طباعة
sada-elarab.com/618609
كُنا في أسفارنا بالخارج أو حضور دورات تدريبية أو زيارات استطلاعية لبعض دول أوروبا، وأمريكا عندما نلتقي بأشقائنا العرب الذين يشاركوننا في هذه الدورات أو الزيارات نشعر بالقرب منهم، ويأخذنا الحديث عن الروابط التي تجمع بيننا وجمعت بيننا على مر العصور، فتتلاشى بيننا الحواجز، ونشعر بأن ما يربطنا أقوى وأصلب من تلك الموانع التي تحول بيننا وبين التفاهم المشترك والشعور الإنساني الذي يربط بيننا وربط ربما مع أجدادنا وآبائنا في ظروف مختلفة وربما متباينة، وكنا نستغرب لصغر سنّنا كيف يكون هذا التقارب بين دول المسافات بينها ليست سهلة من حيث الطرق والبحر والصحراء وصعوبة الانتقال، ولم يدر في خلدنا إن الشعور الوطني والقومي أقوى وأصلب من تلك الموانع الجغرافية والطبيعية وضيق الحيلة وربما ضيق اليد، ولكننا لم نتخيل يومًا أن الإرادة الحرة أقوى من أي شيء يحول بيننا وبين التواصل الإنساني مهما كانت صلابة الحواجز؛ فالعقيدة والإيمان بالمصير المشترك، والعزم والتصميم أقوى من أي شيء يصنع أو يوجد بحكم طبيعة الأمور وقساوة قوى الظلام.
حقيقة ندرك بأن من لا يريدون لنا خيرًا، ازداد عددهم وكثرة موانعهم المصطنعة والتي يحاولون من خلالها التفرقة بيننا وربما إضعافنا ودقّ الأسفين فيما بيننا فهم أدركوا بما لا يدع مجالاً للشك قدرتنا في التوحد، والتعاون والبذل المشترك لما فيه الخير لحاضرنا ومستقبلنا..
إن التدخلات التي لا مبرر لها والتبرير الوحيد عندهم في أن تعاوننا وتكاتفنا قوة لا يستهان بها، وهم بفطرتهم وسليقتهم فهموا ذلك؛ وتاريخنا كان يومًا شاهدًا على قيمة وصلابة هذا التكاتف والتعاون والبذل والعطاء لخير مواطنينا وأوطاننا..
ترى متى نفهم دورنا في هذا الزمان المتقلب، وحتى نغرس في أجيالنا حب التضحية والفداء من أجل خير أوطاننا ومواطنينا، والاستفادة من تقنيات العصر بما يعود علينا بالخير؟!
لستُ متشائمًا ولا أريد أن يدخل اليأس إلى قلوب الأشقاء، فأجيالنا الصاعدة وإن كان التخوّف أن تفكيرهم غير تفكيرنا وتطلعاتهم غير تطلعاتنا، قد نقسو عليهم ونخشى عليهم من غائلة الزمان ولكنهم خلقوا لزمان غير زماننا، وما ينبغي علينا هو حثهم على الأخذ بأسباب العلم والاستفادة من تقنيات العصر الحديث وبما يعود عليهم بالخير وعلى أوطانهم بالفائدة.
وعلينا أن نُحيي تلك الجهود التي تبذل في بلادي مملكة البحرين بتشجيع الشباب على خوض مجالات لم نعهدها ومدّ يد العون لهم وبما يحقق الأمن والاستقرار لأوطاننا ومواطنينا...
حقيقة أشعر بالفخر والاعتزاز لما يحقّقه شبابنا من إنجازات في مختلف المجالات، السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والرياضية وتقنية المعلومات، وهذا لا يعني أن لا نستفيد من خبرة أجيال بذلت وأعطت الكثير من وقتها ولازالت تُعطي الكثير وعلينا أن نعي أنه بالعلم والعمل النافع نستطيع أن نحقق المعجزات وأن نبني الأوطان بما يصون الحمى ويحقق لنا ما نصبو إليه من تقدّم ورقيّ وبما يحفظ أوطاننا.
وإذا كان علينا حق وواجب في ذكر مناقب وخصال وصفات السابقين الذين بنوا كل جميل في أوطاننا؛ فإن المصلحة العامة تقتضي أن نأخذ بيد أجيالنا الحاضرة لتحقيق ما يصبون إليه من تقدم ورقي في أوطاننا، وبما يحمي مستقبلنا ومستقبل أبنائنا؛ فاعتمادنا على القدرات الوطنية تقتضي المصلحة العامة أن نبذل مجتمعين كل الجهود من أجل خير واستقرار أوطاننا، ونتجنب معاول الهدم التي لا تريد لنا خيرًا، وإنما تسعى بكل ما أوتيت من قوة ومكائد أن تسييء إلينا ولا تهمها مصلحتنا.
الحمد لله أن الأجداد والآباء كانوا على درجة كبيرة من الوعي بحكم التجربة والخبرة ووضعوا مصلحة الأوطان فوق كل اعتبار وبنوا الأوطان رغم شُحّ الموارد وصعوبة التواصل لكنهم كسبوا لقمة العيش بعرق الجبين وواجهوا التحديات بكل ثقة وتعاون جماعي ونشدان الخير للوطن والمواطنين.
إننا كأمة مطالبون بأن نعيش أيامنا وبما يحفظ وجودنا ومستقبلنا، وأن لا نترك للأعداء مجالاً للإساءة إلينا وإضعاف قدراتنا، فالتكاتف الإنساني واللحمة الوطنية الواحدة كفيلان ببناء الأوطان وإتاحة المجال لأجيالنا للبذل والعطاء والتكاتف فما يجمعنا ويوحّد شملنا أقوى مما يفرّقنا ويضعف شأننا.. وآن لنا أن نستفيد من معطيات الحاضر لبناء المستقبل، ونأخذ الدروس والعبر مما مرّ ويمرّ علينا، وبما يحفظ أجيالنا من كل شر؛ فالمسؤولية مشتركة والمستقبل لنا جميعًا.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..