حوارات
"صدى العرب" يفتح صندوق الأسرار مع أبطال الانتصار.. الجيش المصرى أسطورة سيتوقف التاريخ أمامها طويلًا
الثلاثاء 26/أكتوبر/2021 - 07:22 م
طباعة
sada-elarab.com/610376
الاستعداد القتالى لنصر أكتوبر بدأ منذ حرب الاستنزاف.. وخسائر الإسرائيليين كانت فادحة
بسالة الجندى المصرى خلال حرب أكتوبر تدرس فى الأكاديميات العسكرية حتى الآن
اللواء حاتم منير
التدريب الشاق قبل الحرب خلق مقاتلًا صلبًا وشامخًا فى وجه آلة الحرب العسكرية
دُفعة استثنائية قُدِّر لها أن تحمل راية الوطن، والدفاع عن أرضه ومقدساته، فى أصعب الأوقات التى مرت على الدولة المصرية، ولم يكن لدى جيلهم، سوى الثأر من العدو الغاصب والمُحتل، واسترجاع سيناء الحبيبة، التي احتلها الصهاينة في يونيو عام 1967. ذكريات تلك الدفعة بدأت في أعقاب نكسة عام 1967، حين أعلنت القوات المسلحة عن قبولها دفعة جديدة من الشباب للالتحاق بالكلية الحربية. وفى مشهد اعتدناه من شباب الوطن، تدافع الآلاف من الشباب، للتقدم وللمشاركة بأرواحهم، فداء لتحرير تراب الوطن، ليتم انتقاء واختيار أفضل العناصر المتقدمة للكلية، والذين التحقوا بها، للذود عن الشرف والكرامة والكبرياء.
ولأن مصر كانت فى حالة حرب، فقد أعدت الكلية الحربية برامج مكثفة فى مجال التعليم والتدريب، كما تم ضغط الإجازات بين مراحل الدراسة المختلفة، وإلغاء الإجازات السنوية، حتى يتم تخريج الدفعات فى أقصر وقت.
وبمجرد تخرج أبطال تلك الدفعة، تم توزيعهم على وحدات الجيشين الثانى والثالث الميدانيين، على الحد الأمامى للدفاعات، والتى كانت تعانى نقصًا شديدًا فى أعداد الضباط.
وقد ساهم أبطال الدفعة فى مرحلة إعادة بناء القوات المسلحة، ومرحلة حرب الاستنزاف.. فمنهم من استُشهد، ومنهم من أصيب فى هذه المرحلة، ومنهم من حاز أرفع الأوسمة والأنواط من أعلى الطبقات فى معارك الشرف والكرامة فى حرب الاستنزاف. شارك أبناء الدفعة العظيمة فى حرب التحرير الكبرى، حرب أكتوبر المجيدة، وحققوا ضمن القوات المسلحة المصرية بكل تخصصاتها، إنجازات سيتوقف التاريخ أمامها شاهدًا عليها. وبمناسبة مرور 48 عامًا، على انتصارات السادس من أكتوبر عام 1973، كان لـ"صدى العرب"، لقاءات مع عدد من أبطال قواتنا المسلحة الباسلة، الذين فتحوا لنا صندوق الذكريات والبطولات، ولحظات الأمل والانتصارات.
حرب أكتوبر ملحمة كبرى أذهلت العالم فى ميادين المعارك والبطولات.. ونصر أكتوبر جسَّد كفاح شعب وقف بكرامة واعتزاز وراء قواته المسلحة لاسترداد الأرض
استرداد الكرامة والأرض
فى البداية يقول اللواء أركان حرب صالح الحسينى: عند إعلان القوات المسلحة عن فتح باب القبول لدفعة استثنائية، قدم فورًا من أجل الانضمام للقوات المسلحة، مؤكدًا أن سبب دخوله للكلية الحربية هو من أجل الدفاع عن الوطن، والمشاركة فى استرداد سيناء، من المحتل الإسرائيلى، بعد حرب يونيو 1967.
ويضيف: بعد أن تخرجت فى الكلية الحربية توجهت إلى جبهة القتال على الفور، وكانت حرب الاستنزاف قد بدأت قبل شهر من التخرج، والتي كانت البداية الحقيقية لمعركة النصر فى السادس من أكتوبر عام 1973.
وتابع: تم التدريب فى مواقع مشابهة لمسرح العمليات بسيناء، كل صغيرة وكبيرة عن دور كل ضابط وجندى فى المعركة، وهو الأمر الذى ساهم بشكل كبير فى نجاح الحرب، لافتًا إلى أنه في يوم السادس من أكتوبر بدأت القوات الجوية بالضربة الأولى التى شلت كل دفاعات العدو وأجهضت مخططاته الدفاعية، ثم بعدها مهدت المدفعية الأرض، ليدخل ما تبقى من الضربة الجوية إلى المخابئ والدشم.
وأضاف: جاء دور سلاح المشاة فى الحرب، حيث عبر عشرات الآلاف من الجنود المصريين مرة واحدة من غرب القناة لشرقها وهم يهتفون الله أكبر غير مهتمين بخط بارليف المنيع، وهؤلاء المقاتلين لم يعرفوا وقتها أن سلاح المهندسين والصاعقة أغلقوا مواسير النابالم ورغم ذلك تدافعوا كل واحد فيهم ناحية هدفه عندما شاهدوا الطائرات المصرية تضرب المواقع الإسرائيلية وتحولها إلى كتل نيران.
وأردف قائلًا: قامت القوات المصرية برفع العلم المصرى أعلى خط بارليف، والاشتباك مع العدو، وكبدته خسائر فادحة فى أول أيام الحرب، وتم اختراق خط بارليف، خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة، وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة فى القوة الجوية الإسرائيلية، ومنعت قوات العدو من استخدام أنابيب النابالم، وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، ثم تقدمنا حتى عمق 25 كم مترًا.
وأوضح أنه شارك فى معركة جبل المر مع اللواء الفاتح كريم وكانت ملحمة كبرى، لأن هذا الجبل يصعب صعوده، وحاول الجنود ذلك إلا أنهم فشلوا، لأنه حاد الميل مثل خط بارليف، لكن اللواء الفاتح نزل من عربة القيادة وعبره جريًا فحذونا كلنا حذوه، ودارت معركة كبرى من أجل تحرير هذا الجبل، وانتصرنا بحمد الله، وحاول العدو أكثر من مرة ضربنا لاستعادته ولكننا احتفظنا به ولم نتركه حتى انتهاء الحرب.
يوم المدفعية
اللواء زكريا سراج الدين (مواليد القاهرة، 11 يونيو 1947) يتحدث عن ذكرياته فى يوم النصر، قائلًا: ذهبت إلى "الكلية الحربية" بعد أن تركت كليتى التى كنت أدرس بها، وعندما سمعت نبأ تنحى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن الحكم وانضمامه للجماهير اختل توازنى لأن "جمال" كان يمثل لى ولكل أبناء جيلى القدوة والرمز، ومعنى أن يترك الحكم فهذا مستحيل، ورأيت مستقبلى يترنح أمامى بعد هزيمة لم نكن السبب فيها.. نعم 5 يونيو كانت خدعة للقضاء على الجيش المصرى.
ويضيف: مصر فى عهد الرئيس عبدالناصر ارتفعت هامتها بسبب القضاء على الاستعمار وأعوانه واتجاه مصر نحو الاكتفاء الذاتى من التصنيع فى كل المجالات وعلى رأسها تصنيع السلاح، فكنا متفوقين تفوقًا غير عادى.. صنعنا الطائرة المصرية وبعض الصواريخ والأسلحة الدفاعية، وهذا كان صفعة قوية للغرب، الذي يريد مصر منهكة لا ترفع رأسها، ولذلك كانوا دائمًا يحاولون إقحامنا فى حروب جانبية، مشيرًا إلى أن حرب 5 يونيو 67 كانت مؤامرة على مصر بكل المقاييس، وكنا كشباب فى ذلك الوقت نعى هذا جيدًا، فكان قراري ترك كليتى والتقدم للكلية الحربية لأصبح ضابطا كى نستعيد الأرض من العدو.
ويضيف: بعد التخرج تم توزيعنا على الجيوش والوحدات، وكان نصيبى العمل مع أحد الفرق فى منطقة القنطرة، كما شاركت بحرب الاستنزاف كـ"قائد مجموعة استطلاع"، والتى كانت تعمل ما بين شمال البحيرات المُرة وجنوب التمساح وسرابيوم، فى استطلاع مواقع العدو ورسم كل تحصيناته فى الكثير من المناطق بشرق قناة السويس.
وعن أهم العمليات التى لن ينساها يشير إلى ملحمة بورسعيد، التى حدثت فى 20 يوليو 1970، حيث اشتركت المدفعية فى عملية الدفاع عن بورسعيد، بعد أن أراد المحتل الإسرائيلى فصلهاعن مصر وباقى مدن القناة، وضمها مع باقى المدن التى احتلها فى سيناء، لكن الطيران والمدفعية والبحرية المصرية قاموا بملحمة بطولية وتصدت لذلك الهجوم وكبدت العدو الإسرائيلى خسائر كبيرة فى المعدات والأرواح، لافتًا إلى أن هذه المعركة لم يحاول بعدها العدو الاقتراب من بورسعيد مرة أخرى وكانت من ضمن المعارك الشرسة التى اظهرت براعة رجال المدفعية فيها.
وحول أجواء حرب أكتوبر يقول إنها مختلفة تمامًا، حيث قمنا بالإعداد والتدريب للمعركة بشكل مختلف، بعد دراسة العدو جيدًا، وكانت الحرب نفسها بالنسبة للمقاتل المصري أقل ضراوة من التدريب الذى قام به خلال 6 أعوام وأيام حرب الاستنزاف نفسها.
وأكد أن المدفعية المصرية تنفرد عن باقى مدفعيات دول العالم بقدرتها على تجميع النيران وحشد أكبر عدد من الكتائب للضرب فى وقت واحد، وذلك ما أظهرته جميع معارك المدفعية المصرية خلال حرب الاستنزاف فى تغطية عمليات الصاعقة وضرب مواقع العدو بشدة حتى الوصول إلى أكبر حشد نيران فى حرب أكتوبر 1973 بطول جبهة قناة السويس على خط المواجهة فى الجيشين الثانى والثالث وهو أعظم تمهيد نيرانى تم تنفيذه حتى الآن ويدرس فى الكليات والأكاديميات العسكرية العالمية وكان نقطة انطلاق لحرب السادس من أكتوبر المجيدة
ويقول: اشتركت مع كتيبتى بضرب مطار العريش بعد النصر الساحق التى حققته مصر من يوم 6 أكتوبر وحدثت الثغرة يوم 14 أكتوبر فقامت أمريكا بعمل جسر جوى لإسرائيل يمدها بجميع الأسلحة والمقاتلين وكان مطار العريش يستقبل هذه المعدات فضربناه بالمدفعية ثم عدنا إلى غرب القناة وضربنا القوات الإسرائيلية فى الثغرة بكل قوة حتى الساعة السابعة مساء يوم 22 أكتوبر توقيت وقف إطلاق النار بالجيشين المصرى والإسرائيلى وبدء محادثات الكيلو101.
سادة المعارك
اللواء محمد الجزار، واحد من أبطال سلاح المشاة، وهو من مواليد طنطا بمحافظة الغربية فى 21 مارس 1947، يروى بعض ذكرياته عن ملحمة النصر، بقوله: كنت طالبا فى كلية التجارة، قبل التحاقى بالكلية الحربية، وعند إعلان القوات المسلحة عن فتح باب القبول لدفعة استثنائية، قدمت فورًا من أجل الانضمام للقوات المسلحة.
ويضيف: كنت من الشباب الرياضيين فى الكلية، ويوم 5 يونيو كنت ذاهبًا للإسكندرية مع بعض زملائى فى الكلية لحضور إحدى البطولات الرياضية هناك وشاهدنا الطائرات الإسرائيلية وهى تقوم بضرب مطار غرب القاهرة، وتوقفنا فى الطريق، نتيجة الغارات الإسرائيلية على المطار وعندنا إلى منازلنا.
ويضيف: حينها قررت الثأر لما حدث عن طريق الانضمام للكلية الحربية عندما تم فتح باب القبول لدفعة استثنائية دخلت الكلية فى 20 يوليو 1967 بعد الحرب بشهرين وتخرجت فى فبراير 1969 مقاتلا بسلاح المشاة.
ويقول: كان حظ دفعتى 54 حربية أن أشارك فى حرب الاستنزاف التى بدأت قبل تخرجنا بشهر فقط، تلك الحرب التى شهدت بطولات وملاحم لا تقل ضراوة عن حرب 73 بل وكانت تمهيد للنصر فى حرب أكتوبر لأنها استنزفت العدو الإسرائيلى ماديا ومعنويا فى الارواح والمعدات وزادت من جراة المقاتل المصرى فى مواجهة الإله العسكرية الإسرائيلية.
وتابع: كنت ضمن الذين شاركوا فى عملية تأمين عناصر القوات التى كانت تستهدف الطيران الإسرائيلى فى منطقة السويس وعجرود القديمة وجبل عتاقة، والمناطق القريبة منها، كما أنه تم التصدى للعديد من المحاولات الإسرائيلية فى استهداف القوات المصرية فى غرب قناة السويس.
ويضيف: شاركت فى نصر السادس من أكتوبر، حيث كنت من ضباط المشاة الذين عبروا فى النسق الثانى للحرب.. قمت أنا وزملائى بالقضاء على المفاجأة التكتيكية الإسرائيلية، عن طريق استهداف الصواريخ والدبابات والمدرعات الإسرائيلية التى كانت موجودة خلف خط بارليف، والتى كانت تستهدف الدبابات والمدرعات المصرية بعد عبورها من الضفة الغربية للضفة الشرقية لقناة السويس، وتم تحقيق خسائر فادحة للعدو حينها.
ويتابع: بعدها قمنا بالسيطرة على منطقة "جبل المُر"بقيادة اللواء الفاتح كريم بعد تحقيق الخسائر الفادحة للعدو الإٍسرائيلى، وبعد أن تم احتلال المنطقة من قبل القوات المصرية، حاولت إسرائيل استهداف القوات المصرية، لكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا، وكبدناهم خسائر فادحة مرة أخرى.
عصب المعركة
اللواء حاتم محمد منير، أحد أبطال سلاح الإشارة، من مواليد مدينة طنطا بمحافظة الغربية، فى 13 مايو 1947، يروي ذكريات التحاقه بالكلية الحربية ومشاركته فى حرب أكتوبر، يقول: كنت طالبا فى تكنولوجيا حلوان قبل الالتحاق بالكلية الحربية، وكنت اعشق مجالى واتطلع إلى التخرج والالتحاق بأحد المصانع الحربية التى تصنع احدث الأسلحة فى ذلك الوقت ولكن تبدد املى عندما حدثت نكسة 67 نعم كانت نكسة بكل المقاييس لأنها هزمت الجيش الذى كان يعشقه الشعب ولكن "رب ضارة نافعة" فالهزيمة لحقت بالمعدات وربما بالخسائر فى الارواح ولكنها لم تهزم فى داخل المصريين الإرادة فى استعادة مكانتهم التى كان يحلمون بها.
وعندما اعلنت القوات المسلحة عن فتح باب القبول لدفعة استثنائية تسابق كل المصريين للالتحاق بها، وتقدمت فورًا من أجل الانضمام لصفوف القوات المسلحة، سبب دخولى للكلية الحربية هو من أجل الدفاع عن الوطن، والمشاركة فى استرداد سيناء، من المحتل الإسرائيلى، بعد حرب يونيو 1967، ودخلت الكلية الحربية فى يوليو من عام 1967، وتخرجت منها فبرايرمن عام 1969.
ويضيف: سلاح الإشارة هو "عصب المعركة"، فمهمته كانت تأمين عملية بث واستقبال وإرسال الإشارة بين القيادات والضباط، ومواجهة "شوشرة" العدو على الترددات المصرية، وإعاقتها عن طريق المناورة بالترددات المختلفة ونجحنا فى ذلك طوال حرب الاستنزاف لم نخطيء فى أى معركة الحمد لله.
ويتابع: سلاح الإشارة بدأ أثناء الضربة الجوية الأولى، فى حرب أكتوبر 1973، فتم استهداف مركز الإعاقة والشوشرة ومركز الاتصالات والسيطرة، وذلك فى منطقة "أم خشيب" فى سيناء، وتم حرمان العدو الإسرائيلى من أنه يُعيق الوصلات اللاسلكية المصرية.. وأثناء حرب أكتوبر، لم ينقطع أو تم فقد اتصال واحد أثناء حرب أكتوبر 1973، بين الضباط ومرؤوسيهم، وكان ذلك نجاح كبير للقوات المسلحة المصرية.
ويقول: أهم المهام التى كلفت بها وتعتبر أهم اللحظات الفرقة فى عملى بسلاح الإشارة هي المشاركة مع المجموعة 39 فى ثلاث عمليات، فى منطقة شمال خليج السويس، وهى فى مناطق: "بلاعيم – الطور – أبورديس"، حيث كنت ممثلًا لمنطقة البحر الأحمر، كما أننى كنت حلقة وصل بين المجموعة والأهداف الخاصة بهم فى سيناء وبين القيادة العامة للقوات المسلحة.. وكل هذه العمليات نجحت وكبدت العدو خسائر فادحة فى المعدات والأفراد
صائد الغربان
اللواء مصطفى المصرى، أحد أبطال قوات الدفاع الجوى، الملقب بـ«صائد الطائرات» خلال حرب أكتوبر المجيدة، يتحدث عن تفاصيل رحلته منذ انضمامه للكلية الحربية إلى مشاركته فى حرب أكتوبر، قائلًا: بعد نكسة 5 يونيو 1967، وبعد إعلان القوات المسلحة فتح باب القبول لدفعة استثنائية، قدمت فورًا من أجل الانضمام للقوات المسلحة، ولم تكن العائلة تعرف شيئًا عن هذا الأمر، وتخرجت فى الكلية الحربية في فبراير عام 1969، بعد دراسة تخصص دفاع جوى التابع حينها لسلاح المدفعية، وكان من يتم اختياره دفاع جوى داخل الكلية، يتم إرساله إلى معهد الدفاع الجوى بالإسكندرية، ليأخذ الفرق الخاصة بها.
وكشف اللواء مصطفى المصرى أنه أثناء وجوده فى إدارة شئون ضباط القوات المسلحة، تم اختياره هو وآخرين للتوجه إلى معهد الدفاع الجوى بالإسكندرية، وذلك من أجل التدريب على الرشاش الذى أنزله الفريق عبدالمنعم رياض من على طائرات الميج 17 لاستخدامه فى عملية استهداف الطائرات الإسرائيلية التى كانت تطير على ارتفاع منخفض للغاية، وأشار إلى أنه بعد شهر ونصف الشهر من عمله على السلاح الذى كُلف للعمل عليه، جاء إليه خطاب فى أبريل من عام 1969، طالبه بضرورة التوجه إلى إدارة شئون ضباط القوات المسلحة.
وتابع: بالفعل توجهت إلى إدارة شئون الضباط، ومعى ما يقرب من 10 ضباط، اختير منا 5 أفراد للعمل على سلاح جديد، وتسلمت خطابا موجها لمعهد الدفاع الجوى، يُفيد حصولى على فرقة (رشاش ثقيل) ولم نسمع بهذا السلاح من قبل، فاستفسرت من المسئول حول أنه ليس هناك رشاش ثقيل داخل المعهد، فرد على قائلا: (نفذ الأوامر يا سيادة الضابط)، وبعدها توجهت إلى معهد الدفاع الجوى مرة أخرى، وعندما وصلنا، كان هناك كردون أمنى مُشدد، وكنا ما يقرب من 13 فردا داخل المعهد".
وأوضح «صائد الطائرات» أنه تم عرضه على عدد من الخبراء الروس داخل معهد الدفاع الجوى، وتحدثوا معه حول استخدامه للأسلحة وكيفية تعامله مع المواقف الطارئة، وبعد رده عليهم تم اختياره".
وأضاف: الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ذهب إلى روسيا وطالبهم بالحصول على سلاح من أجل مواجهة الطيران المنخفض للعدو الإسرائيلى، الذى كان يستهدف حينها المنشآت المصرية، مثل (مدرسة بحر البقر، ومصنع أبو زعبل)، وغيرها من المناطق والمدنيين، وأنه لن يسمح لإسرائيل بعمل ذلك فى شعبه، فرد الروس حينها عليه بأنهم سيقدمون له سلاحا لا يعلم عنه العالم شيئًا.
التحدى الكبير
وأضاف أن الروس قالوا للزعيم عبدالناصر: إن ضباطك لن يستوعبوه، لكنه تحداهم بأن الضباط المصريين سيستوعبون السلاح الجديد فى أقل فترة ممكنة، وكانت مدة التدريب التى وضعها الروس 6 أشهر، فاستوعبناه فى أقل من 3 أشهر فقط.
ويضيف: بعد فترة وجيزة من التدريب، توجه أحد زملائى وهو الضابط ماجد أحمد على بالسلاح الجديد إلى جبهة القتال لحماية كتائب الصواريخ، وكانت المفاجأة إسقاطه طائرتين إسرائيليتين من طراز (سكاي هوك الأمريكية- وميراج الفرنسية)، والسلاح الذى أسقط هاتين الطائرتين هو سلاح صواريخ روسى، أو ما يسمى صاحب العيون الزائغة كما نطلق عليه، وإسرائيل تطلق عليه كتائب الحية، فهذا الصاروخ يتميز بأنه يتبع حرارة الطائرة ويصيبها فى المحركات بالمنتصف، فيقسمها نصفين ولايستطيع الطيار الهروب بالكرسى المتحرك، لأن سرعة الصاروخ الكبيرة لا تعطى وقتا للطيار للتصرف".
وتابع: فى يوم 9 سبتمبر 1969، توجهنا إلى مكتب قائد قوات الدفاع الجوى لمقابلة اللواء محمد على فهمى حينها، قائد القوات، وأعطانا تعليمات بالتوجه إلى أحد الجبال فى موقع «عجرود القديمة»، وذلك من أجل الدفاع عن إحدى الكتائب، من هجوم الطيران الإسرائيلى، ومكثنا هناك من يوم 9 حتى 18 سبتمبر عام 1969، لم يحدث شيء، لكن يوم 18 سبتمبر، جاء هدف استطلاع إسرائيلى على مسافة عالية، تم الاشتباك معه.
ويقول: بعدها تم انسحاب الكتبية وبناء «كتيبة هيكلية» مكانها، لأننا كنا نعلم أن إسرائيل ستستهدف المكان خلال ساعات قليلة، وبالفعل فى اليوم التالى جاءت هجمة جوية من قبل طائرات سكاى هوك وطائرات ميراج إسرائيلية، وكان أول اشتباك حقيقى لى، حيث كنت مُكلفا بعملية إسقاط الطائرات الإسرائيلية التى ستطير على ارتفاع منخفض، وبالفعل أسقطت طائرة سكاى هوك، وطائرة ميراج إسرائيلية، وكان ذلك نجاحا كبيرا لى ولزملائى بالكتيبة، وكان وقتها إسقاط طائرة إسرائيلية أمرا جللا، والرئيس عبدالناصر كان عارضا مكافأة 500 جنيه لأى ضابط دفاع جوى أو طيران يسقط طائرة إسرائيلية.
ويضيف: جاءنى ضابط أمن وأعطى لى أمر فورى بالتحرك معه هو ومجموعته، بناءً على تعليمات قائد قوات الدفاع الجوى، فذهبت ومعى توجيهُ إلى أحد المهابط الخاصة بطائرات الهليكوبتر، وتم تصعيد المجموعات القتالية أعلى الجبل، وذلك لحماية سرية رادار من هجمات الطيران الإسرائيلى، ووزعت القوة إلى 3 مجموعات قتالية، كل واحدة قوامها 7 أفراد، وبعد ذلك رصدنا طائرتين إسرائيليتين قمت باستهدافهما وأسقطتهما بالفعل، وبذلك أسقطت 4 طائرات إسرائيلية خلال يومين، وكانت هذه خسائر فادحة للطيران الإٍسرائيلى، وقمت بجمع مبلغ 2000 جنيه كمكافأة، وفى عام 1969 كان هذا المبلغ ثروة، ومن خلال ذلك المبلغ تزوجت".
وعن يومياته فى حرب أكتوبر قال اللواء مصطفى المصرى: كنت نقيبًا فى حرب أكتوبر 1973، وقائد كتيبة «ستيرلا حية»، وكنا قد طورنا الصاروخ قبل نصر أكتوبر، وأدخلنا عليه تعديلات تلائم حربنا الشرسة مع إسرائيل، ولم يعلم العالم منذ الفترة 1969 حتى 1973 بنوعية السلاح الذى كنا نحارب به".
وأضاف: كُلفت قبل حرب أكتوبر بفترة قصيرة بعملية تأمين الفرقة 18 مشاة ميكانيكى بقيادة اللواء عزيز غالى الذى حرر مدينة القنطرة شرق، وأمنت لهم المعابر حتى أقاموا رأس الكوبرى، ثم إحدى القواعد الجوية المهمة، والتى كانت تحتوى أهم لواء للمقاتلات وقتها، وعند اندلاع حرب أكتوبر لم يجرؤ العدو الإسرائيلى على مهاجمتنا، لكن فى اليوم التالى من الحرب، كانت هناك هجمة من قبل الطيران الإسرائيلى، وأسقطنا لهم طائرتين، وكانوا يتركون يوما ويهجمون اليوم الذى بعده فهجموا يوم 9 وأسقطنا لهم طائرتين".
وتابع: استمرت الهجمات طيلة أيام الحرب، وتمكنت كتيبتى من إسقاط 6 طائرات قبل يوم 14 أكتوبر، الذى شهد ملحمة الاشتباك الجوى بين الطيران المصرى والإٍسرائيلى والتى سميت فيما بعد بأطول معركة جوية فى التاريخ، وانتهت الحرب وحصلت على وسام الجمهورية، وكنت ثانى صائد طائرات فى قوات الدفاع الجوى المصرى فخر الأسلحة الحديثة.