طباعة
sada-elarab.com/598120
عندما كنا في مدرسة البديع الابتدائية للبنين كان الحرص على طابور الصباح أسوة بالمدارس الأخرى في مدن وقرى البحرين؛ لما لهذا الطابور من دور في التثقيف والتوعية وتعلم النظام وتمرير الإرشادات والتعليمات والقيم، وتعويد الطلبة والطالبات على الالتزام بأخلاق وقيم طابور الصباح، وكانت إدارة المدرسة والمدرسين من الفطنة بحيث تكون ساحة الطابور مزينة بعبارات توعوية وإرشادية، بحيث تكون فترة انتظامنا وبقائنا في الطابور مفيدة ومجدية ونحن نستمع إلى التوجيهات من الإذاعة المدرسية التي يشترك الطلبة في إذاعتها، بالإضافة إلى قراءتنا للعبارات التوجيهية والإرشادية المعلقة على جدران المدرسة ومنها «الصدق ينجي»، و«الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى»، وغير ذلك من العبارات المعدة بخط عربي جميل مع بعض الصور إن أمكن الحصول على ما يناسب العبارات.
كبرت معنا عبارة «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى»، وإذا مدارسنا تحرص على اقتناء صيدلية وغرفة للإسعافات الأولية قريبة من إدارة المدرسة، ويعوّد الطلبة في الفسحة لتقديم العلاج لزملائهم الطلبة المحتاجين.
كان حلمًا لبعض الطلبة أن تكون مهنة الطب هي ضمان المستقبل الوظيفي، ولم نكن وقتها نعلم إن مشوار الطب طويل ويحتاج إلى مهارات وقدرات وصبر ومجموع رفيع يؤهل الطلبة للالتحاق بالجامعات التي كانت تدرس الطب في عالمنا العربي والخارج.
كنا وقتها نزور العيادة الوحيدة في شارع البديع القريبة من قرى الدراز وبني جمرة والبديع لتخدم سكان المرخ وباربار والجنبية والجسرة وسار والقرى الأخرى المجاورة، وكان الأطباء والممرضون يأتون من مستشفيات المنامة بحافلات خاصة.
كانت الخدمات الطبية في البحرين رائدة، فبالإضافة إلى مستشفى الإرسالية الأمريكية الذي أنشئ عام 1900م، وجد مستشفى النعيم بالمنامة بالإضافة إلى عيادات في المحرق والحد مهيأة لاستقبال المرضى، وقتها بدأت أفواج الطلبة البحرينيين للذهاب إلى دراسة الطب في الجامعات بالخارج حتى إذا جاءت الدفعات الأولى من الأطباء استبشر مجتمعنا خيرًا بهم، وبتخصصاتهم واستدعت الحاجة إلى التوسع في الخدمات الطبية وجدت الحاجة إلى بناء مستشفى السلمانية وعيادات في مدن وقرى البحرين المختلقة، وبدأت إذاعة البحرين في تخصيص برامج طبية كان رائد تقديمها المرحوم الدكتور رمزي فايز وبدأنا نستمع إلى أطبائنا البحرينيين وهم يقدمون النصائح الطبية، عندها أصبحت مهنة الطب في البحرين بشكل احترافي وباتت مركزًا متطورًا للعلاج من الأمراض السارية وقتذاك وتقدم خدماتها لمن يحتاج إليها من المواطنين والمقيمين، والأشقاء من دول الخليج العربي.
ظلت حكومة مملكة البحرين حريصة كل الحرص على تطوير الخدمات الطبية والتوسع في رقعة تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين والمقيمين، فتحولت بعض المراكز إلى مستشفيات لتقديم شتى الخدمات العلاجية، إلى أن أنشئ المستشفى العسكري الذي هو الآن بإدارة اللواء البروفيسور الشيخ خالد بن علي آل خليفة قائد الخدمات الطبية الملكية بالمستشفى العسكري منذ العام 2005م وتطورت خدمات المستشفى العسكري، وافتتح به مركز الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة التخصصي للقلب إلى أن انتقل إلى موقعه الجديد بمدينة عوالي. لقد توسعت المراكز الصحية والعلاجية بدعم من حكومة مملكة البحرين والأشقاء بدولة الكويت والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمواطنين من أهل الخير في بلادنا، بالإضافة إلى المستشفيات والعيادات الخاصة.
كما تطورت الخدمات الطبية في مستشفياتنا الحكومية والمراكز الصحية في القرى والمدن، إلى أن أنشئ مستشفى الملك حمد الجامعي ومركز البحرين للأورام بإدارة اللواء طبيب الشيخ سلمان بن عطية الله آل خليفة، وقد نال مستشفى الملك حمد الجامعي الجائزة البلاتينية من الفيدرالية العالمية للسكتات الدماغية.
إن ما مر به العالم من جائحة كورونا أثبت أهمية أن تكون الخدمات الطبية الضرورية في أولى الأولويات، فكانت مملكة البحرين وبدعم من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، قد شكلت بإشراف ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله ورعاه، فريق البحرين الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا، وكان الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للصحة رئيس الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا، وعضوية سعادة الأستاذة فائقة بنت سعيد الصالح وزيرة الصحة، وطاقم من وزارة الصحة بمملكة البحرين، وطاقم من الخدمات الطبية الملكية بالمستشفى العسكري.
وتقديرًا لهذه الجهود، فقد صدر الأمر الملكي السامي من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، باستحداث وسام الأمير سلمان بن حمد آل خليفة للاستحقاق الطبي بتاريخ 2 أغسطس 2021م.
تقديرًا من جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه للجهود الطبية للأطباء والممرضين والطواقم الطبية، وكذلك الذين استشهدوا في أثناء تأدية واجباتهم الطبية والأشخاص الذين كان لهم إسهامات وخدمات جليلة في الدعم المادي والمعنوي للكوادر الطبية، وهو ما يمثل امتدادًا للرعاية الكريمة والدعم السامي من جلالته أيده الله للجهود المتواصلة لكل الكوادر الوطنية بالصفوف الأمامية والجهات المساندة لها التي تميزت بالمثابرة والشجاعة والصبر على الصعاب، ضمن الجهود الوطنية الجامعة في التصدي لجائحة فيروس كورونا.
إن المرء يدرك كمواطن أن ما يقدم من خدمات علاجية في مستشفياتنا ومراكزنا الصحية يشعره بالاطمئنان والراحة النفسية، وأن الدولة معه في صحته ومرضه ولا تدخر وسعًا في المحافظة على أن يكون مواطنًا معافى يؤدي دوره وواجبه الوطني بكل فخر واعتزاز.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..