عربي وعالمي
"أوكساچون".. نموذجا سعوديا يحتذى في التنمية المستدامة
منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة شركة نيوم، عن إنشاء المدينة الصناعية "أوكساجون" لتصبح واقعاً ملموساً، بات واضحا أن الهدف هو إنشاء مدينة استثنائية سكنية وصناعية، وخلق نموذج فريد للشركات والمؤسسات الطموحة الواعدة والعائلات التي تتطلع إلى حياة جديدة في اكساجون.
تقع أوكساجون في الركن الجنوبي الغربي لمدينة نيوم بمنطقة تبوك شمالي غرب المملكة على ساحل البحر الأحمر، وهو موقع استراتيجي يسهل الوصول اليها محلياً وإقليميا وعالمياً.
معنى اوكساجون
بحسب تصريح الرئيس التنفيذي لمدينة نيوم، المهندس نظمي النصر، فإن أوكساجون اسم جاء من كلمتين وهما “أوكسا” وتعني أوكسجين، و“جون” وهي الشكل المثمن، وهو اسم يحمل رسائل عديدة أهمها، حول اهتمامها بالبيئة والذي يعد الأكسجين أساسا لنظافتها، مشيرا إلى أنها ستكون المدينة الصناعية الرئيسية في نيوم.
مفهوم جديد للتنمية الصناعية
تشكل المدينة الصناعية الوليدة حافزاً للنمو والتنوع الاقتصادي في المملكة بشكل عام، بما يسهم في إعادة تعريف توجه العالم نحو التنمية الصناعية في المستقبل، وخلق فرص جديدة للعمل، بما يلبي طموحات المملكة في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في تحقيق التنوع في مصادر دخل المملكة، ودعم التجارة الإقليمية، إضافة إلى تعزيز تدفقات التجارة العالمية في المنطقة.
الرؤية السعودية لأكساجون ستجعلها موطنا للصناعات التقنية المتقدمة، حيث ستلعب الأنظمة والتشريعات فيها دوراً مفصليا لتعزيز النمو وتمكين الابتكار، كما ستدعم الأعمال ببنية تحتية فائقة المرونة والاستجابة لتسريع مراحل تجسيد الأفكار من المختبرات إلى الأسواق مباشرة، لتصبح أوكساجون منصة تنطلق منها الأحلام والآمال فتتجسد واقعاً نعيشه.
سبع قطاعات صناعية ترتكز عليها التنمية الصناعية بالمدينة، هي: الطاقة المستدامة، والتنقل المستقل، وابتكار حلول للمياه، والإنتاج الغذائي المستدام، والصحة والرفاهية، والتقنية والتصنيع الرقمي (بما في ذلك الاتصالات وتقنية الفضاء والروبوتات)، وطرق البناء الحديثة؛ وجميعها ستدار وتعمل بالطاقة المتجددة بنسبة 100%، انطلاقا من تبني المدينة لمفهوم الاقتصاد الأزرق الذي يعتمد على البحار بما تملكه من موارد طبيعية كثيرة، مثل الغاز والبترول، والمعادن كأملاح الطعام، والاسفنج الذي يستخرج منه مواد تدخل في صناعة الأدوية، وتحلية مياه البحر، واستخدام حركة الأمواج الأفقية وحركة المد والجز الرأسية في توليد الطاقة الكهربائية وغيرها من الموارد المهمة التي يمكن أن تسهم، بحسب خبراء في الاقتصاد، في زيادة الدخل القومي للمملكة، فضلا عما تتيحه من تنوع في الصناعات داخل المدينة مثل صناعة الأدوية والطاقة وتحلية المياه وغيرها من الصناعات الأخرى في مدينة واحدة مثل مدينة نيوم الصناعية، بما يجعل من أوكساجون إضافة قوية ومهمة للاقتصاد السعودي
ميناء بحري متطور
من خلال "أوكساچون" سيكون لدى نيوم أول نظام بيئي متكامل لسلسلة التوريد والموانئ في العالم؛ حيث سيتم توحيد تشغيل مرافق تسليم الموانئ والخدمات اللوجستية والسكك الحديدية، مما يوفر مستويات إنتاجية عالمية مع انبعاثات كربونية صفرية، وستسمح سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية المادية والرقمية المتكاملة بالتسليم الآمن وفي الوقت المحدد، وضمان الكفاءة والفعالية من حيث التكلفة لشركاء الصناعة، ما يجعل المدينة الصناعية الوليدة مركز جذب للشركات الصناعية ولقادة الصناعة ورواد التصنيع والمستثمرين وأصحاب الأعمال.
طاقة نظيفة بنسبة 100%
تتبنى أوكساجون مبدأ الاقتصاد الدائري، لتكون بمثابة قبلة اقتصادية تتجه نحوها الصناعات المتقدمة، كما تنشئ نظاماً متكاملاً للطاقة النظيفة، يطبق فيه مفهوم “الاستخدام المتعدد” للحد من الهدر وتعزيز الإنتاج.
وتتركز البيئة الحضرية الأساسية للمدينة الجديدة حول الميناء المتكامل ومركز الخدمات اللوجستية الذي سيضم غالبية سكان المدينة الصناعية، ويقلل التصميم الثُّماني الفريد للمدينة من أي تأثيرات على البيئة، حيث سيوفر أفضل ما يمكن من استخدامات الأراضي، لدعم توجه نيوم في الحفاظ على ما تقدر نسبته بنحو 95% من البيئة الطبيعية.
تجربة حياتية استثنائية
مثلها كمجتمعات "ذا لاين" التي أطلقها سمو ولي العهد، تعتمد أوكساجون على نفس الفلسفة والمفاهيم الخاصة بمجتمعات "ذا لاين"، حيث توفر تجربة عيش استثنائية متجانسة مع الطبيعة، من خلال موقع مثالي على البحر الأحمر بالقرب من قناة السويس.
ومن المقرر أن تعتمد "أوكساجون" على أكثر التقنيات تقدمًا مثل إنترنت الأشياء وتفاعل الإنسان مع الآلة، والذكاء الاصطناعي والقدرة على التوقع، والروبوتات، وجميعها مقترنة بشبكة من مراكز التوزيع المستقلة بالكامل بما يخدم طموحات مدينة نيوم في إنشاء سلسلة إمداد متكاملة وذكية وفعالة.
محط أنظار المستثمرين
خبراء وباحثون في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة أكدوا أن "أوكساچون" ستُحّدِث ثورة في مجال الاعتماد على الطاقة المتجددة وتصفير نسبة الانبعاثات الكربونية، بما يجعلها نموذجاً مهماً يحتذى به في العالم كله، ومحطّ أنظار المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية الدولية، بوصفها أحد أهم المشروعات العملاقة في المملكة التي تعكس اهتمامها بالاقتصاد الأزرق عبر الاعتماد على البحار لتحقيق التنمية المستدامة، ومحاربة التلوث، وهو ما ظهر في "مبادرة السعودية الخضراء" و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، لمساعدة الدول الأخرى وليس المملكة فحسب في تقليل انبعاثات الكربون، ومضاعفة الاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة.
وبحسب اقتصاديون، فإن أوكساجون لن تنعش اقتصاد المملكة فحسب، بل ستنعش اقتصاد الدول المحيطة ، خاصة في ظل موقعها المتميز بقرب قارات العالم الثلاث، مما يجعل خطوط التصدير مفتوحة لنقل الصادرات، وكذلك الواردات الخام .