طباعة
sada-elarab.com/622705
إنه المواطن الذي رحل عن دنيانا تاركًا الذكريات وسيرة الخدمة الوطنية في مختلف المجالات، إنه عيسى بن سلطان بن جاسم الذوادي رحمه الله ومثواه الجنة ورضوان النعيم والذي ولد بمدينة الحد عام 1935م في فريج الذواودة، وكمعظم أبناء الحد من المتعلمين امتهن مهنة التدريس في مدرسة الحد الجنوبية للبنين المطلة على البحر، ومن ثم مدرسة قلالي، بعدها سافر إلى العراق لإكمال تعليمه الجامعي ليدرس المادة الأثيرة إلى نفسه اللغة الإنجليزية ليعمل في الستينات مدرسًا في مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق، وأصبح مديرًا مساعدًا في نفس المدرسة التي مرت عليها شخصيات من مدينة المحرق والحد والمناطق المجاورة وهي المدرسة الشاهدة على الحركة التعليمية والتربوية البحرينية.
كنا وقتها صبية في مدينة الحد وننظر إلى هؤلاء الذين تقلدوا مناصب متعددة في سلك التدريس والعمل في شركة النفط بابكو وشرطة البحرين ضابطًا وشرطة رموزًا للعطاء الوطني، ولم يبخلوا علينا بالنصح والتوجيه وكان أبا أسامة وابن عمه المرحوم محمد بن جاسم الذوادي صديقين وإن اختلفت مهنتهما فمحمد بن جاسم بوخالد كان ضابطًا، وعيسى كان مدرسًا.
وعندما قاد طموح عيسى بن سلطان لتغيير وظيفته انتقل إلى العمل في وزارة المواصلات وكان ذلك في نهاية الستينات كمدير لإدارة البريد ثم انتقل مع بداية إنشاء مدينة عيسى إلى المدينة كمدير للإسكان فيها، ومدينة عيسى شهدت تطورًا في إنشاء البيوت الإسكانية للمواطنين، إذ أنه في بداية التأسيس لم يتجاوز عدد البيوت الإسكانية الثلاث مائة بيت.
ولكن المدينة بجهود الدولة والحرص على التطوير، أسندت إدارة المدينة لأبي أسامة حيث بذلت جهود مقدرة من الدولة والعاملين فيها على التوسع في الوحدات السكنية وتنظيم المدينة من حيث الأسواق والتشجير ومحطات نقل وأسواق وتحلية المياه وصيانة المباني وناد رياضي، وعندما أنشئت وزارة الإسكان ضمن اهتمام الدولة في عهد المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد المفدى طيب الله ثراه عين عيسى بن سلطان الذوادي مديرًا لإدارة الإسكان لتنطلق وزارة الإسكان بجهود الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة وزير الإسكان الأسبق وبتوجيه من الحكومة الرشيدة برئاسة المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء مثواه الجنة ورضوان النعيم، وأنشأت الوزارة مجمع تجاري متميز وهو «مجمع السيف» واعتبر هذا الصرح من صروح التطوير العمراني والتجاري البحريني. ولا تزال المشاريع الإسكانية تلقى الدعم والمؤازرة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه.
مثل المرحوم عيسى بن سلطان الذوادي مملكة البحرين في الكثير من المؤتمرات العربية والدولية ونال وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة لخدماته المتميزة، وكان معتزًا بهذا التكريم.
لقد كان أبو أسامة متطلعًا إلى لم شمل الأسرة فإلى جانب اهتمامه وحرصه على تعليم أولاده أسامه، وسفيان، وسامح ووقاص، وبناته سمية، وسوسن، وسحر وسيما، وسهره على تقلدهم المناصب لخدمة الوطن، فقد كان الحريص على لم شمل عائلة الذواودة في مملكة البحرين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وأتذكر يوم دعانا للتفاهم بشأن إقامة مجلس للذواودة في الحد من نفس الفريج وكان يرحمه الله متابعًا للمشروع حتى تم إنجازه وكان الحريص على أن نجتمع كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع ويستمر ذلك في شهر رمضان والأعياد وأن يكون مكانًا للأفراح والأحزان وكان المرحوم محمد بن عبدالله الذوادي وقتها عميد الذواودة الذي جعل من المجلس مكانًا لتجمع العائلة من كل الأعمار وكان الأهل في مجلس التعاون لدول الخليج العربية يأتون إلى المجلس في المناسبات، وكان أبو أسامة كعميد للذواودة في البحرين بعد وفاة العم محمد بن عبدالله الحريص على أن يظل المجلس مفتوحًا للأصدقاء والمعارف الذين لا يجدون مكانًا للأفراح أو التعازي شعورًا منه أن المجالس في مملكة البحرين وإن سميت بأهلها غير أنها ترحب بأهل البحرين على العموم، فالبحرين أسرة واحدة متحابة يجمعهم الحب والوفاء لهذا الوطن العزيز وقيادته الحكيمة الرشيدة.
عشق المرحوم أبا أسامة الشعر والأدب وكان بين مناسبة وأخرى يتحفنا بقصائده كما أنه قارئ للتاريخ والثقافة ومطلع على مجريات الأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية، آخر زيارة لي له في بيته بمدينة عيسى بعد قدومه من العلاج بالرياض كان مهتمًا بمواصلتنا على تقليد مجلس الذواودة عندما تزول جائحة كورونا، وسأل عن الجميع، وكان مهتمًا بقراءة مقالي الأسبوعي في الأيام وكان يناقشني في بعض المواضيع ويقترح علي الكتابة في عدد من المواضيع، خصوصًا وأنه كان من الكتاب الذين تواصلوا مع الصحافة بمواضيع اجتماعية وثقافية.
لقد فقدنا عزيزًا وطنيًا مخلصًا وأبًا كريمًا، وناصحًا أمينًا، وعزاؤنا أنه بقدر حبه وحرصه على الوطن وأهله وتقديره لقيادة هذا الوطن الرشيدة والحكيمة فقد أرسى في نفوسنا حب بعضنا بعضًا وأهمية التواصل الاجتماعي فيما بيننا.
نم قرير العين أبا أسامة، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
وعلى الخير والمحبة نلتقي