اخبار
خبير أثري يكشف حكايات وأسرار طريق "الكباش" واحتفالات عيد "الأوبت"
الثلاثاء 23/نوفمبر/2021 - 01:11 م
طباعة
sada-elarab.com/615045
قال الخبير الأثري أحمد عامر والمتخصص في علم المصريات، إن طريق احتفالات الملوك المعروف خطأ باسم طريق "الكباش" يرجع إنشائه إلي قبل خمسة آلاف عام وكان بغرض تسير مواكب الملوك المقدسة، والطريق كان يشهد الاحتفالات بعيد "الأوبت" والأعياد والمناسبات وتتويج الملوك من معابد الكرنك للأقصر سنوياً، ويضم تماثيل أبو الهول أو الكباش بطول 2700 متر من معبد الأقصر لمعبد الكرنك، وكان في العصور الفرعونية عدد الكباش في الصفين 1300 كبش، ولكن الموجود حالياً من كافة تلك الكباش حوالي 300 كبش فقط من الكباش الأصلية، وباقي الكباش عبارة عن بقايا وتدمرت فى العصور التى أعقبت العصور الفرعونية، وقد بدأ بناء هذا الطريق على يد الملك "أمنحتب الثالث" من الأسرة الثامنة عشر، الذي بدأ تشييد معبد الأقصر، ولكن النصيب الأكبر من التنفيذ يرجع إلى الملك "نختنبو الأول" مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية، و يرجع ظهور الكبش كحيوان مقدس إلى عصور ما قبل التاريخ، وكانت بداية ظهوره على هيئة صلايات صخرية منقوش عليها هيئة الكبش، والكبش في الطريق يرمز للإله "آمون"، وقد أطلق المصري القديم عليه "وات نثر" "WAt-nTr" بمعنى طريق الإله، وكانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملي ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك وألقابه.
وتابع "عامر" إلي أن الكبش يعود إلى "خنوم"، وهو أحد الرموز الرئيسة فى الديانة المصرية القديمة، ف الكباش الفرعونية ترمز إلي الإله "أمون"، الذي يمثل رمز الخصوبة لدى المصريين القدماء، كما يعتقد المصريين القدماء أن الإله "آمون" ينتقل فيه إلى مقر الحريم له من أجل التزاوج والخصوبة ومن ثم الخير والنماء للبلاد، وقد بدأ الاحتفال بـ "عيد الأوبت"، وفقا للنصوص المصرية القديمة، فى عهد الأسرة الثامنة عشر من عصر الدولة الحديثة، وقد استمر الاحتفال به حتى نهاية العصور المصرية القديمة، وتتوافر الأدلة على استمرار الاحتفال ب "عيد الأوبت" حتى العصر البطلمى، وكان ل"عيد الأوبت" أهمية فى تاريخ مصر القديمة حيث أن مهرجان "الأوبت" أو "الإبت" هو احتفال مصري قديم كان يقام سنويًا في "طيبه" الأقصر حاليا في عهد الدولة الحديثة وما بعدها، وفيه كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث "طيبة" المقدس "آمون" و"موت" و"خونسو" يتم إخفائهم بعيد عن الأنظار داخل مراكبهم المقدسة في موكب احتفالي كبير من معبد "آمون" في "الكرنك" إلى معبد "الأقصر" في رحلة تمتد لأكثر من 2كم، وما يتم إبرازه في هذا الطقس هو لقاء "أمون_رع" وزوجته "موت"، وتجديد الولادة هو الموضوع الرئيسي في احتفال "الأوبت" وعادة ما يتضمن احتفالية لإعادة تتويج الملك كذلك، إن المصدر الرئيسي احتفال "الأوبت" هو الجداران الشرقي والغربي ببهو الأعمدة العظيم ب"معبد الأقصر"، ويعودان إلى عهد الملك "توت عنخ آمون"، ويشرح الجداران تفاصيل الاحتفال ب "عيد الأوبت"، ويضاف إلى ذلك بعض النقوش التى تم العثور عليها فى "معبد الإله خنسو" بمنطقة معابد "الكرنك"، وكذلك بعض المشاهد التى سجلها فنانين الملكة "حتشبسوت" بالمقصورة الحمراء بمعابد "الكرنك"، ويضاف إلى ذلك بعض رسومات ب "معبد الرامسيوم"، ومعبد "مدينة هابو"، وكذلك بعض الكتابات والمناظر فى "مقابر النبلاء" بالبر الغربي، وقد تم توثيق النقوش بصالة الأعمدة بمعبد الأقصر، والتي شيدها الملك "أمنحتب الثالث" مسيرة احتفالات "الأوبت".
وأشار "عامر" إلي أن الاحتفالات كانت تبدأ من "قدس الأقداس" بمعبد الكرنك، حيث يوجد تمثال الإله "آمون"، وهناك يقوم الملك بتقديم الصلوات أمام الإله، ليتم وضع التمثال فى الزورق المقدس الذى يطلق عليه "أوسر حات"، والمميز بوجود "رأس كبش" فى مقدمة ومؤخرة الزورق، ويتم إخفاء التمثال عن الأعين خلال الموكب، احتراما لقدسيته وفقا للمعتقد المصري القديم، ثم يخرج الكهنة حليقي الرؤوس حاملين الزورق على أكتافهم من قدس أقداس معبد الكرنك، وذلك عبر طريقين رئيسيين، إما عبر طريق نهر النيل، أو عن طريق المواكب الكبرى بريا، و ويتقدم المشهد كهنة يرتدون عباءات من جلد الفهد، ويسيرون بمحاذاة كل زورق، لتلبية احتياجات الالهة، وأمام كل زورق يظهر كاهن يحرق البخور وكاهن آخر يرش الحليب، وعلى طول مسار الرحلة، وتقام الاحتفالات بمشاركة الجنود على عرباتهم الحربية، ومعهم حملة الأعلام والشعارات الملكية والموسيقيون وعازفو الأبواق والطبول والراقصون، وكل ذلك بمشاركة الجماهير من أبناء الشعب، وتصل الاحتفالات ذروتها بالاقتراب من ميناء "معبد الأقصر"، فتبدأ مراسم ذبح الأضاحي، التى يتم تقديمها كقرابين للآلهة، وتوزيعها على المشاركين فى الاحتفال، وكانت الاحتفالات في عهد الأسرة الثامنة عشر تتواصل إحدى عشر يوما، وزادت المدة حتى سبعة وعشرون يوما فى عهد الأسرة العشرين.
واستطرد الخبير الأثري إلي أن إعادة افتتاح طريق الكباش سوف يجعل مدينة الأقصر عالمية ويحولها إلي مزاراً سياحياً عالمياً، والارتقاء بمدينة الأقصر، وإظهار المعالم السياحية بشكل لائق، ويساهم في إنعاش حركة السياحة بشكل كبير، ويجعلها أكبر متحف عالمي مفتوح، وزيادة عدد السائحين، وجلب مزيد من العملة الصعبة للدولة المصرية حيث أن الدولة المصرية تُعتبر أحد الدول الكبرى والرائدة في صناعة السياحة الثقافية.