طباعة
sada-elarab.com/635936
قيل إن العيد جائزة وبالأخص عيد الفطر السعيد، كما أن عيد الأضحى هو كذلك كونه يأتي بعد قضاء فريضة واجبة هي حج بيت الله الحرام، والأعياد تنشط التواصل الاجتماعي وتزيد في أواصر المودة والمحبة بين الأهل والأحبة والجيران والأصدقاء ولكي نعرف مكانة العيد تعود بنا الذكرى إلى الطفولة، كون أولياء أمورنا كانوا معنيين بشراء ملابس العيد لنا، فالآباء كان عليهم مسؤولية أخذنا إلى سوق المنامة أو سوق المحرق أو الأسواق التي تنتشر في بقية المدن والقرى، كما أن الأمهات كن معنيات باختيار قطع القماش الضرورية لتفصيل الملابس وخياطتها عند من كن يعرفن بالماهرات في تفصيل ملابس البنات والنساء بالألوان الزاهية ولوازمها من البخانق والعبي والإكسسوارات والحذاء.
كان الوالد يرحمه الله يأخذنا لسوق المنامة لاختيار ملابس العيد، وكان الخياطون قد استعدوا لاستقبال الزبائن بالملابس ذات الألوان، فاللصيف ملابسه وللشتاء ملابسه، والمقاسات متوفرة وحضورنا إلى السوق ضرورة لكي لا يتم شراء ملابس غير ملائمة لقياس الصبية وما يلزم ذلك أيضًا من الغتر وربما العقال إضافة إلى اختيار النعل للصيف والحذاء للشتاء، وعندما نعود إلى البيوت بعد شراء ملابس العيد، نبدأ يوميًا في تجربة ما اقتنيناه من ملابس قبل يوم العيد بأيام فرحين بما هو جديد وكيف يكون مظهرنا في يوم العيد، وكذلك تفعل البنات، فالظهور بالمظهر الحسن يوم العيد يتطلب أولاً أخذ رأي الأهل فيما نلبسه، حتى إذا ما وجد نقص يتم تلافيه قبل يوم العيد.
كانت البيوت تستعد ليوم العيد بشراء الحلوى، والرهش من المحلات المعروفة بالمحرق والمنامة، كما تعد الأمهات فيما كن فيه ماهرات العقيلي، والخنفروش والبلاليط مع البيض، والعصيدة، والخبيصة، وشتى أنواع الحلويات، وطبعاً تجهيز القهوة والشاي بأنواعه، بالإضافة إلى ماء الورد والعطور والبخور، كما يكلف ولي الأمر بإحضار الخردة «الفكة» لتوزيعها على الأطفال المعيدين ليفرحوا في نهاية اليوم بالحصيلة التي جادت بها أيادي أولياء الأمور ويتصرف فيها الأطفال كل حسب رغبته فما حصل عليه هو ملك خالص له.
كان غداء العيد في معظم البيوت يقدم مبكرًا أيام العيد لحكمة مشاركة أكبر عدد ممكن من الأهل والجيران والزوار ولكي يتفرغ الجميع لتبادل الزيارات خصوصًا أولئك الذين أهاليهم ليسوا في المنطقة التي يعيشون فيها، فزيارتهم في مدنهم وقراهم واجبة يوم العيد.
كانت الابتسامات تعلو الوجوه فرحًا واستبشارًا بالعيد، وكان الآباء بعد صلاة العيد يقومون بزيارة المقابر للسلام وقراءة الفاتحة على أهلهم وجيرانهم وأصدقائهم الراحلين، وقد يلتقون مع بعضهم فتتم التهنئة بالعيد ويتشاركون في قراءة الفاتحة والدعاء للمتوفين، ويعد ذلك مشاركة وجدانية واجبة، وترى على وجوههم البشر بأنهم قاموا بواجبهم نحو موتاهم.
كانت أيام العيد الثلاثة الأولى حبلى بالزيارات، وإقامة العرضات للرجال في الأحياء وعند قصر الحاكم بالرفاع استبشارًا بالعيد ووفاء للقيادة الحكيمة الرشيدة، أما النساء فكن يقمن بأداء «المرادة» في الأحياء والفرجان في المدن والقرى وهذا الفن الشعبي أو الرقصة تختص بها النساء بملابسهن الجميلة والملونة المزركشة مع الحلى والمجوهرات وأناشيد وأغاني جماعية، وعادة يشاهدهن الأطفال من البنين والبنات ونساء الحي والفريج، وقد تستمر هذه الأفراح للنساء والرجال ثلاثة أيام العيد.
نحتاج إلى الفرح دائماً وهذا الفرح عندما يعم الفريج فإن عداوة المحمودة تعم بقية الفرجان، وتناسى الخلافات والمنغصات ضرورة واجبة، فالعيد تجديد للصلات بين الناس، وإشاعة الأمن والأمان في البلاد، وممارسة الهوايات والرياضات المتنوعة التي تناسب الصبية والبنات.
ولما كانت البحرين تعج بدور السينما في المنامة والمحرق فإن إحدى البرامج أيام العيد هي الذهاب إلى السينما واختيار مشاهدة الأفلام العربية أو الهندية أو الأمريكية، فالسينما كانت تجمع أهالي المدن والقرى وكل حسب اختياره ورغبته في مشاهدة النجوم الذين يعشقهم، وكان التنوع موجودًا في السينما في البحرين وثقافة المشاهدة متأصلة في أبناء البحرين بمختلف أعمارهم ورغباتهم.
عيد عليكم سعيد، وبركاته تعم إن شاء الله الجميع، وليتذكر بعضنا من عاش هذه اللحظات المفرحة وينقلونها إلى أبنائهم وأحفادهم علنا نعيد هذه الذكريات في أيامنا الحالية بعد أن كثرت الأسواق والمجمعات وتنوعت وسائل الترفيه فالعيد للجميع والفرح والبشر فيه واجب ويحق لنا أن نفرح؛ فالفرح يدخل البشر والحبور للنفوس المتعبة ويزيل عنا الكدر، جعل الله أيامنا وأيامكم فرحًا وبشرًا وحبورًا وتواصلاً مع الأهل والأحبة والجيران لا ينقطع، وكل عام وأنتم بخير.
وعلى الخير والمحبة نلتقي