طباعة
sada-elarab.com/634971
. إن الحرص على التعليم والتحصيل الدراسي يسهم في التطوير والنماء والبناء
جزاه الله خيرًا الدكتور عبدالله يوسف المطوع وكيل وزارة التربية والتعليم الأسبق في إلقاء الضوء على من خدموا وخدمن من رجال ونساء التربية والتعليم وأدوارهم في المسيرة التعليمية والتربوية في بلادنا من خلال مقاله الأسبوعي بجريدة الأيام، فهؤلاء يستحقون فعلًا إلقاء الضوء على عطائهم وبذلهم؛ فقد كان لهم تأثيرهم في مسيرة مملكة البحرين التربوية والتعليمية.
ونحن نتابع ما ينشر عنهم نتذكر بالفعل ذلك العطاء المهني والإنساني لأجيال أعطت وبذلت فكانت لهم بصمات واضحة في مستقبل أبناء البحرين الذين مروا بمدارسنا في المدن والقرى، فكان لهم الإسهام مستقبلًا في نهضة البحرين اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وإداريًا وماليًا وعسكريًا وأمنيًا...
كانت المرحلة الابتدائية على زماننا لشهادة إتمام الدراسة الابتدائية بعد السادس ابتدائي بريق خاص، فقد كانت الأسئلة تأتينا من الشقيقة جمهورية مصر العربية عن طريق رئيس البعثة التعليمية المصرية الأستاذ المرحوم محمد الغزاوي وتصحح في مصر، وتأتي النتائج للبحرين ليتم إذاعة أسماء الناجحين في إذاعة البحرين ويوم يعلن عن موعد إذاعة الأسماء، فإن أهل البحرين جميعًا يتحلقون حول الراديو بانتظار سماع أسماء الطلاب والطالبات، وكنا قبل الامتحان نذهب إلى سوق المنامة لأخذ صور شخصية لنا عند استديوهات التصوير الفوتوغرافي وكان المرحوم محمد بن مبارك المسلماني من بين أشهر المصورين وإن كان يرحمه الله قد اتخذ شعارًا وضعه على دكانة الأستديو يقول فيه «زوجوا بناتكم» واشتهر بذلك؛ فقد رأى أن له رسالة اجتماعية يجب توصيلها بعد أن غالى أولياء الأمور في المهور. عمومًا المرحوم محمد بن مبارك المسلماني كان يهتم بصورنا الفوتوغرافية لأنها توضع على شهادة إتمام المرحلة الابتدائية لتقديمها إلى المرحلة الإعدادية. وكانت بالنسبة لنا نقلة لأن انتهاء المرحلة الابتدائية عند السادس ابتدائي تعني أن بإمكان الطالب أن يعمل ومن بين العمل ممكن أن يلتحق بمركز التدريب بشركة نفط البحرين المحدودة بابكو بالعوالي كطالب «متدرب أبرنتس»، ومن يريد أن يواصل فإن مجاله المرحلة الإعدادية فالمرحلة الثانوية..
كان الاهتمام بالمرحلة الابتدائية يفوق التصور فقد كان يأتي إلينا الموجهون وهؤلاء يعتبرون من المدرسين الأكفاء الأوائل الذين يدرسون المراحل المتقدمة من الدراسة كالثانوية العامة ومن بين من أتانا بمدرسة البديع الابتدائية للبنين كموجه وأحيانًا يسمى المفتش الأستاذ المصري أمين الحافظ يرحمه الله للغة الإنجليزية وهو شخصية فذة اشتهر بحرصه على اللغة الإنجليزية، وتطبع بطباع الإنجليز في مواعيده، ويضرب به المثل عندما يوجه دعوة للعشاء في منزله، فهو يلتزم بالموعد المحدد فإذا جاء الضيف قبل الموعد لا يفتح له الباب وكذلك عندما يتأخر، فالالتزام عنده مقدس، وعندما جاء إلينا في المدرسة وكان أستاذنا يرحمه الله أحمد إبراهيم عبيد يدرسنا اللغة الإنجليزية، فبدأ الأستاذ المفتش يطرح علينا أسئلة ويملي علينا قطعة من نص خارجي يختبرنا في قدرتنا على الكتابة الصحيحة وهي خارج المنهج، وكان جاري يرحمه الله خليل إبراهيم من قرية الدراز ينظر إلى ورقتي فما كان من أمين الحافظ إلا أن قال له بلهجة مصرية قاهرية «ما تبصش لجارك» والمسكين زميلي على الدرج لم يفهم عليه وأخذ يصرخ مكررًا هذه العبارة، واضطررت ساعتها لنقل ما قاله الأستاذ المفتش إلى لهجتنا البحرينية ففطن يرحمه الله، الذي كان قد ذهب بعيدًا في تفسير ما قاله المفتش أمين الحافظ...
الله يعطي الصحة والعافية وطولة العمر الكاتب البحريني يوسف محمد أحمد بوزيد الذي قال: «منذ أوائل الخمسينات من القرن الماضي كان للبعثة التعليمية المصرية الدور والفضل الكبير في تعليم أبناء البحرين»، واستمرت البعثة التعليمية المصرية في دورها بالنسبة للمرحلة الثانوية فكانت تصحح الأسئلة في القاهرة وتأتي النتائج وتذاع أسماء الطلبة الناجحين من إذاعة البحرين، ولذلك فإن الطلبة البحرينيين كانوا يقبلون في جميع الكليات الجامعية المصرية حسب التقديرات التي تؤهلهم للجامعات، ومن بينها كليات الطب والحقوق والآداب.
كانت البحرين في مجال التعليم تستقطب أساتذة من مصر، وفلسطين وسوريا والأردن والعراق ولبنان والهند وبريطانيا؛ فكانت هذه الخبرات تتوزع على المراحل التعليمية من الابتدائي إلى الإعدادي فالثانوي وكذلك التعليم الفني الصناعي.
كما احتضنت البحرين أبناء الخليج العربي للالتحاق بمدارسها من الابتدائي إلى الثانوي والصناعي، بل إن البعض منهم التحقوا بمدارس البحرين بعد ذلك كمدرسين وأسهموا في النهضة التعليمية.
واليوم نحن نفخر بأن جامعاتنا على مختلف تخصصاتها ومنهم جامعة البحرين تضم خبرات عربية شقيقة وخبرات من دول صديقة يسهمون بخبراتهم وتجاربهم في تطوير التعليم الجامعي.
كما نفخر بالأساتذة البحرينيين الذين درسوا وتخرجوا من جامعة البحرين والجامعات العربية والدولية وإسهامهم في تطوير التعليم الجامعي وقد تقلد مناصب رئيس جامعة البحرين العديد من البحرينيين من الرجال والنساء، واليوم جامعة البحرين برئاسة الدكتورة جواهر بنت شاهين المضحكي.
إن الحرص على التعليم والتحصيل الدراسي يسهم في التطوير والنماء والبناء لهذا الوطن العزيز، ويومًا عن يوم نشعر بأن ما وفرته الدولة من فرص للتعليم في جميع مراحله بلا شك يسهم في التطوير وما نصبوا إليه كمواطنين من تقدم مبني على العلم والمعرفة والاستعداد للاستفادة من الخبرات في مختلف المجالات. وكل مواطن يشعر إن من واجبه أن يسخر ما تعلمه لخدمة الوطن والمواطنين في كافة مرافق ومؤسسات الدولة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..