طباعة
sada-elarab.com/629128
إن مملكة البحرين هي التاريخ والحضارة والاقتصاد والتجارة وميناء العالم، والنشاط السياسي والاجتماعي والثقافي والتعليمي والتربوي.
وإذا تحدثنا عن الفنون، فإننا نتحدث عن رواد الفن التشكيلي والصناعات اليدوية التقليدية كالفخار والنسيج، وإذا عرجنا على فنون الغناء فإن فن الفجري الذي ارتبط بمهنة الغوص على محار اللؤلؤ في هيرات البحرين المعروفة بعطائها من خيرات محار اللؤلؤ وما صاحبها من فنون البحر المتعددة التي تؤدي في البحر على ظهر سفينة الغوص أو في البر في الدور الشعبية عند العودة للغاصة إلى الديرة في انتظار موسم الغوص الجديد فنون أيضًا برزت في الساحة كفن الصوت البحريني الذي اشتهر في منطقة الخليج العربي ورواده محمد بن فارس وضاحي بن وليد وأجيال أتت بعدهم على مر العصور وما زالت هذه الفنون تنسب إلى مملكة البحرين الأرض وشعبها الذي يعشق الفنون ويبدع فيها ويضيف إليها كل ما هو جديد.
الفنان القدير المطرب والملحن أحمد الجميري بالإضافة إلى موهبته الغنائية وتربيته في بيت يهتم بفنون البحر المتعددة؛ فقد شد الرحال إلى جمهورية مصر العربية وتعلم الموسيقى والغناء في المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة ودرس على يد الشيخ عبدالمجيد سليم أستاذ الصولفيج في المعهد العالي للموسيقى العربية وظل يحن إلى مصر كلما سنحت الفرصة للغناء في الأوبرا أو النشاط الثقافي بين جمهورية مصر العربية ومملكة البحرين.
وأحمد الجميري في الذكرى الواحدة والعشرين لميثاق العمل الوطني لمملكة البحرين، وهي ذكرى عزيزة على الوطن ومن ثمرات المشروع الوطني الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله..
أحمد الجميري أطلق مشروعه للاهتمام بالموسيقى والغناء البحريني بشكل عملي وملموس قائلاً: من منطلق إحساسي بمسؤوليتي الوطنية والعلمية، ومن منطلق خبرتي الموسيقية في تراث بلدي الغنائي، فقد قررت أن أتحمل هذه المسؤولية وأن أوظف خبرتي الموسيقية من خلال إطلاق مشروعي الوطني الخاص لتدوين وتوثيق فنون الصوت والفجري البحريني والذي ستكون أهدافه كما يلي:
إنشاء مؤسسة تعليمية موسيقية تدرس هذه الفنون المدونة والموثقة للأجيال الناشئة من الشباب المهتمين بدراسة الموسيقى وإعداد أنفسهم لأداء هذه الأنواع التراثية البحرينية من الغناء والعزف.
غرس هذه الألوان الغنائية في ثقافة الأجيال القادمة من خلال موسيقى وغناء معاصر واضح الألحان والكلمات مع الاحتفاظ بأصالتها.
إتاحة الفرصة للشباب لتأسيس فرق موسيقية معاصرة تؤدي هذه الفنون وتحافظ عليها وعلى أصالتها.
إنه مشروع من فنان مواطن شعر بالمسؤولية تجاه الفنون الغنائية والتراثية وضرورة المحافظة عليها وتنميتها ونقلها لأجيال حاضرة ومستقبلية، وقد حدد الفنان أحمد الجميري لانطلاق هذا المشروع بثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى هي تدوين جميع أغاني فن الصوت البحريني المعروفة بالكلمة والتدوين الموسيقي والنوع. والمرحلة الثانية هي وضع مناهج دراسية من خلال الفنون المدونة ليتعلم ويتدرب عليها الطلبة الدارسون للموسيقى في جميع أماكن تدريس الموسيقى في البحرين، وتدريب المغنيين والكورال والعازفين في الفرق الموسيقية القائمة على خصوصية الأداء البحريني من خلال هذه المدونات، أما المرحلة الثالثة فهي توثيق هذه المدونات في مطبوعات متخصصة لتوفيرها للباحثين والدارسين المتخصصين في دراسة هذه الأنواع من الغناء التراثي البحريني في جميع المكتبات العلمية التي تطلبها.
وركز الفنان أحمد الجميري في ورقته التي أوضح فيها معالم المشروع على فن الصوت البحريني واصفًا ذلك بالقول:
«عرفت البحرين فن الصوت المميز عن طريق اثنين من أبنائها وهما محمد بن فارس الذي غناه بحنجرة طربية، وضاحي بن وليد الذي غناه بحنجرة النهام وتميز بعدهم الفنان محمد زويد بلونه الخاص الذي انتشر كمدرسة في دول الخليج العربي».
أما الفن الآخر فهو «فن الفجري» إذ يقول: «فن الفجري فن تركيبته وإيقاعاته معقدة ويؤدي في الدور الشعبية من قبل شباب معظمهم يشتغل في البحث عن لؤلؤ المحار ويتكون من خمسة أنواع هي البحري والعدساني والمخولفي والحدادي والحساوي ولكل إيقاعه الخاص، وقد أعلنت منظمة اليونسكو العالمية إدراج هذا الفن في قائمة التراث الثقافي غير المادي في العام 2021م».
إن مشروع الفنان أحمد الجميري هو سلسلة متواصلة من جهود الدولة في المحافظة على تراث البحرين عمومًا والتراث الغنائي خصوصًا، بالإضافة إلى جهود فنانين بحرينيين اهتموا بفنون الغناء بالإضافة إلى الفنون التشكيلية والغنائية والمسرحية كأسرة هواة الفن وفرقة الأنوار ومعهد الموسيقى الذي أنشأه الفنان المرحوم جاسم العمران بالمنامة ومسرح أوال، والجزيرة والصواري وجلجامش ومسرح الريف ومعهد الموسيقى الذي أنشأه اللواء الدكتور مبارك النجم، بالإضافة إلى جهود المايسترو وحيد الخان والأندية الرياضية والثقافية التي اهتمت أيضًا بمختلف الفنون كنشاط لشباب الأندية في المدن والقرى، بالإضافة إلى جمعيات الفنون التشكيلية، كجمعية الفن المعاصر، وجمعية البحرين للفنون التشكيلية.
إن الجهود التي تبذل في التعريف بفنون مملكة البحرين جهود مقدرة ومعتبرة ومشكورة من خلال هيئة البحرين الوطنية للثقافة والآثار برئاسة معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، والمجلس الوطني للفنون برئاسة معالي الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، والجهود الأهلية بتضافرها مع جهود الدولة لا شك إن شاء الله تثمر خيرًا على عموم الفنون الوطنية لمملكة البحرين.
لقد فتح الفنان أحمد الجميري الباب للخبراء والفنيين في مملكة البحرين الذين تكون لهم إن شاء الله المساهمة في إنجاز وإنجاح هذا المشروع، وأبدى كامل الاستعداد للتعاون معهم، كما دعا كل فنان بحريني يستطيع المساهمة في هذا المشروع الوطني الأصيل وهو يرحب بهذا الاستعداد لما فيه خير الفن البحريني.
بطبيعة الحال إن التصدي لهذا المشروع يتطلب الجهود المتكاتفة والمخلصة ولا نملك إلا أن نقول: خذوا بيد الجميري.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..