طباعة
sada-elarab.com/577351
هناك أحداث يرسمها التاريخ، ليس فقط لأنها أحدثت انقلابا جذريا فى معادلة الصراع العربى- الإسرائيلى والاستراتيجيات العسكرية التى عرفها العالم، وإنما أيضا لأنها كانت العنوان الأبرز لأهم انتصار عسكرى ومعنوى فى التاريخ الحديث.
العاشر من رمضان 1393هـ يوم سطره التاريخ بحروف من نور، ذلك النصر العظيم لمصر.. نصر العزة والكرامة.. نصر حرب أكتوبر المجيدة 1973، حيث كان هذا اليوم بمثابة ثلاث حروب فى حرب واحدة، حيث حمل هذا الحدث التاريخى، الكثير من الأسرار والمفاجآت المثيرة، التى لا تجعل أمام الإنسان سوى تقديم تحية اعتزاز وعرفان لقادتنا ولشهدائنا الذين أعادوا البسمة للشفاه الباكية، راجين من المولى عز وجل استعادة روح أكتوبر مصريا وعربيا.
ونحن فى الشهر الفضيل، نود القول إن رمضان هو شهر البركة والخير والرحمة، وهو أيضا شهر الانتصارات قديما وحديثا.. بطولات كبيرة فى تاريخ أمتنا العريقة، والتى قدَّر الله لها أن تكون فى رمضان.
العاشر من رمضان عام (1393هـ) الموافق السادس من أكتوبر (1973م)، تمكنت فيه القوات المصرية من عبور قناة السويس- التى كانت توصف بأنها أصعب مانع مائى فى العالم- وتحطيم أكبر ساتر ترابى وهو خط برليف الذى كان جبلا من الرمال والأتربة، ويمتد بطول قناة السويس فى نحو (160) كيلومتر من بورسعيد شمالًا وحتى السويس جنوبًا، ويتركز على الضفة الشرقية للقناة.
هذا الجبل الترابى- الذى كانت تفتخر به القيادة الإسرائيلية لمناعته وشدته- كان من اكبر العقبات التى واجهت القوات الحربية المصرية فى عملية العبور والانتصار. وقد اعتبر المؤرخون المعاصرون هذا الحدث أول انتصار عسكرى للمسلمين والعرب فى العصر الحديث على اليهود- إسرائيل- الذى شفى الله به صدور قوم مؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم.
لقد خاض الجيش المصرى البطل تلك المعركة وهو يعلم أنها معركة مصير، لأن هزيمة الجيش المصرى فيها لو حدثت فإنه يعنى سيادة إسرائيل على المنطقة كلها، وذلك لأن مصر كانت قد انكسرت قبلها بست سنوات انكسارًا شديدًا بهزيمة يونيو (1967م)، التى أتاحت للعدو الصهيونى أن يقدم نفسه للعالم كسيد وحيد، وأن جيشه هو الجيش الذى لا يُقهر، وظل بالفعل يعربد فى أجواء مصر طوال سنوات ما عُرِفَ بحرب الاستنزاف.
لقد أنهت حرب العاشر من رمضان أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يُقهر، وكانت بداية الانكسار للعسكرية الإسرائيلية، ومن ثم سيظل هذا اليوم العظيم- العاشر من رمضان (1393هـ) السادس من أكتوبر (1973م)- مصدر مجد وفخر يحيط بقامة العسكرية المصرية على مر التاريخ، ويظل وساما على صدر كل مصرى.