طباعة
sada-elarab.com/599223
غريب هو أمر سوق السيارات المصرى .. لا أستطيع أن أصف المشهد الحالى به إلا بالمسرحية الهزلية .. نعم مسرحية هزلية وأبطالها وكلاءه وموزعيه (بشكل عام .. وليس الجميع بالطبع)، فالأغلبية بدأت ترفع أصواتها بأن هناك نقصاً حاداً فى المتاح من سياراتهم وهو ما يمثل ضغطاً شديداً عليهم – بحد أقوالهم – وبالتالى معاناتهم فى تلبية طلبات العديد من المشترين .. ولكن:
• أين خطط وتوقعات تلك الشركات فى أرقام مبيعاتها المستهدفة (Sales Forecast) بعد أزمتى نقص البيع بـسبب "حملة مقاطعة الشراء منذ عامين" والتى تلتها أزمة الكورونا ؟ ... والذين كان من المفترض لهم أن تكون أرقامهم المخططة أكبر بكثير مما قاموا بتوقعه وطلبه من الشركات الأم (مع مراعاة عامل نقص الإنتاج – النسبى – بتلك الشركات) ... إلا أن حجم المآساة أكبر وأعمق بكثير بالسوق المصرية للسيارات بالمقارنة النسبية بالأسواق الخليجية على سبيل المثال ... أو حتى أسواق الشمال الأفريقى النشطة وهو الأمر الذى أشتم به نوعاً من نظرية المؤامرة على المستهلك المصرى بسبب الفوائد المحققة لهؤلاء التجار والمستوردين.
• وأين الإلتزام الموضوعى بالأسعار مع العملاء ؟ نعم جميعنا يعرف أن هناك نقصاً ملموساً بمعدلات إنتاج الشركات الأم وأن أسعار عمليات الشحن قد زادت ، ولكن لا توجد مبررات لرفع أسعار العديد من الطرازات – بل وإعلان العديد من وكلاتها بأنهم قد أوقفوا حجز السيارات لدى وكلاتهم وموزعيهم بنفس الوقت !! - ليساهم الأمر بالتبعية فى رفع الأسعار بأشكال مضاعفة وغير مبررة على السيارات المخزنة منها ، ولتأتى الكارثة فى طلب التجار والموزعين (وفى الغالب بالتنسيق الخلفى مع كثير "من" الوكلاء) بالمبالغ الإضافية (Over Price) والتى لا تحتسب فى فاتورة البيع الرسمية ، وهو ما يؤكد نظرية إستغلال العميل من جانب والتهرب من دفع ضرائب تلك المبالغ من جانب آخر... ولتكون المحصلة النهائية مكاسب وفيرة لهؤلاء وكأن السوق لم يهتز بالمرة فى تعويضهم لنقص المعروض من السيارات بتلك الأرباح (غير القانونية) التى تأتى خارج المنظومة المالية والضريبية الرسمية لهؤلاء.
• وأين الدور الحكومى فى مراقبة هذا الإنفلات الحادث بالسوق ... أوليس تلك المبالغ المدفوعة خارج المنظومة المالية والضريبية الرسمية تعد نوعاً من أنواع (الرشى) وهو ما يفترض أن يعاقب عليه القانون؟.
• وأين عقول المشترين (المتهورين) والمتعطشين لشراء سيارات جديدة من المفروض عليها تلك الأسعار الإضافية "Over Price" ، والذين للأسف يأتى أغلبهم من الملاك لسيارات سابقاً وليس هم من فئة المشترين الجدد والذين لا يملكون سيارات بالوقت الحالى ، ومن ثم هم ليسوا مجبورين (مجازاً) على دفع تلك المبالغ الزائدة ؟!!
وعلى الجانب الآخر، إنعكس هذا المشهد الهزلى على أنشطة تلك الشركات التسويقية والإعلانية ، مما أثر بدوره على المنظومة المتكاملة المرتبطة بتلك الأنشطة التسويقية مع كافة الموردين ومقدمى الخدمة الخارجيين بهذه القطاعات ... الأمر الذى بدى معه سوق السيارات المصرى يعانى بشكل عام من حالة "إنغلاق" شبه تامة ، إلا من خلال قلة من الشركات النشطة وعلى رأسها عدد من وكالات السيارات الصينية التى عملت شركاتها الأم بسياسات توقعية أكثر موضوعية – وخاصة مع ازمة الرقائق الأليكترونية – مقارنة بالعديد من شركات السيارات خارج الصين ومن ثم وكلاءها حول العالم بصفة عامة (وهو ما نراه فى مصر بصفة خاصة).