طباعة
sada-elarab.com/625397
صحيح القول: «إننا لا نعرف قيمة الشيء إلا عندما نفتقده»؛ فقد كانت حياتنا طبيعية وأنعم الله علينا بنعمة الأمن والأمان والصحة والمعافاة الدائمة؛ فكنا نخرج إلى الأسواق والمجمعات التجارية ونقضي حوائجنا ونلتقي بوجوه ألفناها في مقاعد الدراسة، أو العمل أو الفرجان والحواري، أصدقاء، ومعارف وجيران نصافح بعضنا بعضاً، وقد نقضي الساعات دون تباعد أو حواجز أو كمامات، وإذا جائحة كورونا وأخواتها تدخل علينا من أبواب لا ندري أي الطرق سلكته فاقتحمت علينا خصوصيتنا، وبتنا نتوجس خطانا، ونأخذ بالتعليمات والإرشادات والنصائح ممن سهروا على مصلحتنا ليلاً ونهاراً وكان جل جهدهم ينصب على حماية المجتمع والدولة من المشاكل الصحية التي خلفتها الجائحة، إستعدادات لابد منها فأمانة حفظ المجتمع تأتي في أولوية الأمانات، وكان المواطن عند المسؤولية فتمت الإستجابة لكل التعليمات، وأصبح المؤتمر الصحفي لفريق مملكة البحرين الطبي يأتي في أولوية إهتمام البحرينيين به ليتم تطبيق كل ما يقال فيه لأن المصلحة العامة تقتضي ذلك.
إن تواصلنا الاجتماعي الذي عهدناه في مجالسنا بمدننا وقرانا كان عنواناً لألفة وتكاتف المجتمع، وأصبحت بالفعل مجالسنا مدارسنا، وبات علينا واجب زيارة المجالس، وإقامة الأنشطة الاجتماعية فيها وتبيان قوة مجتمعنا ولحمتنا الوطنية هي أساس بناء هذا المجتمع من خلال تبادل الزيارات.
نعم لم تنقطع زيارة المجالس وإن كانت في نطاق محدود جداً وعدد بسيط إلا أن الحنين إلى المجالس العامرة يظل هاجسنا ورغبتنا في إعادة التوازن إليها مع الحرص على أن يكون الأمان للمجتمع شعار الجميع والسعي متكاتفين لتأصيل قيم مجتمعنا البحريني في أبهى صورة ألفناها كما ألفها الأجداد والآباء.
إن مراجعة النفس والتفكير في قيم مجتمعنا تدعونا للتأمل في الحفاظ على كل المكتسبات التي حققناها ونعمل متضامنين ومتحدين من أجل بلوغ أهدافنا.
تعودنا على التواصل في أمور حياتنا أثناء هذه الجائحة على البعد؛ فقد عقدت المؤتمرات والندوات عن بعد باستخدام تقنيات الحاسوب الآلي وعندما نقارن ذلك بالحضور المعهود في مثل هذه المؤتمرات والندوات نشعر بالفارق الكبير، فطرح الآراء مباشرة والرد عليها أو إغنائها مباشرة يخلق هذا التواصل الحميمي ويضيف معاني كثيرة واستفادة لابد منها، ولعل هذه الظروف قد يستفاد منها مستقبلاً عندما يتعذر حضور بعض الشخصيات لأسباب كثيرة خصوصاً في تلك المؤتمرات الدولية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية المتعددة كما أن العمل عن بعد في بعض الوظائف أضاف بعداً آخر لإمكانية إنجاز أعمال من خلال تقنيات التواصل الاجتماعي إلا أن الحديث المباشر مع المعنيين في الوظائف يحقق الفوائد الجمة، وإمكانية شرح الظروف والملابسات مباشرة فيها إغناء واستفادة ورضا نفسي وشعوري.
أما إذا جئنا للتعليم عن بعد فإنه رغم نجاح مدارسنا الحكومية والخاصة بتطبيق هذه التقنية لكن تبقى أهمية زملاء الفصل الدراسي، وتفاعل الطلبة مع بعضهم البعض ومع مدرس المادة والمجتمع الطلابي والمناخ الدراسي في المدارس لا غنى عنه، وحتمية الرجوع إلى الجو الدراسي المعهود يظل هاجس أولياء الأمور والطلبة وكذلك الإدارة المدرسية والمدرسون فمجتمع المدارس هو مجتمع مصغر لقيم مجتمعنا الأكبر.
بإذن الله تعالى تكون هذه الظروف استثنائية وضرورة أخذ الحيطة والحذر واجب على الجميع، لكننا يجب أن نستذكر بأن الحياة الطبيعية والعادية تخلق ألفة بين الناس وتضيف إلى المجتمع قوة ومنعة، ونحتاج لأن نأخذ الدروس والعبر، وقطعاً المجتمعات ستكون بعد كورونا في وضع مختلف، فالمراجعة والتأمل ضروريان لاستقامة الأمور في طبيعتها التي اعتدنا عليها وربما معالجة القصور والنقص مطلوب على النطاق المحلي والإقليمي والدولي. وسيظل التواصل الإنساني هو الغاية والمراد وماعداه سيكون استثناء. حمى الله بلادنا ومجتمعنا والأمة العربية والإسلامية والمجتمع الإنساني من مخاطر الكوارث والأوبئة، وأبقى الله تكاتفنا لخير الإنسانية جمعاء، فكل فرد منا له دور في هذه الحياة لتجتمع الأدوار في خلق تفاهم وتعاون إنساني يهدف للإعمار والبناء والنماء.
وعلى الخير والمحبة نلتقي