ملفات
ما القرار المرتقب لمجلس الأمن في أزمة سد النهضة؟
الإثنين 28/يونيو/2021 - 11:12 ص
طباعة
sada-elarab.com/587602
حالة من الترقب تسود المشهد في القرن الأفريقي بعد أن وصلت أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من الجانب الآخر إلى مفترق طرق، حيث ينتظر الجميع موقفا من مجلس الأمن..سوف تبنى عليه السيناريوهات القادمة؟
يرى مراقبون أن الأزمة وصلت إلى مرحلة خطيرة جدا، وأن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد لن يتراجع عن تعنته، نظرا للمشاكل الداخلية بالبلاد، فإن نجح في تمرير خطته سوف يكتسب زخما سياسيا كبير في الداخل، وإذا ما نشبت الحرب فلن يخسر كثيرا، بل سيكون هناك تأييد له بحكم أنه يدافع عن مصالحهم، ولم تعد أمريكا قادرة على الضغط على أديس أبابا، لكن ربما تنجح جولة مبعوث واشنطن للقرن الأفريقي خلال زيارته للخليج في وقف التصعيد ومحاولة إيجاد حلول للأزمة.
وقال الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة دراسات حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الذهاب إلى مجلس الأمن من جانب مصر والسودان كان بهدف ممارسة أكبر ضغط ممكن على إثيوبيا، علاوة على عرض قضيتي مصر والسودان على نطاق دولي، والتأكيد على أن الطرف المتعنت الذي أصبح يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين في المنطقة هو إثيوبيا.
قرار مجلس الأمن
وأضاف في حديثه لوكالةـ"سبوتنيك" الروسية، أنه ليس من الضروري أن يصدر المجلس قرارا إذا اجتمع بناء على طلب مصر والسودان، نظرا لأن هناك بعض الدول صاحبة الفيتو غير متحمسة لإصدار مثل هذا القرار باعتبار أنها دول منابع.
وحول الحلول المتوقعة بعد اللجوء إلى مجلس الأمن قال رسلان: إن الولايات المتحدة أعلنت موقفها مؤخرا، بعد زيارة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل وتصريحات قائد المنطقة المركزية في الجيش الأمريكي، بأنها منزعجة من الموقف الإثيوبي، وأنها تدرس الموقف لترى كيفية التصرف أو الاقتراب من حل هذه الأزمة بأي وسيلة، حيث أن جزءا من تحرك مصر والسودان هو أن الموقف الأمريكي خاصة بالنسبة لمصر، يطلب تنحية السيناريو العسكري، وهذا حل من الحلول الرئيسية للأزمة، لكن في النهاية، على واشنطن أن تقدم حلا متوازنا وعادلا لإنهاء الأزمة.
خطة واضحة
وأوضح رئيس وحدة دراسات حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الولايات المتحدة لا تزال عاجزة إلى الآن عن وضع خطة واضحة أو مقترح محدد لحل الأزمة، كما أن قدرة البيت الأبيض في الضغط على الحكومة الإثيوبية أصبحت ضعيفة بعد تدهور العلاقة بين الطرفين، لذلك لجأت واشنطن إلى إرسال مبعوثها للقرن الأفريقي إلى دول الخليج العربي لدراسة الأزمة معها، وهذا يعني أن أمريكا تريد أن تسلك طريق آخر لحل تلك الأزمة عن طريق إدخال دول الخليج، كنوع من التسوية عبر الحوافز، لأن دول الخليج لا تمتلك أدوات
ضغط على إثيوبيا بقدر ما تمتلك منح حوافز لإقناع أديس أبابا لتغيير موقفها، نحن الآن على مفترق طرق والأزمة تتصاعد، والموقف الإثيوبي واضح أنه لا يعبأ بأي تداعيات نظرا للأزمة الداخلية التي تزداد مع مرور الوقت، الأمر الذي يدفع أبي أحمد للإصرار على موقفه، لأنه إذا نجح في تنفيذ خطته بشأن السد، سيكون ذلك نصرا سياسيا له يساعده في الداخل، وإذا فشل وحدث تحرك عسكري، ستمثل بالنسبة له حدثا كبيرا يغطي على مشاكله الداخلية.
التعنت الإثيوبي
من جانبه أكد مستشار وزير الري المصري الأسبق وخبير الموارد المائية، الدكتور ضياء الدين القوصي، أن ما تقوم به إثيوبيا من تعنت أمر غير مسبوق في العلاقات الدولية وغير مفهوم أيضا، وبكل أسف تهاونت مصر منذ البداية مع هذا الملف وتعاملت معه برفق شديد، ما جعل النتيجة بالغة الصعوبة الآن، ومصر لا تتحمل بأي حال من الأحوال أن يبدأ وينتهي الملء وهي غير قادرة على التصرف بأي سيناريو لمنع أو لحل تلك الأزمة.
وأضاف في اتصال مع "سبوتنيك"، لا يمكن أن يتم ترك المحبس كاملا بيد إثيوبيا تفتحه وتغلقه وقتما تشاء، ولا يمكن لأحد أن يقبل هذا الوضع، لكنني أكرر أن التدخل العسكري ليس عملية سهلة، ومع ذلك لا يمكن أن تتحمل مصر والسودان السيناريو التركي مع العراق وسوريا.
وحول ما يمكن أن يتخذه مجلس الأمن من قرارات بهذا الشأن قال مستشار وزير الري، لا أعتقد أن المجلس سوف يتخذ أي قرار، فقد أحال الموضوع إلى الاتحاد الأفريقي منذ أكثر من عام وفشل الاتحاد، وفي كل الأحوال يستطيع مجلس الأمن أن يتخذ قرارا بوقف بناء السد، ومن الخطأ ألا يتخذ مثل هذا القرار، لأنه بذلك يضع مصر والسودان أمام خيار واحد فقط وهو الخيار العسكري.
الخارجية المصرية
قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن القاهرة تجري اتصالات موسعة على مستوى أعضاء مجلس الأمن الدولي لقبول انعقاد المجلس بشأن أزمة سد النهضة.
شدد على أن مصر تسعى من خلال مجلس الأمن للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن السد، معربا عن أمله في أن يصدر عن المجلس ما يؤكد ضرورة التوصل إلى الاتفاق الملزم، فيما يزور رئيس الاستخبارات المصري عباس كامل واشنطن اليوم، حيث سيبحث مع المسؤولين الأمريكيين ملف سد النهضة.
وحذر وزير الخارجية المصري من أنه إذا لم تلتزم إثيوبيا بما سيصدر عن مجلس الأمن فستكون مصر والسودان قد استنفدت كافة الوسائل المتاحة في الإطار السياسي.
وأكد أنه من الوارد أن يجري زيارة إلى الولايات المتحدة في الفترة المقبلة في إطار المداولات والمشاورات الجارية والموعد الذي يتم تحديد الجلسة فيه.
يشار إلى أن خلافا حادا بين دولتي المصب مصر والسودان، وبين إثيوبيا، لم ينته بعد حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، التي فشلت كل جولات المفاوضات بين الأطراف الثلاثة في التوصل لاتفاق حولها.
وكانت أبرز هذه الجولات تلك التي عقدت برعاية أمريكية، دون توقيع اتفاق بينها، حيث رفضت إثيوبيا توقيع الاتفاق الذي توصلت إليه المفاوضات، كما فشل الاتحاد الأفريقي على مدى ثلاث دورات، برئاسة كل من مصر وجنوب أفريقيا والكونغو على التوالي، في دفع الدول الثلاث لإبرام اتفاق.