أو يحتاج هو إليك فيكون بينكما المعروف والود والعشرة الطيبة.
في مدارسنا الابتدائية والإعدادية تعرفنا على الكثير من الزملاء خصوصًا تلك المدارس التي تضم العديد من القرى وهي على سبيل المثال لا الحصر مدرسة البديع الابتدائية للبنين التي كانت تضم معظم طلبة شارع البديع وعندما درسنا في الإعدادية كان نصيبنا أن درسنا في مدرسة الغربية الإعدادية بالمنامة وهناك تعرفنا على زملاء كثر من القرى ومن مدينة المنامة وكان ذلك بالنسبة لأعمارنا وقتها تجربة مختلفة، حتى إذا ضمتنا مدرسة المنامة الثانوية للبنين في منطقة القضيبية من المنامة أصبحنا أمام تجربة مختلفة من زملاء من معظم القرى وبعض المدن، فكانت وقت ذلك المنامة الثانوية تضم العلمي والأدبي والتجاري وأصبحنا أمام زملاء ونلتقي بهم أول مرة فتأصلت ولله الحمد معهم علاقات طيبة حتى أتاحت لنا الظروف أن نلتقي بجامعة الكويت مع أن صلتنا ظلت وثيقة حتى عندما علمنا أنهم التحقوا بوظائف الدولة ولم يتسنَ لهم الدراسة في الخارج.
ظلت ذاكرتنا والحمد لله حاضرة في تذكر زملاء الدراسة وكنا نتتبع أخبارهم وما حققوه في أعمالهم، وعندما قطعنا مرحلة الجامعة بما فيها من ذكريات أصبحنا وجه لوجه أمام المجتمع الذي أصبح جديدًا بالنسبة لنا؛ فقد انتهت فترة الدراسة وبدأنا في مواجهة واقع الوظيفة ومتطلباتها وبات ينظر إلينا أحيانًا كمنافسين وأحيانًا أخرى كزملاء ممكن الاستفادة المتبادلة من الخبرات والتجارب التي مررنا بها جميعًا.
لم نكن نغمط حق أخوة وزملاء حققوا إنجازات في أعمالهم العامة أو الخاصة وإنما كنا نفرح لما حققوه ونالوا بجهدهم وعرقهم ومثابرتهم كل شيء جميل في صالح الوطن، بل كنا نفتخر أمام الآخرين بأننا في يوم من الأيام كنا معًا على مقاعد الدراسة نتبادل الخبرات ونتبادل اللقمة خصوصًا في فسحة الدراسة وكان مقصف المدرسة يبيع علينا الوجبة الخفيفة فنتشارك أحيانًا في اقتسامها ونؤمن بضرورة العيش والملح أيام الدراسة تحفر في الذاكرة لحظات فرح وحزن وترسم البسمة ونختزن الذكريات نفرح اليوم بما حققه ويحققه زملاؤنا ونترحم على أرواح من رحل عنا مبكرًا ونتطلع إلى تعاون أوثق مع زملاء الدراسة أو زملاء العمل، فالوطن بحاجة إلى كل يد تبني وتعمر، وإلى كل فكر مستنير... المجتمع كفيل باستيعاب كل التجارب الإنسانية، والوطن يتسع للجميع بخبراتهم وتجاربهم، ونحن نحتاج إلى بعضنا بعضًا، أن لم نكن نحن فأبناؤنا وأحفادنا بحاجة إلى ما يزخر به مجتمعنا ووطنا من تجارب ومعطيات وخبرات وتجارب إنسانية.
المجتمعات تتطور وتحقق إنجازات رغم التحديات، وكما يقال مع التحدي توجد الفرص، ولذلك علينا كمسؤولين وأولياء أمور بذل الجهد المضاعف لكي يعيش أبناؤنا في مجتمع آمن مستقر ونبحث عن سبل التطوير والتحديث والبناء والتعاون مع الأشقاء والاستفادة من تجاربهم كفيل بتحقيق ما نصبو إليه فالمنظمات التي أنشأناها والتكتلات التي سعينا لإيجادها عليها مسؤولية البحث عن ظروف المستقبل اقتصاديًا وماليًا، واجتماعيًا، وثقافيًا وإلى كل ما يحقق لنا الأمن والاستقرار.
نحمد الله سبحانه وتعالى أن حبانا بنعمة الأمن والاستقرار وهي نعم من شأنها أن تدفع بالمجتمعات خطوات إلى الأمام. نعم نحن مسؤولون عن إيجاد الوظائف والظروف لأبنائنا في العمل والبذل والعطاء، وإذا تنوعت الاختصاصات فإن فرص الحصول على وظائف مبدعة واجب وطني نحن جميعًا مسؤولون عنه.
سيظل الوطن بحاجة إلى أبنائه، والأبناء مثل آبائهم حريصون على أمن واستقرار ورخاء المجتمع والوطن، وهم بحاجة لأن يكون إسهامهم الوطني مقدرًا وموضع معزة ومفخرة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..