طباعة
sada-elarab.com/608978
فى شهر الانتصارات العظيم.. شهر البطولات المجيدة، تروى آلاف القصص والحكايات عن ملاحم أبطالنا وشهدائنا الأبرار، فى حرب 1973.
ورغم أن حرب أكتوبر الخالدة ستظل محفورة فى تاريخ مصر الحديث بحروف من نور، إلا أن هناك واحدة من معارك المجد وتحمل ذاكرة النصر، التى خلَّدت فيها العسكرية المصرية ونسور القوات الجوية أسمى معانى البطولات والتضحية.
فى 14 أكتوبر 1973، بدأ تاريخ جديد للقوات الجوية المصرية، كنموذج مشرف للتضحية والفداء، لتكريس وتنمية وترسيخ قيم البطولة والانتماء والولاء وحب الوطن، ليصبح واقعًا حقيقيًا لذاكرة النصر.
جولات كثيرة ومعارك عديدة خاضها نسور الجو الأبطال، منذ المشاركة فى الحرب العالمية الأولى والثانية، مرورًا بتشكيل السلاح الجوى فى العام ١٩٥٢ ثم تحويله إلى القوات الجوية سنة ١٩٥٣، وليس انتهاء بدور القوات الجوية فى العدوان الثلاثى، وحرب الاستنزاف، ثم أكتوبر.
لقد كان للقوات الجوية دور بطولى فى قطع ذراع إسرائيل الطولى، وفى الضربة الجوية الأولى التى شلت العدو وجعلته يفقد اتزانه خلال الأيام الأولى لحرب أكتوبر، وصولًا إلى معركة العبور.
إن نسور القوات الجوية، سطروا بالنار والدم بطولات أدهشت العالم أجمع وأصابت العدو الإسرائيلى بالفزع، ليتم تغيير عيد القوات الجوية من نوفمبر كل عام، منذ ١٩٣٢ وهو بداية تكوين الطيران المصرى، ليصبح يوم معركة المنصورة. وقعت معركة المنصورة الجوية بين مصر وإسرائيل، حين حاولت القوات الجوية الإسرائيلية استغلال سلاح الطيران التى أطلقت عليه اليد الطولى لتدمير قواعد الطائرات الكبيرة بالدلتا، فى طنطا، والمنصورة، والصالحية لكى تحصل على التفوق فى المجال الجوى، ما يمكنها من التغلب على القوات الأرضية المصرية مثلما حدث فى ١٩٥٦ و١٩٦٧.
لكن الطائرات المصرية تصدت ببسالة، وكان أكبر تصد لها فى يوم ١٤ أكتوبر، بمدينة المنصورة، فى أكبر وأضخم وأطول معركة جوية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أطلقت إسرائيل غارة كبيرة من ١٦٥ طائرة مقاتلة، لتدمير قاعدة المنصورة الجوية، وتصدت لها القوات الجوية المصرية بطائراتها، لتستمر المعركة ٥٥ دقيقة، وهو ما أكسبها الخلود وجعلها أعظم معركة فى التاريخ الجوى.
اشتبكت فى تلك المعركة ١٨٠ طائرة مقاتلة، وتكبد العدو فيها خسائر فادحة، حيث نجحت المقاتلات المصرية فى تدمير وإسقاط ١٧ طائرة للعدو ولاذت باقى طائراته بالفرار من سماء المعركة.
فى ذلك اليوم المشهود، سجل سلاح الطيران المصرى رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا ليصل إلى ٦ دقائق فقط فى تجهيز الطائرة، وهو ما جعل الإسرائيليين يعتقدون بوجود أعداد هائلة من الطائرات المصرية تصل إلى ١٥٠ طائرة بخلاف ما أبلغتهم به قياداتهم من وجود ٤٠ طائرة فقط بالمطار.
أخيرًا.. رغم التفوق الكمى والنوعى لسلاح الجو الإسرائيلى، كان النصر لمصر فى هذه المعركة الخالدة، التى أصبحت تدرس فى جميع المعاهد العسكرية لدول العالم كنموذج لحسن التخطيط وبراعة الأداء وكفاءة القيادات التى عملت بروح الفريق، فسيطرت على جميع مراحل الاشتباك وأدارت أعمال القتال بذكاء واقتدار.