طباعة
sada-elarab.com/646868
الحياة أخذ وعطاء، ونحن في هذه الدنيا لا نعيش لأنفسنا وإن كان ذلك حقًا مشروعًا، لكنك إذا تقلدت منصبًا في وظيفة ما، سواء في القطاع الأهلي أو الحكومي فإن معيار المسؤولية يتفاوت من وظيفة إلى أخرى.
كانت السبعينات في البحرين تنذر بالتحول المهني والاقتصادي والتجاري، وكان أبناء البحرين الذين درسوا في الخارج يتطلعون لأن يكون لهم الإسهام في الوظائف التي اقتضاها هذا التحول، فقد كان الجيل الذي هو قبل ذلك وجدوا في التربية والتعليم والصحة مجالاً لأعمالهم لخدمة بلادهم بتخصصاتهم المتعددة ومن الجامعات المصرية أو السورية أو اللبنانية أو العراقية أو جامعات بريطانيا وجامعات فرنسا، وعندما احتاجت الدولة لهذه التخصصات في الوظائف والإدارات المتعددة والتي مهدت للوزارات فيما بعد وجدت الدولة آنذاك أبناءها وهم يحملون الشهادات الجامعية وغيرها التي تهيئهم لأن يسهموا في هذه الوظائف التي من شأنها تطوير ما هو قائم من خدمات مع الإستعداد لأي تطور يحدث في البلاد، وهذا لا ينفي الإستعانة بخبراء ومستشارين من دولنا العربية والأجنبية، وكان وجود أبناء البلاد معهم أفادهم في اكتساب الخبرة العملية والإسهام في مواكبة العلم مع مجريات الأمور المعيشية والحياتية لأن الواقع العملي يحتاج إلى العلم والمعرفة.
كان حرص البحرينيين على خوض غمار الحياة بما تعلموه من علوم ومعارف في الجامعات التي درسوا فيها أو في المهن التي اكسبتهم الثقة في إمكانية التطور والنماء، وكان الحرص لدى القيادة الحكيمة في ذلك الوقت على الاستفادة من أبناء البلاد، ولله الحمد هذا مستمر إلى اليوم من قِبل قيادتنا الرشيدة التي آمنت بقدرات ومواهب وعلوم أبناء البلاد لتقلدهم أرقى المناصب ومن بينها طبعًا المناصب الوزارية.
سنظل نؤمن بأن أبناء البلاد قادرون على الإسهام في المعطيات الجديدة التي تفرضها مقتضيات التنمية المستدامة والمتطورة حتى الرؤية 2030م، وهذا لا ينفي الاستفادة من الخبرات الأخرى فقد عرفت مملكة البحرين بانفتاحها على العالم ومعطيات العصر، وإذا كانت البحرين قد عرفت قديمًا في الحضارات الماضية بميناء العالم كله، فهي بالفعل وبالحق إلى اليوم تعتبر من الدول المنفتحة على العالم تأخذ وتعطي من خلال التسامح الذي عرفت به ويشجع عليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه.
إن المرحوم يونس محمد الهرمي من أبناء البحرين الأوفياء من مواليد مدينة المنامة في العام 1952م عاش طفولته في فريج الشيوخ وأكمل تعليمه الجامعي وحصل على بكالوريوس في العلوم الاقتصادية عام 1976 من جامعة حلب بسوريا، تدرج في الوظائف، حيث بدأ عمله الحكومي بقسم التموين بوزارة المالية ثم بوزارة التجارة يوم كان وزيرها المرحوم حبيب أحمد قاسم، حيث تقلد منصب مدير السجل التجاري وأصبح بعد ذلك الرئيس التنفيذي لتنظيم سوق العمل للضبط القانوني حتى تقاعده عن العمل الحكومي، وكان للوزارة في وقتها مسؤولية منح تراخيص وافتتاح الأعمال التجارية الخاصة من خلال ما كان يسمى السجل التجاري وكان النشاط التجاري وما يزال يلقى الدعم من سعادة الوزير زايد بن راشد الزياني وزير الصناعة والتجارة، لقد أولت المملكة عناية خاصة لتشجيع الاستثمار والتسهيل على المواطنين في الحصول على الرخص لدعم الاقتصاد الحر..
كان المرحوم يونس الهرمي عندما تتحدث معه ينقلك يرحمه الله إلى عالم التأسيس والصعاب التي كانت تواجههم وكيف كانوا بدعم من الحكومة في تسهيل أمور القطاع الخاص وكان يتحدث عن الإنجازات التي تحققت من خلال متابعة مجلس الوزراء وقتها برئاسة المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء طيب الله ثراه.
كان المرحوم يونس الحريص على التواصل مع الأهل ويقوم بأداء الواجب في الزيارات، وربى أولاده على حب الناس والتواصل معهم والإخلاص للوظائف التي تقلدوها، كما يعتبر من أبرز المؤسسين لنادي القادسية وأشرف على عدد من الألعاب الجماعية أبرزها كرة الطائرة، وكانت له إسهامات مجتمعية عديدة، فعزاء الأبناء محمد وعلي ومنى ومروة إن أباهم كان فخورًا بهم، ويشعر بأنه أدى الأمانة وأوصاهم بخدمة بلادهم ومجتمعهم في كل المجالات التي يتقلدونها، في رحلة علاجية بمستشفى الملك حمد الجامعي كنا نلتقي وأتبادل معه الخبرات التي مررنا بها كل في مجال اختصاصه، وكيف كان التعاون الوثيق بين الوزارات والمهام التي كانت تناط بنا من أجل خدمة العطاء الوطني، وكان يستذكر بكل الخير زملاءه في العمل الذين فارقوا الحياة وكيف استفاد من عطائهم وتتلمذ على أيديهم..
رحم الله يونس محمد الهرمي (بو محمد) مثواه الجنة ورضوان النعيم.
إنا لله وإنا إليه راجعون
وعلى الخير والمحبة نلتقي..